جولة “البلاد” الرمضانية مع العمال و “بارسلات الغديات” جاهزة

تحت الشمس مباشرة... “نفرات في صوم نفرات ما في صوم”

| سعيد محمد

حلف‭ ‬أنه‭ ‬صائم‭.. ‬بل‭ ‬“أراد‭ ‬أن‭ ‬يبصم‭ ‬بالعشر”‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬وصديقيه‭ ‬صائمان‭! ‬وحتى‭ ‬لو‭ ‬تطلب‭ ‬الأمر‭ ‬أن‭ ‬يفطروا‭ ‬ضمن‭ ‬رخصة‭ ‬شرعية‭ ‬بسبب‭ ‬الإجهاد‭ ‬أو‭ ‬شدة‭ ‬العطش‭ ‬فإنهم‭ ‬يصرّون‭ ‬على‭ ‬التحمل‭ ‬ومواصلة‭ ‬الصيام‭ ‬فهذا‭ ‬ما‭ ‬تعودوا‭ ‬عليه‭ ‬منذ‭ ‬سنين‭.. ‬ولكن‭ ‬ما‭ ‬هي‭ ‬إلا‭ ‬دقائق‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬غادرنا‭ ‬موقعهم،‭ ‬حتى‭ ‬جاءت‭ ‬سيارة‭ ‬صغيرة‭ ‬محملة‭ ‬بـ”بارسلات‭ ‬الغديات”،‭ ‬كما‭ ‬تشاهدونها‭ ‬في‭ ‬الصورة‭ ‬المرفقة‭ ‬مع‭ ‬هذا‭ ‬الموضوع‭.‬

الوقت‭ ‬المحظور‭..‬اشتداد‭ ‬الظهيرة

على‭ ‬أية‭ ‬حال،‭ ‬فإن‭ ‬هناك‭ ‬المئات‭ ‬وربما‭ ‬الآلاف‭ ‬ممن‭ ‬يعملون‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الأحيان‭ ‬تحت‭ ‬أشعة‭ ‬الشمس‭ ‬المباشرة‭ ‬ووقت‭ ‬اشتدادها‭ ‬عند‭ ‬الظهيرة،‭ ‬منهم‭ ‬مواطنون‭ ‬كالموظفين‭ ‬في‭ ‬القطاعات‭ ‬الخدمية‭ ‬الميدانية‭ ‬والمنتسبين‭ ‬إلى‭ ‬الأجهزة‭ ‬الأمنية‭ ‬كرجال‭ ‬الشرطة‭ ‬وشرطة‭ ‬المرور‭ ‬والجيش،‭ ‬ومنهم‭ ‬المفتشين‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬الأجهزة‭ ‬والهيئات‭ ‬وكذلك‭ ‬في‭ ‬المحافظات،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الغالبية‭ ‬العظمي‭ ‬من‭ ‬العمال‭ ‬الذين‭ ‬يواجهون‭ ‬مصاعب‭ ‬العمل‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬المبارك‭ ‬تحت‭ ‬أشعة‭ ‬الشمس‭ ‬المباشرة‭ ‬ولمدد‭ ‬طويلة،‭ ‬حتى‭ ‬قبل‭ ‬الوقت‭ ‬المحظور‭ ‬العمل‭ ‬فيه‭ ‬وفق‭ ‬قرار‭ ‬رقم‭ (‬3‭) ‬لسنة‭ ‬2013،‭ ‬نقول‭ ‬إن‭ ‬الغالبية‭ ‬هم‭ ‬من‭ ‬العمال‭ ‬الوافدين‭ ‬من‭ ‬مختلف‭ ‬الجنسيات‭.‬

