هل تحققت غاية “الصناعة” من تعديل القانون؟

تملّك الأجانب للسجلات التجارية “يكركب” السوق

| المحرر الاقتصادي

قال‭ ‬تجار‭ ‬وعاملون‭ ‬في‭ ‬قطاعات‭ ‬مختلفة،‭ ‬إن‭ ‬فتح‭ ‬الباب‭ ‬على‭ ‬مصراعيه‭ ‬أمام‭ ‬الأجانب‭ ‬لتملك‭ ‬وفتح‭ ‬السجلات‭ ‬التجارية‭ ‬“كركب”‭ ‬السوق،‭ ‬وأدى‭ ‬إلى‭ ‬انفلات‭ ‬المسألة‭ ‬ووفر‭ ‬بيئة‭ ‬خصبة‭ ‬لعمليات‭ ‬النصب‭ ‬والاحتيال‭ ‬وتأسيس‭ ‬المؤسسات‭ ‬الوهمية‭.‬

وأكدوا‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬القضايا‭ ‬وقصص‭ ‬النهب‭ ‬والسرقة‭ ‬والاحتيال‭ ‬التي‭ ‬تنظر‭ ‬في‭ ‬المحاكم‭ ‬منذ‭ ‬السماح‭ ‬لغير‭ ‬البحرينيين‭ ‬بامتلاك‭ ‬السجلات‭ ‬بشروط‭ ‬مخففة‭ ‬يمكن‭ ‬لأي‭ ‬شخص‭ ‬توفيرها‭.‬

وأضافوا‭ ‬“يستطيع‭ ‬أي‭ ‬شخص،‭ ‬افتتاح‭ ‬شركة‭ ‬برأس‭ ‬مال‭ ‬لا‭ ‬يتعدى‭ ‬الـ‭ ‬500‭ ‬دينار،‭ ‬ثم‭ ‬يقوم‭ ‬بإصدار‭ ‬شيكات‭ ‬وسحب‭ ‬بضائع‭ ‬من‭ ‬الوكلاء‭ ‬والموردين؛‭ ‬ليعيد‭ ‬بيعها‭ ‬والهروب‭ ‬خارج‭ ‬البحرين”‭.‬

وتمثل‭ ‬زيادة‭ ‬السجلات‭ ‬التجارية‭ ‬بعد‭ ‬تخفيف‭ ‬قيود‭ ‬رأس‭ ‬المال،‭ ‬هاجسًا‭ ‬للقطاعات‭ ‬التجارية‭ ‬على‭ ‬مختلف‭ ‬أنواعها،‭ ‬إذ‭ ‬إن‭ ‬تأسيس‭ ‬الشركات‭ ‬لا‭ ‬يتطلب‭ ‬وجود‭ ‬رأس‭ ‬مال‭ ‬يغطي‭ ‬الالتزامات‭.‬

وعاد‭ ‬تجار‭ ‬ليذكروا‭ ‬بعملية‭ ‬الاحتيال‭ ‬الواسعة‭ ‬التي‭ ‬حدثت‭ ‬منتصف‭ ‬العام‭ ‬الماضي‭ ‬وطالت‭ ‬نحو‭ ‬50‭ ‬شركة‭ ‬بحرينية،‭ ‬بقيمة‭ ‬إجمالية‭ ‬وصلت‭ ‬إلى‭ ‬13‭ ‬مليون‭ ‬دينار،‭ ‬والتي‭ ‬كان‭ ‬بطلها‭ ‬رجل‭ ‬أعمال‭ ‬آسيوي‭ ‬أسس‭ ‬شركته‭ ‬وسحب‭ ‬مواد‭ ‬وبضائع‭ ‬بالمبلغ‭ ‬وعاد‭ ‬بيعها‭ ‬أو‭ ‬تصديرها‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يهرب‭ ‬خارج‭ ‬البلاد‭.‬

