أساس تميزها استخدام الأدوات التقليدية المعروفة في عملية الصنع

الحلوى البحرينية... نجمة البيوت في العيد

| طارق البحار

يقولون،‭ ‬إنك‭ ‬لا‭ ‬تستطيع‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬مجلس‭ ‬من‭ ‬مجالس‭ ‬البحرين،‭ ‬الشعبية‭ ‬منها‭ ‬والرسمية،‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تجد‭ ‬شكلا‭ ‬أو‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬أشكال‭ ‬الحلوى‭ ‬البحرينية،‭ ‬التي‭ ‬ربما‭ ‬من‭ ‬جودتها‭ ‬ودقة‭ ‬صنعتها‭ ‬تدوم‭ ‬لأشهر‭ ‬عديدة‭.  ‬وما‭ ‬زالت‭ ‬الحلوى‭ ‬البحرينية‭ ‬محتفظة‭ ‬بمكانتها‭ ‬وسط‭ ‬كل‭ ‬أنواع‭ ‬الحلويات،‭ ‬وهي‭ ‬من‭ ‬أكثر‭ ‬ما‭ ‬يقبل‭ ‬عليه‭ ‬المجتمع‭ ‬البحريني‭ ‬في‭ ‬المناسبات‭ ‬والعيد،‭ ‬وهناك‭ ‬نوعان‭ ‬منها،‭ ‬الحلوى‭ ‬الملكية‭ ‬التي‭ ‬يكثر‭ ‬بها‭ ‬الزعفران‭ ‬والمكسرات‭ ‬الكثيرة،‭ ‬والحلوى‭ ‬الأميرية‭ ‬وهي‭ ‬الحلوى‭ ‬الحمراء‭ ‬المتعارف‭ ‬عليها‭ ‬وأكثر‭ ‬ما‭ ‬يطلبه‭ ‬الزبائن،‭ ‬ويفضل‭ ‬محبو‭ ‬الحلوى‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬طازجة‭ ‬وحارة‭ ‬من‭ ‬المصنع‭ ‬عند‭ ‬الشراء‭ ‬والتقديم‭.‬

ولا‭ ‬غريب‭ ‬لن‭ ‬تجد‭ ‬أول‭ ‬ما‭ ‬يسألك‭ ‬عنه‭ ‬الأهل‭ ‬والأحبة‭ ‬عند‭ ‬قدومك‭ ‬من‭ ‬البحرين‭ ‬وانتهاء‭ ‬زيارتك‭ ‬وسفرتك‭ ‬لها،‭ ‬هو‭ ‬“‭ ‬الصوغة‭ ‬“‭ ‬أو‭ ‬هدية‭ ‬المسافرين‭ ‬من‭ ‬الحلوى،‭ ‬وهل‭ ‬قمت‭ ‬بشراء‭ ‬بعضا‭ ‬منها‭ ‬ليتذوقوا‭ ‬نكهتها‭ ‬المميزة،‭ ‬ويختبروا‭ ‬من‭ ‬جديد‭ ‬أنواعها‭ ‬المفضلة،‭ ‬ويستعيدوا‭ ‬ذكرياتهم‭ ‬القديمة‭ ‬عندما‭ ‬وفدوا‭ ‬من‭ ‬البحرين‭ ‬وفي‭ ‬أيديهم،‭ ‬وربما‭ ‬في‭ ‬أمتعتهم،‭ ‬شتى‭ ‬أنواع‭ ‬العلب‭ ‬والصناديق‭ ‬التي‭ ‬تحوي‭ ‬الحلوى‭ ‬البحرينية،‭ ‬وتُقدم‭ ‬كهدايا‭ ‬تثبت‭ ‬في‭ ‬الذاكرة‭ ‬لدى‭ ‬الأصدقاء‭ ‬والأحباب‭.‬

