آل عباس: 197 صيادا للروبيان “أعزاء قوم أذلهم القرار”

أزمة قلبية قادت لوفاة نوخذة بسبب قرار “الكراف”

| محرر الشؤون المحلية

صدر‭ ‬القرار‭ ‬بلا‭ ‬تخطيط‭ ‬وبلا‭ ‬تعويض‭ ‬وبلا‭ ‬بدائل‭ ‬للصيادين تسبب في أزمة إنسانية تمس كرامة المواطن

 

قال‭ ‬النائب‭ ‬عمار‭ ‬آل‭ ‬عباس‭ ‬إن‭ ‬منذ‭ ‬إقرار‭ ‬الحكومة‭ ‬منع‭ ‬صيد‭ ‬الروبيان‭ ‬بطريقة‭ (‬الكراف‭) ‬قبل‭ ‬8‭ ‬أشهر،‭ ‬فقد‭ ‬ترتب‭ ‬عليه‭ ‬وقف‭ ‬حال‭ ‬أصحاب‭ ‬البوانيش‭ ‬التي‭ ‬تحمل‭ ‬رخصا‭ ‬لصيد‭ ‬الروبيان‭ ‬بالكراف‭ ‬فقط‭.‬

وأضاف‭: ‬التطبيق‭ ‬القرار‭ ‬المفاجئ‭ ‬دون‭ ‬تخطيط‭ ‬مسبق‭ ‬ودون‭ ‬تعويضات‭ ‬وبدائل‭ ‬لهؤلاء‭ ‬الصيادين‭ ‬يمثل‭ ‬مشكلة‭ ‬كبيرة،‭ ‬بل‭ ‬وأزمة‭ ‬إنسانية‭ ‬تمس‭ ‬كرامة‭ ‬الإنسان‭ ‬البحريني‭.‬

وتابع‭: ‬رحل‭ ‬عنا‭ ‬قبل‭ ‬أيام‭ ‬النوخذة‭ ‬المرحوم‭ ‬الحاج‭ ‬علي‭ ‬منصور‭ ‬حسن‭ ‬بعد‭ ‬تعرضه‭ ‬لأزمة‭ ‬قلبية‭ ‬ألَمَّت‭ ‬به‭ ‬بعد‭ ‬صدور‭ ‬قرار‭ ‬منك‭ ‬الصيد،‭ ‬واستذكر‭ ‬ما‭ ‬قيل‭ ‬قديما‭ ‬في‭ ‬سابق‭ ‬الأمثال‭ ‬“ارحموا‭ ‬عزيز‭ ‬قوم‭ ‬ذلّ”،‭ ‬وهذا‭ ‬المثل‭ ‬ينطبق‭ ‬على‭ ‬أصحاب‭ ‬قضيتنا‭ ‬لهذا‭ ‬اليوم‭.‬

ولفت‭ ‬الى‭ ‬أن‭ ‬عدد‭ ‬مُلاّك‭ ‬تراخيص‭ ‬صيد‭ ‬الروبيان‭ ‬في‭ ‬مملكتنا‭ ‬الغالية‭ ‬197‭. ‬وفيما‭ ‬يأتي‭ ‬نص‭ ‬مقال‭ ‬كتبه‭ ‬آل‭ ‬عباس‭ ‬عن‭ ‬المعاناة‭ ‬المعلقة‭:‬

لو‭ ‬بحثنا‭ ‬عن‭ ‬معنى‭ ‬الفقر‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬معجم‭ ‬لوجدناه‭ ‬يلازم‭ ‬قلة‭ ‬الحيلة‭ ‬مع‭ ‬عدم‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬تأمين‭ ‬ما‭ ‬يلزم‭ ‬من‭ ‬احتياجات‭ ‬الحياة‭ ‬الأساسية‭  ‬ويعد‭ ‬الفقر‭ ‬أحد‭ ‬النكبات‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تقع‭ ‬على‭ ‬عاتق‭ ‬الإنسان‭ ‬في‭ ‬حياته‭ ‬ولها‭ ‬كبير‭ ‬الأثر‭ ‬النفسي‭ ‬والمعنوي‭ ‬والجسدي‭ ‬عليه‭. ‬فقد‭ ‬يشعر‭ ‬من‭ ‬كثرة‭ ‬الضعف‭ ‬وقلة‭ ‬الحيلة‭ ‬والحاجة‭ ‬للآخرين‭ ‬بالمهانة‭ ‬والذل‭ ‬والإحباط‭. ‬

وقد‭ ‬قيل‭ ‬قديما‭ ‬في‭ ‬سابق‭ ‬الأمثال‭ ‬“ارحموا‭ ‬عزيز‭ ‬قوم‭ ‬ذلّ”،‭ ‬وهذا‭ ‬المثل‭ ‬ينطبق‭ ‬على‭ ‬أصحاب‭ ‬قضيتنا‭ ‬لهذا‭ ‬اليوم‭ ‬هم‭ ‬أصحاب‭ ‬بوانيش‭ ‬صيد‭ ‬الربيان‭ ‬الذين‭ ‬كانوا‭ ‬أعزاء‭ ‬قوم‭ ‬وأذلهم‭ ‬الزمان‭ ‬بقلة‭ ‬الحيلة‭ ‬والضعف‭ ‬حتى‭ ‬وصل‭ ‬بعضهم‭ ‬للفقر‭ ‬وعدم‭ ‬المقدرة‭ ‬على‭ ‬تأمين‭ ‬أساسيات‭ ‬الحياة‭.‬