وعمل‭ ‬التاجر‭ ‬الآسيوي‭ ‬تحت‭ ‬مظلة‭ ‬شركته‭ ‬المتخصصة‭ ‬في‭ ‬المقاولات‭ ‬والتجارة‭ ‬العامة،‭ ‬فيما‭ ‬تضررت‭ ‬شركات‭ ‬تعمل‭ ‬في‭ ‬قطاعات‭ ‬التبريد‭ ‬والتكييف،‭ ‬والمعدات،‭ ‬والخدمات،‭ ‬والإلكترونيات،‭ ‬والأجهزة‭ ‬الكهربائية،‭ ‬والنقل‭ ‬والسفر‭.‬

وكانت‭ ‬الشركة‭ ‬المتورطة‭ (‬الآسيوي‭) ‬تقوم‭ ‬بالشراء‭ ‬بالأجل‭ ‬وتسدد‭ ‬عبر‭ ‬شيكات‭ ‬مؤجله،‭ ‬لكنها‭ ‬لم‭ ‬تلتزم‭ ‬وتبين‭ ‬أن‭ ‬حسابها‭ ‬البنكي‭ ‬فارغا‭.‬

وكان‭ ‬صاحب‭ ‬الأعمال‭ ‬أحمد‭ ‬الدمستاني،‭ ‬وهو‭ ‬أحد‭ ‬المتضررين،‭ ‬أبلغ‭ ‬“البلاد”‭ ‬بتفاصيل‭ ‬عملية‭ ‬الاحتيال،‭ ‬وكيف‭ ‬أن‭ ‬الآسيوي‭ ‬اشترى‭ ‬أجهزة‭ ‬ومعدات‭ ‬بالآجل،‭ ‬وباعها‭ ‬بالسوق‭ ‬المحلية‭ ‬بأقل‭ ‬من‭ ‬سعرها‭ ‬حتى‭ ‬استطاع‭ ‬“تكييش”‭ ‬المبلغ‭.‬

ودعا‭ ‬التجار‭ ‬وزارة‭ ‬التجارة‭ ‬والصناعة‭ ‬والسياحة‭ ‬إلى‭ ‬ضرورة‭ ‬إعادة‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬دراسة‭ ‬متطلبات‭ ‬الترخيص‭ ‬للأجانب‭ ‬وللشركات‭ ‬عمومًا،‭ ‬خصوصًا‭ ‬ما‭ ‬يتعلق‭ ‬بموضوع‭ ‬الضمانات‭ ‬المالية،‭ ‬إذ‭ ‬إنه‭ ‬في‭ ‬معظم‭ ‬الأحيان‭ ‬رأس‭ ‬المال‭ ‬لا‭ ‬يغطي‭ ‬الالتزامات‭ ‬خصوصا‭ ‬في‭ ‬سجلات‭ ‬مثل‭ ‬التجارة‭ ‬العامة‭ ‬التي‭ ‬تؤهل‭ ‬الشركة‭ ‬لشراء‭ ‬وبيع‭ ‬مختلف‭ ‬المنتجات‭ ‬وبمبالغ‭ ‬كبيرة‭.‬

وقالوا‭ ‬إن‭ ‬الوزارة‭ ‬عندما‭ ‬طرحت‭ ‬تعديل‭ ‬القانون‭ ‬على‭ ‬مجلس‭ ‬الوزراء،‭ ‬وحصلت‭ ‬على‭ ‬موافقته‭ ‬في‭ ‬2016،‭ ‬كان‭ ‬الهدف‭ ‬منه‭ ‬رفد‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الوطني‭ ‬وزيادة‭ ‬حجم‭ ‬الشركات‭ ‬وبالتالي‭ ‬تحريك‭ ‬السوق‭ ‬وتوفير‭ ‬فرص‭ ‬العمل‭.. ‬الخ،‭ ‬لكن‭ ‬السؤال‭ ‬الآن‭: ‬هل‭ ‬تحقق‭ ‬ذلك؟

