الاستفزاز‭ ‬إلى‭ ‬الصفقة‭ ‬في‭ ‬موازين‭ ‬استدراج‭ ‬المواجهة‭ ‬العسكرية‭ ‬الأميركية‭ ‬الإيرانية‭ (‬1‭)‬

| راغدة درغام

نفّذت‭ ‬القيادة‭ ‬الإيرانية‭ ‬الجولة‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬استراتيجية‭ ‬دفع‭ ‬إدارة‭ ‬ترامب‭ ‬إلى‭ ‬“الخط‭ ‬الأحمر”‭ ‬لتستدرج‭ ‬الرئيس‭ ‬الأميركي‭ ‬إلى‭ ‬العمل‭ ‬العسكري‭ ‬ضدها‭ ‬لأنه،‭ ‬في‭ ‬اعتقادها،‭ ‬أضمن‭ ‬وسيلة‭ ‬لاحتواء‭ ‬أي‭ ‬تمرد‭ ‬داخلي‭ ‬على‭ ‬النظام‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬التدهور‭ ‬الاقتصادي‭ ‬الناتج‭ ‬عن‭ ‬التطويق‭ ‬الأميركي‭ ‬عبر‭ ‬العقوبات،‭ ‬ولأن‭ ‬المخاوف‭ ‬من‭ ‬المواجهة‭ ‬العسكرية‭ ‬وفق‭ ‬الحسابات‭ ‬الإيرانية،‭ ‬ستفتح‭ ‬الباب‭ ‬إما‭ ‬إلى‭ ‬تراجع‭ ‬ترامب‭ ‬فتزعم‭ ‬طهران‭ ‬الانتصار،‭ ‬أو‭ ‬إلى‭ ‬رضوخه‭ ‬للمفاوضات‭ ‬السرّية‭ ‬التي‭ ‬تلبي‭ ‬ما‭ ‬تريده‭ ‬إيران‭.‬

المصادر‭ ‬وثيقة‭ ‬الاطلاع‭ ‬على‭ ‬التفكير‭ ‬في‭ ‬طهران،‭ ‬أكدت‭ ‬أن‭ ‬القيادة‭ ‬الإيرانية‭ ‬على‭ ‬أعلى‭ ‬المستويات‭ ‬قررت‭ ‬استبعاد‭ ‬المحادثات‭ ‬مع‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وأصدرت‭ ‬تعليمات‭ ‬اتخاذ‭ ‬الاستعدادات‭ ‬العسكرية‭ ‬لمهمة‭ ‬“دفاعية”‭ ‬يجري‭ ‬التحضير‭ ‬لها‭ ‬مع‭ ‬حلول‭ ‬العطلة‭ ‬الأسبوعية‭ ‬أو‭ ‬مطلع‭ ‬الأسبوع‭ ‬المقبل‭ ‬ضمن‭ ‬استراتيجية‭ ‬“مقاومة”‭ ‬تنطوي‭ ‬على‭ ‬خيارات‭ ‬عسكرية‭ ‬في‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مكان‭ ‬وضد‭ ‬مصالح‭ ‬أميركية‭ ‬مباشرة‭ ‬وغير‭ ‬مباشرة‭. ‬الرئيس‭ ‬ترامب،‭ ‬من‭ ‬جهته،‭ ‬بادر‭ ‬إلى‭ ‬فتح‭ ‬القناة‭ ‬الديبلوماسية‭ ‬عبر‭ ‬سويسرا‭ ‬التي‭ ‬تمثل‭ ‬المصالح‭ ‬الإيرانية‭ ‬لدى‭ ‬واشنطن‭ ‬ليبعث‭ ‬رسائل‭ ‬إلى‭ ‬إيران‭ ‬ليس‭ ‬واضحاً‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬فحواها‭ ‬سوى‭ ‬أن‭ ‬المؤشرات‭ ‬والمصادر‭ ‬تفيد‭ ‬أن‭ ‬الرئيس‭ ‬يزج‭ ‬طهران‭ ‬في‭ ‬زاوية‭ ‬تعرية‭ ‬رفضها‭ ‬المحادثات‭ ‬والمفاوضات‭ ‬فيما‭ ‬إدارة‭ ‬ترامب‭ ‬ماضية‭ ‬في‭ ‬التشدّد‭ ‬مع‭ ‬إيران،‭ ‬وجاهزة‭ ‬لاستخدام‭ ‬القوة‭ ‬العسكرية‭ ‬رداً‭ ‬على‭ ‬“استفزازات‭ ‬إيرانية”،‭ ‬وحازمة‭ ‬في‭ ‬عدم‭ ‬التراجع‭ ‬أمام‭ ‬عزم‭ ‬القيادة‭ ‬الإيرانية‭ ‬على‭ ‬إملاء‭ ‬شروطها‭. ‬فالقطاران‭ ‬ماضيان‭ ‬إلى‭ ‬التصادم،‭ ‬حسبما‭ ‬تفيد‭ ‬به‭ ‬التطوّرات‭ ‬والمعلومات‭. ‬طهران‭ ‬لا‭ ‬تبدو‭ ‬جاهزة‭ ‬لإعادة‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬استراتيجية‭ ‬التهور‭ ‬التي‭ ‬اعتمدتها‭ ‬ولن‭ ‬توافق‭ ‬على‭ ‬تعديل‭ ‬سلوكها‭ ‬الإقليمي‭ ‬والصاروخي‭. ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬فحوى‭ ‬الرسالة‭ ‬الإيرانية‭ ‬مُرفقاً‭ ‬باحتجاج‭ ‬عارم‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬تعتبره‭ ‬القيادة‭ ‬إهانة‭ ‬لها‭ ‬بمجرد‭ ‬طرح‭ ‬مطالب‭ ‬إصلاح‭ ‬سلوكها‭ ‬ومنطق‭ ‬نظامها‭. ‬

