بشأن قرار الرقابة على التزام مكاتب المحاماة بمكافحة غسل الأموال

رفض الطعن المقدم من “المحامين”

| عباس إبراهيم

قضت‭ ‬محكمة‭ ‬التمييز‭ ‬برفض‭ ‬الطعن‭ ‬المقدم‭ ‬من‭ ‬رئيس‭ ‬جمعية‭ ‬المحامين‭ ‬المحامي‭ ‬حسن‭ ‬بديوي‭ ‬بصفته‭ ‬رئيسًا‭ ‬للجمعية‭ ‬على‭ ‬القرار‭ ‬رقم‭ (‬64‭) ‬لسنة‭ ‬2017‭ ‬والصادر‭ ‬من‭ ‬وزير‭ ‬العدل‭ ‬بشأن‭ ‬الالتزامات‭ ‬المتعلقة‭ ‬بإجراءات‭ ‬حظر‭ ‬ومكافحة‭ ‬غسل‭ ‬الأموال‭ ‬وتمويل‭ ‬الإرهاب‭ ‬في‭ ‬مهنة‭ ‬المحاماة‭ ‬ومكاتب‭ ‬الاستشارات‭ ‬القانونية‭ ‬الأجنبية‭ ‬في‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬وضوابط‭ ‬التدقيق‭ ‬والرقابة‭ ‬عليها،‭ ‬والمحكوم‭ ‬فيه‭ ‬برفض‭ ‬الدعوى‭ ‬المتعلقة‭ ‬بمطالبته‭ ‬إلغاء‭ ‬هذا‭ ‬القرار،‭ ‬والذي‭ ‬يعتبره‭ ‬المحامين‭ ‬مقيدًا‭ ‬لحرية‭ ‬ممارستهم‭ ‬لعملهم‭ ‬حال‭ ‬وجود‭ ‬شبهة‭ ‬جريمة‭ ‬غسيل‭ ‬أموال،‭ ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬القرار‭ ‬أصبح‭ ‬تشريعًا‭ ‬ملزمًا‭ ‬للمحامين؛‭ ‬لأنه‭ ‬لا‭ ‬يخرج‭ ‬عن‭ ‬كونه‭ ‬تنظيمًا‭ ‬لمتابعة‭ ‬التزام‭ ‬مكاتب‭ ‬المحامية‭ ‬بقانون‭ ‬غسيل‭ ‬الأموال‭.‬

‭ ‬وفي‭ ‬تصريح‭ ‬له‭ ‬قال‭ ‬بديوي‭ ‬إن‭ ‬الجمعية‭ ‬ستواصل‭ ‬مساعيها‭ ‬مع‭ ‬وزارة‭ ‬العدل‭ ‬بالطرق‭ ‬الودية‭ ‬والقانونية‭ ‬لبحث‭ ‬تعديل‭ ‬مضمون‭ ‬القرار‭ ‬وصولاً‭ ‬إلى‭ ‬حل‭ ‬وسط،‭ ‬كما‭ ‬ستسعى‭ ‬الجمعية‭ ‬لطرح‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬على‭ ‬القيادة‭ ‬الحكيمة‭ ‬لكونه‭ ‬قرارًا‭ ‬وليس‭ ‬قانونًا‭ ‬تقبل‭ ‬بعض‭ ‬بنوده‭ ‬التعديل‭ ‬والإلغاء‭ ‬في‭ ‬حدود‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬معمول‭ ‬به‭ ‬لدى‭ ‬بعض‭ ‬الوزارات‭.‬

‭ ‬وجاء‭ ‬في‭ ‬حكم‭ ‬محكمة‭ ‬التمييز‭ ‬أنه‭ ‬لما‭ ‬كان‭ ‬تمويل‭ ‬جرائم‭ ‬الإرهاب‭ ‬والتسلح‭ ‬غير‭ ‬المشروع‭ ‬يتم‭ ‬في‭ ‬الخفاء‭ ‬بهدف‭ ‬إضفاء‭ ‬المشروعية‭ ‬على‭ ‬عمليات‭ ‬غير‭ ‬مشروعة‭ ‬تأخذ‭ ‬اسم‭ ‬غسل‭ ‬الأموال،‭ ‬حيث‭ ‬صدر‭ ‬المرسوم‭ ‬بقانون‭ ‬رقم‭ (‬4‭) ‬لسنة‭ ‬2001‭ ‬بشأن‭ ‬حظر‭ ‬ومكافحة‭ ‬غسل‭ ‬الأموال،‭ ‬والذي‭ ‬قدر‭ ‬وجود‭ ‬هذه‭ ‬الظاهرة‭ ‬في‭ ‬أنشطة‭ ‬معينة‭ ‬حصرها‭ ‬بالجدول‭ ‬المرفق‭ ‬بالقانون‭ ‬وحددها‭ ‬في‭ ‬17‭ ‬نشاطًا‭ ‬كانت‭ ‬المحاماة‭ ‬من‭ ‬بينها،‭ ‬وتخصيصًا‭ ‬لهذه‭ ‬الغاية‭ ‬الحميدة‭ ‬ألزم‭ ‬المؤسسات‭ ‬الممارسة‭ ‬لهذه‭ ‬الأنشطة‭ ‬سواء‭ ‬أكانت‭ ‬المؤسسة‭ ‬شخصًا‭ ‬طبيعيًّا‭ ‬أم‭ ‬اعتباريًّا‭ ‬بالتزامات‭ ‬معينة‭ ‬منها‭ ‬الالتزام‭ ‬بالقرارات‭ ‬المنظمة‭ ‬من‭ ‬الجهات‭ ‬المختصة‭ ‬والتعاون‭ ‬معها‭ ‬وإبلاغها‭ ‬عن‭ ‬أي‭ ‬عملية‭ ‬يشتبه‭ ‬فيها‭ ‬من‭ ‬طبيعة‭ ‬الأشخاص‭ ‬المتعاملين‭ ‬أو‭ ‬طبيعة‭ ‬العملية‭ ‬أو‭ ‬ظروفها،‭ ‬فإنه‭ ‬من‭ ‬واجب‭ ‬لغاية‭ ‬محمودة‭ ‬لا‭ ‬يمس‭ ‬فيها‭ ‬شخصيا‭ ‬الملتزمين‭ ‬به‭ ‬ولا‭ ‬يصادر‭ ‬حريتهم‭ ‬في‭ ‬ممارسة‭ ‬أعمالهم‭.‬

‭ ‬وأضافت‭ ‬أن‭ ‬القانون‭ ‬قد‭ ‬فوّض‭ ‬الجهات‭ ‬الإدارية‭ ‬كل‭ ‬في‭ ‬حدود‭ ‬اختصاصه‭ ‬إصدار‭ ‬قرارات‭ ‬بالإجراءات‭ ‬المناسبة‭ ‬لتنفيذ‭ ‬القانون‭ ‬في‭ ‬المؤسسات‭ ‬التي‭ ‬تخضع‭ ‬لإشرافها،‭ ‬فأصدر‭ ‬وزير‭ ‬العدل‭ ‬القرار‭ ‬رقم‭ (‬64‭) ‬لسنة‭ ‬2017‭ ‬بشأن‭ ‬الالتزامات‭ ‬المتعلقة‭ ‬بإجراءات‭ ‬حظر‭ ‬ومكافحة‭ ‬غسل‭ ‬الأموال‭ ‬وتمويل‭ ‬الإرهاب‭ ‬في‭ ‬مهنة‭ ‬المحاماة،‭ ‬والذي‭ ‬نص‭ ‬على‭ ‬التزام‭ ‬المحامين‭ ‬بإبلاغ‭ ‬الجهة‭ ‬المختصة‭ ‬عن‭ ‬الأعمال‭ ‬المشبوهة‭ ‬أو‭ ‬غير‭ ‬العادية‭ ‬عند‭ ‬قيامهم‭ ‬بالمعاملات‭ ‬لصالح‭ ‬موكليهم،‭ ‬إذ‭ ‬إنه‭ ‬ليس‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬ما‭ ‬يمس‭ ‬شخص‭ ‬المحامي‭ ‬أو‭ ‬ينال‭ ‬من‭ ‬حرية‭ ‬ممارسة‭ ‬عمله‭ ‬وفقًا‭ ‬للقانون،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يتفق‭ ‬مع‭ ‬نص‭ ‬المادة‭ (‬29‭) ‬من‭ ‬قانون‭ ‬المحاماة‭ ‬ولا‭ ‬يخالفه‭ ‬فيما‭ ‬ألزم‭ ‬المحامي‭ ‬بعدم‭ ‬الإفشاء‭ ‬عن‭ ‬واقعة‭ ‬أو‭ ‬معلومات‭ ‬علمها‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬مهنته،‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬ذلك‭ ‬بقصد‭ ‬منع‭ ‬ارتكاب‭ ‬جناية‭ ‬أو‭ ‬جنحة‭ ‬أو‭ ‬الإبلاغ‭ ‬عن‭ ‬وقوعها،‭ ‬كما‭ ‬لا‭ ‬يتعارض‭ ‬مع‭ ‬نص‭ ‬المادة‭ (‬20‭) ‬من‭ ‬الدستور‭ ‬التي‭ ‬أوجبت‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬لكل‭ ‬متهم‭ ‬في‭ ‬جناية‭ ‬محام‭ ‬يدافع‭ ‬عنه‭.‬

وأن‭ ‬ما‭ ‬اختص‭ ‬به‭ ‬المسجل‭ ‬العام‭ ‬بنص‭ ‬المادة‭ (‬6‭) ‬من‭ ‬القرار‭ ‬المطعون‭ ‬فيه،‭ ‬لا‭ ‬يخرج‭ ‬كونه‭ ‬تنظيما‭ ‬لإجراءات‭ ‬متابعة‭ ‬التزام‭ ‬مكاتب‭ ‬المحاماة‭ ‬بأحكام‭ ‬المرسوم‭ ‬بقانون‭ ‬رقم‭ (‬4‭) ‬لسنة‭ ‬2001،‭ ‬إذ‭ ‬أجازت‭ ‬له‭ ‬تكليف‭ ‬أيّ‭ ‬من‭ ‬تابعيه‭ ‬القيام‭ ‬بزيارات‭ ‬ميدانية‭ ‬لمكاتب‭ ‬المحاماة‭ ‬لمراجعة‭ ‬الأوراق‭ ‬والسجلات‭ ‬المتعلقة‭ ‬بهذا‭ ‬الشأن‭.‬

‭ ‬ولفتت‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬مدلول‭ ‬لفظ‭ ‬الزيارة‭ ‬مغاير‭ ‬تمامًا‭ ‬للفظ‭ ‬التفتيش،‭ ‬فإن‭ ‬التفتيش‭ ‬بمعنى‭ ‬المداهمة،‭ ‬أما‭ ‬الزيارة‭ ‬فلا‭ ‬تكون‭ ‬إلا‭ ‬بالموافقة‭ ‬عليها‭ ‬وتحديد‭ ‬وقتها‭ ‬مسبقًا‭ ‬وتدل‭ ‬أن‭ ‬الغرض‭ ‬منها‭ ‬إيجاد‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬التعاون‭ ‬بين‭ ‬المحامي‭ ‬والجهة‭ ‬المختصة‭ ‬بوزارة‭ ‬العدل‭.‬

‭ ‬وأضافت‭ ‬أن‭ ‬القانون‭ ‬الخاص‭ ‬بتنظيم‭ ‬أحكام‭ ‬المحاماة‭ ‬يتضمن‭ ‬شروط‭ ‬ممارستها‭ ‬وترتيب‭ ‬المحامين‭ ‬في‭ ‬جداول‭ ‬وفقا‭ ‬لأقدميتهم‭ ‬في‭ ‬ممارسة‭ ‬المهنة‭ ‬وبيان‭ ‬حقوق‭ ‬وواجبات‭ ‬المحامين‭ ‬في‭ ‬ممارستها‭ ‬وما‭ ‬يستحقونه‭ ‬من‭ ‬أتعاب‭ ‬مقابل‭ ‬ما‭ ‬يبذلونه‭ ‬من‭ ‬جهد‭ ‬في‭ ‬أداء‭ ‬عملهم‭ ‬وبيان‭ ‬إجراءات‭ ‬تأديبهم‭ ‬لمخالفتهم‭ ‬أحكام‭ ‬القانون‭ ‬أو‭ ‬الإخلال‭ ‬بواجباتهم،‭ ‬أما‭ ‬عدا‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬شؤون‭ ‬تتعلق‭ ‬بمعاملاتهم‭ ‬وعلاقاتهم‭ ‬بالغير‭ ‬فتسري‭ ‬عليها‭ ‬القوانين‭ ‬الخاصة‭ ‬بهذه‭ ‬المسائل،‭ ‬كما‭ ‬تسري‭ ‬عليهم‭ ‬القرارات‭ ‬المنظمة‭ ‬التي‭ ‬تصدرها‭ ‬الجهات‭ ‬الإدارية‭ ‬تنفيذًا‭ ‬لهذه‭ ‬القوانين‭.‬

‭ ‬وتابعت،‭ ‬أنه‭ ‬طبقًا‭ ‬لقانون‭ ‬حظر‭ ‬ومكافحة‭ ‬غسل‭ ‬الأموال‭ ‬فقد‭ ‬حدد‭ ‬المشرع‭ ‬الأنشطة‭ ‬التي‭ ‬قدر‭ ‬وجود‭ ‬ظاهرة‭ ‬غسل‭ ‬الأموال‭ ‬فيها‭ ‬وحصرها‭ ‬بالجدول‭ ‬المرفق‭ ‬في‭ ‬17‭ ‬نشاطًا‭ ‬ومنها‭ ‬المحاماة،‭ ‬إذ‭ ‬ألزم‭ ‬الممارسين‭ ‬لهذه‭ ‬الأنشطة‭ ‬بالتزامات‭ ‬معينة‭ ‬وفوض‭ ‬الجهات‭ ‬الإدارية‭ ‬بإصدار‭ ‬القرارات‭ ‬المنظمة‭ ‬لإجراءات‭ ‬تنفيذ‭ ‬القانون‭ ‬في‭ ‬المؤسسات‭ ‬الخاضعة‭ ‬لإشرافهم،‭ ‬حيث‭ ‬أصدر‭ ‬وزير‭ ‬العدل‭ ‬القرار‭ ‬بشأن‭ ‬الالتزامات‭ ‬المتعلقة‭ ‬بإجراءات‭ ‬حظر‭ ‬ومكافحة‭ ‬غسل‭ ‬الأموال‭ ‬وتمويل‭ ‬الإرهاب‭ ‬في‭ ‬مهنة‭ ‬المحاماة،‭ ‬فإنه‭ ‬يكون‭ ‬تشريعًا‭ ‬ملزمًا‭ ‬للمحامين‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الشأن‭.‬

كما‭ ‬أن‭ ‬المفهوم‭ ‬من‭ ‬سياق‭ ‬المادة‭ ‬10‭ ‬من‭ ‬القرار‭ ‬المعنونة‭ ‬بالعقوبات‭ ‬والجزاءات‭ ‬الإدارية،‭ ‬أن‭ ‬توقع‭ ‬العقوبات‭ ‬الجنائية‭ ‬على‭ ‬المحامي‭ ‬المنصوص‭ ‬عليها‭ ‬بالقانون‭ ‬رقم‭ (‬4‭) ‬لسنة‭ ‬2001‭ ‬لا‭ ‬يخل‭ ‬بتوقيع‭ ‬الجزاءات‭ ‬التأديبية‭ ‬عليه‭ ‬وفقا‭ ‬لقانون‭ ‬المحاماة،‭ ‬وأن‭ ‬القانون‭ ‬المذكور‭ ‬تضمّن‭ ‬التزام‭ ‬المحامي‭ ‬بأعمال‭ ‬إدارية‭ ‬محددة،‭ ‬منها‭ ‬تعيين‭ ‬مسؤول‭ ‬التزام،‭ ‬بقصد‭ ‬تحقيق‭ ‬الشفافية‭ ‬الواجبة‭ ‬بالنسبة‭ ‬للمتعاملين‭ ‬معه‭ ‬والخدمات‭ ‬التي‭ ‬يؤديها‭ ‬لهم،‭ ‬فإنه‭ ‬لا‭ ‬يعدو‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬التزامًا‭ ‬بواجب‭ ‬وطني‭ ‬يقصد‭ ‬التعاون‭ ‬المشترك‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬أهدافه‭ ‬القانونية‭.‬