حقوقيون وقانونيون تصدوا للحملة المسعورة

هل سيعتذرون لقضاة الشرع؟

| بقلم: حسين علي خلف

لاشك‭ ‬أن‭ ‬حادثة‭ ‬انتحار‭ ‬فتاة‭ ‬بحرينية‭ ‬في‭ ‬ريعان‭ ‬الشباب‭ ‬حدث‭ ‬صادم‭ ‬وفجيع‭ ‬ومؤلم‭ ‬أصاب‭ ‬المجتمع‭ ‬البحريني‭ ‬المتلاحم‭ ‬والعاطفي‭ ‬بالذهول‭ ‬والأسى،‭ ‬ما‭ ‬جعله‭ ‬عرضة‭ ‬للشائعات‭ ‬الكثيرة‭ ‬تصدى‭ ‬لها‭ ‬أفراد‭ ‬انتهازيون‭ ‬وجماعات‭ ‬انتهازية‭ ‬متربصة‭ ‬لتحيك‭ ‬قصصًا‭ ‬كاذبة‭ ‬تؤسس‭ ‬بها‭ ‬مواقف‭ ‬موجهة‭ ‬ومعروفة‭ ‬ضد‭ ‬القضاء‭ ‬الشرعي‭ ‬في‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭.‬

فسرعان‭ ‬ما‭ ‬امتلأت‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬وبعض‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬المختلفة‭ ‬بالافتراءات‭ ‬والأكاذيب‭ ‬للصعود‭ ‬على‭ ‬جثث‭ ‬الضحايا،‭ ‬واستدرار‭ ‬العواطف‭ ‬المتوقدة‭ ‬وتلقينها‭ ‬مواقف‭ ‬معبأة‭ ‬ومعروفة‭ ‬ضمن‭ ‬سياق‭ ‬بروباغندا‭ ‬تجافي‭ ‬الموضوعية‭ ‬والحقيقة‭ ‬والإنصاف،‭ ‬وتتحيَّن‭ ‬الفرص‭ ‬وتتصيَّدها‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬أوجاع‭ ‬الناس‭ ‬ومآسيهم‭ ‬ضمن‭ ‬مشروع‭ ‬معروف‭ ‬وواضح‭ ‬لطمس‭ ‬كل‭ ‬أثر‭ ‬ديني‭ ‬من‭ ‬وجه‭ ‬الدولة‭ ‬واستبداله‭ ‬بقوانين‭ ‬مستوردة‭ ‬من‭ ‬الغرب‭ ‬المنحل‭ ‬والمستبد‭ ‬تحديًا‭ ‬لضمير‭ ‬هذا‭ ‬البلد‭ ‬الكريم‭ ‬وضمائر‭ ‬أبنائه‭ ‬المسلمين‭.  ‬

وبعد‭ ‬بضعة‭ ‬أيام‭ ‬من‭ ‬الحادثة‭ ‬الأليمة‭ ‬انقشع‭ ‬غبار‭ ‬الكذب‭ ‬والدجل‭ ‬ليتضح‭ ‬للناس‭ ‬شيء‭ ‬من‭ ‬حيثيات‭ ‬القضية،‭ ‬وتبيَّن‭ ‬أنَّ‭ ‬المحاكم‭ ‬الشرعية‭ ‬بريئة‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬الحملة‭ ‬المسعورة‭ ‬المبنية‭ ‬على‭ ‬الزيف‭ ‬والكذب‭. ‬فيثور‭ ‬السؤال‭: ‬مَن‭ ‬مِن‭ ‬أولئك‭ ‬الانتهازيين‭ ‬الذين‭ ‬تصدروا‭ ‬المشهد‭ ‬الإعلامي‭ ‬تباكيًا‭ ‬على‭ ‬الحدث‭ ‬تراجع‭ ‬عن‭ ‬كلامه‭ ‬واعتذر‭ ‬عما‭ ‬راكمه‭ ‬من‭ ‬افتراءات‭ ‬في‭ ‬مواقع‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬وفي‭ ‬المجالس‭ ‬العامة؟‭! ‬هل‭ ‬يمتلكون‭ ‬الجرأة‭ ‬والشجاعة‭ ‬ليعتذروا‭ ‬من‭ ‬قضاة‭ ‬المحاكم‭ ‬الشرعية‭ ‬الذين‭ ‬شنَّعوا‭ ‬عليهم‭ ‬ورموهم‭ ‬بشتى‭ ‬الافتراءات‭ ‬والأكاذيب؟‭! ‬هل‭ ‬اعتذروا‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬طرف‭ ‬شوَّهوا‭ ‬وشنعوا‭ ‬عليه؟‭!‬