‭ ‬وعودًا‭ ‬إلى‭ ‬بدء،‭ ‬مع‭ ‬سيارة‭ ‬“بارسلات‭ ‬الغديات”،‭ ‬ابتسم‭ ‬أحدهم‭ ‬بالقول‭: ‬“نفر‭ ‬واجد‭ ‬تعبان‭.. ‬هار‭ ‬هار‭ ‬واجد‭.. ‬نفرات‭ ‬في‭ ‬صوم‭.. ‬نفرات‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬صوم‭.. ‬روزا‭ ‬روزا”،‭ ‬وبالنسبة‭ ‬للصيام‭ ‬“روزا”،‭ ‬فإننا‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬التقرير‭ ‬لم‭ ‬نعمل‭ ‬كسياط‭ ‬على‭ ‬رقاب‭ ‬خلق‭ ‬الله‭! ‬فليس‭ ‬من‭ ‬شأننا‭ ‬صاموا‭ ‬أم‭ ‬لم‭ ‬يصوموا،‭ ‬ولكن‭ ‬لننقل‭ ‬صورة‭ ‬“قلمية”‭ ‬لبعض‭ ‬المواقع،‭ ‬ومدى‭ ‬التزام‭ ‬المنشآت‭ ‬ومواقع‭ ‬العمل‭ ‬بتوفير‭ ‬أوقات‭ ‬الراحة‭ ‬المطلوبة‭ ‬للعمال،‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬فترة‭ ‬تطبيق‭ ‬قرار‭ ‬منع‭ ‬العمل‭ ‬وقت‭ ‬الظهير‭ ‬أو‭ ‬قبله‭.‬

صيام‭ ‬مع‭ ‬شدة‭ ‬التعب

‭ ‬كانت‭ ‬الساعة‭ ‬تشير‭ ‬إلى‭ ‬الحادية‭ ‬عشرة‭ ‬والنصف‭ ‬من‭ ‬ظهر‭ ‬يوم‭ ‬الأربعاء‭ ‬22‭ ‬مايو‭ ‬ونحن‭ ‬نتجوّل‭ ‬ضمن‭ ‬“جولة‭ ‬البلاد‭ ‬الرمضانية”‭.. ‬إن‭ ‬التحرك‭ ‬في‭ ‬السيارة‭ ‬مع‭ ‬التكييف‭ ‬أمر‭ ‬لا‭ ‬بأس‭ ‬به‭ ‬حتى‭ ‬وإن‭ ‬كان‭ ‬مستوى‭ ‬البرودة‭ ‬ضعيفًا‭! ‬فهو‭ ‬أهون‭ ‬من‭ ‬النزول‭ ‬لعدة‭ ‬دقائق‭ ‬تحت‭ ‬أشعة‭ ‬الشمس،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬مع‭ ‬المهندس‭ ‬محمد‭ ‬علاء‭ ‬الذي‭ ‬يرافق‭ ‬أحد‭ ‬أصدقائه‭ ‬في‭ ‬مواقع‭ ‬عمل،‭ ‬ولهذا‭ ‬فإنه‭ ‬يقول‭ ‬إن‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬العمال‭ ‬هنا‭ ‬يواصلون‭ ‬الصيام‭ ‬مع‭ ‬شدة‭ ‬التعب،‭ ‬فيما‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬البعض‭ ‬الآخر‭ ‬لا‭ ‬يصوم،‭ ‬والأمر‭ ‬على‭ ‬أية‭ ‬حال‭ ‬متروك‭ ‬للعبد‭ ‬فهذا‭ ‬شأنه‭ ‬بينه‭ ‬وبين‭ ‬ربه،‭ ‬والحمد‭ ‬لله‭ ‬على‭ ‬نعمة‭ ‬الصيام‭ ‬ونسأل‭ ‬الله‭ ‬التوفيق‭ ‬للجميع‭.‬

ابتسامته‭.. ‬شقاقية‭ ‬“ما‭ ‬في‭ ‬آكل”

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬الخضرة‭ ‬والماء،‭ ‬فوجه‭ ‬“محمد‭ ‬أمير”‭ ‬ليس‭ ‬“حسنًا”‭ ‬على‭ ‬الإطلاق‭ ‬وهو‭ ‬يعمل‭ ‬في‭ ‬زراعة‭ ‬أحواض‭ ‬نباتية‭ ‬وسقايتها‭ ‬بالماء،‭ ‬لكنه‭ ‬يقول‭ ‬مصرًّا‭ ‬ومؤكدًا‭ ‬أنه‭ ‬يعمل‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الحر‭ ‬الشديد‭ ‬ويستمتع‭ ‬بعمله‭ ‬ويكمل‭ ‬صيامه‭ ‬ولا‭ ‬يفطر‭ ‬أبدًا‭ ‬إلا‭ ‬في‭ ‬الضرورة‭ ‬وهذا‭ ‬لا‭ ‬يحدث‭ ‬إلا‭ ‬نادرًا،‭ ‬ولعلّه‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬“ابتسامته‭ ‬الشقاقية”‭ ‬يصدقنا‭ ‬القول،‭ ‬ونتركه‭ ‬لنمضي‭ ‬وهو‭ ‬يكرّر‭ ‬وراءنا‭: ‬“أنا‭ ‬لازم‭ ‬روزا‭.. ‬ما‭ ‬في‭ ‬آكل”‭.‬

