مسرحنا يعاني الإحباط وتفوقنا في الدراما التراثية

رشيد: تقلقني ظاهرة عدم الاهتمام بالمواهب الفنية

| أسامة الماجد

بعد‭ ‬غياب‭ ‬عن‭ ‬المسرح‭ ‬امتد‭ ‬15‭ ‬عاما‭ ‬يعود‭ ‬الفنان‭ ‬والمخرج‭ ‬القدير‭ ‬مصطفى‭ ‬رشيد‭ ‬للمشاركة‭ ‬ممثلا‭ ‬في‭ ‬مسرحية‭ ‬“جنون‭ ‬سبع‭ ‬نجوم”‭ ‬من‭ ‬تأليف‭ ‬جمال‭ ‬الصقر‭ ‬وإخراج‭ ‬أسحق‭ ‬عبدالله‭. ‬مصطفى‭ ‬وكما‭ ‬نعرف‭ ‬اشتغل‭ ‬في‭ ‬الإمارات‭ ‬سنوات‭ ‬طويلة‭ ‬وكان‭ ‬له‭ ‬دور‭ ‬مهم‭ ‬في‭ ‬تنشيط‭ ‬الحركة‭ ‬الفنية،‭ ‬مثلما‭ ‬كان‭ ‬نجما‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬وقدم‭ ‬أعمالا‭ ‬حققت‭ ‬نجاحا‭ ‬كبيرا‭.‬

“البلاد”‭ ‬انتهزت‭ ‬فرصة‭ ‬وجوده‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬وسجلت‭ ‬معه‭ ‬هذا‭ ‬الحوار‭.‬

 

بعد‭ ‬غياب‭ ‬طويل‭ ‬عن‭ ‬المسرح‭.. ‬حدثنا‭ ‬عن‭ ‬عودتك‭ ‬واشتراكك‭ ‬في‭ ‬مسرحية‭ ‬“جنون‭ ‬سبع‭ ‬نجوم”؟

عودتي‭ ‬إلى‭ ‬المسرح‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬على‭ ‬البال‭ ‬أبدا‭ ‬ولم‭ ‬يكن‭ ‬مخطط‭ ‬لها‭ ‬من‭ ‬الأساس،‭ ‬فكما‭ ‬تعرف‭ ‬طوال‭ ‬الفترة‭ ‬الماضية‭ ‬كنت‭ ‬في‭ ‬الإمارات‭ ‬اشتغل‭ ‬“‭ ‬دراما”‭ ‬حيث‭ ‬أمضيت‭ ‬سنوات‭ ‬في‭ ‬إخراج‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المسلسلات،‭ ‬وأخرها‭ ‬مسلسل‭ ‬“‭ ‬جديمك‭ ‬نديمك”‭ ‬من‭ ‬تأليف‭ ‬جمال‭ ‬الصقر‭ ‬والذي‭ ‬تم‭ ‬تصويره‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬مؤخرا،‭ ‬وبينما‭ ‬كنت‭ ‬هنا‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬وتحديدا‭ ‬قبل‭ ‬أيام‭ ‬عرض‭ ‬علي‭ ‬الأخوة‭ ‬جمال‭ ‬الصقر‭ ‬وعبدالله‭ ‬جميل‭ ‬واحمد‭ ‬جاسم‭ ‬المشاركة‭ ‬في‭ ‬عمل‭ ‬مسرحي‭ ‬جديد‭ ‬سيعرض‭ ‬في‭ ‬العيد،‭ ‬فرحبت‭ ‬بالفكرة‭ ‬وباشرت‭ ‬عمل‭ ‬البروفات‭. ‬

 

هل‭ ‬وجدت‭ ‬صعوبة‭ ‬في‭ ‬عودتك؟

لم‭ ‬أقف‭ ‬على‭ ‬خشبة‭ ‬المسرح‭ ‬لمدة‭ ‬15‭ ‬عاما،‭ ‬ولكن‭ ‬كما‭ ‬ذكرت‭ ‬لك‭ ‬ان‭ ‬حب‭ ‬المسرح‭ ‬متجذر‭ ‬فيني‭ ‬من‭ ‬الأساس‭ ‬ولهذا‭ ‬من‭ ‬الطبيعي‭ ‬ان‭ ‬أتأقلم‭ ‬سريعا‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬عمل،‭ ‬ومسرحية‭ ‬“‭ ‬جنون‭ ‬سبع‭ ‬نجوم”‭ ‬عمل‭ ‬كوميدي‭ ‬جماهيري‭ ‬وأنا‭ ‬أميل‭ ‬بطبعي‭ ‬إلي‭ ‬الأعمال‭ ‬الكوميدية‭ ‬وسبق‭ ‬وان‭ ‬قدمت‭ ‬الكثير‭ ‬منها‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬المسرح‭ ‬أو‭ ‬التلفزيون،‭ ‬وبعد‭ ‬ذلك‭ ‬نفتح‭ ‬الأبواب‭ ‬إلى‭ ‬تقديم‭ ‬الأعمال‭ ‬التجريبية‭ ‬والجادة‭ ‬متى‭ ‬ما‭ ‬حصلنا‭ ‬على‭ ‬العروض،‭ ‬ولكن‭ ‬الأهم‭ ‬هو‭ ‬العودة‭ ‬إلى‭ ‬المسرح‭.‬

