تحوم حولها العقود وتوترات إيران

صفقة لإكسون بقيمة 53 مليار دولار في العراق تحبطها عراقيل

| لندن - رويترز

قبل‭ ‬أسابيع‭ ‬فقط،‭ ‬بدا‭ ‬أن‭ ‬شركة‭ ‬الطاقة‭ ‬الأميركية‭ ‬العملاقة‭ ‬إكسون‭ ‬موبيل‭ ‬بصدد‭ ‬المضي‭ ‬قدمًا‭ ‬في‭ ‬مشروع‭ ‬بقيمة‭ ‬53‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬لتعزيز‭ ‬إنتاج‭ ‬العراق‭ ‬من‭ ‬النفط‭ ‬في‭ ‬حقوله‭ ‬الجنوبية،‭ ‬في‭ ‬خطوة‭ ‬مهمة‭ ‬لطموح‭ ‬الشركة‭ ‬بالتوسع‭ ‬في‭ ‬البلاد‭.‬

‭ ‬لكن‭ ‬بحسب‭ ‬مسؤولين‭ ‬حكوميين‭ ‬في‭ ‬العراق،‭ ‬يساهم‭ ‬حاليًّا‭ ‬مزيج‭ ‬من‭ ‬الجدل‭ ‬بشأن‭ ‬التعاقد‭ ‬والمخاوف‭ ‬الأمنية،‭ ‬التي‭ ‬زادت‭ ‬بفعل‭ ‬تصاعد‭ ‬التوترات‭ ‬بين‭ ‬إيران‭ ‬المجاورة‭ ‬للعراق‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬في‭ ‬عرقلة‭ ‬الصفقة‭.‬

وقال‭ ‬أربعة‭ ‬مسؤولين‭ ‬عراقيين‭ ‬مشاركون‭ ‬في‭ ‬المباحثات‭ ‬تحدثوا‭ ‬لرويترز‭ ‬شريطة‭ ‬عدم‭ ‬الكشف‭ ‬عن‭ ‬هويتهم‭ ‬بسبب‭ ‬حساسية‭ ‬المسألة‭ ‬إن‭ ‬المفاوضات‭ ‬تعثرت‭ ‬بفعل‭ ‬بنود‭ ‬عقد‭ ‬تعارضها‭ ‬بغداد‭.‬

وقالوا‭ ‬إن‭ ‬نقطة‭ ‬الخلاف‭ ‬الرئيسية‭ ‬كانت‭ ‬السبل‭ ‬التي‭ ‬اقترحتها‭ ‬إكسون‭ ‬لاسترداد‭ ‬تكاليف‭ ‬التطوير‭ ‬الخاصة‭ ‬بها،‭ ‬مع‭ ‬استهداف‭ ‬الشركة‭ ‬تقاسم‭ ‬النفط‭ ‬المُنتج‭ ‬من‭ ‬حقلين،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يرفضه‭ ‬العراق‭ ‬قائلا‭ ‬إنه‭ ‬يمثل‭ ‬تعديًا‭ ‬على‭ ‬ملكية‭ ‬الدولة‭ ‬للإنتاج‭.‬

‭ ‬وقال‭ ‬مفاوض‭ ‬عراقي‭ ‬إن‭ ‬بغداد‭ ‬لن‭ ‬توقع‭ ‬على‭ ‬شيء‭ ‬بالبنود‭ ‬الحالية‭ ‬التي‭ ‬تقترحها‭ ‬إكسون‭.‬

وامتنعت‭ ‬إكسون‭ ‬عن‭ ‬التعقيب‭ ‬على‭ ‬بنود‭ ‬العقد‭ ‬أو‭ ‬المفاوضات،‭ ‬وقالت‭ ‬متحدثة‭ ‬باسم‭ ‬الشركة‭ ‬في‭ ‬تكساس‭ ‬”من‭ ‬حيث‭ ‬الاعتياد،‭ ‬لا‭ ‬نعلق‭ ‬على‭ ‬المباحثات‭ ‬التجارية“‭.‬

