جلالة الملك يوجه رسالة سامية بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة

ترسيخ المواطنة الصالحة وقيم التسامح والاعتدال

| المنامة‭ - ‬بنا

الإعلام‭ ‬الوطني‭ ‬بجميع‭ ‬وسائله‭ ‬أثبت‭ ‬أنه‭ ‬على‭ ‬قدر‭ ‬المسؤولية‭ ‬في‭ ‬دعم‭ ‬الإصلاح نقدر‭ ‬الإسهامات‭ ‬الوطنية‭ ‬للكوادر‭ ‬الإعلامية‭ ‬والفنية‭ ‬وكتاب‭ ‬الرأي‭ ‬والأعمدة التمسك‭ ‬بالضوابط‭ ‬المهنية‭ ‬والأخلاقية‭ ‬حجر‭ ‬الزاوية‭ ‬لبناء‭ ‬مجتمع‭ ‬ديمقراطي

 

وجه‭ ‬عاهل‭ ‬البلاد‭ ‬صاحب‭ ‬الجلالة‭ ‬الملك‭ ‬حمد‭ ‬بن‭ ‬عيسى‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬رسالة‭ ‬سامية؛‭ ‬بمناسبة‭ ‬اليوم‭ ‬العالمي‭ ‬لحرية‭ ‬الصحافة‭ ‬الذي‭ ‬صادف‭ ‬أمس‭ ‬الخميس‭. ‬وفيما‭ ‬يلي‭ ‬نص‭ ‬الرسالة‭ ‬السامية‭ ‬لصاحب‭ ‬الجلالة‭ ‬الملك‭:‬

يسعدنا‭ ‬أن‭ ‬نتوجه‭ ‬بخالص‭ ‬التحية‭ ‬والتقدير‭ ‬إلى‭ ‬رواد‭ ‬الفكر‭ ‬والإبداع‭ ‬ورموز‭ ‬الكلمة‭ ‬الحرة‭ ‬المسؤولة‭ ‬بمناسبة‭ ‬اليوم‭ ‬العالمي‭ ‬لحرية‭ ‬الصحافة،‭ ‬والذكرى‭ ‬الثمانين‭ ‬لإصدار‭ ‬أول‭ ‬صحيفة‭ ‬بحرينية‭ ‬شكَلت‭ ‬اللبنة‭ ‬الأولى‭ ‬في‭ ‬صرح‭ ‬إعلامنا‭ ‬الوطني‭ ‬بتاريخه‭ ‬العريق،‭ ‬ومبادئه‭ ‬الراقية،‭ ‬ورسالته‭ ‬السامية‭ ‬والمتواصلة‭ ‬في‭ ‬إرساء‭ ‬القيم‭ ‬الوطنية‭ ‬المشتركة،‭ ‬والتوعية‭ ‬والتنوير‭ ‬الثقافي‭ ‬والمعرفي‭.‬

وإنه‭ ‬لمن‭ ‬دواعي‭ ‬فخرنا‭ ‬واعتزازنا‭ ‬أن‭ ‬يتزامن‭ ‬احتفالنا‭ ‬هذا‭ ‬العام‭ ‬بهذه‭ ‬المناسبة‭ ‬الدولية‭ ‬حول‭ ‬موضوع‭ ‬“الإعلام‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الديمقراطية‭: ‬الصحافة‭ ‬والانتخابات‭ ‬في‭ ‬زمن‭ ‬التضليل‭ ‬الإعلامي”،‭ ‬وقد‭ ‬دخلت‭ ‬مسيرتنا‭ ‬الديمقراطية‭ ‬مرحلة‭ ‬جديدة‭ ‬من‭ ‬التقدم‭ ‬والازدهار؛‭ ‬بفضل‭ ‬وعي‭ ‬أبناء‭ ‬شعبنا‭ ‬ومشاركتهم‭ ‬الفاعلة‭ ‬في‭ ‬إنجاح‭ ‬الانتخابات‭ ‬النيابية‭ ‬والبلدية‭ ‬للدورة‭ ‬الخامسة‭. ‬ولقد‭ ‬كنا‭ ‬حريصين‭ ‬منذ‭ ‬بداية‭ ‬مشروعنا‭ ‬الإصلاحي‭ ‬قبل‭ ‬عقدين‭ ‬على‭ ‬تعزيز‭ ‬حرية‭ ‬الصحافة‭ ‬والإعلام،‭ ‬باعتبارها‭ ‬جزءًا‭ ‬لا‭ ‬يتجزأ‭ ‬من‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬في‭ ‬المعرفة‭ ‬والتعبير‭ ‬عن‭ ‬رأيه‭ ‬وفكره‭ ‬بحرية‭ ‬ومسؤولية،‭ ‬وشاهدًا‭ ‬حيويًا‭ ‬على‭ ‬استدامة‭ ‬نهجنا‭ ‬الديمقراطي‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬دولة‭ ‬القانون‭ ‬والمؤسسات‭ ‬الدستورية‭ ‬على‭ ‬أسس‭ ‬من‭ ‬العدالة‭ ‬والمساواة‭ ‬واحترام‭ ‬الحريات‭ ‬الأساسية‭ ‬والكرامة‭ ‬الإنسانية،‭ ‬استنادًا‭ ‬إلى‭ ‬تشريعات‭ ‬متطورة،‭ ‬وقضاء‭ ‬عادل‭ ‬ونزيه،‭ ‬ومجالس‭ ‬تشريعية‭ ‬وبلدية‭ ‬منتخبة،‭ ‬ومؤسسات‭ ‬حقوقية‭ ‬مستقلة،‭ ‬ومجتمع‭ ‬مدني‭ ‬فعَال‭.‬

وأثبت‭ ‬الإعلام‭ ‬الوطني‭ ‬بجميع‭ ‬وسائله‭ ‬المقروءة‭ ‬والمطبوعة‭ ‬والمسموعة‭ ‬والمرئية‭ ‬والإلكترونية‭ ‬أنه‭ ‬على‭ ‬قدر‭ ‬المسؤولية‭ ‬في‭ ‬دعم‭ ‬مسيرة‭ ‬الإصلاح‭ ‬والتحديث‭ ‬ودفع‭ ‬عجلة‭ ‬البناء‭ ‬والتنمية‭ ‬المستدامة،‭ ‬وأدى‭ ‬رسالته‭ ‬بكفاءة‭ ‬ونزاهة‭ ‬في‭ ‬تغطية‭ ‬العملية‭ ‬الانتخابية‭ ‬ودعم‭ ‬الاستحقاقات‭ ‬الديمقراطية،‭ ‬ومساندته‭ ‬للعمل‭ ‬البرلماني‭ ‬المسؤول‭ ‬لمجلسي‭ ‬الشورى‭ ‬والنواب،‭ ‬وتكريس‭ ‬نهج‭ ‬الرقابة‭ ‬والمساءلة‭ ‬والشفافية‭.‬

ولا‭ ‬يفوتنا‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الصدد‭ ‬أن‭ ‬نعرب‭ ‬عن‭ ‬شكرنا‭ ‬وتقديرنا‭ ‬لوزارة‭ ‬شؤون‭ ‬الإعلام‭ ‬وكافة‭ ‬منسوبيها‭ ‬على‭ ‬جهودهم‭ ‬الملموسة‭ ‬بالتعاون‭ ‬مع‭ ‬مركز‭ ‬الاتصال‭ ‬الوطني‭ ‬وجمعية‭ ‬الصحفيين‭ ‬البحرينية،‭ ‬في‭ ‬النهوض‭ ‬بالواقع‭ ‬الصحفي‭ ‬والإعلامي‭ ‬تشريعيًا‭ ‬ومهنيًا‭ ‬وفنيًا،‭ ‬بما‭ ‬يواكب‭ ‬المسيرة‭ ‬الديمقراطية‭ ‬والتنموية،‭ ‬وينسجم‭ ‬مع‭ ‬الريادة‭ ‬والتميز‭ ‬الوطني‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬الاتصالات‭ ‬وتقنية‭ ‬المعلومات،‭ ‬واستخدام‭ ‬الإنترنت‭ ‬وشبكات‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭.‬

ونثمن‭ ‬عاليًا‭ ‬الإسهامات‭ ‬الوطنية‭ ‬للكوادر‭ ‬الإعلامية‭ ‬والفنية‭ ‬وكتاب‭ ‬الرأي‭ ‬والأعمدة،‭ ‬من‭ ‬الرواد‭ ‬الأوائل‭ ‬والشباب‭ ‬المبدع،‭ ‬باعتبارهم‭ ‬ثروتنا‭ ‬الحقيقية‭ ‬على‭ ‬طريق‭ ‬الإصلاح‭ ‬الديمقراطي‭ ‬والتقدم‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والاجتماعي،‭ ‬مؤكدين‭ ‬اعتزازنا‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬خاص‭ ‬بعطاءات‭ ‬المرأة‭ ‬في‭ ‬قطاعات‭ ‬الصحافة‭ ‬والإعلام‭ ‬والاتصال‭ ‬والتي‭ ‬استحقت‭ ‬عن‭ ‬جدارة‭ ‬رئاسة‭ ‬جمعية‭ ‬الصحفيين‭ ‬البحرينية،‭ ‬بعدما‭ ‬تبوأت‭ ‬رئاسة‭ ‬مجلس‭ ‬النواب‭ ‬الموقر،‭ ‬وأثبتت‭ ‬كفاءتها‭ ‬كشريك‭ ‬جدير‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬مواقع‭ ‬العمل‭ ‬والإنتاج‭ ‬والمسؤولية،‭ ‬بدعم‭ ‬وتحفيز‭ ‬من‭ ‬المجلس‭ ‬الأعلى‭ ‬للمرأة‭.‬

وإننا‭ ‬لعلى‭ ‬ثقة‭ ‬تامة‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬الإعلام‭ ‬الوطني‭ ‬المسؤول‭ ‬بجميع‭ ‬قنواته،‭ ‬ومن‭ ‬بينها‭ ‬الصحافة‭ ‬الحرة‭ ‬المستقلة،‭ ‬هو‭ ‬ركيزتنا‭ ‬الأساسية‭ ‬نحو‭ ‬ترسيخ‭ ‬الديمقراطية‭ ‬والحوكمة‭ ‬الرشيدة‭ ‬والمجتمع‭ ‬المعرفي‭ ‬ودعم‭ ‬أهداف‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة‭ ‬بالتوافق‭ ‬مع‭ ‬رؤيتنا‭ ‬الاقتصادية‭ ‬2030‭ ‬وبرنامج‭ ‬عمل‭ ‬الحكومة،‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬من‭ ‬الشفافية‭ ‬وسيادة‭ ‬القانون،‭ ‬والالتزام‭ ‬بآداب‭ ‬وأخلاقيات‭ ‬المهنة‭ ‬الإعلامية‭ ‬ومواصلة‭ ‬إسهاماتهم‭ ‬في‭ ‬الذود‭ ‬عن‭ ‬أمن‭ ‬الوطن‭ ‬واستقراره،‭ ‬وصون‭ ‬هويته‭ ‬الثقافية‭ ‬والحضارية،‭ ‬وتعزيز‭ ‬مكتسباته‭ ‬التنموية‭ ‬والإصلاحية‭.‬

ولدينا‭ ‬إيمان‭ ‬راسخ‭ ‬بأن‭ ‬الصحفيين‭ ‬والإعلاميين‭ ‬في‭ ‬تمسكهم‭ ‬بالضوابط‭ ‬المهنية‭ ‬والأخلاقية‭ ‬هم‭ ‬حجر‭ ‬الزاوية‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬وتعزيز‭ ‬مجتمع‭ ‬ديمقراطي‭ ‬يسوده‭ ‬الأمن‭ ‬والسلام‭ ‬والعدالة،‭ ‬والدفاع‭ ‬عن‭ ‬الوطن‭ ‬ومنجزاته‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬الأكاذيب‭ ‬والشائعات‭ ‬والحملات‭ ‬المضللة،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬احترامهم‭ ‬للدستور‭ ‬والقانون‭ ‬ومواثيق‭ ‬الشرف،‭ ‬ومراعاة‭ ‬الدقة‭ ‬والأمانة‭ ‬والمصداقية‭ ‬في‭ ‬التعبير‭ ‬عن‭ ‬آرائهم‭ ‬ونشر‭ ‬الحقائق‭ ‬وتعميم‭ ‬ثقافة‭ ‬المحبة‭ ‬والتسامح،‭ ‬ووضع‭ ‬المصلحة‭ ‬العليا‭ ‬للوطن‭ ‬فوق‭ ‬أي‭ ‬اعتبارات‭ ‬أو‭ ‬انتماءات‭ ‬دينية‭ ‬أو‭ ‬طائفية‭ ‬أو‭ ‬أيديولوجية،‭ ‬وتميزهم‭ ‬بالحس‭ ‬القومي‭ ‬في‭ ‬نصرة‭ ‬قضايانا‭ ‬العربية‭ ‬والإسلامية‭ ‬العادلة،‭ ‬وفي‭ ‬مقدمتها‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬والوقوف‭ ‬صفًا‭ ‬واحدًا‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬الشقيقة‭ ‬الكبرى‭ ‬في‭ ‬قيادتها‭ ‬الحكيمة‭ ‬للأمة‭ ‬في‭ ‬إرساء‭ ‬دعائم‭ ‬الوسطية‭ ‬والسلام،‭ ‬ومحاربة‭ ‬التطرف‭ ‬والإرهاب‭.‬

وفي‭ ‬ظل‭ ‬ما‭ ‬تشهده‭ ‬المنطقة‭ ‬والعالم‭ ‬من‭ ‬اضطرابات‭ ‬أمنية‭ ‬وموجات‭ ‬متزايدة‭ ‬من‭ ‬إثارة‭ ‬للفتن‭ ‬والانقسامات،‭ ‬وتحريض‭ ‬على‭ ‬الكراهية‭ ‬والعداوة‭ ‬والإرهاب‭ ‬لاسيما‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬العصر‭ ‬الرقمي‭ ‬وتنامي‭ ‬شبكات‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي؛‭ ‬فإننا‭ ‬بحاجة‭ ‬ماسة‭ ‬إلى‭ ‬تقوية‭ ‬الجبهة‭ ‬الوطنية‭ ‬وتعميق‭ ‬الشراكة‭ ‬الدولية‭ ‬والتعاون‭ ‬بين‭ ‬المؤسسات‭ ‬الإعلامية‭ ‬والتعليمية‭ ‬والثقافية‭ ‬والدينية‭ ‬والحقوقية‭ ‬في‭ ‬ترسيخ‭ ‬روح‭ ‬المواطنة‭ ‬الصالحة،‭ ‬وتكريس‭ ‬القيم‭ ‬الإنسانية‭ ‬الداعية‭ ‬إلى‭ ‬التسامح‭ ‬والاعتدال‭ ‬والتعايش‭ ‬بين‭ ‬الأديان‭ ‬والثقافات‭ ‬والحضارات،‭ ‬والحفاظ‭ ‬على‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬والنظام‭ ‬والآداب‭ ‬العامة،‭ ‬ونبذ‭ ‬العنف‭ ‬والأفكار‭ ‬المتطرفة،‭ ‬وفق‭ ‬ما‭ ‬تؤكده‭ ‬التعاليم‭ ‬الدينية‭ ‬والمواثيق‭ ‬الدولية‭ ‬كافة،‭ ‬نحو‭ ‬مجتمعات‭ ‬مسالمة‭ ‬وآمنة‭ ‬ومزدهرة‭.‬

وفقنا‭ ‬الله‭ ‬جميعًا‭ ‬لما‭ ‬فيه‭ ‬خيرِ‭ ‬وطننا‭ ‬الغالي‭ ‬وشعبنا‭ ‬العزيز،‭ ‬وأعاننا‭ ‬لما‭ ‬يلبي‭ ‬حقوق‭ ‬شعوبنا‭ ‬العربية‭ ‬والإسلامية‭ ‬والإنسانية‭ ‬جمعاء‭ ‬في‭ ‬العيش‭ ‬الكريم‭ ‬والأمن‭ ‬والسلام،‭ ‬والرخاء‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والاجتماعي،‭ ‬والتنمية‭ ‬العادلة‭ ‬والمستدامة”‭.‬

 

حمد‭ ‬بن‭ ‬عيسى‭ ‬آل‭ ‬خليفة

ملك‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين