ترجم 30 كتابًا منذ انطلاقته ويهدف إلى التبادل الفكري بين المملكة والعالم

مشروع “نقل المعارف” تثبيتٌ لقيمٍ حضاريّة بحرينيّة

“مشروع‭ ‬تبادل‭ ‬ثقافي‭ ‬استثنائي”،‭ ‬هكذا‭ ‬يمكن‭ ‬وصف‭ ‬مشروع‭ ‬“نقل‭ ‬المعارف”‭ ‬الذي‭ ‬بدأت‭ ‬نواته‭ ‬الأولى‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬2014،‭ ‬مستهدفًا‭ ‬بذلك‭ ‬ترجمة‭ ‬50‭ ‬كتابًا،‭ ‬من‭ ‬منطلق‭ ‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬نقل‭ ‬المعارف‭ ‬الإنسانية‭ ‬والانفتاح‭ ‬على‭ ‬الحضارات‭ ‬المتعددة،‭ ‬وذلك‭ ‬في‭ ‬مبادرة‭ ‬من‭ ‬المفكر‭ ‬وعالم‭ ‬الاجتماع‭ ‬التونسي‭ ‬الدكتور‭ ‬الطاهر‭ ‬لبيب‭ ‬وتبنّي‭ ‬الشيخة‭ ‬مي‭ ‬بنت‭ ‬محمد‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬للمشروع‭ ‬الذي‭ ‬ساهم‭ ‬في‭ ‬إثراء‭ ‬المكتبة‭ ‬العربية‭.‬

‭ ‬في‭ ‬سيره‭ ‬نحو‭ ‬تحقيق‭ ‬ما‭ ‬يصبو‭ ‬إليه‭ ‬المشروع،‭ ‬تمت‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬ترجمة‭ ‬30‭ ‬كتابًا‭ ‬متنوّعًا،‭ ‬وذلك‭ ‬بدعم‭ ‬من‭ ‬هيئة‭ ‬البحرين‭ ‬للثقافة‭ ‬والآثار،‭ ‬التي‭ ‬تؤمن‭ ‬بأن‭ ‬هذه‭ ‬الترجمات‭ ‬تأتي‭ ‬في‭ ‬صيغة‭ ‬استمرارية‭ ‬لطبيعة‭ ‬البحرين‭ ‬ذات‭ ‬الأبعاد‭ ‬التاريخية‭ ‬والثقافية‭. ‬ومشروع‭ ‬نقل‭ ‬المعارف‭ ‬حسب‭ ‬توصيف‭ ‬الهيئة‭ ‬هو‭: ‬تثبيتٌ‭ ‬لقيمٍ‭ ‬حضاريّة‭ ‬بحرينيّة،‭ ‬كما‭ ‬هي‭ ‬دعوةٌ،‭ ‬على‭ ‬الصعيد‭ ‬الدّولي،‭ ‬إلى‭ ‬تبادل‭ ‬المعارف‭ ‬والخبرات‭ ‬وإلى‭ ‬الحوار‭ ‬بين‭ ‬الثقافات‭ ‬وبين‭ ‬أَجيالها‭.‬

يقول‭ ‬الدكتور‭ ‬الطاهر‭ ‬لبيب،‭ ‬مدير‭ ‬مشروع‭ ‬نقل‭ ‬المعارف‭ ‬“إن‭ ‬هذا‭ ‬المشروع‭ ‬يهدف‭ ‬إلى‭ ‬المساهمة‭ ‬في‭ ‬نقل‭ ‬المعارف‭ ‬من‭ ‬البحرين‭ ‬إلى‭ ‬العالم‭ ‬والعكس،‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬الترجمة،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬المساهمة‭ ‬في‭ ‬تبادل‭ ‬الخبرات‭ ‬بين‭ ‬الشباب‭ ‬الباحثين‭ ‬من‭ ‬العرب‭ ‬والأوروبيين‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬العلوم‭ ‬الإنسانية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬والفنون،‭ ‬وكذلك‭ ‬في‭ ‬تعزيز‭ ‬الحوار‭ ‬بين‭ ‬الثقافات‭ ‬وإبراز‭ ‬البعد‭ ‬الثقافي‭ ‬والفكري‭ ‬المنفتح‭ ‬لمملكة‭ ‬البحرين”‭.‬