‭ ‬وقال‭ ‬فياض‭ ‬نعمة‭ ‬وكيل‭ ‬وزارة‭ ‬النفط‭ ‬العراقية‭ ‬لشؤون‭ ‬أنشطة‭ ‬المنبع‭ ‬يوم‭ ‬الأربعاء‭ ‬إن‭ ‬المحادثات‭ ‬مستمرة‭ ‬وإنه‭ ‬يتوقع‭ ‬إبرام‭ ‬اتفاق‭ ‬قريبًا‭.‬

كما‭ ‬تعرضت‭ ‬المفاوضات‭ ‬لعرقلة‭ ‬جراء‭ ‬عمليتين‭ ‬منفصلتين‭ ‬لإجلاء‭ ‬موظفين‭ ‬لإكسون‭ ‬من‭ ‬العراق،‭ ‬نتيجة‭ ‬تصاعد‭ ‬التوتر‭ ‬الإقليمي‭ ‬بين‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وإيران‭.‬

‭ ‬كان‭ ‬الإجلاء‭ ‬الأول‭ ‬في‭ ‬مايو‭ ‬بعد‭ ‬مغادرة‭ ‬مئات‭ ‬من‭ ‬موظفي‭ ‬السفارة‭ ‬الأميركية‭ ‬إلى‭ ‬واشنطن‭ ‬بسبب‭ ‬مخاوف‭ ‬أمنية‭ ‬لم‭ ‬تُحدد‭ ‬من‭ ‬إيران،‭ ‬التي‭ ‬تدعم‭ ‬مجموعات‭ ‬مسلحة‭ ‬شيعية‭ ‬في‭ ‬العراق‭. ‬وجاء‭ ‬الإجلاء‭ ‬الثاني‭ ‬هذا‭ ‬الأسبوع‭ ‬بعد‭ ‬هجوم‭ ‬صاروخي‭ ‬يُعتقد‭ ‬أنه‭ ‬استهدف‭ ‬الشركة‭ ‬ألقى‭ ‬فيه‭ ‬مسؤولون‭ ‬عراقيون‭ ‬باللوم‭ ‬على‭ ‬فصائل‭ ‬مسلحة‭ ‬تدعمها‭ ‬إيران‭.‬

ولم‭ ‬تعلق‭ ‬طهران‭ ‬على‭ ‬الهجمات،‭ ‬لكن‭ ‬عمليات‭ ‬الإجلاء‭ ‬سلطت‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬استمرار‭ ‬حالة‭ ‬عدم‭ ‬الاستقرار‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬والتي‭ ‬تعرقل‭ ‬الأعمال،‭ ‬وتغذيها‭ ‬التوترات‭ ‬بين‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وإيران‭.‬

والعراق‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬عدد‭ ‬محدود‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬لديها‭ ‬علاقات‭ ‬ودية‭ ‬مع‭ ‬واشنطن‭ ‬وطهران،‭ ‬إذ‭ ‬إن‭ ‬العدوين‭ ‬اللدودين‭ ‬هما‭ ‬أكبر‭ ‬حلفاء‭ ‬بغداد‭ ‬التي‭ ‬تقع‭ ‬في‭ ‬المنتصف‭ ‬مع‭ ‬تنافس‭ ‬طهران‭ ‬وواشنطن‭ ‬على‭ ‬النفوذ‭ ‬في‭ ‬البلاد‭.‬

‭ ‬ويقول‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬المسؤولين‭ ‬العراقيين‭ ‬إن‭ ‬توقف‭ ‬المحادثات‭ ‬مع‭ ‬إكسون‭ ‬والاضطرابات‭ ‬المتعلقة‭ ‬بموظفي‭ ‬الشركة‭ ‬يشيران‭ ‬إلى‭ ‬حدود‭ ‬النفوذ‭ ‬الأميركي‭ ‬في‭ ‬العراق،‭ ‬وإن‭ ‬التوترات‭ ‬بين‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وإيران‭ ‬أدت‭ ‬إلى‭ ‬سلسلة‭ ‬من‭ ‬الحوادث‭ ‬الأمنية‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬هجمات‭ ‬تعرضت‭ ‬لها‭ ‬ناقلات‭ ‬نفط‭ ‬في‭ ‬الخليج‭ ‬لم‭ ‬تعلن‭ ‬أي‭ ‬جهة‭ ‬مسؤوليتها‭ ‬عنها‭.‬

