لا يقبل أن تكون المرجعية ممن لا يؤمن بالإسلام دينا

المحمود: التجديد يعتمد على الأحكام الشرعية وعلماء المسلمين

| إبراهيم النهام - (تصوير: رسول الحجيري)

نظم‭ ‬مجلس‭ ‬محمد‭ ‬الكويتي‭ ‬في‭ (‬البوكوارة‭) ‬بالرفاع،‭ ‬ندوة‭ ‬عن‭ ‬“تجديد‭ ‬الفكر‭ ‬الإسلامي”،‭ ‬قدم‭ ‬ورقتها‭ ‬الشيخ‭ ‬عبداللطيف‭ ‬آل‭ ‬محمود،‭ ‬بحضور‭ ‬جمع‭ ‬من‭ ‬المفكرين،‭ ‬ورجال‭ ‬السياسة‭ ‬والإعلام،‭ ‬والقضاة،‭ ‬وطلبة‭ ‬العلم‭.‬

ورحب‭ ‬الكويتي‭ ‬بالحضور‭ ‬الكريم،‭ ‬الذي‭ ‬اكتظت‭ ‬بهم‭ ‬قاعة‭ ‬المجلس،‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يسلم‭ ‬طرف‭ ‬الحديث‭ ‬للمحمود،‭ ‬الذي‭ ‬بدأ‭ ‬الأمسية‭ ‬بالحديث‭ ‬عن‭ ‬معنى‭ ‬الفكر‭ ‬بقوله‭ ‬“يرتبط‭ ‬معنى‭ ‬الفكر‭ ‬بعملية‭ ‬التفكير،‭ ‬والتفكير‭ ‬بالنسبة‭ ‬للإنسان‭ ‬عملية‭ ‬عقلية‭ ‬جَبل‭ ‬الله‭ ‬الإنسان‭ ‬عليها‭ ‬وفطره‭ ‬بها،‭ ‬أي‭ ‬خلقها‭ ‬الله‭ ‬له‭ ‬في‭ ‬ذاته‭ ‬وجعل‭ ‬لها‭ ‬أدوات‭ ‬في‭ ‬ذاته‭ ‬من‭ ‬العقل‭ ‬وآلات‭ ‬الإدراك‭ ‬البصري‭ ‬والسمعي‭ ‬والحسي‭ ‬والذوقي‭ ‬والروحي”‭.‬

وأضاف‭ ‬المحمود‭ ‬“كما‭ ‬يطلق‭ ‬الفكر‭ ‬على‭ ‬عملية‭ ‬التفكير‭ ‬يطلق‭ ‬على‭ ‬ناتج‭ ‬عملية‭ ‬التفكير‭ ‬لدى‭ ‬الإنسان،‭ ‬فالمعنى‭ ‬الإضافي‭ ‬للفكر‭ ‬يتحدد‭ ‬المعنى‭ ‬الإضافي‭ ‬للفكر‭ ‬بحسب‭ ‬ما‭ ‬أضيف‭ ‬إليه،‭ ‬فنقول‭ ‬الفكر‭ ‬الإنساني‭ ‬ويشمل‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬توصل‭ ‬إليه‭ ‬الإنسان‭ ‬طيلة‭ ‬حياته‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الأرض‭ ‬على‭ ‬اختلاف‭ ‬أجناسهم‭ ‬وأديانهم‭ ‬ومعتقداتهم‭ ‬وبيئاتهم،‭ ‬عن‭ ‬حياتهم‭ ‬ومشاهداتهم‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ‬وفي‭ ‬السماء”‭. ‬

وعن‭ ‬المقصود‭ ‬بتجديد‭ ‬الفكر‭ ‬الإسلامي‭ ‬قال‭ ‬“على‭ ‬ضوء‭ ‬الاختلاف‭ ‬في‭ ‬تحديد‭ ‬معنى‭ ‬الفكر‭ ‬الإسلامي‭ ‬يختلف‭ ‬المقصود‭ ‬بتجديد‭ ‬الفكر‭ ‬الإسلامي،‭ ‬كما‭ ‬يختلف‭ ‬المقصود‭ ‬بكيفية‭ ‬تجديده،‭ ‬ومما‭ ‬لا‭ ‬شك‭ ‬فيه‭ ‬هنا‭ ‬أن‭ ‬التجديد‭ ‬سنة‭ ‬الحياة،‭ ‬ولكن‭ ‬لتجديد‭ ‬كل‭ ‬فكر‭ ‬ثوابت،‭ ‬وثوابت‭ ‬الفكر‭ ‬الإسلامي‭ ‬متعددة”‭.‬

