الزحف العمراني ونضوب المياه الجوفية أبرز العوائق

بحرينيون يتجهون للاستثمار في القطاع الزراعي

| محرر الشؤون المحلية

يتبادر‭ ‬سؤال‭ ‬مهم‭ ‬في‭ ‬شأن‭ ‬الاستثمار‭ ‬في‭ ‬القطاعين‭ ‬الزراعي‭ ‬والحيواني‭ ‬بالاستفادة‭ ‬من‭ ‬الأراضي‭ ‬الوقفية‭ ‬واستئجارها‭ ‬بعقود‭ ‬طويلة‭ ‬المدى‭ ‬لمشاريع‭ ‬الإنتاج‭ ‬ألا‭ ‬وهو‭: ‬“هل‭ ‬يعتبر‭ ‬هذا‭ ‬القطاع‭ ‬من‭ ‬القطاعات‭ ‬الجاذبة‭ ‬للمستثمرين‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬انخفاض‭ ‬العائد‭ ‬وكلفة‭ ‬الإنتاج‭ ‬العالية؟”،‭ ‬فعدد‭ ‬من‭ ‬البحرينيين‭ ‬توجهوا‭ ‬لاستئجار‭ ‬أراض‭ ‬“وقفية”‭ ‬لبدء‭ ‬مشاريعهم‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬الزراعة‭ ‬والبستنة،‭ ‬والبعض‭ ‬الآخر‭ ‬للاستثمار‭ ‬في‭ ‬تربية‭ ‬المواشي‭ ‬والدواجن‭.‬

‭ ‬ويرى‭ ‬مدير‭ ‬مشتل‭ ‬غصن‭ ‬البحرين‭ ‬يوسف‭ ‬الحداد‭ ‬الذي‭ ‬بدأ‭ ‬مشروعًا‭ ‬زراعيًّا‭ ‬هو‭ ‬في‭ ‬مراحله‭ ‬الأولى،‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الاستثمار‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬ناجحًا‭ ‬وفق‭ ‬دراسات‭ ‬الجدوى‭ ‬والقدرة‭ ‬على‭ ‬زراعة‭ ‬منتجات‭ ‬مطلوبة‭ ‬في‭ ‬السوق،‭ ‬موضحًا‭ ‬أن‭ ‬سوق‭ ‬المشاتل‭ ‬والمنتجات‭ ‬الزراعية‭ ‬سواءً‭ ‬الخضروات‭ ‬والفاكهة‭ ‬المحلية‭ ‬أم‭ ‬الزهور‭ ‬ونباتات‭ ‬الزينة‭ ‬تحظى‭ ‬بنشاط‭ ‬طيلة‭ ‬العام،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يجعل‭ ‬من‭ ‬الاستثمار‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬الزراعي‭ ‬واستصلاح‭ ‬الأراضي‭ ‬الوقفية‭ ‬وتحويلها‭ ‬إلى‭ ‬أراض‭ ‬منتجة‭ ‬يدخل‭ ‬أيضًا‭ ‬ضمن‭ ‬“الأمن‭ ‬الغذائي”‭ ‬لتوفير‭ ‬المنتجات‭ ‬الزراعية‭ ‬بالسوق‭ ‬المحلي‭.‬

‭ ‬ومن‭ ‬جهة‭ ‬أخرى،‭ ‬ووفق‭ ‬دراسات‭ ‬محلية،‭ ‬فإن‭ ‬هناك‭ ‬مشاكل‭ ‬تواجه‭ ‬الأمن‭ ‬الغذائي‭ ‬الزراعي‭ ‬منها‭ ‬الزحف‭ ‬العمراني‭ ‬ونضوب‭ ‬المياه‭ ‬الجوفية‭ ‬والقدرة‭ ‬على‭ ‬توفير‭ ‬المنتجات‭ ‬الغذائية‭ ‬بأسعار‭ ‬مناسبة‭ ‬للمستهلك،‭ ‬فيما‭ ‬يلزم‭ ‬الاستثمار‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬القطاع‭ ‬رأس‭ ‬مال‭ ‬طويل‭ ‬الدورة‭ ‬مع‭ ‬وجود‭ ‬مخاطر‭ ‬عالية،‭ ‬ويؤكد‭ ‬الخبير‭ ‬الزراعي‭ ‬نبيل‭ ‬العجيمي‭ ‬على‭ ‬ضرورة‭ ‬إجراء‭ ‬دراسة‭ ‬جدوى‭ ‬متكاملة‭ ‬قبل‭ ‬البدء‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬مشروع‭ ‬إنتاج‭ ‬زراعي،‭ ‬ولابد‭ ‬من‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬البحرينيين‭ ‬دخلوا‭ ‬هذا‭ ‬المجال‭ ‬وتعرضوا‭ ‬لخسائر‭ ‬كبيرة‭ ‬بسبب‭ ‬عدم‭ ‬امتلاكهم‭ ‬للخبرة‭ ‬في‭ ‬معرفة‭ ‬المواسم‭ ‬وطرق‭ ‬الري‭ ‬وظروف‭ ‬الطقس‭.‬

‭ ‬ويشير‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬بعض‭ ‬المشاريع‭ ‬تعثرت‭ ‬وتكبدت‭ ‬الخسائر،‭ ‬فليس‭ ‬الموضوع‭ ‬هو‭ ‬استئجار‭ ‬أرض‭ ‬وتهيئتها‭ ‬للزراعة،‭ ‬فلربما‭ ‬واجه‭ ‬المستثمر‭ ‬مشكلة‭ ‬آفات‭ ‬وحشرات‭ ‬ولم‭ ‬يتمكن‭ ‬من‭ ‬التعامل‭ ‬معها‭ ‬منذ‭ ‬البداية،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يعرض‭ ‬المشاريع‭ ‬الزراعية‭ ‬للخسارة،‭ ‬موضحًا‭ ‬أن‭ ‬البحث‭ ‬والقراءة‭ ‬والاستعانة‭ ‬بذوي‭ ‬الخبرة‭ ‬مهم‭ ‬للوصول‭ ‬إلى‭ ‬إنتاج‭ ‬زراعي‭ ‬ناجح‭.‬

‭ ‬وفي‭ ‬دراسة‭ ‬للباحثة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬بمركز‭ ‬البحرين‭ ‬للدراسات‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬الدولية‭ ‬والطاقة‭ ‬غادة‭ ‬عبدالله،‭ ‬فإن‭ ‬عدم‭ ‬وجود‭ ‬المياه‭ ‬العذبة‭ ‬والمناخ‭ ‬الجاف‭ ‬جعل‭ ‬الزراعة‭ ‬مكلفة‭ ‬جدًّا‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي،‭ ‬فيما‭ ‬ضيق‭ ‬المساحة‭ ‬هي‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬المشاكل‭ ‬في‭ ‬البحرين،‭ ‬ولذلك‭ ‬تشجيع‭ ‬الزراعة‭ ‬محليًّا‭ ‬بهدف‭ ‬تحقيق‭ ‬الأمن‭ ‬الغذائي‭ ‬اليوم‭ ‬هو‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬الأمن‭ ‬المائي‭ ‬في‭ ‬المستقبل،‭ ‬فالمصادر‭ ‬الرئيسة‭ ‬الحالية‭ ‬للمياه‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬هي‭ ‬المياه‭ ‬الجوفية،‭ ‬مياه‭ ‬الصرف‭ ‬الصحي‭ ‬المعالجة،‭ ‬وتحلية‭ ‬المياه،‭ ‬ويعتمد‭ ‬إنتاج‭ ‬المياه‭ ‬في‭ ‬الدولة‭ ‬بشكل‭ ‬رئيسي‭ ‬على‭ ‬مياه‭ ‬البحر‭ ‬المحلاة،‭ ‬حيث‭ ‬تنتج‭ ‬البحرين‭ ‬حاليًّا‭ ‬ما‭ ‬يقرب‭ ‬من‭ ‬180‭ ‬مليون‭ ‬غالون‭ ‬يوميًا،‭ ‬أما‭ ‬المياه‭ ‬الجوفية‭ ‬فلا‭ ‬تمثل‭ ‬سوى‭ ‬8‭.‬7‭ % ‬حسب‭ ‬إحصائيات‭ ‬العام‭ ‬2017‭.‬

‭ ‬وتجمع‭ ‬الآراء‭ ‬على‭ ‬أهمية‭ ‬تشجيع‭ ‬التوسع‭ ‬الزراعي‭ ‬الرأسي‭ ‬والزراعة‭ ‬بالطرق‭ ‬الحديثة‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬المحافظة‭ ‬على‭ ‬الموارد‭ ‬الزراعية‭ ‬الحالية،‭ ‬مع‭ ‬أهمية‭ ‬إعادة‭ ‬تأهيل‭ ‬الأراضي‭ ‬للأغراض‭ ‬الزراعية،‭ ‬وتطوير‭ ‬وابتكار‭ ‬طرق‭ ‬الري‭ ‬الحديثة‭ ‬ومنها‭ ‬مياه‭ ‬الصرف‭ ‬الصحي‭ ‬المعالجة‭ ‬بالأوزون‭ ‬التي‭ ‬أثبتت‭ ‬نجاحها‭ ‬في‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المزارع‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬مناطق‭ ‬البحرين،‭ ‬فيما‭ ‬يلزم‭ ‬تقديم‭ ‬التسهيلات‭ ‬والامتيازات‭ ‬لتشجيع‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص‭ ‬للاستثمار‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬الزراعي‭ ‬ودعم‭ ‬المحاصيل‭ ‬المحلية‭.‬