اكتئاب ما بعد الولادة يهدد الآباء

كشفت‭ ‬دراسة‭ ‬جديدة‭ ‬صغيرة‭ ‬ومحدودة‭ ‬النطاق،‭ ‬كيف‭ ‬يمكن‭ ‬للتحيز‭ ‬العلمي‭ ‬والطبي‭ ‬حول‭ ‬اكتئاب‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬الولادة‭ ‬أن‭ ‬يمتد‭ ‬إلى‭ ‬الجمهور‭.‬

وأشارت‭ ‬دراسة‭ ‬بريطانية‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الأمهات‭ ‬والآباء‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬سواء‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يعانوا‭ ‬من‭ ‬اكتئاب‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬الولادة‭ (‬PPD‭)‬،‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬غالبا‭ ‬ما‭ ‬يتم‭ ‬إهمال‭ ‬أعراض‭ ‬هذه‭ ‬الحالة‭ ‬لدى‭ ‬الرجال‭. ‬وكشفت‭ ‬الدراسة‭ ‬الاستقصائية‭ ‬أن‭ ‬الرجال‭ ‬يظلون‭ ‬“غير‭ ‬مرئيين”،‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬كبير‭ ‬عندما‭ ‬يتعلق‭ ‬الأمر‭ ‬بالمفاهيم‭ ‬العامة‭ ‬لاكتئاب‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬الولادة‭.‬

ويقول‭ ‬الباحثون‭ ‬إنه‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬هناك‭ ‬وعي‭ ‬أكبر‭ ‬بأن‭ ‬اضطراب‭ ‬الصحة‭ ‬العقلية‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يحدث‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬من‭ ‬الوالدين‭ ‬لمدة‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬سنة‭ ‬بعد‭ ‬ولادة‭ ‬الطفل‭. ‬وحتى‭ ‬الآن،‭ ‬لم‭ ‬تفحص‭ ‬سوى‭ ‬القليل‭ ‬من‭ ‬الدراسات‭ ‬كيف‭ ‬ينظر‭ ‬الجمهور‭ ‬إلى‭ ‬اكتئاب‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬الولادة،‭ ‬وركزت‭ ‬معظم‭ ‬هذه‭ ‬الدراسات‭ ‬على‭ ‬حالات‭ ‬الأمهات‭. ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬معدلات‭ ‬الإصابة‭ ‬باكتئاب‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬الولادة‭ ‬تبدو‭ ‬متقاربة‭ ‬بعض‭ ‬الشيء،‭ ‬إذ‭ ‬تبلغ‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬6‭ ‬و13‭ % ‬لدى‭ ‬الأمهات‭ ‬الجدد،‭ ‬وبين‭ ‬8‭ ‬و11‭ % ‬لدى‭ ‬الآباء‭ ‬الجدد،‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬غالبا‭ ‬ما‭ ‬يتم‭ ‬تشخيص‭ ‬النساء‭ ‬فقط‭ ‬بهذه‭ ‬الحالة‭. ‬ويؤكد‭ ‬الباحثون‭ ‬أن‭ ‬الآباء‭ ‬الجدد،‭ ‬مثل‭ ‬الأمهات‭ ‬تماما،‭ ‬يمكنهم‭ ‬مواجهة‭ ‬القلق‭ ‬والاكتئاب‭ ‬والصدمات‭ ‬النفسية،‭ ‬ويكافحون‭ ‬كذلك؛‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الارتباط‭ ‬بأطفالهم،‭ ‬إلا‭ ‬أنهم‭ ‬لا‭ ‬يحصلون‭ ‬على‭ ‬تشخيص‭ ‬صحيح‭ ‬للإصابة‭ ‬باكتئاب‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬الولادة،‭ ‬وهذا‭ ‬يحرمهم‭ ‬بالتالي‭ ‬من‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬علاج‭ ‬للمشكلات‭ ‬العقلية‭ ‬التي‭ ‬يواجهونها‭ ‬بعد‭ ‬ولادة‭ ‬أطفالهم‭. ‬ويجادل‭ ‬الباحثون‭ ‬بأن‭ ‬بناء‭ ‬النوع‭ ‬الاجتماعي‭ ‬هو‭ ‬المسؤول‭ ‬جزئيا‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬التجاهل‭ ‬تجاه‭ ‬الآباء،‭ ‬حيث‭ ‬أن‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المجتمعات‭ ‬الحديثة‭ ‬يرون‭ ‬الرجال‭ ‬قساة‭ ‬مقابل‭ ‬ضعف‭ ‬النساء‭.‬

ودرس‭ ‬الباحثون‭ ‬406‭ ‬متطوعين،‭ ‬تراوحت‭ ‬أعمارهم‭ ‬بين‭ ‬18‭ ‬و70‭ ‬عاما،‭ ‬قرأوا‭ ‬مقالة‭ ‬قصيرة‭ ‬تصف‭ ‬مواقف‭ ‬متطابقة‭ ‬تقريبا‭ ‬مع‭ ‬المعاناة‭ ‬من‭ ‬اكتئاب‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬الولادة،‭ ‬دون‭ ‬تحديد‭ ‬الجنس‭. ‬ووجد‭ ‬الباحثون‭ ‬أن‭ ‬المشاركين‭ ‬واجهوا‭ ‬صعوبات‭ ‬أكبر‭ ‬في‭ ‬التعرف‭ ‬بدقة‭ ‬على‭ ‬أعراض‭ ‬اكتئاب‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬الولادة‭ ‬لدى‭ ‬الآباء‭ ‬مقارنة‭ ‬بالحالة‭ ‬ذاتها‭ ‬لدى‭ ‬النساء‭. ‬كما‭ ‬توصلت‭ ‬النتائج‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬المشاركين‭ ‬كانوا‭ ‬أكثر‭ ‬قدرة‭ ‬على‭ ‬وصف‭ ‬حالة‭ ‬الإناث‭ ‬بالاكتئاب‭ (‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬الأقلية‭ ‬وصفت‭ ‬الحالة‭ ‬بشكل‭ ‬صحيح‭ ‬بأنها‭ ‬اكتئاب‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬الولادة‭)‬،‭ ‬فيما‭ ‬يرجحون‭ ‬أن‭ ‬المشكلة‭ ‬تتعلق‭ ‬بالإجهاد‭ ‬أو‭ ‬الإرهاق،‭ ‬عندما‭ ‬يتعلق‭ ‬الأمر‭ ‬بالذكور‭.‬