ومن‭ ‬مصادر‭ ‬هذا‭ ‬التجديد‭ ‬“مصادر‭ ‬الفكر‭ ‬الإسلامي‭ ‬كتاب‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬وسنة‭ ‬رسوله‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم،‭ ‬ومصادر‭ ‬أخرى‭ ‬تختلف‭ ‬بحسب‭ ‬مناهج‭ ‬المدارس‭ ‬الفقهية‭ ‬وكلها‭ ‬قائمة‭ ‬على‭ ‬الاجتهاد‭ ‬في‭ ‬فهم‭ ‬هذه‭ ‬النصوص‭ ‬وفي‭ ‬طريقة‭ ‬استنباط‭ ‬الأحكام‭ ‬الشرعية”‭.‬

ويزيد‭ ‬“كما‭ ‬أنه‭ ‬منصوص‭ ‬في‭ ‬الكتاب‭ ‬والسنة‭ ‬على‭ ‬قسمين؛‭ ‬محكم‭ ‬ومتشابه،‭ ‬فالمحكم‭ ‬لم‭ ‬يختلف‭ ‬فيه‭ ‬علماء‭ ‬الشريعة‭ ‬الإسلامية‭ ‬على‭ ‬اختلاف‭ ‬مناهجهم‭ ‬ومذاهبهم،‭ ‬ويتناول‭ ‬أصول‭ ‬الإسلام‭ ‬وأركانه‭ ‬وقواعده‭ ‬وأعمدته‭ ‬الرئيسة،‭ ‬والمتشابه‭ ‬يتناول‭ ‬أمورا‭ ‬تفصيلية‭ ‬لتلك‭ ‬الأصول‭ ‬والأركان‭ ‬والقواعد‭ ‬والأعمدة،‭ ‬وهذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬الأحكام‭ ‬جاء‭ ‬الاختلاف‭ ‬في‭ ‬فهمها‭ ‬واستنباط‭ ‬الأحكام‭ ‬تبعا‭ ‬له”‭.‬

ويكمل‭ ‬“لا‭ ‬يقبل‭ ‬أي‭ ‬فهم‭ ‬يخالف‭ ‬دلالات‭ ‬اللغة‭ ‬العربية‭ ‬التي‭ ‬نزل‭ ‬بها‭ ‬القرآن‭ ‬الكريم‭ ‬ونطق‭ ‬بها‭ ‬رسول‭ ‬الله‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭ ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬يقول‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬﴿وَلَقَد‭ ‬ضَرَبنا‭ ‬لِلنّاسِ‭ ‬في‭ ‬هذَا‭ ‬القُرآنِ‭ ‬مِن‭ ‬كُلِّ‭ ‬مَثَلٍ‭ ‬لَعَلَّهُم‭ ‬يَتَذَكَّرونَ‭ ‬قُرآنًا‭ ‬عَرَبِيًّا‭ ‬غَيرَ‭ ‬ذي‭ ‬عِوَجٍ‭ ‬لَعَلَّهُم‭ ‬يَتَّقونَ﴾،‭ ‬ويقول‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭ ‬﴿وَكَذلِكَ‭ ‬أَنزَلناهُ‭ ‬حُكمًا‭ ‬عَرَبِيًّا‭ ‬وَلَئِنِ‭ ‬اتَّبَعتَ‭ ‬أَهواءَهُم‭ ‬بَعدَما‭ ‬جاءَكَ‭ ‬مِنَ‭ ‬العِلمِ‭ ‬ما‭ ‬لَكَ‭ ‬مِنَ‭ ‬اللَّهِ‭ ‬مِن‭ ‬وَلِيٍّ‭ ‬وَلا‭ ‬واقٍ﴾،‭ ‬وآيات‭ ‬كثيرة‭ ‬أخرى”‭. ‬

لحظات‭ ‬من‭ ‬الصمت،‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يواصل‭ ‬المحمود‭ ‬حديثه،‭ ‬وسط‭ ‬انصات‭ ‬من‭ ‬الحضور‭ ‬قائلا‭ ‬“فهم‭ ‬النصوص‭ ‬في‭ ‬العلوم‭ ‬الكونية‭ ‬قابل‭ ‬للتغيير‭ ‬بتبين‭ ‬الحقائق‭ ‬على‭ ‬ضوء‭ ‬الاكتشافات‭ ‬العلمية‭ ‬مثل‭ ‬علم‭ ‬الفلك‭ ‬وعلوم‭ ‬الحياة‭ ‬وعلم‭ ‬التشريح‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬العلوم،‭ ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬يقول‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬﴿قُل‭ ‬سيروا‭ ‬فِي‭ ‬الأَرضِ‭ ‬فَانظُروا‭ ‬كَيفَ‭ ‬بَدَأَ‭ ‬الخَلقَ‭ ‬ثُمَّ‭ ‬اللَّهُ‭ ‬يُنشِئُ‭ ‬النَّشأَةَ‭ ‬الآخِرَةَ‭ ‬إِنَّ‭ ‬اللَّهَ‭ ‬عَلى‭ ‬كُلِّ‭ ‬شَيءٍ‭ ‬قَديرٌ﴾“‭.‬

وفي‭ ‬حديثه‭ ‬عن‭ ‬المرجعية‭ ‬في‭ ‬التجديد‭ ‬قال‭ ‬“ينبغي‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬ممن‭ ‬يؤمن‭ ‬بالإسلام‭ ‬دينًا،‭ ‬وبمحمد‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭ ‬رسولا‭ ‬ونبيا،‭ ‬فلا‭ ‬يقبل‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬المرجعية‭ ‬ممن‭ ‬لا‭ ‬يؤمن‭ ‬بالإسلام‭ ‬دينا‭ ‬قيّما‭ ‬ملة‭ ‬إبراهيم‭ ‬حنيفا‭ ‬فنحكمهم‭ ‬في‭ ‬فهم‭ ‬كتاب‭ ‬الله‭ ‬وسنة‭ ‬رسوله‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم،‭ ‬وليس‭ ‬معنى‭ ‬ذلك‭ ‬عدم‭ ‬قبول‭ ‬الحقائق‭ ‬الكونية‭ ‬التي‭ ‬يتوصل‭ ‬إليها‭ ‬غير‭ ‬المسلمين،‭ ‬وقد‭ ‬جاء‭ ‬التحذير‭ ‬من‭ ‬تحكيم‭ ‬غير‭ ‬المؤمنين‭ ‬في‭ ‬فهم‭ ‬أحكام‭ ‬الكتاب‭ ‬والسنة‭ ‬بمواقع‭ ‬عدة”‭.‬

وأكمل‭ ‬“هناك‭ ‬تجديد‭ ‬في‭ ‬الفكر‭ ‬الإسلامي‭ ‬يعتمد‭ ‬على‭ ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬الأحكام‭ ‬الشرعية‭ ‬التي‭ ‬وصل‭ ‬إليها‭ ‬علماء‭ ‬المسلمين‭ ‬على‭ ‬اختلاف‭ ‬مناهج‭ ‬الاستنباط‭ ‬عندهم‭ ‬مما‭ ‬لا‭ ‬يصادم‭ ‬نصا‭ ‬صريحا‭ ‬في‭ ‬الكتاب‭ ‬والسنة،‭ ‬وعدم‭ ‬الوقوف‭ ‬عند‭ ‬رأي‭ ‬مذهب‭ ‬من‭ ‬المذاهب”‭.‬

وأضاف‭ ‬“وهذا‭ ‬ما‭ ‬يتحقق‭ ‬بعلم‭ ‬الفقه‭ ‬المقارن‭ ‬وهو‭ ‬من‭ ‬العلوم‭ ‬الإسلامية‭ ‬المهمة‭ ‬في‭ ‬الحضارة‭ ‬الإسلامية،‭ ‬ومن‭ ‬التطبيقات‭ ‬المعاصرة‭ ‬أحكام‭ ‬المصرفية‭ ‬الإسلامية‭ ‬التي‭ ‬تأخذ‭ ‬أحكامها‭ ‬من‭ ‬المذاهب‭ ‬الفقهية‭ ‬المعروفة‭ ‬والمنتشرة‭ ‬بين‭ ‬المسلمين،‭ ‬والأخذ‭ ‬بآراء‭ ‬المذاهب‭ ‬لإيجاد‭ ‬الحلول‭ ‬للمشاكل‭ ‬التي‭ ‬تقع‭ ‬للمسلمين‭ ‬مثل‭ ‬أوقات‭ ‬رمي‭ ‬الجمرات‭ ‬في‭ ‬الحج،‭ ‬وأحكام‭ ‬قوانين‭ ‬الأسرة‭ ‬وغيرها”‭. ‬

وختم‭ ‬المحمود‭ ‬حديثه‭ ‬بالقول‭ ‬“ولأن‭ ‬الإسلام‭ ‬هو‭ ‬الدين‭ ‬الخاتم‭ ‬والذي‭ ‬بُعث‭ ‬به‭ ‬الرسول‭ ‬محمد‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭ ‬للناس‭ ‬كافة‭ ‬فقد‭ ‬جعل‭ ‬من‭ ‬تجديد‭ ‬فكره‭ ‬ما‭ ‬جاء‭ ‬في‭ ‬الحديث‭ ‬الشريف‭ (‬يحمل‭ ‬هذا‭ ‬العلم‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬خلف‭ ‬عدوله‭ ‬ينفون‭ ‬عنه‭ ‬تحريف‭ ‬الغالين‭ ‬وانتحال‭ ‬المبطلين‭ ‬وتأويل‭ ‬الجاهلين‭)‬”‭.‬