الفتنة والتحريض بوسائل التواصل تستدعي التصدي المجتمعي

جاء‭ ‬الكشف‭ ‬مؤخرًا‭ ‬عن‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬المحاولات‭ ‬المشبوهة‭ ‬التي‭ ‬تجري‭ ‬عبر‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬بإنشاء‭ ‬حسابات‭ ‬تدار‭ ‬من‭ ‬خارج‭ ‬الوطن‭ ‬في‭ ‬محاولة‭ ‬يائسة‭ ‬لإثارة‭ ‬الفتنة‭ ‬والتحريض،‭ ‬وتهديد‭ ‬السلم‭ ‬الأهلي‭ ‬والاجتماعي،‭ ‬والتماسك‭ ‬والوحدة‭ ‬الوطنية‭ ‬التي‭ ‬تمتاز‭ ‬بها‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭.‬

لقد‭ ‬بات‭ ‬لزامًا‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬هناك‭ ‬موقف‭ ‬وطني‭ ‬ومجتمعي‭ ‬جاد‭ ‬إزاء‭ ‬هذه‭ ‬الحسابات‭ ‬المسمومة‭ ‬والتصدي‭ ‬من‭ ‬كافة‭ ‬مكونات‭ ‬المجتمع‭ ‬لهذا‭ ‬المخطط‭ ‬الخطير،‭ ‬بالتمسك‭ ‬بالوحدة‭ ‬الوطنية‭ ‬وقطع‭ ‬الطريق‭ ‬أمام‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬يحاول‭ ‬النيل‭ ‬من‭ ‬وحدة‭ ‬المجتمع،‭ ‬وتشويه‭ ‬صورة‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭. ‬ولعل‭ ‬الخطوة‭ ‬الأولى‭ ‬لتحقيق‭ ‬ذلك‭ ‬عدم‭ ‬متابعة‭ ‬هذه‭ ‬الحسابات‭ ‬المشبوهة‭ ‬وعدم‭ ‬إعادة‭ ‬إرسال‭ ‬ادعاءاتها‭ ‬الكاذبة،‭ ‬وعمل‭ ‬حظر‭ ‬لها‭ ‬وإرسال‭ ‬تقرير‭ ‬لرفع‭ ‬شكوى‭ ‬لإبلاغ‭ ‬إدارة‭ ‬مواقع‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬لتقوم‭ ‬بغلقها‭ ‬نهائيا،‭ ‬فهذه‭ ‬الحسابات‭ ‬تعمل‭ ‬على‭ ‬تنفيذ‭ ‬خطة‭ ‬ممنهجة‭ ‬لتشويه‭ ‬سمعة‭ ‬البحرين‭ ‬وشعبها،‭ ‬وبث‭ ‬روح‭ ‬الفتنة‭ ‬والفرقة‭ ‬بين‭ ‬مكونات‭ ‬المجتمع‭.‬