بينما‭ ‬كنت‭ ‬في‭ ‬الإمارات‭..‬هل‭ ‬كنت‭ ‬تتابع‭ ‬الأعمال‭ ‬الدرامية‭ ‬والمسرحية‭ ‬البحرينية؟

نعم،‭ ‬كنت‭ ‬أتابع‭ ‬ما‭ ‬يدور‭ ‬في‭ ‬الساحة‭ ‬ولكن‭ ‬ليس‭ ‬بصورة‭ ‬شاملة‭ ‬لعدة‭ ‬اعتبارات‭ ‬منها‭ ‬السفر‭ ‬وانشغالي‭ ‬في‭ ‬أعمال‭ ‬درامية‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الالتزامات،‭ ‬وكنت‭ ‬احرص‭ ‬على‭ ‬الالتقاء‭ ‬وزيارة‭ ‬أي‭ ‬فريق‭ ‬عمل‭ ‬بحريني‭ ‬يصل‭ ‬الإمارات‭ ‬لتصوير‭ ‬عمل‭ ‬درامي‭ ‬أو‭ ‬أي‭ ‬عمل‭ ‬فني‭ ‬مهما‭ ‬كان‭ ‬صغيرا‭ ‬أو‭ ‬كبيرا‭. ‬أما‭ ‬بالنسبة‭ ‬للنشاط‭ ‬المسرحي‭ ‬ودعني‭ ‬أقولها‭ ‬صراحة،‭ ‬حركة‭ ‬المسرح‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬سابقا‭ ‬كانت‭ ‬مختلفة‭ ‬جدا‭ ‬عن‭ ‬اليوم،‭ ‬المسرح‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت‭ ‬كان‭ ‬شعلة‭ ‬من‭ ‬النشاط‭ ‬والدعم‭ ‬موجود‭ ‬وإقبال‭ ‬الفنانين‭ ‬أنفسهم‭ ‬كان‭ ‬بلا‭ ‬حدود،‭ ‬عكس‭ ‬مسرح‭ ‬اليوم‭ ‬الذي‭ ‬يعاني‭ ‬من‭ ‬الإحباطات‭ ‬والتراجع‭ ‬وكلنا‭ ‬أمل‭ ‬في‭ ‬عودة‭ ‬المسرح‭ ‬البحريني‭ ‬إلى‭ ‬سابق‭ ‬عهده‭ ‬وتلاشى‭ ‬تلك‭ ‬الإحباطات‭ ‬وهذا‭ ‬لن‭ ‬يحدث‭ ‬إلا‭ ‬بتكاتف‭ ‬الجميع‭ ‬وبالتعاون‭. ‬

افهم‭ ‬من‭ ‬كلامك‭ ‬ان‭ ‬جيل‭ ‬المسرح‭ ‬اليوم‭ ‬يختلف‭ ‬عن‭ ‬جيل‭ ‬الأمس؟

بكل‭ ‬تأكيد‭ ‬يختلف،‭ ‬جيل‭ ‬الأمس‭ ‬كان‭ ‬يعشق‭ ‬المسرح‭ ‬بلا‭ ‬أي‭ ‬مقابل‭ ‬ويعمل‭ ‬بصورة‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬تخيلها‭ ‬ابدأ،‭ ‬كنا‭ ‬نشتغل‭ ‬مسرح‭ ‬دون‭ ‬التفكير‭ ‬في‭ ‬المال‭ ‬أو‭ ‬الشهرة‭ ‬وحب‭ ‬الظهور،‭ ‬بل‭ ‬كنا‭ ‬نعمل‭ ‬بدافع‭ ‬حبنا‭ ‬للخشبة‭ ‬والمسرح‭ ‬فقط‭ ‬لا‭ ‬غير،‭ ‬أما‭ ‬جيل‭ ‬اليوم‭ ‬فالجميع‭ ‬يشتغل‭ ‬من‭ ‬اجل‭ ‬المال‭ ‬والشهرة‭ ‬“‭ ‬وهذا‭ ‬حقهم‭ ‬طبعا”‭ ‬وهنا‭ ‬ربما‭ ‬يكمن‭ ‬الفرق‭ ‬بيننا‭ ‬وبينهم،‭ ‬واعني‭ ‬روح‭ ‬العمل‭ ‬والتضحية‭. ‬