أصحاب‭ ‬أعمال‭ ‬تنقطع‭ ‬بهم‭ ‬السبل‭ ‬وعملهم‭ ‬الوحيد‭ ‬فجأة‭ ‬ودون‭ ‬مقدمات‭ ‬أو‭ ‬بدائل‭. ‬فمنذ‭ ‬نحو‭ ‬8‭ ‬أشهور‭ ‬خلت‭ ‬أقرت‭ ‬الحكومة‭ ‬قرار‭ ‬منع‭ ‬صيد‭ ‬الروبيان‭ ‬بطريقة‭ ‬الكراف؛‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬ترتب‭ ‬عليه‭ ‬وقف‭ ‬حال‭ ‬أصحاب‭ ‬البوانيش‭ ‬التي‭ ‬تحمل‭ ‬رخصا‭ ‬لصيد‭ ‬الروبيان‭ ‬بالكراف‭ ‬فقط‭.‬

وما‭ ‬حصل‭ ‬من‭ ‬تطبيق‭ ‬مفاجئ‭ ‬دون‭ ‬تخطيط‭ ‬مسبق‭ ‬ودون‭ ‬تعويضات‭ ‬وبدائل‭ ‬لهؤلاء‭ ‬الصيادين‭ ‬يمثل‭ ‬مشكلة‭ ‬كبيرة،‭ ‬بل‭ ‬وأزمة‭ ‬إنسانية‭ ‬تمس‭ ‬كرامة‭ ‬الإنسان‭ ‬البحريني‭.‬

ففي‭ ‬حديث‭ ‬لي‭ ‬مع‭ ‬رئيس‭ ‬جمعية‭ ‬الصيادين‭ ‬الأخ‭ ‬عبدالأميرعبدالله‭ ‬المغني،‭ ‬فإنه‭ ‬بلغ‭ ‬عدد‭ ‬مُلاّك‭ ‬تراخيص‭ ‬صيد‭ ‬الروبيان‭ ‬في‭ ‬مملكتنا‭ ‬الغالية‭ ‬197‭ ‬بحسب‭ ‬إحصاءات‭ ‬الثروة‭ ‬السمكية‭ ‬مؤخرا،‭ ‬ولنا‭ ‬أن‭ ‬نتخيل‭ ‬حجم‭ ‬الضرر‭ ‬الحاصل‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬العدد‭ ‬من‭ ‬الصيادين‭ ‬وعوائلهم‭ ‬وحياتهم،‭ ‬وكيف‭ ‬يمكن‭ ‬للأمر‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬مؤثرا‭ ‬بالسلب‭ ‬على‭ ‬صحتهم‭.‬

فبالأمس‭ ‬فقط‭ ‬رحل‭ ‬عنا‭ ‬النوخذه‭ ‬المرحوم‭ ‬الحاج‭ ‬علي‭ ‬منصور‭ ‬حسن،‭ ‬بعد‭ ‬تعرضه‭ ‬لأزمة‭ ‬قلبية‭ ‬ألَمَّت‭ ‬به‭ ‬بعد‭ ‬صدور‭ ‬قرار‭ ‬منك‭ ‬الصيد،‭ ‬وكان‭ ‬طوال‭ ‬الفترة‭ ‬الماضية‭ ‬يراجع‭ ‬عيادة‭ ‬القلب‭ ‬للعلاج‭ ‬بعد‭ ‬هذه‭ ‬الأزمة،‭ ‬ناهيك‭ ‬عن‭ ‬شعور‭ ‬قلة‭ ‬الحيلة‭ ‬والضعف‭ ‬والضيق‭ ‬المصاحبين‭ ‬له‭ ‬ولعموم‭ ‬الصيادين‭ ‬طوال‭ ‬فترة‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬الكريم‭ ‬وعيد‭ ‬الفطر،‭ ‬بسبب‭ ‬عجزهم‭ ‬عن‭ ‬تأمين‭ ‬أبسط‭ ‬الأمور‭ ‬لعوائلهم‭.‬