وقد‭ ‬كانت‭ ‬توجيهات‭ ‬ملك‭ ‬البلاد‭ ‬صاحب‭ ‬الجلالة‭ ‬الملك‭ ‬حمد‭ ‬بن‭ ‬عيسى‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭  ‬واضحة‭ ‬وصريحة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الصدد‭ ‬وجاءت‭ ‬في‭ ‬وقتها‭ ‬خلال‭ ‬لقاء‭ ‬جلالته‭ ‬السنوي‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬المبارك‭ ‬بحشد‭ ‬من‭ ‬المواطنين‭ ‬يمثلون‭ ‬كافة‭ ‬مكونات‭ ‬المجتمع‭ ‬البحريني‭ ‬وكافة‭ ‬محافظات‭ ‬المملكة،‭ ‬حيث‭ ‬وجه‭ ‬جلالته‭ ‬الأجهزة‭ ‬الأمنية‭ ‬المختصة‭ ‬لوضع‭ ‬حد‭ ‬لسوء‭ ‬استخدام‭ ‬وسائل‭ ‬الاتصال‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬وتطبيق‭ ‬القانون‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬المسيئين‭ ‬ومن‭ ‬يثيرون‭ ‬الفتن‭ ‬ويحاولون‭ ‬شق‭ ‬الصف‭ ‬في‭ ‬المجتمع،‭ ‬وقال‭ ‬جلالته‭: ‬“إن‭ ‬نسيجنا‭ ‬الوطني‭ ‬الحي‭ ‬هو‭ ‬خط‭ ‬دفاعنا‭ ‬الأول‭ ‬لتماسك‭ ‬جبهتنا‭ ‬الداخلية‭ ‬بقدراتها‭ ‬الثابتة‭ ‬على‭ ‬صد‭ ‬جميع‭ ‬أشكال‭ ‬العنف‭ ‬والتطرف‭ ‬وإحباط‭ ‬أي‭ ‬محاولات‭ ‬لإثارة‭ ‬الفتن‭ ‬وشق‭ ‬الصف‭ ‬بالابتعاد‭ ‬عن‭ ‬سوء‭ ‬استخدام‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬التي‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تستخدم‭ ‬لما‭ ‬فيه‭ ‬خير‭ ‬البلاد،‭ ‬وأن‭ ‬تكون‭ ‬معول‭ ‬إصلاح‭ ‬لا‭ ‬هدم،‭ ‬ولقد‭ ‬وجهنا‭ ‬الجهات‭ ‬إلى‭ ‬وضع‭ ‬حد‭ ‬لذلك‭ ‬ولا‭ ‬مكان‭ ‬بيننا‭ ‬لمن‭ ‬يتطاول‭ ‬على‭ ‬القانون”‭.‬

وتنفيذًا‭ ‬لتوجيهات‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬قامت‭ ‬الأجهزة‭ ‬الأمنية‭ ‬المختصة‭ ‬بالتعامل‭ ‬بحزم‭ ‬والتصدي‭ ‬للدعوات‭ ‬المشبوهة‭ ‬عبر‭ ‬حسابات‭ ‬إلكترونية‭ ‬على‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬التي‭ ‬تستهدف‭ ‬تقويض‭ ‬العلاقات‭ ‬المتينة‭ ‬والراسخة‭ ‬بين‭ ‬مكونات‭ ‬المجتمع‭ ‬البحريني‭ ‬المسالم،‭ ‬وزرع‭ ‬الفتنة‭ ‬عبر‭ ‬ترويج‭ ‬الافتراءات‭ ‬والشائعات،‭ ‬وقد‭ ‬أثلج‭ ‬صدور‭ ‬المواطنين‭ ‬تأكيد‭ ‬وزارة‭ ‬الداخلية‭ ‬إنها‭ ‬تقوم‭ ‬باتخاذ‭ ‬الإجراءات‭ ‬القانونية‭ ‬بشأن‭ ‬هذه‭ ‬الحسابات‭ ‬والقائمين‭ ‬عليها‭.‬