‭ ‬وقال‭ ‬مسؤول‭ ‬نفطي‭ ‬عراقي‭ ‬يشرف‭ ‬على‭ ‬عمليات‭ ‬الشركات‭ ‬الأجنبية‭ ‬في‭ ‬الجنوب‭ ‬”إكسون‭ ‬سحبت‭ ‬موظفيها‭ ‬من‭ ‬العراق‭ ‬في‭ ‬رد‭ ‬فعل‭ ‬على‭ ‬الاضطراب‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭. ‬السؤال‭ ‬هو‭ ‬كيف‭ ‬سيديرون‭ ‬مشروعا‭ ‬بقيمة‭ ‬53‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬مع‭ ‬استمرار‭ ‬حالة‭ ‬عدم‭ ‬الاستقرار‭ ‬الإقليمي‭... ‬ربما‭ ‬يتخلون‭ ‬عن‭ ‬العمل‭ ‬مجددًا‭ ‬وذلك‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬إلحاق‭ ‬الضرر‭ ‬بقطاع‭ ‬الطاقة‭ ‬لدينا“‭.‬

جدل‭ ‬العقود

العراق‭ ‬ثاني‭ ‬أكبر‭ ‬مصدر‭ ‬للنفط‭ ‬في‭ ‬منظمة‭ ‬البلدان‭ ‬المصدرة‭ ‬للبترول‭ (‬أوبك‭) ‬ويستهدف‭ ‬في‭ ‬الأجل‭ ‬الطويل‭ ‬تعزيز‭ ‬إنتاجه‭ ‬الذي‭ ‬كبحته‭ ‬سنوات‭ ‬من‭ ‬الحرب‭ ‬والعقوبات‭. ‬وتلك‭ ‬المشروعات‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬أكبر‭ ‬الجوائز‭ ‬قيمة‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬لشركات‭ ‬النفط‭ ‬العالمية‭.‬

‭ ‬وإبرام‭ ‬اتفاق‭ ‬أولي‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬تعزيز‭ ‬خطط‭ ‬إكسون‭ ‬للتوسع‭ ‬في‭ ‬العراق‭. ‬وبموجب‭ ‬الاتفاق،‭ ‬فإن‭ ‬إكسون‭ ‬ستشيد‭ ‬منشأة‭ ‬لمعالجة‭ ‬المياه‭ ‬وخطوط‭ ‬أنابيب‭ ‬ضروريتان‭ ‬لتعزيز‭ ‬طاقة‭ ‬إنتاج‭ ‬النفط‭. ‬كما‭ ‬ستحصل‭ ‬على‭ ‬حقوق‭ ‬تطوير‭ ‬حقلين‭ ‬نفطيين‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬في‭ ‬الجنوب‭ ‬هما‭ ‬نهر‭ ‬بن‭ ‬عمر‭ ‬وأرطاوي‭.‬

وقال‭ ‬مسؤول‭ ‬حكومي‭ ‬عراقي‭ ‬آخر‭ ‬لرويترز‭ ‬إنه‭ ‬في‭ ‬مايو،‭ ‬بحث‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬الأميركي‭ ‬مايك‭ ‬بومبيو‭ ‬الاتفاق‭ ‬مع‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬العراقي‭ ‬عادل‭ ‬عبد‭ ‬المهدي‭ ‬مرتين‭ ‬في‭ ‬ثلاثة‭ ‬أيام،‭ ‬خلال‭ ‬مكالمة‭ ‬هاتفية‭ ‬وزيارة‭ ‬مفاجئة‭ ‬إلى‭ ‬بغداد‭.‬