رفقًا بهم فهم أحباب الله وشعلة الأمل في مستقبل أفضل

العنف ضد الأطفال.. آفة تهدد المجتمع

ضيق‭ ‬الحال‭ ‬والفقر‭ ‬أحد‭ ‬أسباب‭ ‬تفريغ‭ ‬الآباء‭ ‬طاقتهم‭ ‬السلبية‭ ‬في‭ ‬الضعيف الطفل‭ ‬المُعنف‭ ‬عدواني‭ ‬يفتقر‭ ‬للثقة‭ ‬في‭ ‬النفس‭ ‬ولا‭ ‬يستطيع‭ ‬التعبير‭ ‬عما‭ ‬بداخله

 

بات‭ ‬العنف‭ ‬ضد‭ ‬الأطفال‭ ‬ظاهرة‭ ‬خطيرة‭ ‬تجتاح‭ ‬كل‭ ‬المجتمعات‭ ‬ومن‭ ‬بينها‭ ‬البحرين،‭ ‬وهي‭ ‬ظاهرة‭ ‬تخالف‭ ‬الفطرة‭ ‬الإنسانية‭ ‬خاصة‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬العنف‭ ‬صادرا‭ ‬من‭ ‬الأم‭ ‬والأب‭ ‬واللذين‭ ‬من‭ ‬المفترض‭ ‬أن‭ ‬يكونا‭ ‬مصدرا‭ ‬للحنان‭ ‬والعطف‭ ‬والرحمة‭ ‬لأطفالهم‭. ‬وتمكن‭ ‬خطورتها‭ ‬في‭ ‬الآثار‭ ‬النفسية‭ ‬التي‭ ‬سوف‭ ‬تظهر‭ ‬على‭ ‬سلوكيات‭ ‬الأطفال‭ ‬أخلاقياتهم،‭ ‬فيتحولون‭ ‬من‭ ‬أطفال‭ ‬مُعنفين‭ ‬إلى‭ ‬مرضى‭ ‬نفسيين‭. ‬إن‭ ‬الأثر‭ ‬النفسي‭ ‬الذي‭ ‬يتركه‭ ‬العنف‭ ‬في‭ ‬الأطفال‭ ‬قد‭ ‬يجعلهم‭ ‬فريسة‭ ‬لمرض‭ ‬الاكتئاب‭ ‬في‭ ‬مرحلة‭ ‬الشباب‭.‬

اليوم‭ ‬أصبحت‭ ‬بعض‭ ‬قلوب‭ ‬الآباء‭ ‬محلا‭ ‬للقسوة‭ ‬بدلا‭ ‬من‭ ‬العطف‭ ‬على‭ ‬أبنائهم،‭ ‬وبصورة‭ ‬غير‭ ‬متوقعة‭ ‬امتدت‭ ‬أيدي‭ ‬هؤلاء‭ ‬الآباء‭ ‬على‭ ‬فلذات‭ ‬أكبادهم‭ ‬بالضرب‭ ‬والحرق‭ ‬والخنق،‭ ‬وكأن‭ ‬البيوت‭ ‬تحولت‭ ‬إلى‭ ‬مُعسكرات‭ ‬تعذيب،‭ ‬والوالدين‭ ‬إلى‭ ‬جلادين‭. ‬

 