وكانت‭ ‬تحريات‭ ‬وزارة‭ ‬الداخلية‭ ‬قد‭ ‬كشفت‭ ‬عن‭ ‬شبكة‭ ‬من‭ ‬مواقع‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬تعمل‭ ‬على‭ ‬إثارة‭ ‬الفتنة‭ ‬والفرقة‭ ‬وضرب‭ ‬النسيج‭ ‬الاجتماعي‭ ‬وحددت‭ ‬طريقة‭ ‬إدارتها‭ ‬ومواقعها‭ ‬وعناوينها‭ ‬والدول‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬إنشاؤها‭ ‬فيها‭ ‬وتدار‭ ‬منها،‭ ‬وتبين‭ ‬أنها‭ ‬تدار‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬إيران‭ ‬وقطر‭ ‬والعراق،‭ ‬وعدد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬الأوروبية‭ ‬،‭ ‬وتدار‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬شخصيات‭ ‬صادر‭ ‬بحقها‭ ‬أحكام‭ ‬قضائية‭ ‬هاربة‭ ‬خارج‭ ‬البلاد‭. ‬وهناك‭ ‬خلايا‭ ‬إلكترونية‭ ‬تعمل‭ ‬على‭ ‬دعم‭ ‬هذه‭ ‬الشبكات‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تزويدها‭ ‬بالمعلومات‭ ‬المغلوطة‭ ‬من‭ ‬داخل‭ ‬البلاد،‭ ‬وفي‭ ‬الوقت‭ ‬ذاته‭ ‬الترويج‭ ‬لرسائلها‭ ‬المشبوهة،‭ ‬وقد‭ ‬أكدت‭ ‬وزارة‭ ‬الداخلية‭ ‬أنه‭ ‬تم‭ ‬رصد‭ ‬هذه‭ ‬الخلايا،‭ ‬وجارٍ‭ ‬اتخاذ‭ ‬الإجراءات‭ ‬القانونية‭ ‬اللازمة‭ ‬بحق‭ ‬المتورطين‭ ‬فيها‭. ‬إن‭ ‬هذه‭ ‬الحسابات‭ ‬المثيرة‭ ‬للفتنة‭ ‬حاولت‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬إفشال‭ ‬الانتخابات‭ ‬النيابية‭ ‬التي‭ ‬شهدتها‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬في‭ ‬24‭ ‬نوفمبر‭ ‬الماضي،‭ ‬وقد‭ ‬كانت‭ ‬لجهود‭ ‬الأجهزة‭ ‬الأمنية‭ ‬دور‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬وأد‭ ‬هذه‭ ‬المحاولة‭ ‬الفاشلة‭ ‬بعد‭ ‬رصدها‭ ‬والتعاطي‭ ‬معها‭.‬

وقد‭ ‬كشفت‭ ‬الإدارة‭ ‬العامة‭ ‬لمكافحة‭ ‬الفساد‭ ‬والأمن‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والإلكتروني‭ ‬بوزارة‭ ‬الداخلية‭ ‬عن‭ ‬نوع‭ ‬آخر‭ ‬من‭ ‬الحسابات،‭ ‬التي‭ ‬تعمد‭ ‬إلى‭ ‬الإساءة‭ ‬للوطن‭ ‬والإضرار‭ ‬بمصالحه‭ ‬وبث‭ ‬الروح‭ ‬السلبية‭ ‬بين‭ ‬أركانه،‭ ‬تستدعي‭ ‬مكافحتها‭ ‬دورا‭ ‬مجتمعيا‭ ‬مسئولا،‭ ‬يتضمن‭ ‬تصحيح‭ ‬المفاهيم‭ ‬الخاطئة‭ ‬والدفاع‭ ‬عن‭ ‬المكتسبات‭ ‬الوطنية‭ ‬وعدم‭ ‬الانجرار‭ ‬وراء‭ ‬ما‭ ‬تشيعه‭ ‬هذه‭ ‬الحسابات‭ ‬من‭ ‬مغالطات‭ ‬وإساءات‭.‬

إن‭ ‬من‭ ‬المأمول‭ ‬من‭ ‬الجميع‭ ‬السعي‭ ‬إلى‭ ‬تعزيز‭ ‬الهوية‭ ‬الوطنية‭ ‬البحرينية‭ ‬الأصيلة‭ ‬وإعلاء‭ ‬روح‭ ‬الوحدة‭ ‬والتماسك‭ ‬المجتمعي‭ ‬وتأكيد‭ ‬وحدة‭ ‬الصف‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬الفتن‭ ‬والشائعات‭ ‬والأفكار‭ ‬المتطرفة،‭ ‬والتمسك‭ ‬بقيم‭ ‬المواطنة‭ ‬الصالحة،‭ ‬والكلمة‭ ‬الطيبة‭ ‬والسلوكيات‭ ‬الحميدة،‭ ‬والثوابت‭ ‬الدينية‭ ‬والأخلاقية‭ ‬الراقية‭ ‬التي‭ ‬تميز‭ ‬المجتمع‭ ‬البحريني‭ ‬كنموذج‭ ‬تاريخي‭ ‬في‭ ‬التسامح‭ ‬والتآلف‭ ‬بين‭ ‬جميع‭ ‬الأديان‭ ‬والمذاهب‭ ‬والثقافات‭ ‬والحضارات‭.‬