وهذا‭ ‬يقودني‭ ‬إلى‭ ‬سؤال‭ ‬آخر‭.. ‬هل‭ ‬بإمكان‭ ‬الجيل‭ ‬الحالي‭ ‬تقديم‭ ‬مسرح‭ ‬متميز‭ ‬وراق؟‭ ‬

اجل،‭ ‬بإمكان‭ ‬الجيل‭ ‬الحالي‭ ‬تقديم‭ ‬مسرح‭ ‬جميل‭ ‬ورائع،‭ ‬فلا‭ ‬ننسى‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الجيل‭ ‬له‭ ‬ثقافته‭ ‬وطبيعته‭ ‬وعالمه‭ ‬الجديد‭ ‬الذي‭ ‬ربما‭ ‬يخدمه‭ ‬في‭ ‬عدة‭ ‬أمور،‭ ‬فقد‭ ‬أصبح‭ ‬مطلعا‭ ‬على‭ ‬العالم‭ ‬بأسره‭ ‬وبكبسة‭ ‬زر‭ ‬يمكنه‭ ‬مشاهدة‭ ‬كل‭ ‬التجارب‭ ‬المسرحية‭ ‬من‭ ‬الشرق‭ ‬والغرب،‭ ‬وهذا‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬متوفر‭ ‬لنا‭. ‬ولكن‭ ‬أعود‭ ‬إلى‭ ‬أهم‭ ‬نقطة‭ ‬وهي‭ ‬ضرورة‭ ‬وجود‭ ‬الروح‭ ‬العاشقة‭ ‬للمسرح‭ ‬نفسه‭.‬

 

ألم‭ ‬تشتق‭ ‬إلى‭ ‬الأعمال‭ ‬التراثية‭ ‬التي‭ ‬أبدعت‭ ‬فيها‭ ‬البحرين‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬من‭ ‬الأوقات؟‭ ‬

مشتاق‭ ‬إليها‭ ‬على‭ ‬مد‭ ‬الكون‭ ‬والبصر،‭ ‬والبحرين‭ ‬أعطت‭ ‬الخليج‭ ‬والعالم‭ ‬العربي‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الأعمال‭ ‬التراثية‭ ‬المتميزة‭ ‬واشتهرنا‭ ‬بتقديم‭ ‬المسلسلات‭ ‬التراثية‭ ‬التي‭ ‬فرضت‭ ‬نفسها‭ ‬وبقوة‭ ‬على‭ ‬الساحة‭ ‬الفنية‭ ‬الخليجية،‭ ‬وبالرغم‭ ‬من‭ ‬“‭ ‬توقفنا”‭ ‬عن‭ ‬تقديم‭ ‬مثل‭ ‬تلك‭ ‬المسلسلات‭ ‬الخالدة‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الطاقات‭ ‬ما‭ ‬زالت‭ ‬موجودة‭ ‬والروح‭ ‬البحرينية‭ ‬التي‭ ‬أبدعتها‭ ‬ما‭ ‬زالت‭ ‬ترفرف‭ ‬وتحلق‭ ‬في‭ ‬سماء‭ ‬الكون،‭ ‬وكأن‭ ‬الأعمال‭ ‬التراثية‭ ‬ملتصقة‭ ‬بهوية‭ ‬الفنان‭ ‬البحريني‭ ‬وعنوانه‭ ‬أينما‭ ‬يذهب،‭ ‬فأي‭ ‬فنان‭ ‬بحريني‭ ‬تجده‭ ‬يبدع‭ ‬في‭ ‬التراث،‭ ‬سواء‭ ‬مخرجا‭ ‬أو‭ ‬ممثلا‭ ‬أو‭ ‬كاتبا‭ ‬أو‭ ‬مصورا‭.‬

ظاهرة‭ ‬تقلقك؟

عدم‭ ‬الاهتمام‭ ‬بالطاقات‭ ‬والمواهب‭ ‬الفنية‭ ‬في‭ ‬البحرين‭. ‬فمن‭ ‬دون‭ ‬الاهتمام‭ ‬ستموت‭ ‬بذرة‭ ‬الإبداع‭ ‬وتختفي‭ ‬وتزول،‭ ‬ومن‭ ‬المهم‭ ‬أيضا‭ ‬وجود‭ ‬الاستمرارية‭ ‬في‭ ‬الأعمال،‭ ‬لان‭ ‬بالاستمرارية‭ ‬تبرز‭ ‬اسم‭ ‬الوطن‭ ‬وتصنع‭ ‬النجم‭ ‬مثل‭ ‬أي‭ ‬نشاط‭ ‬آخر‭.‬