الثقافة الأمنية

الحبس‭ ‬والغرامة‭ ‬لمن‭ ‬أذاع‭ ‬عمدا‭ ‬أخبارا‭ ‬كاذبة‭ ‬أو‭ ‬مغرضة

نظراً‭ ‬لخطورة‭ ‬الآثار‭ ‬المترتبة‭ ‬على‭ ‬نشر‭ ‬وبث‭ ‬الإشاعات‭ ‬والأكاذيب،‭ ‬فإن‭ ‬وزارة‭ ‬الداخلية‭ ‬ممثلة‭ ‬في‭ ‬الإدارة‭ ‬العامة‭ ‬للإعلام‭ ‬والثقافة‭ ‬الأمنية‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬الساعة‭ ‬بمتابعة‭ ‬كافة‭ ‬المواقع‭ ‬المختلفة‭ ‬للوقوف‭ ‬على‭ ‬صحة‭ ‬المعلومات‭ ‬المنشورة‭ ‬في‭ ‬الوسائل‭ ‬الإعلامية‭ ‬والتواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬ومعرفة‭ ‬مصدرها‭ ‬ومروجها،‭ ‬وفي‭ ‬حالة‭ ‬نشر‭ ‬إشاعات‭ ‬كاذبة‭ ‬تقوم‭ ‬الإدارة‭ ‬بتصحيحها‭ ‬على‭ ‬الفور‭ ‬وتقوم‭ ‬الجهات‭ ‬المعنية‭ ‬في‭ ‬الوزارة‭ ‬باتخاذ‭ ‬كافة‭ ‬الإجراءات‭ ‬القانونية‭ ‬ضد‭ ‬الأشخاص‭ ‬التي‭ ‬تنشر‭ ‬تلك‭ ‬الإشاعات‭ ‬الكاذبة‭.‬

ويعتبر‭ ‬بث‭ ‬الإشاعات‭ ‬الكاذبة‭ ‬جريمة‭ ‬ذات‭ ‬خطورة‭ ‬مباشرة‭ ‬على‭ ‬المجتمع،‭ ‬وقد‭ ‬تزيد‭ ‬خطورة‭ ‬هذه‭ ‬الجريمة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الانتشار‭ ‬الواسع‭ ‬لمواقع‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬والتي‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬مكانا‭ ‬للتعارف‭ ‬فقط‭ ‬بين‭ ‬الأشخاص‭ ‬بل‭ ‬قد‭ ‬يستغل‭ ‬البعض‭ ‬من‭ ‬ضعاف‭ ‬النفوس‭ ‬في‭ ‬الترويج‭ ‬للأكاذيب‭ ‬والإشاعات‭ ‬أو‭ ‬التحريض‭ ‬على‭ ‬الأفعال‭ ‬التي‭ ‬يشكل‭ ‬ارتكابها‭ ‬جريمة‭ ‬مؤثمة‭ ‬قانوناً‭.‬

وتكمن‭ ‬خطورة‭ ‬الإشاعة‭ ‬الكاذبة‭ ‬في‭ ‬أنها‭ ‬تثير‭ ‬البلبلة‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬وتؤدى‭ ‬إلى‭ ‬اضطراب‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬بين‭ ‬الأفراد‭ ‬أياً‭ ‬كانت‭ ‬فحوى‭ ‬تلك‭ ‬الإشاعة‭ ‬سواء‭ ‬سياسية‭ ‬أو‭ ‬دينية‭ ‬أو‭ ‬اجتماعية‭ ‬أو‭ ‬اقتصادية‭.‬

ولقد‭ ‬تطرق‭ ‬ديننا‭ ‬الحنيف‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬النصوص‭ ‬الشرعية‭ ‬في‭ ‬الكتاب‭ ‬والسنة‭ ‬إلى‭ ‬تحريم‭ ‬نشر‭ ‬الإشاعات‭ ‬وبث‭ ‬الأكاذيب‭ ‬والأقاويل‭ ‬غير‭ ‬المحققة‭ ‬والظنون‭ ‬الكاذبة‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬أن‭ ‬يتأكد‭ ‬مروجها‭ ‬من‭ ‬صحتها‭ ‬فيقول‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬في‭ ‬كتابه‭ ‬العزيز‭ ( ‬يا‭ ‬أيها‭ ‬الذين‭ ‬آمنوا‭ ‬إن‭ ‬جاءكم‭ ‬فاسق‭ ‬بنبأ‭ ‬فتبينوا‭ ‬أن‭ ‬تصيبوا‭ ‬قوماً‭ ‬بجهالة‭ ‬فتصبحوا‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬فعلتم‭ ‬نادمين‭ )‬،‭ ‬فيأمرنا‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الآية‭ ‬أن‭ ‬نتأكد‭ ‬من‭ ‬صحة‭ ‬الأخبار‭ ‬التي‭ ‬يأتينا‭ ‬بها‭ ‬الأشخاص‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬المجالات‭ ‬وان‭ ‬نستقي‭ ‬المعلومات‭ ‬من‭ ‬مصدرها‭ ‬الرسمي‭ ‬تجنبا‭ ‬من‭ ‬الوقوع‭ ‬في‭ ‬المحظور‭ ‬قانوناً‭.‬