إن‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬يجب‭ ‬استثمارها‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تعزيز‭ ‬التنمية‭ ‬والتقدم‭ ‬الذي‭ ‬تشهده‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬العهد‭ ‬الزاهر‭ ‬لصاحب‭ ‬الجلالة‭ ‬الملك‭ ‬المفدى،‭ ‬وتكون‭ ‬عنصرًا‭ ‬للإصلاح‭ ‬والتطور،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬إبراز‭ ‬المنجزات‭ ‬التي‭ ‬تحققت‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬المجالات،‭ ‬ونشر‭ ‬قيم‭ ‬ومبادئ‭ ‬التعايش‭ ‬والسلام‭. .‬

إن‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬قد‭ ‬كفلت‭ ‬حرية‭ ‬الرأي‭ ‬والتعبيـر‭ ‬عبر‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬والاتصال‭ ‬ومواقع‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬شريطة‭ ‬التزامها‭ ‬بالمسؤولية‭ ‬الأخلاقية،‭ ‬وعدم‭ ‬المساس‭ ‬بوحدة‭ ‬الشعب،‭ ‬وبما‭ ‬لا‭ ‬يثير‭ ‬الفرقة،‭ ‬ووضع‭ ‬المصلحة‭ ‬العليا‭ ‬للوطن‭ ‬فوق‭ ‬أي‭ ‬اعتبارات‭. ‬وجميع‭ ‬التشريعات‭ ‬الوطنية‭ ‬والاتفاقيات‭ ‬والمواثيق‭ ‬الدولية‭ ‬تجرم‭ ‬إثارة‭ ‬الفتنة‭ ‬أو‭ ‬الإساءة‭ ‬إلى‭ ‬حقوق‭ ‬الآخرين‭ ‬وحرياتهم‭ ‬الشخصية‭ ‬أو‭ ‬التعدي‭ ‬على‭ ‬خصوصيتهم‭. ‬وبالتالي‭ ‬فإن‭ ‬ما‭ ‬تنشره‭ ‬تلك‭ ‬الحسابات‭ ‬المشبوهة‭ ‬من‭ ‬مخالفات‭ ‬قانونية،‭ ‬ليس‭ ‬له‭ ‬أي‭ ‬علاقة‭ ‬بشكل‭ ‬أو‭ ‬آخر‭ ‬بحرية‭ ‬التعبير‭ ‬وإنما‭ ‬يهدف‭ ‬إلي‭ ‬إلحاق‭ ‬الضرر‭ ‬بالسلم‭ ‬الأهلي‭ ‬والنسيج‭ ‬الاجتماعي‭.‬

وقد‭ ‬كان‭ ‬تحذير‭ ‬البيان‭ ‬الختامي‭ ‬لقمة‭ ‬مكة‭ ‬الإسلامية‭ ‬أمس‭ ‬من‭ ‬استخدام‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬لدعم‭ ‬الإرهاب‭ ‬والخطاب‭ ‬المتطرف‭ ‬الذي‭ ‬تنشره‭ ‬الجماعات‭ ‬الإرهابية‭ ‬تأكيد‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬خطر‭ ‬المواقع‭ ‬والحسابات‭ ‬المشبوهة‭ ‬المرتبطة‭ ‬بالجماعات‭ ‬والدول‭ ‬التي‭ ‬تدعم‭ ‬الإرهاب‭ ‬بات‭ ‬كبيرًا‭ ‬وأن‭ ‬التعامل‭ ‬معه‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬حازمًا‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬يستفحل‭. ‬إن‭ ‬الثقة‭ ‬كاملة‭ ‬في‭ ‬وعي‭ ‬الشعب‭ ‬البحريني‭ ‬وحرصه‭ ‬على‭ ‬إعلاء‭ ‬المصلحة‭ ‬الوطنية‭ ‬ووقوفه‭ ‬صفًا‭ ‬واحدًا‭ ‬لتفويت‭ ‬الفرصة‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬يحاول‭ ‬المساس‭ ‬بوحدة‭ ‬الصف‭ ‬وتهديد‭ ‬السلم‭ ‬الأهلي‭ ‬والمجتمعي‭.‬