والأدهى‭ ‬والأمر‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬أنَّ‭ ‬كثيرًا‭ ‬من‭ ‬المتصدين‭ ‬لتلك‭ ‬الحملة‭ ‬المسعورة‭ ‬ممن‭ ‬يقدَّمون‭ ‬على‭ ‬أنهم‭ ‬من‭ ‬النخبة،‭ ‬إعلاميًّا‭ ‬وحقوقيًّا‭ ‬وقانونيًّا،‭ ‬فما‭ ‬الذي‭ ‬منعهم‭ ‬من‭ ‬التقصي‭ ‬والتحري‭ ‬والاستعلام‭ ‬قبل‭ ‬إطلاق‭ ‬مسلسلات‭ ‬الأكاذيب‭ ‬الدرامية؟‭! ‬إنها‭ ‬الانتهازية‭ ‬ومشاعرها‭ ‬التي‭ ‬تجعل‭ ‬أصحابها‭ ‬يبنون‭ ‬مشروعاتهم‭ ‬وأحلامهم‭ ‬وأطماعهم‭ ‬ويروجون‭ ‬أجنداتهم‭ ‬وأيديولوجياتهم‭ ‬من‭ ‬رحم‭ ‬المعاناة‭ ‬والمأساة‭ ‬للآخرين،‭ ‬فهم‭ ‬ينظرون‭ ‬للضحايا‭ ‬بأنهم‭ ‬فرصة‭ ‬للتكسب‭ ‬تعمي‭ ‬الأبصار‭ ‬والبصائر‭ ‬عن‭ ‬كل‭ ‬حقيقة‭ ‬إنسانية،‭ ‬تمامًا‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬حال‭ ‬تجار‭ ‬الحروب‭ ‬وقادة‭ ‬الأحزاب‭ ‬الأيديولوجية‭ ‬الثورية‭.‬

وختامًا،‭ ‬أقول‭ ‬لأولئك‭ ‬الذين‭ ‬يصرون‭ ‬على‭ ‬تغيير‭ ‬جلودنا‭ ‬وهويتنا‭ ‬وتاريخنا‭: ‬لقد‭ ‬اختار‭ ‬آباؤنا‭ ‬منذ‭ ‬السبعينات‭ ‬التأكيد‭ ‬على‭ ‬هويتهم،‭ ‬وصانت‭ ‬الدولة‭ ‬بقيادتها‭ ‬الرشيدة‭ ‬الحكيمة‭ ‬تلك‭ ‬الهوية‭ ‬واحترمتها،‭ ‬وأنتم‭ ‬كما‭ ‬كنتم‭ ‬أو‭ ‬كان‭ ‬آباؤكم‭ ‬منذ‭ ‬التصويت‭ ‬على‭ ‬الهوية‭ ‬الإسلامية‭ ‬للبحرين،‭ ‬فلا‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬منحنا‭ ‬الحرية‭ ‬التي‭ ‬تدَّعون‭ ‬المطالبة‭ ‬بها،‭ ‬واحترموا‭ ‬إرادتنا،‭ ‬ومن‭ ‬لم‭ ‬تُعجبه‭ ‬قوانين‭ ‬الأسرة‭ ‬الشرعية،‭ ‬فليذهب‭ ‬ويتزوج‭ ‬وفق‭ ‬الشروط‭ ‬التي‭ ‬يشاء‭.‬