فمنهم‭ ‬من‭ ‬قام‭ ‬ببيع‭ ‬سيارته‭ ‬ليستكمل‭ ‬أقساط‭ ‬دراسة‭ ‬أحد‭ ‬أبنائه،‭ ‬ومنهم‭ ‬من‭ ‬تهدده‭ ‬البنوك‭ ‬بالملاحقة‭ ‬القانونية‭ ‬نتيجة‭ ‬استحقاقات‭ ‬الدفع‭ ‬المتأخرة،‭ ‬ومنهم‭ ‬رجال‭ ‬خنقتهم‭ ‬العبرة‭ ‬لعدم‭ ‬استطاعتهم‭ ‬تلبية‭ ‬متطلبات‭ ‬المدارس‭ ‬البسيطة‭ ‬لأطفالهم،‭ ‬ناهيك‭ ‬عن‭ ‬التفكك‭ ‬الأسري‭ ‬الذي‭ ‬أصاب‭ ‬البعض‭ ‬بسبب‭ ‬كثرة‭ ‬المشكلات‭ ‬والمشاحنات‭ ‬داخل‭ ‬الأسرة‭.‬

وهنا‭ ‬أذكر‭ ‬قصة‭ ‬أحد‭ ‬الصيادين‭ ‬ورب‭ ‬أسرة‭ ‬مكونة‭ ‬من‭ ‬9‭ ‬أفراد،‭ ‬وأحد‭ ‬أولاده‭ ‬من‭ ‬ذوي‭ ‬الاحتياجات‭ ‬الخاصة،‭ ‬وجراء‭ ‬هذه‭ ‬الأزمة‭ ‬ساءت‭ ‬حالته‭ ‬الصحية،‭ ‬فهو‭ ‬مصاب‭ ‬بالضغط‭ ‬والسكر،‭ ‬كما‭ ‬يعاني‭ ‬ضغطا‭ ‬ومشكلات‭ ‬عائلية‭ ‬كبيرة‭ ‬بسبب‭ ‬ضيق‭ ‬الحال‭ ‬المادي‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬يستطع‭ ‬دفع‭ ‬الرسوم‭ ‬الدراسية‭ ‬الجامعية‭ ‬لأولاده،‭ ‬ولم‭ ‬يستطع‭ ‬دفع‭ ‬مستحق‭ ‬تأمين‭ ‬وتسجيل‭ ‬سيارته،‭ ‬ناهيك‭ ‬عن‭ ‬ابنه‭ ‬من‭ ‬ذوي‭ ‬الاحتياجات‭ ‬الخاصة‭.‬

نحن‭ ‬اليوم‭ ‬لا‭ ‬نتحدث‭ ‬عن‭ ‬عدد‭ ‬أفراد‭ ‬بسيط‭ ‬أصابهم‭ ‬الضرر،‭ ‬بل‭ ‬نتحدث‭ ‬عن‭ ‬عوائل‭ ‬بالمئات‭ ‬أصابها‭ ‬الضرر‭ ‬لشهور‭ ‬طوال‭. ‬فأغلب‭ ‬الصيادين‭ ‬يمتلكون‭ ‬بوانيش،‭ ‬ولكن‭ ‬مستحقة‭ ‬الدفع‭ ‬أقساطها،‭ ‬ناهيك‭ ‬عن‭ ‬أقساط‭ ‬البنوك‭ ‬والالتزامات‭ ‬المعيشية‭ ‬واليومية‭ ‬المتراكمة،‭ ‬والتي‭ ‬لا‭ ‬يملكون‭ ‬لها‭ ‬حولا‭ ‬ولا‭ ‬قوة‭.‬

ديون‭ ‬متراكمة،‭ ‬تهديد‭ ‬بالملاحقة‭ ‬القانونية‭ ‬والحبس،‭ ‬معاناة‭ ‬لتوفير‭ ‬احتياجات‭ ‬العائلة‭ ‬الأساسية،‭ ‬أمراض‭ ‬مزمنة‭ ‬ومراجعات‭ ‬طبية،‭ ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬حال‭ ‬صيادي‭ ‬الروبيان‭.‬

أزمة‭ ‬الصيادين‭ ‬أخذت‭ ‬تتحول‭ ‬لأزمة‭ ‬إنسانية‭ ‬كبيرة؛‭ ‬لذا‭ ‬وجب‭ ‬البدء‭ ‬بإجراءات‭ ‬التعويض‭ ‬لمدة‭ ‬التعطل‭ ‬الفائتة‭ ‬لجميع‭ ‬الصيادين‭ ‬مع‭ ‬وضع‭ ‬إستراتيجية‭ ‬لمنحهم‭ ‬البدائل‭ ‬المناسبة‭ ‬عن‭ ‬عملهم‭ ‬المعتاد،‭ ‬وكل‭ ‬ذا‭ ‬لا‭ ‬يكون‭ ‬إلا‭ ‬باجتماع‭ ‬المعنيين‭ ‬من‭ ‬الحكومة‭ ‬بممثلي‭ ‬الصيادين؛‭ ‬للوصول‭ ‬إلى‭ ‬حل‭ ‬نهائي‭.‬

فهل‭ ‬لنا‭ ‬أن‭ ‬نرحم‭ ‬عزيز‭ ‬قوم‭ ‬ذل؟‭ ‬وهل‭ ‬لهذه‭ ‬الأزمة‭ ‬أن‭ ‬تلقى‭ ‬بر‭ ‬أمان‭ ‬ونهاية‭ ‬برضا‭ ‬جميع‭ ‬الأطراف؟