ويتضح‭ ‬أن‭ ‬جريمة‭ ‬بث‭ ‬الإشاعات‭ ‬لها‭ ‬ركنان‭ ‬أساسيان‭ ‬وهما‭ ‬الركن‭ ‬المادي‭ ‬والركن‭ ‬المعنوي‭.‬

الركن‭ ‬المادي‭ ‬هو‭: ‬قيام‭ ‬الجاني‭ ‬بإذاعة‭ ‬إشاعة‭ ‬كاذبة‭ ‬يريد‭ ‬جعلها‭ ‬معلومة‭ ‬وإيصالها‭ ‬إلى‭ ‬عدد‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬الأشخاص‭ ‬بأي‭ ‬وسيله‭ ‬من‭ ‬الوسائل‭ ‬والتي‭ ‬من‭ ‬شأن‭ ‬نشر‭ ‬تلك‭ ‬الإشاعة‭ ‬حدوث‭ ‬اضطراب‭ ‬بالأمن‭ ‬العام‭ ‬أو‭ ‬إلحاق‭ ‬الضرر‭ ‬بالمصلحة‭ ‬العامة‭ ‬وإلقاء‭ ‬الرعب‭ ‬بين‭ ‬المواطنين‭ ‬وبذلك‭ ‬يكون‭ ‬الغرض‭ ‬من‭ ‬نشر‭ ‬الإشاعة‭ ‬قد‭ ‬تحقق‭.‬

أما‭ ‬الركن‭ ‬المعنوي‭ ‬لتلك‭ ‬الجريمة‭: ‬يتمثل‭ ‬في‭ ‬عنصري‭ ‬العلم‭ ‬والإرادة‭ ‬أي‭ ‬أن‭ ‬يشترط‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬الجاني‭ ‬على‭ ‬علم‭ ‬بأن‭ ‬تلك‭ ‬المعلومات‭ ‬كاذبة‭ ‬وغير‭ ‬صحيحة‭ ‬وانه‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬قام‭ ‬بتأليفها‭ ‬أو‭ ‬غير‭ ‬من‭ ‬صحتها‭ ‬حتى‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬الأشخاص،‭ ‬بالمعنى‭ ‬الذي‭ ‬يريده‭ ‬أما‭ ‬عنصر‭ ‬الإرادة‭ ‬فهو‭ ‬انصراف‭ ‬إرادة‭ ‬الجاني‭ ‬إلى‭ ‬نشر‭ ‬تلك‭ ‬الإشاعة‭ ‬الكاذبة‭ ‬وهو‭ ‬مدرك‭ ‬لآثارها‭ ‬السلبية‭ ‬ومردودها‭ ‬على‭ ‬المجتمع‭.‬

ولقد‭ ‬نص‭ ‬المشرع‭ ‬البحريني‭ ‬في‭ ‬المادة‭ ‬168‭ ‬من‭ ‬قانون‭ ‬العقوبات‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يعاقب‭ ‬بالحبس‭ ‬مده‭ ‬لا‭ ‬تزيد‭ ‬عن‭ ‬سنتين‭ ‬والغرامة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تجاوز‭ ‬مائتي‭ ‬دينار‭ ‬أو‭ ‬بإحدى‭ ‬هاتين‭ ‬العقوبتين‭ ‬من‭ ‬أذاع‭ ‬عمداً‭ ‬أخبار‭ ‬أو‭ ‬بيانات‭ ‬أو‭ ‬إشاعات‭ ‬كاذبة‭ ‬أو‭ ‬مغرضة‭ ‬أو‭ ‬بث‭ ‬دعايات‭ ‬مثيرة،‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬شأن‭ ‬ذلك‭ ‬اضطراب‭ ‬الأمن‭ ‬العام‭ ‬أو‭ ‬إلقاء‭ ‬الرعب‭ ‬أو‭ ‬إلحاق‭ ‬الضرر‭ ‬بالمصلحة‭ ‬العامة‭.‬