ضاعفوا‭ ‬جرعات‭ ‬الحُب

كل‭ ‬ما‭ ‬يحتاجه‭ ‬الطفل‭ ‬في‭ ‬حياته‭ ‬هو‭ ‬الحب‭ ‬والعطف‭ ‬والرحمة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الوالدين،‭ ‬فإذا‭ ‬كانت‭ ‬تُرفع‭ ‬عليه‭ ‬أيادي‭ ‬العطف‭ ‬والحنان،‭ ‬فكيف‭ ‬سوف‭ ‬يؤثر‭ ‬هذا‭ ‬العنف‭ ‬على‭ ‬نفسيته؟‭ ‬إذا‭ ‬لم‭ ‬يجد‭ ‬الحنان‭ ‬من‭ ‬الأشخاص‭ ‬الذين‭ ‬من‭ ‬المفترض‭ ‬أن‭ ‬يأخذ‭ ‬منهم‭ ‬الحب‭. ‬إنّ‭ ‬حب‭ ‬الأولاد،‭ ‬والرغبة‭ ‬في‭ ‬الاستكثار‭ ‬منهم،‭ ‬أمرٌ‭ ‬مغروس‭ ‬في‭ ‬النفس‭ ‬البشـرية،‭ ‬فترى‭ ‬الإنسان‭ ‬يبتهج‭ ‬لقدوم‭ ‬الولد،‭ ‬ويسعد‭ ‬لسعادته،‭ ‬ويحس‭ ‬بوجوده‭ ‬بمعنى‭ ‬الحياة،‭ ‬ويتقوى‭ ‬بالولد‭ ‬ويعتز‭ ‬ويمنّي‭ ‬نفسه‭ ‬بالمستقبل‭ ‬الزاهر‭. ‬فالطفل‭ ‬وخصوصا‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المرحلة‭ ‬الحساسة‭ ‬قد‭ ‬يحتاج‭ ‬اللجوء‭ ‬إلى‭ ‬الحضن‭ ‬الدافئ‭ ‬الذي‭ ‬يحتمي‭ ‬به‭ ‬ليحس‭ ‬بنعمة‭ ‬الأمان‭ ‬والراحة‭ ‬النفسية‭.‬

 

هل‭ ‬التربية‭ ‬بضرب‭ ‬الأطفال؟‭! ‬

“أ‭.‬م”‭ ‬شاب‭ ‬في‭ ‬مقتبل‭ ‬العمر‭ ‬لم‭ ‬يذق‭ ‬طعم‭ ‬حنان‭ ‬الأب‭ ‬قط،‭ ‬بل‭ ‬تربى‭ ‬على‭ ‬الضرب‭ ‬والإهانة‭ ‬والشتم‭ ‬والطرد‭ ‬من‭ ‬أب‭ ‬تجرد‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬مشاعر‭ ‬الأبوة‭ ‬والرحمة‭ ‬ينهال‭ ‬عليه‭ ‬بالضرب‭ ‬ليلا‭ ‬ونهارا‭ ‬بحجة‭ ‬التأديب‭! ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬انجرف‭ ‬إلى‭ ‬الحياة‭ ‬الخارجية‭ ‬القاسية‭ ‬التي‭ ‬جعلت‭ ‬منه‭ ‬إنسانا‭ ‬آخر‭ ‬يرى‭ ‬نفسه‭ ‬منبوذا‭ ‬من‭ ‬الجميع‭ ‬مفتقرا‭ ‬للحب‭. ‬حرقة‭ ‬قلب‭ ‬الأم‭ ‬والدموع‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تُذرف‭ ‬منها‭ ‬في‭ ‬الليالي‭ ‬الممطرة‭ ‬المظلمة؛‭ ‬خوفا‭ ‬على‭ ‬فلذة‭ ‬كبدها‭ ‬الذي‭ ‬طُرد‭ ‬من‭ ‬المنزل‭ ‬لمجرد‭ ‬اللعب‭ ‬واللهو‭ ‬مع‭ ‬إخوته‭ ‬في‭ ‬المنزل‭ ‬أثناء‭ ‬نوم‭ ‬الأب‭.‬

وتذكر‭ ‬أم‭ ‬الطفل‭ ‬“أ‭.‬م”‭: ‬لم‭ ‬أذق‭ ‬طعم‭ ‬النوم‭ ‬والراحة‭ ‬وأنا‭ ‬أرى‭ ‬طفلي‭ ‬الصغير‭ ‬مُعاقبا،‭ ‬وخارج‭ ‬المنزل‭ ‬مشردا؛‭ ‬بسبب‭ ‬وحشية‭ ‬الأب‭ ‬وأنا‭ ‬جالسة‭ ‬مكتوفة‭ ‬الأيدي‭ ‬أنظر‭ ‬إليه‭ ‬من‭ ‬الشباك‭ ‬إلى‭ ‬عينه‭ ‬المليئة‭ ‬بالدموع‭ ‬والخوف،‭ ‬وأنا‭ ‬لا‭ ‬أستطيع‭ ‬فتح‭ ‬الباب‭ ‬خوفا‭ ‬من‭ ‬الأب‭. ‬إن‭ ‬قسوة‭ ‬الأب‭ ‬الظالم‭ ‬وتكرار‭ ‬ضرب‭ ‬الطفل‭ ‬أمام‭ ‬إخوته‭ ‬الصغار‭ ‬يولد‭ ‬في‭ ‬قلوبهم‭ ‬الكراهية‭ ‬تجاه‭ ‬الأب‭ ‬الذي‭ ‬من‭ ‬المفترض‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬القدوة‭ ‬الحسنة‭ ‬لأبنائه‭. ‬ويجعل‭ ‬من‭ ‬الطفل‭ ‬البريء‭ ‬شابا‭ ‬متمردا‭ ‬محاطًا‭ ‬برفاق‭ ‬السوء‭ ‬مُنجرفا‭ ‬لمغريات‭ ‬الحياة‭ ‬القاسية‭. ‬

وتتابع‭ ‬الأم‭: ‬المشكلة‭ ‬الأساسية‭ ‬أن‭ ‬ذلك‭ ‬بات‭ ‬يؤثر‭ ‬على‭ ‬ابنتي‭ ‬الأخرى‭ ‬التي‭ ‬تفزع‭ ‬من‭ ‬نومها‭ ‬على‭ ‬صراخ‭ ‬بين‭ ‬الأب‭ ‬والأخ،‭ ‬ربما‭ ‬بسبب‭ ‬الضغط‭ ‬النفسي‭ ‬واختلاف‭ ‬التربية‭ ‬المتناقضة‭ ‬في‭ ‬المنزل،‭ ‬وأكثر‭ ‬ما‭ ‬أخافني‭ ‬مؤخرا‭ ‬كلمة‭ ‬قالتها‭ ‬لي‭: ‬إنه‭ ‬عندما‭ ‬يكبر‭ ‬سيصبح،‭ ‬والدي‭ ‬مسنا‭ ‬ولن‭ ‬يستطيع‭ ‬ضرب‭ ‬أخي‭ ‬مجددا‭.. ‬عندها‭ ‬سأقوم‭ ‬انا‭ ‬بضرب‭ ‬والدي‭!! ‬فمن‭ ‬المسؤول‭ ‬عن‭ ‬كره‭ ‬الأبناء‭ ‬لأبيهم‭ ‬لهذه‭ ‬الدرجة‭. ‬

لقد‭ ‬حان‭ ‬وقت‭ ‬الحماية

998‭ .. ‬الخط‭ ‬الساخن‭ ‬لمركز‭ ‬حماية‭ ‬الطفل،‭ ‬وهو‭ ‬مؤسسة‭ ‬رعاية‭ ‬اجتماعية‭ ‬تتبع‭ ‬وزارة‭ ‬العمل‭ ‬والتنمية‭ ‬الاجتماعية‭. ‬وذكر‭ ‬أحد‭ ‬موظفي‭ ‬الخط‭ ‬الساخن‭ ‬بأن‭ ‬المركز‭ ‬يعمل‭ ‬على‭ ‬إدارة‭ ‬الرعاية‭ ‬الاجتماعية‭ ‬وحماية‭ ‬الأطفال‭ ‬منذ‭ ‬الولادة‭ ‬حتى‭ ‬سن‭ ‬18‭ ‬سنة،‭ ‬وحمايتهم‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬أشكال‭ ‬سوء‭ ‬المعاملة،‭ ‬فقد‭ ‬تتعدد‭ ‬أشكال‭ ‬العنف‭ ‬ضد‭ ‬الأطفال‭ ‬بين‭ ‬حالات‭ ‬الإيذاء‭ ‬الجسدي‭ ‬والنفسي‭ ‬والاعتداء‭ ‬الجنسي‭ ‬والإهمال‭ ‬الشديد‭ ‬وحتى‭ ‬الضرب‭ ‬المُبرح‭. ‬