وقال‭ ‬المحامي‭ ‬محمد‭ ‬المهدي‭ ‬الذي‭ ‬وكله‭ ‬عدد‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬التجار‭ ‬المتضررين‭ ‬من‭ ‬عملية‭ ‬الاحتيال‭ ‬في‭ ‬تصريحات‭ ‬سابقة‭ ‬لـ‭ ‬“البلاد”‭ ‬أنه‭ ‬بدأ‭ ‬التحرك‭ (‬منذ‭ ‬منتصف‭ ‬العام‭ ‬الماضي‭) ‬بحسب‭ ‬الأصول‭ ‬القانونية‭ ‬اللازمة‭ ‬والمتبعة،‭ ‬وإن‭ ‬إدارة‭ ‬مكافحة‭ ‬الجرائم‭ ‬الاقتصادية‭ ‬بوزارة‭ ‬الداخلية‭ ‬قامت‭ ‬بمتابعة‭ ‬القضية،‭ ‬لكنه‭ ‬رحب‭ ‬بأي‭ ‬جهود‭ ‬تقوم‭ ‬بها‭ ‬الجهات‭ ‬الأخرى‭ ‬لحماية‭ ‬حقوق‭ ‬التجار‭ ‬والشركات‭ ‬البحرينية‭.‬

من‭ ‬جهته‭ ‬أكد‭ ‬محام‭ ‬آخر‭ ‬أن‭ ‬أروقة‭ ‬المحاكم‭ ‬تنظر‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬القضايا‭ ‬المشابهة،‭ ‬والتي‭ ‬يقع‭ ‬صلب‭ ‬مشكلتها‭ ‬في‭ ‬الشركات‭ ‬التي‭ ‬يمتلكها‭ ‬أجانب،‭ ‬إذ‭ ‬يتبين‭ ‬بعد‭ ‬أشهر‭ ‬عدة‭ ‬أنها‭ ‬وهمية‭ ‬وما‭ ‬تأسست‭ ‬إلا‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الإعداد‭ ‬لعمليات‭ ‬النصب‭ ‬والاحتيال‭.‬

وعلى‭ ‬إثر‭ ‬ذلك،‭ ‬شكلت‭ ‬غرفة‭ ‬صناعة‭ ‬وتجارة‭ ‬البحرين‭ ‬فريق‭ ‬عمل‭ ‬مع‭ ‬وزارة‭ ‬الصناعة‭ ‬والتجارة‭ ‬والسياحة‭ ‬في‭ ‬مارس‭ ‬الماضي؛‭ ‬لإعادة‭ ‬بحث‭ ‬موضوع‭ ‬ضوابط‭ ‬وشروط‭ ‬فتح‭ ‬وامتلاك‭ ‬السجلات‭ ‬التجارية‭ ‬لرفع‭ ‬توصيات‭ ‬إلى‭ ‬الحكومة‭ ‬خلال‭ ‬شهرين‭.‬

وبحسب‭ ‬مصادر‭ ‬“الغرفة”‭ ‬فإن‭ ‬الفريق‭ ‬لم‭ ‬يتوصل‭ ‬إلى‭ ‬مرئيات‭ ‬نهائية‭ ‬حتى‭ ‬اللحظة،‭ ‬لكن‭ ‬العمل‭ ‬يسير‭ ‬على‭ ‬قدم‭ ‬وساق‭.‬

وعينت‭ ‬“الغرفة”‭ ‬شركة‭ ‬استشارية‭ ‬للمساعدة‭ ‬في‭ ‬وضع‭ ‬تصور‭ ‬ودراسة‭ ‬كاملة‭ ‬لمساعدة‭ ‬فريق‭ ‬العمل،‭ ‬وتم‭ ‬إحراز‭ ‬تقدم‭ ‬في‭ ‬إنجازها‭.‬