ويشيرون‭ ‬إلى‭ ‬أنك‭ ‬ربما‭ ‬لم‭ ‬توف‭ ‬حقوقك‭ ‬كضيف‭ ‬كاملة‭ ‬إذا‭ ‬لم‭ ‬يقدم‭ ‬لك‭ ‬طبق‭ ‬الحلوى،‭ ‬أو‭ ‬قطعة‭ ‬منها‭ ‬ـ‭ ‬“الفندوس”‭ ‬ـ‭ ‬بجانب‭ ‬القهوة‭ ‬البحرينية‭ ‬المعروفة‭ ‬الممزوجة‭ ‬بالهيل‭ ‬والزعفران،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬“المتاي”،‭ ‬وهو‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬أنواع‭ ‬مكسرات‭ ‬التسالي،‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬أيام‭ ‬فصل‭ ‬الشتاء‭. ‬بل‭ ‬ويؤكدون‭ ‬أنك‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تستمتع‭ ‬بأطايب‭ ‬الحديث‭ ‬والسمر‭ ‬على‭ ‬الموائد‭ ‬البحرينية‭ ‬“‭ ‬القدوع‭ ‬“‭ ‬مع‭ ‬المقربين‭ ‬لك‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تمزجها‭ ‬بأطايب‭ ‬الحلوى‭ ‬في‭ ‬البحرين‭.‬

وتعد‭ ‬الحلوى‭ ‬البحرينية‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬أبرز‭ ‬المهن‭ ‬التقليدية‭ ‬التي‭ ‬حافظت‭ ‬على‭ ‬تراثها‭ ‬القديم‭ ‬في‭ ‬عملية‭ ‬التصنيع‭ ‬ومراحل‭ ‬تطورها‭ ‬المختلفة،‭ ‬ولم‭ ‬تشهد‭ ‬أي‭ ‬شكل‭ ‬من‭ ‬أشكال‭ ‬الانقراض‭ ‬مثلما‭ ‬حدث‭ ‬في‭ ‬المهن‭ ‬التقليدية‭ ‬الأخرى‭.‬

صحيح‭ ‬أن‭ ‬بعض‭ ‬الأدوات‭ ‬التقنية‭ ‬الحديثة‭ ‬دخلت‭ ‬في‭ ‬عملية‭ ‬التجهيز‭ ‬والتشكيل‭ ‬من‭ ‬قبيل‭ ‬الأفران‭ ‬والعجانات‭ ‬الكهربائية،‭ ‬وذلك‭ ‬بسبب‭ ‬فكرة‭ ‬الإنتاج‭ ‬الكبير‭ ‬والمعامل‭ ‬المتخصصة‭ ‬في‭ ‬البيع‭ ‬للجمهور‭.‬

لكن‭ ‬الذواقة،‭ ‬سيما‭ ‬من‭ ‬أهل‭ ‬الخليج‭ ‬الذين‭ ‬ساهموا‭ ‬بحجم‭ ‬طلبهم‭ ‬الكبير‭ ‬في‭ ‬ازدهار‭ ‬هذه‭ ‬الصناعة‭ ‬في‭ ‬المملكة،‭ ‬والتي‭ ‬تعود‭ ‬لأكثر‭ ‬من‭ ‬قرنين‭ ‬من‭ ‬الزمان،‭ ‬يستطيعون‭ ‬أن‭ ‬يروا‭ ‬الفرق،‭ ‬ويجدوا‭ ‬المميز‭ ‬بين‭ ‬هذا‭ ‬وذاك،‭ ‬ويتلمسوا‭ ‬خبرة‭ ‬الصانع‭ ‬في‭ ‬التركيب‭ ‬والمكونات‭ ‬التي‭ ‬يستخدمها‭.‬

وهناك‭ ‬أنواع‭ ‬من‭ ‬الحلوى‭ ‬البحرينية،‭ ‬تنوع‭ ‬نكهاتها‭ ‬وألوانها‭ ‬الزاهية‭ ‬الحمراء‭ ‬والخضراء‭ ‬وأشكالها‭ ‬الهندسية‭ ‬المختلفة،‭ ‬التي‭ ‬تقدم‭ ‬باردة‭ ‬وساخنة‭ ‬أيضا‭ ‬في‭ ‬المناسبات‭ ‬السعيدة‭ ‬والأفراح‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬فصول‭ ‬السنة،‭ ‬يضفي‭ ‬مزيدا‭ ‬من‭ ‬الإثارة‭ ‬عند‭ ‬تذوقها،‭ ‬ويولد‭ ‬لدى‭ ‬الآكلون‭ ‬شعورا‭ ‬متدفقا‭ ‬من‭ ‬الحنين‭ ‬لكل‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬أصيل،‭ ‬بل‭ ‬والشوق‭ ‬لكل‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬جميل‭ ‬وجيد،‭ ‬سيما‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬قاموا‭ ‬بشرائها‭ ‬من‭ ‬محلاتها‭ ‬ـ‭ ‬“الدكاكين”‭ ‬ـ‭ ‬وصناعها‭ ‬المعروفين‭ ‬بمدينة‭ ‬المحرق‭.‬

ويرجع‭ ‬هذا‭ ‬الشعور‭ ‬بالحنين‭ ‬والإحساس‭ ‬بالشوق‭ ‬ربما‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬بيت‭ ‬في‭ ‬الخليج‭ ‬إلا‭ ‬وله‭ ‬مع‭ ‬حلوى‭ ‬البحرين‭ ‬من‭ ‬“الرهش‭ ‬ـ‭ ‬حلاوة‭ ‬السمسم‭ ‬المطحون”‭ ‬و”الداربيل‭ ‬ـ‭ ‬الرقاق‭ ‬الحلو‭ ‬الملفوف”‭ ‬والسمسمية‭ ‬واللقيمات‭ ‬ـ‭ ‬البقلاوة‭ ‬ـ‭ ‬ذكرى‭ ‬عطرة‭ ‬يريد‭ ‬استرجاعها،‭ ‬فضلا‭ ‬بالطبع‭ ‬عما‭ ‬تحتويه‭ ‬هذه‭ ‬الحلوى‭ ‬من‭ ‬مكونات‭ ‬أصيلة‭ ‬وعريقة‭ ‬تميزها‭ ‬عن‭ ‬غيرها‭ ‬من‭ ‬قبيل‭: ‬دهن‭ ‬“العدان”‭ ‬البحريني‭ ‬وعسل‭ ‬التمر‭ ‬“الدبس”‭ ‬و”الصِّلْم”‭ ‬المعروف‭ ‬باسم‭ ‬ثمرة‭ ‬اللوز‭ ‬البحرينية‭ ‬وخشب‭ ‬“السمر”‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يجلب‭ ‬من‭ ‬عمان‭ ‬للوقود‭ ‬ويعطي‭ ‬للحلوى‭ ‬مذاقا‭ ‬خاصا،‭ ‬علاوة‭ ‬على‭ ‬المكونات‭ ‬المعروفة‭ ‬الأخرى‭ ‬من‭ ‬هيل‭ ‬وسكر‭ ‬ونشا‭ ‬وماء‭ ‬الورد‭ ‬وزيوت‭ ‬ومكسرات‭ ‬بأنواعها‭ ‬وغير‭ ‬ذلك‭.‬

بيد‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬أسباب‭ ‬أخرى‭ ‬تعطي‭ ‬تلك‭ ‬النكهة‭ ‬المتميزة‭ ‬لحلوى‭ ‬البحرين،‭ ‬ويشير‭ ‬إليها‭ ‬الذواقون‭ ‬باعتبارها‭ ‬أساس‭ ‬تميز‭ ‬الصانع‭ ‬البحريني‭ ‬الماهر‭ ‬الذي‭ ‬ما‭ ‬زال‭ ‬يستخدم‭ ‬بعض‭ ‬أدواته‭ ‬التقليدية‭ ‬المعروفة‭ ‬في‭ ‬عملية‭ ‬الصنع،‭ ‬سيما‭ ‬“المرجل”‭ ‬أو‭ ‬القدور‭ ‬“الطشوت”‭ ‬النحاسية‭ ‬الكبيرة‭ ‬والعِصِي‭ ‬الخشبية‭ ‬الطويلة‭.‬