وأكد‭ ‬أن‭ ‬على‭ ‬الطفل‭ ‬المجني‭ ‬عليه‭ ‬فتح‭ ‬ملف‭ ‬وتقديم‭ ‬بلاغ‭ ‬في‭ ‬مركز‭ ‬الشرطة‭ ‬قبل‭ ‬مباشرة‭ ‬الإجراءات‭ ‬اللازمة،‭ ‬حيث‭ ‬يتلقى‭ ‬المركز‭ ‬البلاغات‭ ‬من‭ ‬الأطفال‭ ‬أو‭ ‬ذويهم‭ ‬والمهنيين‭ ‬من‭ ‬أطباء‭ ‬واختصاصيين‭ ‬ومدرسين‭ ‬وغيرهم‭ ‬من‭ ‬المواطنين‭ ‬لتتم‭ ‬مقابلة‭ ‬الطفل‭ ‬المعتدي‭ ‬عليه‭ ‬وأسرته‭ ‬داخل‭ ‬المركز‭ ‬وتُقدم‭ ‬له‭ ‬خدمات‭ ‬نفسية‭ ‬واجتماعية‭ ‬وتعليمية،‭ ‬كما‭ ‬يتم‭ ‬تحويله‭ ‬للجهات‭ ‬ذات‭ ‬العلاقة‭ ‬لتقديم‭ ‬الخدمات‭ ‬الأخرى‭ ‬التي‭ ‬يحتاجها‭ ‬الطفل‭.‬

 

قلوب‭ ‬من‭ ‬حجر‭ ‬

صرح‭ ‬رئيس‭ ‬النيابة‭ ‬بنيابة‭ ‬الأسرة‭ ‬والطفل‭ ‬إبراهيم‭ ‬البنجاسم،‭ ‬بأن‭ ‬محكمة‭ ‬التميز‭ ‬الدائرة‭ ‬الثانية‭ ‬أصدرت‭ ‬حكما‭ ‬يوم‭ ‬20‭ ‬مايو‭ ‬‏2019‭ ‬بقبول‭ ‬الطعن‭ ‬شكلا‭ ‬وفي‭ ‬الموضوع‭ ‬برفضه‭ ‬في‭ ‬القضية‭ ‬الخاصة‭ ‬بوفاة‭ ‬طفلة‭ ‬ذات‭ ‬تسعة‭ ‬أعوام‭ ‬نتيجة‭ ‬تعذيبها‭ ‬والمتهم‭ ‬فيها‭ ‬زوجة‭ ‬أبيها‭ ‬وكذلك‭ ‬والدها،‭ ‬حيث‭ ‬قضت‭ ‬المحكمة‭ ‬الكبرى‭ ‬الجنائية‭ ‬الرابعة‭ ‬بتاريخ‭ ‬11‭ ‬أبريل‭ ‬‏2018‭ ‬ببراءة‭ ‬والد‭ ‬المجني‭ ‬عليها،‭ ‬فيما‭ ‬أدانت‭ ‬المتهمة‭ ‬زوجة‭ ‬الأب‭ ‬وقضت‭ ‬بمعاقبتها‭ ‬بالسجن‭ ‬7‭ ‬سنوات‭. ‬وأصدرت‭ ‬محكمة‭ ‬الاستئناف‭ ‬العليا‭ ‬الأولى‭ ‬بتاريخ‭ ‬25‭ ‬سبتمبر‭ ‬2018‭ ‬بقبول‭ ‬استئنافين‭ ‬شكلا‭ ‬وفي‭ ‬الموضوع‭ ‬برفضها‭ ‬وتأييد‭ ‬الحكم‭ ‬المستأنف‭.‬لنتذكر‭ ‬جميعا‭ ‬أن‭ ‬من‭ ‬لا‭ ‬يَرحم‭ ‬لا‭ ‬يُرحم،‭ ‬لنعمل‭ ‬جميعا‭ ‬على‭ ‬محاربة‭ ‬العنف‭ ‬وظاهرة‭ ‬ضرب‭ ‬الأبناء‭ ‬بحجة‭ ‬تربيتهم‭ ‬لتنشئة‭ ‬أطفال‭ ‬أصحاء‭ ‬جسديا‭ ‬ونفسيا‭ ‬وعقليا‭. ‬فكم‭ ‬من‭ ‬فتاة‭ ‬تريد‭ ‬أن‭ ‬تعيش‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬زوج‭ ‬بسبب‭ ‬رد‭ ‬فعلها‭ ‬عما‭ ‬رأته‭ ‬في‭ ‬حياتها‭ ‬من‭ ‬سوء‭ ‬معاملة‭ ‬أبيها‭ ‬لها‭ ‬أو‭ ‬لأمها‭ ‬وإخوانها،‭ ‬فصارت‭ ‬تظن‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬الرجال‭ ‬مثل‭ ‬أبيها‭ ‬وعزفت‭ ‬عن‭ ‬الزواج،‭ ‬فالأب‭ ‬ينبغي‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬نعمة‭ ‬لا‭ ‬نقمة،‭ ‬ومصدر‭ ‬الأمان‭ ‬والحماية‭ ‬للأسرة‭ ‬لا‭ ‬مصدر‭ ‬تهديد‭ ‬وخوف‭ ‬ورعب‭.‬

 

المُعنفون‭ ‬فريسة‭ ‬للأمراض‭ ‬النفسية‭ ‬

ذكرت‭ ‬هنادي‭ ‬المرزوق‭ ‬الطبيبة‭ ‬في‭ ‬العلاج‭ ‬النفسي‭ ‬والجلسات‭ ‬الاستشارية،‭ ‬أن‭ ‬أهم‭ ‬أسباب‭ ‬شيوع‭ ‬حالات‭ ‬العنف‭ ‬ضد‭ ‬الأطفال‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الآباء‭ ‬يعود‭ ‬في‭ ‬البداية‭ ‬إلى‭ ‬طبيعة‭ ‬المجتمعات‭ ‬الشرقية‭ ‬التي‭ ‬نعيش‭ ‬فيها‭. ‬فنجد‭ ‬بأن‭ ‬الأب‭ ‬قد‭ ‬يتربى‭ ‬في‭ ‬ظروف‭ ‬قاسية‭ ‬يحكمها‭ ‬التسلط‭ ‬والتأمر‭ ‬والعنف،‭ ‬فيكبر‭ ‬الولد‭ ‬وتكبر‭ ‬معه‭ ‬القسوة‭ ‬التي‭ ‬تربى‭ ‬عليها‭. ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬يتزوج‭ ‬ويبدأ‭ ‬يفرغ‭ ‬الكتمان‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يمر‭ ‬فيه‭ ‬ويمارس‭ ‬العنف‭ ‬والسلطة‭ ‬على‭ ‬الأبناء‭ ‬مثل‭ ‬ما‭ ‬عاش‭ ‬في‭ ‬طفولته‭. ‬

وأضافت‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬أيضا‭ ‬للظروف‭ ‬والضغوطات‭ ‬المادية‭ ‬التي‭ ‬يمر‭ ‬فيها‭ ‬الأباء،‭ ‬فضيق‭ ‬الحال‭ ‬والفقر‭ ‬أحد‭ ‬الأسباب‭ ‬التي‭ ‬تجعل‭ ‬الأباء‭ ‬يفرغون‭ ‬طاقتهم‭ ‬السلبية‭ ‬في‭ ‬من‭ ‬هم‭ ‬أضعف‭ ‬منهم،‭ ‬ولا‭ ‬ننسى‭ ‬الضغوطات‭ ‬النفسية‭ ‬التي‭ ‬يمر‭ ‬بها‭ ‬الأباء‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬من‭ ‬المراحل‭ ‬التي‭ ‬مروا‭ ‬بها‭ ‬في‭ ‬حياتهم،‭ ‬والتي‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬تأثيرها‭ ‬أكبر‭ ‬وأقسى‭ ‬على‭ ‬نفسية‭ ‬الطفل‭ ‬حين‭ ‬يرى‭ ‬أحد‭ ‬والدينه‭ ‬يطفي‭ ‬غضبه‭ ‬وقوته‭ ‬فيه‭. ‬

وأكدت‭ ‬المرزوق‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬عدم‭ ‬اللجوء‭ ‬لحل‭ ‬المشكلة‭ ‬بالطريقة‭ ‬المناسبة‭ ‬والصحيحة‭ ‬قد‭ ‬تسوء‭ ‬حالة‭ ‬الطفل‭ ‬ويبدأ‭ ‬التأثير‭ ‬النفسي‭ ‬الذي‭ ‬يتركه‭ ‬الأباء‭ ‬على‭ ‬أبنائهم‭. ‬وبالتالي‭ ‬قد‭ ‬يتحول‭ ‬هذا‭ ‬إلى‭ ‬أمراض‭ ‬جسدية‭ ‬تؤثر‭ ‬على‭ ‬صحتهم‭ ‬وليس‭ ‬نفسيتهم‭ ‬فقط‭. ‬فقد‭ ‬نرى‭ ‬أن‭ ‬الطفل‭ ‬المُعنف‭ ‬يفتقر‭ ‬للثقة‭ ‬في‭ ‬النفس‭ ‬ولا‭ ‬يستطيع‭ ‬التعبير‭ ‬عما‭ ‬بداخله،‭ ‬فيبدأ‭ ‬بالكتمان‭ ‬والصعوبة‭ ‬في‭ ‬اتخاذ‭ ‬القرارات‭ ‬وأيضا‭ ‬التردد‭ ‬في‭ ‬أبسط‭ ‬الأمور‭. ‬فنرى‭ ‬بأن‭ ‬الطفل‭ ‬المُعنف‭ ‬عدواني‭ ‬وقد‭ ‬يصل‭ ‬به‭ ‬الأمر‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬يمارس‭ ‬العنف‭ ‬الجسدي‭ ‬على‭ ‬من‭ ‬هم‭ ‬أصغر‭ ‬وأضعف‭ ‬منه‭. ‬أن‭ ‬من‭ ‬الطبيعي‭ ‬إذا‭ ‬لم‭ ‬يتعالج‭ ‬الطفل،‭ ‬فقد‭ ‬يتحول‭ ‬هذا‭ ‬التأثير‭ ‬النفسي‭ ‬إلى‭ ‬أمراض‭ ‬جسدية‭ ‬مثل‭ ‬قلت‭ ‬النوم‭ ‬والأرق‭ ‬والتبول‭ ‬ألاإرادي‭ ‬أثناء‭ ‬النوم،‭ ‬ومن‭ ‬الممكن‭ ‬أن‭ ‬يؤثر‭ ‬عليه‭ ‬أيضا‭ ‬عند‭ ‬الكبر‭ ‬ويسبب‭ ‬لخبطة‭ ‬في‭ ‬الهرمونات،‭ ‬وبالتالي‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬العجز‭ ‬الجنسي،‭ ‬وعدم‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬الإنجاب‭.‬

ومن‭ ‬جهة‭ ‬آخرى،‭ ‬من‭ ‬المعروف‭ ‬بأن‭ ‬الأم‭ ‬هي‭ ‬مصدر‭ ‬الحب‭ ‬والحنان‭ ‬والعطف‭ ‬في‭ ‬المنزل،‭ ‬ولكن‭ ‬سبحان‭ ‬من‭ ‬نزع‭ ‬الرحمة‭ ‬من‭ ‬قلوب‭ ‬بعض‭ ‬الأمهات‭ ‬وخصوصا‭ ‬الأم‭ ‬المتسلطة‭. ‬أي‭ ‬التي‭ ‬تأخذ‭ ‬دورها‭ ‬ودور‭ ‬الأب‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أمور‭ ‬المنزل‭ ‬وتقوم‭ ‬بتربية‭ ‬الأبناء‭ ‬بعنف‭ ‬وخصوصا‭ ‬الأولاد،‭ ‬حيث‭ ‬لا‭ ‬تسمح‭ ‬له‭ ‬باتخاذ‭ ‬أبسط‭ ‬الأمور‭ ‬بنفسه‭. ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬يكبر‭ ‬الابن‭ ‬وهو‭ ‬لا‭ ‬يستطيع‭ ‬تحمل‭ ‬المسؤولية‭ ‬بنفسه‭ ‬خصوصا‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬متزوج،‭ ‬فقد‭ ‬لا‭ ‬يستطيع‭ ‬اتخاذ‭ ‬القرارات‭ ‬السليمة،‭ ‬فيلجأ‭ ‬إلى‭ ‬تعنيف‭ ‬الأبناء؛‭ ‬لكي‭ ‬يطفئ‭ ‬عما‭ ‬بداخله‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬الجسد‭ ‬الصغير‭ ‬لمجرد‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬يستطع‭ ‬ولا‭ ‬يملك‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬اتخاذ‭ ‬القرارات‭ ‬بنفسه‭. ‬