تحويل‭ ‬العمل‭ ‬للفترات‭ ‬الليلية

العمل‭ ‬تحت‭ ‬أشعة‭ ‬الشمس‭ ‬في‭ ‬سائر‭ ‬أيام‭ ‬فصل‭ ‬الصيف‭ ‬مرهق‭ ‬وقاتل‭ ‬أحيانًا‭! ‬فما‭ ‬بالك‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬المبارك،‭ ‬ولهذا‭ ‬فإن‭ ‬قطاعات‭ ‬كثيرة‭ ‬حوّلت‭ ‬العمل‭ ‬إلى‭ ‬الفترات‭ ‬الليلية‭ ‬خلال‭ ‬الشهر‭ ‬الفضيل،‭ ‬وعودًا‭ ‬إلى‭ ‬التذكير‭ ‬بالقرار‭ ‬رقم‭ (‬3‭) ‬لسنة‭ ‬2013‭ ‬بشأن‭ ‬حظر‭ ‬العمل‭ ‬وقت‭ ‬الظهيرة‭ ‬في‭ ‬الأماكن‭ ‬المكشوفة،‭ ‬والذي‭ ‬تشرف‭ ‬على‭ ‬تنفيذه‭ ‬وزارة‭ ‬العمل‭ ‬والتنمية‭ ‬الاجتماعية‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬الساعة‭ ‬12‭ ‬ظهرًا‭ ‬وحتى‭ ‬الرابعة‭ ‬عصرًا‭ ‬ففي‭ ‬الغالب‭ ‬يتم‭ ‬تنفيذه‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬من‭ ‬يوليو‭ ‬حتى‭ ‬نهاية‭ ‬أغسطس‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬عام،‭ ‬وذلك‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تعزيز‭ ‬أدوات‭ ‬الحماية‭ ‬اللازمة‭ ‬لوقاية‭ ‬العمال‭ ‬من‭ ‬أمراض‭ ‬الصيف‭ ‬والإصابات‭ ‬المهنية‭ ‬المحتملة،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬تنظيم‭ ‬ساعات‭ ‬العمل‭ ‬لضمان‭ ‬عدم‭ ‬تأثر‭ ‬إنجاز‭ ‬المشاريع‭ ‬والأعمال‭ ‬التي‭ ‬تقوم‭ ‬بها‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬محافظات‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭.‬

‭ ‬وفي‭ ‬الوقت‭ ‬ذاته،‭ ‬وكما‭ ‬هو‭ ‬معلوم‭ ‬من‭ ‬بيانات‭ ‬وتصريحات‭ ‬سابقة‭ ‬صادرة‭ ‬عن‭ ‬وزارة‭ ‬العمل‭ ‬والشؤون‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬فإن‭ ‬الوزارة‭ ‬تهتم‭ ‬ببحث‭ ‬المؤسسات‭ ‬ودعوتهم‭ ‬إلى‭ ‬توعية‭ ‬العمال‭ ‬بشأن‭ ‬أمراض‭ ‬الصيف،‭ ‬والوقاية‭ ‬منها‭ ‬عبر‭ ‬بيان‭ ‬مخاطر‭ ‬العمل‭ ‬في‭ ‬فترة‭ ‬الصيف،‭ ‬ومنها‭ ‬الإجهاد‭ ‬الحراري‭ ‬الذي‭ ‬يعد‭ ‬من‭ ‬أخطر‭ ‬الأمراض‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬تلحق‭ ‬بالعمال‭ ‬نتيجة‭ ‬تعرضهم‭ ‬لأشعة‭ ‬الشمس‭ ‬مباشرة‭ ‬وخاصة‭ ‬خلال‭ ‬ساعات‭ ‬فترة‭ ‬حظر‭ ‬العمل‭ ‬المذكورة،‭ ‬وتدريبهم‭ ‬على‭ ‬الإسعافات‭ ‬الأولية‭ ‬وإيجاد‭ ‬الحلول‭ ‬الفنية‭ ‬المناسبة‭ ‬لتقليل‭ ‬درجة‭ ‬الحرارة‭ ‬في‭ ‬مواقع‭ ‬العمل‭ ‬المختلفة،‭ ‬وتقديم‭ ‬الرعاية‭ ‬الصحية‭ ‬المناسبة‭ ‬لهم،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬توفير‭ ‬المياه‭ ‬الكافية‭ ‬والأغطية‭ ‬الواقية‭ ‬للرأس‭ ‬والقفازات‭ ‬والأحذية‭ ‬المناسبة‭ ‬للعمال،‭ ‬وذلك‭ ‬حفاظًا‭ ‬على‭ ‬سلامتهم‭.‬