ويؤكد‭ ‬أن‭ ‬ترجمة‭ ‬الكتب‭ ‬تتم‭ ‬اعتمادًا‭ ‬على‭ ‬مقترحات‭ ‬لجنة‭ ‬استشارية‭ ‬عربية‭ ‬أوروبية،‭ ‬ويقوم‭ ‬بترجمة‭ ‬الكتب‭ ‬ومراجعتها‭ ‬متخصّصون‭ ‬معتَرفٌ‭ ‬لهم‭ ‬بالكفاءة‭ ‬في‭ ‬الترجمة،‭ ‬ومن‭ ‬بلدان‭ ‬عربيّة‭ ‬مختلفة‭. ‬أما‭ ‬مجالات‭ ‬الترجمة‭ ‬فهي‭ ‬العلوم‭ ‬الإنسانية‭ ‬عمومًا،‭ ‬ممثلةً‭ ‬في‭ ‬خمسة‭ ‬فروع‭: ‬العقلانيات‭ ‬والعلوم‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والفنون‭ ‬والاتصال‭ ‬وتحليل‭ ‬الخطاب‭.‬

‭ ‬يركز‭ ‬مشروع‭ ‬“نقل‭ ‬المعارف”‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يُحفّز‭ ‬على‭ ‬التفكير‭ ‬الموضوعي‭ ‬والعقلاني‭ ‬في‭ ‬المسائل‭ ‬الفكريّة‭ ‬والظواهر‭ ‬التاريخيّة‭ ‬والاجتماعيّة،‭ ‬وعلى‭ ‬ما‭ ‬يساعد‭ ‬على‭ ‬فهم‭ ‬الفنون‭ ‬وتذوّقها‭. ‬وتشمل‭ ‬القائمة‭ ‬قواميسَ‭ ‬مهمّة‭ ‬ولها‭ ‬صِيتٌ‭ ‬عالمي،‭ ‬مثل‭ ‬“قاموس‭ ‬أكسفورد‭ ‬للفلسفة”‭ ‬وكتاب‭ ‬“قصة‭ ‬الفن”‭ ‬الذي‭ ‬ألّفه‭ ‬غومبرتش،‭ ‬وهو‭ ‬في‭ ‬طبعته‭ ‬السادسة‭ ‬عشرة‭ ‬وصدر‭ ‬في‭ ‬سبعة‭ ‬ملايين‭ ‬نسخة‭. ‬ومن‭ ‬بين‭ ‬الكتب‭ ‬التي‭ ‬تمت‭ ‬ترجمتها‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭: ‬كتاب‭ ‬تفكر،‭ ‬لغات‭ ‬الفردوس،‭ ‬التحليل‭ ‬النفسي،‭ ‬الأبجديات‭ ‬الثلاث‭: ‬اللغة‭ ‬والعدد‭ ‬والرمز،‭ ‬الزمن‭ ‬أطلالاً،‭ ‬نهاية‭ ‬العالم‭ ‬كما‭ ‬نعرفه،‭ ‬أصول‭ ‬الفكر‭ ‬الإغريقي،‭ ‬ومنطق‭ ‬الكتابة‭ ‬وتنظيم‭ ‬المجتمع‭.‬

‭ ‬ولأنه‭ ‬مشروع‭ ‬متكامل،‭ ‬فهو‭ ‬لا‭ ‬يقتصر‭ ‬على‭ ‬الترجمة،‭ ‬بل‭ ‬انتقل‭ ‬إلى‭ ‬الجزء‭ ‬العملي‭ ‬أو‭ ‬النقاش‭ ‬الحيّ‭ ‬عبر‭ ‬تدشين‭ ‬الملتقى‭ ‬العربي‭ ‬الأوروبي‭ ‬لشباب‭ ‬الباحثين‭ ‬في‭ ‬العلوم‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والفنون،‭ ‬والذي‭ ‬بدأ‭ ‬في‭ ‬دورته‭ ‬الأولى‭ ‬عام‭ ‬2015م‭. ‬جمع‭ ‬الملتقى‭ ‬عددًا‭ ‬من‭ ‬شباب‭ ‬الباحثين‭ ‬العرب‭ ‬والأوروبيين‭ ‬من‭ ‬مستوى‭ ‬الماجستير‭ ‬والدكتوراه‭ ‬والذين‭ ‬لهم‭ ‬مشاريع‭ ‬بحوث‭ ‬أكاديمية‭ ‬يرغبون‭ ‬في‭ ‬مناقشتها‭ ‬وتطويرها‭ ‬وفي‭ ‬تبادل‭ ‬الخبرات‭ ‬المعرفية‭ ‬حولها،‭ ‬وذلك‭ ‬بإشراف‭ ‬باحثين‭ ‬وأساتذة‭ ‬جامعيين‭ ‬من‭ ‬العرب‭ ‬والأوروبيين،‭ ‬ومن‭ ‬ذوي‭ ‬الخبرة‭ ‬في‭ ‬الإشراف‭ ‬على‭ ‬البحوث‭.‬

‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬2016،‭ ‬أقيمت‭ ‬على‭ ‬هامش‭ ‬المشروع،‭ ‬الندوة‭ ‬الدولية‭ ‬التي‭ ‬حملت‭ ‬عنوان‭ ‬“صورة‭ ‬الآخر‭: ‬نظرات‭ ‬متقاطعة”‭ ‬وقد‭ ‬هدفت‭ ‬الندوة‭ ‬إلى‭ ‬معرفة‭ ‬التصورات‭ ‬والأحكام‭ ‬والمواقف‭ ‬التي‭ ‬تتبادلها‭ ‬الثقافات‭ ‬والشعوب،‭ ‬وخاصة‭ ‬بين‭ ‬العرب‭ ‬والآخرين،‭ ‬وبالتالي‭ ‬معرفة‭ ‬العوامل‭ ‬الثقافية‭ ‬التي‭ ‬تحول‭ ‬دون‭ ‬تفهّم‭ ‬حقيقي‭ ‬ومتبادل‭ ‬بينهم،‭ ‬ودون‭ ‬بناء‭ ‬حوارٍ‭ ‬بين‭ ‬الثقافات‭ ‬يقوم‭ ‬على‭ ‬الرغبة‭ ‬الحقيقية‭ ‬في‭ ‬تخليص‭ ‬هذه‭ ‬التصورات‭ ‬والأحكام‭ ‬والمواقف‭ ‬من‭ ‬التشويه‭ ‬وعلى‭ ‬رغبة‭ ‬حقيقية‭ ‬في‭ ‬معرفة‭ ‬الآخر،‭ ‬وقد‭ ‬شارك‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الندوة‭ ‬حوالي‭ ‬60‭ ‬باحثًا‭ ‬وأستاذًا‭ ‬جامعيًّا‭ ‬من‭ ‬25‭ ‬بلدًا‭ ‬هي‭: ‬الجزائر‭ ‬ولبنان‭ ‬وفلسطين‭ ‬وتونس‭ ‬والأردن‭ ‬ومصر‭ ‬والمغرب‭ ‬وسوريا‭ ‬والسعودية‭ ‬وليبيا‭ ‬والعراق‭ ‬والسودان‭ ‬واليونان‭ ‬وإيطاليا‭ ‬وفرنسا‭ ‬وسويسرا‭ ‬وبوركينا‭ ‬فاسو‭ ‬وألمانيا‭ ‬وجمهورية‭ ‬التشيك‭ ‬وقبرص‭ ‬وإسبانيا‭ ‬وجمهورية‭ ‬الكونغو‭ ‬وبلجيكيا‭ ‬والكاميرون‭ ‬ورومانيا‭.‬

مشروعٌ‭ ‬رائدٌ‭ ‬وفريد‭ ‬يندرج‭ ‬ضمن‭ ‬استراتيجيّة‭ ‬هيئة‭ ‬البحرين‭ ‬للثقافة‭ ‬والآثار‭ ‬في‭ ‬الارتقاء‭ ‬بالعمل‭ ‬الثقافي‭ ‬الهادف‭ ‬ووضع‭ ‬اسم‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬أكثر‭ ‬فأكثر‭ ‬على‭ ‬خارطة‭ ‬الحراك‭ ‬الثقافي‭ ‬العربي‭ ‬والعالمي‭. ‬الكتب‭ ‬العشرون‭ ‬الأخيرة‭ ‬والتي‭ ‬من‭ ‬بينها‭ ‬قواميس‭ ‬مهمة‭ ‬وكبيرة‭ ‬هي‭ ‬بأكثريتها‭ ‬في‭ ‬مرحلة‭ ‬متقدّمة‭ ‬من‭ ‬الإعداد‭ ‬للنشر،‭ ‬ومن‭ ‬المنتظر‭ ‬صدورها‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬القريبة‭.‬