فجر جديد

مدرسة أم سجن؟

| إبراهيم النهام

قبل‭ ‬يومين،‭ ‬وأثناء‭ ‬قيادتي‭ ‬السيارة‭ ‬بالقرب‭ ‬من‭ ‬إحدى‭ ‬المدارس‭ ‬الثانوية‭ ‬للبنين،‭ ‬تفاجأت‭ ‬بـ‭ ‬3‭ ‬طلبة،‭ ‬وهم‭ ‬يقفزون‭ ‬بتهور‭ ‬من‭ ‬أعلى‭ ‬سور‭ ‬المدرسة،‭ ‬ليرتطم‭ ‬أحدهم‭ ‬بعنف‭ ‬على‭ ‬الأرض،‭ ‬والكُتب‭ ‬والدفاتر‭ ‬مبعثرة‭ ‬حوله‭ ‬بشكل‭ ‬مُعيب‭.‬

لحظات‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬ينهض‭ ‬بألم،‭ ‬وهو‭ ‬ينفض‭ ‬الغبار‭ ‬من‭ ‬على‭ ‬ثيابه؛‭ ‬ليركض‭ ‬بعدها‭ ‬بسرعة‭ ‬الصاروخ‭ ‬عبر‭ ‬الشارع‭ ‬المحاذي،‭ ‬ثم‭ ‬يتوارى‭ ‬مع‭ ‬أصحابه‭ ‬عن‭ ‬الأنظار‭ ‬بين‭ ‬البنايات‭ ‬الكبيرة،‭ ‬والمزدحمة‭.‬

تطلعت‭ ‬للموقف‭ ‬بدهشة،‭ ‬وأنا‭ ‬أتساءل‭ ‬عن‭ ‬الأسباب‭ ‬التي‭ ‬تدفع‭ ‬بعض‭ ‬الطلبة‭ ‬للهروب‭ ‬من‭ ‬المدرسة‭ ‬وكأنها‭ ‬سجن،‭ ‬وليست‭ ‬مكانًا‭ ‬للتعلم،‭ ‬واكتساب‭ ‬الثقافة‭ ‬والمعرفة‭ ‬والأدب‭.‬

هذه‭ ‬السلوكيات‭ ‬الدخيلة،‭ ‬تقودنا‭ ‬للنظر‭ ‬في‭ ‬الدور‭ ‬الرقابي‭ ‬للإدارة‭ ‬المدرسية،‭ ‬وآليات‭ ‬الضبط‭ ‬المتبعة،‭ ‬ومهارات‭ ‬المدرسين‭ ‬في‭ ‬احتواء‭ ‬الطلبة،‭ ‬وتوجيههم،‭ ‬ومدى‭ ‬تواصل‭ ‬الإدارة‭ ‬مع‭ ‬أولياء‭ ‬الأمور‭ ‬بشأن‭ ‬ما‭ ‬يحدث،‭ ‬وما‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يحدث،‭ ‬وهي‭ ‬مسؤولية‭ ‬تصعب‭ ‬مع‭ ‬اعتماد‭ ‬بعض‭ ‬أولياء‭ ‬الأمور‭ ‬على‭ ‬المدرسة‭ ‬كوسيلة‭ ‬أساسية‭ ‬للتعليم‭ ‬والتربية‭ ‬معًا،‭ ‬وهو‭ ‬أمر‭ ‬غير‭ ‬صحيح‭.‬

أشير‭ ‬بحديثي‭ ‬أيضًا‭ ‬للأسوار‭ ‬الحديدية‭ ‬العالية،‭ ‬التي‭ ‬تعلوا‭ ‬الجدارات‭ ‬الأسمنتية‭ ‬المحيطة‭ ‬بالعديد‭ ‬من‭ ‬المدارس‭ ‬الحكومية،‭ ‬عن‭ ‬أسباب‭ ‬وجودها،‭ ‬والجدوى‭ ‬منها،‭ ‬وهل‭ ‬هي‭ ‬وسيلة‭ ‬مجدية‭ ‬لمنع‭ ‬الطلبة‭ ‬من‭ ‬الهروب،‭ ‬ولإبقائهم‭ ‬داخل‭ ‬الحرم‭ ‬المدرسي؟

هذه‭ ‬الأسوار‭ ‬هي‭ ‬رسائل‭ ‬فشل‭ ‬يتشارك‭ ‬بها‭ ‬جميع‭ ‬الأطراف‭ ‬ذات‭ ‬العلاقة‭ ‬في‭ ‬تربية‭ ‬وتعليم‭ ‬الطالب،‭ ‬ومتى‭ ‬ما‭ ‬وجدت‭ ‬وظلت،‭ ‬فهي‭ ‬شاهد‭ ‬علني‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الفشل،‭ ‬واستمراره‭.‬