ياسمينيات

رضيع في مصعد الزوار

| ياسمين خلف

كانت‭ ‬تتأوه‭ ‬وهي‭ ‬على‭ ‬سريرها‭ ‬الأبيض‭ ‬بالقرب‭ ‬من‭ ‬المصعد‭ ‬بمجمع‭ ‬السلمانية‭ ‬الطبي،‭ ‬والممرضتان‭ ‬عاجزتان‭ ‬تنتظران‭ ‬خلو‭ ‬المصعد‭ ‬لنقلها‭ ‬إلى‭ ‬أحد‭ ‬الأجنحة،‭ ‬والمصعد‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬صعود‭ ‬ونزول‭ ‬محمل‭ ‬بعشرات‭ ‬الزوار‭ ‬بعد‭ ‬انتهاء‭ ‬فترة‭ ‬الزيارة،‭ ‬والفرج‭ ‬لم‭ ‬يأت،‭ ‬لحظة‭ ‬هناك‭ ‬شيء‭ ‬أغرب‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬هناك‭ ‬شيء‭ ‬صغير،‭ ‬جسد‭ ‬أبيض‭ ‬محمر‭ ‬أسفل‭ ‬قدميها،‭ ‬رضيع‭ ‬للتو‭ ‬قد‭ ‬ولد‭ ‬وضع‭ ‬بين‭ ‬قدمي‭ ‬أمه‭! ‬ذلك‭ ‬ليس‭ ‬مشهدا‭ ‬دراميا‭ ‬بأحد‭ ‬المسلسلات‭ ‬الخليجية‭ ‬بل‭ ‬حقيقة‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تنكرها‭ ‬وزارة‭ ‬الصحة،‭ ‬وتتكرر‭ ‬يومياً‭ ‬بعد‭ ‬إيقاف‭ ‬خدمات‭ ‬مستشفى‭ ‬جدحفص‭ ‬للولادة‭ ‬لدواعي‭ ‬الصيانة‭!  ‬ماذا‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬تُنقل‭ ‬مريضة‭ ‬للتو‭ ‬قد‭ ‬خرجت‭ ‬من‭ ‬فم‭ ‬الموت‭ ‬وهي‭ ‬تلد‭ ‬رضيعها،‭ ‬أمام‭ ‬مرأى‭ ‬الزوار‭ ‬وفي‭ ‬مصاعدهم،‭ ‬أليس‭ ‬هناك‭ ‬مصعد‭ ‬واحد‭ ‬كأقل‭ ‬تقدير‭ ‬يخصص‭ ‬لنقل‭ ‬المرضى،‭ ‬كأحد‭ ‬أهم‭ ‬حقوقهم‭ ‬بحفظ‭ ‬خصوصياتهم؟‭ ‬وإن‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬متوافراً‭ ‬لسبب‭ ‬من‭ ‬الأسباب‭ ‬غير‭ ‬المبررة،‭ ‬أليس‭ ‬من‭ ‬المفترض‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬إيقاف‭ ‬أحد‭ ‬المصاعد‭ ‬لنقل‭ ‬المرضى‭ ‬مباشرة‭ ‬دون‭ ‬تأخير‭ ‬إلى‭ ‬حيث‭ ‬الجناح‭ ‬المقرر،‭ ‬لا‭ ‬أن‭ ‬ينتظر‭ ‬المرضى‭ ‬دورهم‭ ‬شأنهم‭ ‬شأن‭ ‬الزوار،‭ ‬بل‭ ‬يشاركونهم‭ ‬ذات‭ ‬المصعد‭! ‬فحتى‭ ‬الوجبات‭ ‬الغذائية‭ ‬حال‭ ‬موعد‭ ‬توزيعها‭ ‬على‭ ‬المرضى‭ ‬في‭ ‬الأجنحة،‭ ‬يوقف‭ ‬أحد‭ ‬المصاعد‭ ‬لنقلها‭! ‬أللوجبات‭ ‬خصوصية‭ ‬أكبر؟

وكيف‭ ‬يوضع‭ ‬طفل‭ ‬رضيع‭ ‬للتو‭ ‬قد‭ ‬خرج‭ ‬للحياة‭ ‬على‭ ‬سرير‭ ‬والدته‭ ‬وبين‭ ‬قدميها‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬توفر‭ ‬له‭ ‬سبل‭ ‬الحماية،‭ ‬أو‭ ‬الوقاية‭ ‬من‭ ‬الجراثيم‭ ‬والميكروبات،‭ ‬التي‭ ‬تعج‭ ‬بها‭ ‬المستشفيات‭ ‬ويمكن‭ ‬أن‭ ‬تنتقل‭ ‬له‭ ‬من‭ ‬الزوار‭ ‬خلال‭ ‬لحظات،‭ ‬وبعطسة‭ ‬واحدة‭! ‬أليس‭ ‬من‭ ‬المفترض‭ ‬أن‭ ‬ينقل‭ ‬عبر‭ ‬حضانة‭ ‬لتفادي‭ ‬سقوطه‭ ‬أو‭ ‬إصابته‭ ‬بأية‭ ‬مشكلة‭ ‬صحية‭ ‬خلال‭ ‬نقله‭ ‬من‭ ‬جناح‭ ‬إلى‭ ‬آخر‭ ‬وفي‭ ‬مصاعد‭ ‬الزوار؟‭ ‬أليس‭ ‬من‭ ‬المحتمل‭ ‬أن‭ ‬تنتقل‭ ‬له‭ ‬جرثومة‭ ‬المستشفيات‭ ‬القاتلة،‭ ‬أو‭ ‬أية‭ ‬جرثومة‭ ‬أخرى‭ ‬تسبب‭ ‬له‭ ‬أمراضا‭ ‬فيدفع‭ ‬ثمنها‭ ‬ذاك‭ ‬الرضيع‭ ‬وأهله‭ ‬غالياً‭!‬

نتفهم‭ ‬سعي‭ ‬الوزارة‭ ‬لصيانة‭ ‬المستشفيات‭ ‬لتطوير‭ ‬الخدمات،‭ ‬لكن‭ ‬قبل‭ ‬البدء‭ ‬والشروع‭ ‬في‭ ‬ذلك،‭ ‬لابد‭ ‬من‭ ‬إعداد‭ ‬خطة‭ ‬لضمان‭ ‬انسيابية‭ ‬العمل،‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يخل‭ ‬الأمر‭ ‬بحقوق‭ ‬المرضى،‭ ‬أو‭ ‬يعرضهم‭ ‬لمشاكل‭ ‬صحية،‭ ‬ولاسيما‭ ‬الأطفال‭ ‬الرضع‭. ‬

 

ياسمينة‭ : ‬

لابد‭ ‬أن‭ ‬نرتقي‭ ‬بالخدمات‭ ‬الصحية‭ ‬والطبية،‭ ‬فصحة‭ ‬الناس‭ ‬لا‭ ‬تقبل‭ ‬التهاون‭.‬