وبحثت‭ ‬الدراسة‭ ‬الملكيات‭ ‬الأجنبية‭ ‬وتأثيرها‭ ‬على‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الوطني،‭ ‬تضمنت‭ ‬كذلك‭ ‬التحويلات‭ ‬المالية‭ ‬للخارج‭ ‬حيث‭ ‬من‭ ‬المؤمل‭ ‬وضع‭ ‬ضوابط‭ ‬لها‭ ‬هي‭ ‬الأخرى‭.‬

وتهدف‭ ‬دراسة‭ ‬الموضوع‭ ‬إلى‭ ‬ضبط‭ ‬العملية‭ ‬وحماية‭ ‬السوق‭ ‬والاقتصاد‭ ‬ومنع‭ ‬عمليات‭ ‬الاحتيال،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬أهمية‭ ‬أن‭ ‬تعمل‭ ‬هذه‭ ‬الشركات‭ (‬التي‭ ‬يمتلكها‭ ‬الأجانب‭) ‬على‭ ‬خلق‭ ‬وظائف‭ ‬جديدة‭ ‬مع‭ ‬إحلال‭ ‬البحرينيين،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬نقل‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬وتوطينها‭.‬

 

عدد‭ ‬السجلات‭ ‬التجارية‭... ‬الوزارة‭ ‬لا‭ ‬ترد‭!‬

وجهت‭ ‬“البلاد”‭ ‬سؤالين‭ ‬لوزارة‭ ‬الصناعة‭ ‬والتجارية،‭ ‬أحدهما‭ ‬عن‭ ‬عدد‭ ‬السجلات‭ ‬التجارية‭ ‬التي‭ ‬يمتلكها‭ ‬الأجانب‭ ‬في‭ ‬البحرين،‭ ‬فيما‭ ‬تعلق‭ ‬الثاني‭ ‬بالشروط‭ ‬المطلوبة‭ ‬من‭ ‬المستثمر‭ ‬الأجنبي‭ ‬حتى‭ ‬يستطيع‭ ‬امتلاك‭ ‬سجل‭ ‬تجاري،‭ ‬وذلك‭ ‬يوم‭ ‬27‭ ‬مايو‭ ‬الماضي،‭ ‬لكن‭ - ‬للأسف‭ - ‬لم‭ ‬يأت‭ ‬الرد‭ ‬حتى‭ ‬كتابة‭ ‬هذه‭ ‬المادة‭.‬

وبناء‭ ‬عليه‭ ‬حاولت‭ ‬الصحيفة‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬المعلومات‭ ‬من‭ ‬موقع‭ ‬الوزارة‭ ‬الإلكتروني‭ ‬دون‭ ‬جدوى،‭ ‬إذ‭ ‬لا‭ ‬يتضمن‭ ‬أرقاما‭ ‬عن‭ ‬عدد‭ ‬السجلات‭ ‬في‭ ‬المملكة‭ ‬عموما‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬يمتلكها‭ ‬الأجانب‭.‬

وبالبحث‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬“غوغل”‭ ‬حصلنا‭ ‬على‭ ‬تصريح‭ ‬للوزير‭ ‬زايد‭ ‬بن‭ ‬راشد‭ ‬الزياني،‭ ‬نُشر‭ ‬في‭ ‬الصحافة‭ ‬المحلية‭ ‬بتاريخ‭ ‬15‭ ‬أكتوبر‭ ‬2018،‭ ‬أكد‭ ‬فيه‭ ‬أن‭ ‬عدد‭ ‬السجلات‭ ‬التجارية‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬يبلغ‭ ‬82‭ ‬ألف‭ ‬سجل‭.‬

لكن‭ ‬معلومات‭ ‬“البلاد”‭ ‬تؤكد‭ ‬أن‭ ‬الرقم‭ ‬تجاوز‭ ‬حاليا‭ ‬الـ‭ ‬92‭ ‬ألفا،‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬توجد‭ ‬أي‭ ‬إشارة‭ ‬تفيد‭ ‬بعدد‭ ‬السجلات‭ ‬المسجلة‭ ‬بأسماء‭ ‬غير‭ ‬بحرينيين‭.‬