مرشد‭ ‬الجمهورية‭ ‬الإسلامية‭ ‬الإيرانية‭ ‬آية‭ ‬الله‭ ‬علي‭ ‬خامنئي‭ ‬لا‭ ‬يتوقع‭ ‬حرباً‭ ‬مع‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬لكنه‭ ‬لن‭ ‬يلبي‭ ‬طلباً‭ ‬ولن‭ ‬يعدّل‭ ‬سلوكاً‭ ‬قيد‭ ‬أنملة‭. ‬الرئيس‭ ‬الأميركي‭ ‬لا‭ ‬يريد‭ ‬حرباً‭ ‬وهو‭ ‬جاهز‭ ‬للاكتفاء‭ ‬باستراتيجية‭ ‬الخناق‭ ‬والتطويق‭ ‬الاقتصادي‭ ‬كوسيلة‭ ‬لإركاع‭ ‬إيران‭ ‬وفرض‭ ‬إصلاح‭ ‬سلوكها‭ ‬عليها،‭ ‬لكنه‭ ‬لن‭ ‬يتمكن‭ ‬من‭ ‬تجاهل‭ ‬إجراءات‭ ‬إيرانية‭ ‬“استفزازية”‭ ‬قد‭ ‬تدخل‭ ‬جولتها‭ ‬الثانية‭ ‬في‭ ‬الأيام‭ ‬المقبلة،‭ ‬حسب‭ ‬المصادر،‭ ‬لذلك‭ ‬تتأهب‭ ‬القيادة‭ ‬العسكرية‭ ‬الأميركية‭ ‬للمواجهة‭.‬

إن‭ ‬الجولة‭ ‬الأولى‭ ‬شملت‭ ‬تعرّض‭ ‬4‭ ‬سفن‭ ‬لعمليات‭ ‬“تخريبية”‭ ‬قبالة‭ ‬ساحل‭ ‬الإمارات،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬قدّمت‭ ‬دولة‭ ‬الإمارات‭ ‬شكوى‭ ‬حوله‭ ‬إلى‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬الدولي،‭ ‬وشملت‭ ‬أيضاً‭ ‬هجوماً‭ ‬على‭ ‬محطتي‭ ‬ضخ‭ ‬للنفط‭ ‬في‭ ‬السعودية‭ ‬والذي‭ ‬بدوره‭ ‬كان‭ ‬موضع‭ ‬شكوى‭ ‬لدى‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭. ‬كلاهما‭ ‬وجه‭ ‬أصبع‭ ‬الاتهام‭ ‬إلى‭ ‬الجمهورية‭ ‬الإسلامية‭ ‬الإيرانية‭. ‬“إيلاف”‭.‬