أهم‭ ‬شي‭ ‬“ايسيات‭ ‬الناس”

‭ ‬نعود‭ ‬إلى‭ ‬العمال‭ ‬ومع‭ ‬العامل‭ ‬زاهد‭ ‬عمران‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يكترث‭ ‬لحرارة‭ ‬الشمس‭ ‬أبدًا،‭ ‬لكنه‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬ذاته‭ ‬يشكر‭ ‬مشرف‭ ‬العمال‭ ‬غير‭ ‬المسلم‭ ‬والذي‭ ‬يتعاون‭ ‬معهم‭ ‬في‭ ‬تخصيص‭ ‬أوقات‭ ‬للراحة‭ ‬وكذلك‭ ‬اختيار‭ ‬الأماكن‭ ‬المظللة‭ ‬للعمل‭ ‬ولا‭ ‬يتشدّد‭ ‬معهم،‭ ‬وزاهد‭ ‬بالفعل‭ ‬زاهد‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يبدو،‭ ‬فالصوم‭ ‬بالنسبة‭ ‬له‭ ‬من‭ ‬العبادات‭ ‬التي‭ ‬تفتح‭ ‬له‭ ‬الطريق‭ ‬للتوفيق‭ ‬والنجاح،‭ ‬أما‭ ‬شاهين‭ ‬سليمان‭ ‬فلا‭ ‬يخفي‭ ‬القول‭ ‬ولا‭ ‬يظهره‭.. ‬فلم‭ ‬يبين‭ ‬لنا‭ ‬ما‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬صائمًا‭ ‬أم‭ ‬لا‭.. ‬ولا‭ ‬ندري‭ ‬أصلًا‭ ‬ما‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬مسلمًا‭ ‬أم‭ ‬غير‭ ‬مسلم،‭ ‬كما‭ ‬لا‭ ‬ندري‭ ‬ما‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬اسمه‭ ‬هذا‭ ‬حقيقيًّا‭ ‬أم‭ ‬لا،‭ ‬لكن‭ ‬على‭ ‬أية‭ ‬حال‭ ‬هو‭ ‬يقول‭ ‬بأن‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬يكون‭ ‬فيه‭ ‬العمل‭ ‬صعبًا‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تلبية‭ ‬متطلبات‭ ‬الزبائن‭ ‬الكرام‭ ‬وأهم‭ ‬شي‭ ‬“ايسيات”‭ ‬الناس‭! ‬فالمنازل‭ ‬التي‭ ‬تتعطل‭ ‬فيها‭ ‬أجهزة‭ ‬التكييف‭ ‬أو‭ ‬الثلاجات‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الحر‭ ‬وفي‭ ‬موسم‭ ‬مهم‭ ‬كشهر‭ ‬رمضان،‭ ‬يتعرّض‭ ‬أصحابها‭ ‬للكثير‭ ‬من‭ ‬المشاكل،‭ ‬لهذا‭ ‬فنحن‭ ‬نعمل‭ ‬من‭ ‬الصباح‭ ‬الباكر‭ ‬حتى‭ ‬ساعات‭ ‬متأخرة‭ ‬من‭ ‬الليل‭ ‬لكي‭ ‬نساعد‭ ‬الناس‭ ‬ورمضان‭ ‬كريم‭.‬