رجل أعمال أوروبي اتهم المطبوعة بالتشهير به

رفض طعن النيابة ببراءة رئيس مجلس إدارة صحيفة محلية

| عباس إبراهيم

رفضت‭ ‬محكمة‭ ‬الاستئناف‭ ‬العليا‭ ‬الجنائية‭ ‬الأولى‭ ‬استئناف‭ ‬النيابة‭ ‬العامة‭ ‬لحكم‭ ‬براءة‭ ‬صادر‭ ‬بحق‭ ‬رئيس‭ ‬مجلس‭ ‬إدارة‭ ‬إحدى‭ ‬الصحف‭ ‬المحلية‭ ‬الإنجليزية،‭ ‬مما‭ ‬نسب‭ ‬إليه‭ ‬من‭ ‬اتهام‭ ‬بنشر‭ ‬خبر‭ ‬يتمحور‭ ‬حول‭ ‬أحد‭ ‬رجال‭ ‬الأعمال‭ ‬الأوروبيين،‭ ‬مدعيا‭ ‬اختلاسه‭ ‬لمبلغ‭ ‬62‭ ‬ألف‭ ‬دينار‭ ‬ويدير‭ ‬شركة‭ ‬وهمية‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬أن‭ ‬له‭ ‬سجل‭ ‬إجرامي؛‭ ‬على‭ ‬اعتبار‭ ‬أن‭ ‬الاتصاف‭ ‬موجه‭ ‬ضد‭ ‬من‭ ‬لا‭ ‬صفة‭ ‬له‭ ‬فيه‭.‬

وكانت‭ ‬محكمة‭ ‬أول‭ ‬درجة‭ ‬قضت‭ ‬ببراءة‭ ‬المتهم‭ ‬ما‭ ‬نسب‭ ‬إليه‭ ‬وأمرت‭ ‬بإحالة‭ ‬الأوراق‭ ‬للنيابة‭ ‬العامة‭ ‬قِبَلَ‭ ‬المتهم‭ ‬الحقيقي‭ ‬صاحب‭ ‬الصفة‭.‬

إلا‭ ‬أن‭ ‬النيابة‭ ‬العامة‭ ‬طعنت‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الحكم‭ ‬للثبوت‭ ‬والخطأ‭ ‬في‭ ‬تطبيق‭ ‬القانون‭ ‬والفساد‭ ‬في‭ ‬الاستدلال،‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬ولم‭ ‬تقدم‭ ‬مذكرة‭ ‬بأسباب‭ ‬طعنها،‭ ‬وطلبت‭ ‬من‭ ‬محكمة‭ ‬الاستئناف‭ ‬القضاء‭ ‬بقبول‭ ‬الاستئناف‭ ‬شكلا‭ ‬وفي‭ ‬الموضوع‭ ‬بإجماع‭ ‬الآراء‭ ‬بإلغاء‭ ‬الحكم‭ ‬المستأنف‭ ‬والقضاء‭ ‬مجددا‭ ‬بمعاقبة‭ ‬المستأنف‭ ‬ضده‭ ‬عما‭ ‬أسند‭ ‬إليه‭.‬

لكن‭ ‬المحكمة‭ ‬ذكرت‭ ‬في‭ ‬أسباب‭ ‬حكمها‭ ‬برفض‭ ‬الطعن‭ ‬أن‭ ‬الحكم‭ ‬المستأنف‭ ‬ساق‭ ‬تبريرا‭ ‬لقضائه،‭ ‬وأن‭ ‬الثابت‭ ‬من‭ ‬الأوراق‭ ‬أن‭ ‬المتهم‭ ‬يشغل‭ ‬منصب‭ ‬رئيس‭ ‬مجلس‭ ‬إدارة‭ ‬الصحيفة‭ ‬المشار‭ ‬إليها‭ ‬وأن‭ ‬شخص‭ ‬آخر‭ ‬هو‭ ‬رئيس‭ ‬التحرير‭ ‬وقت‭ ‬نشر‭ ‬المقال‭ ‬هو‭ ‬المسؤول‭ ‬عن‭ ‬ذلك‭.‬

كما‭ ‬أن‭ ‬المشرع‭ ‬خصص‭ ‬في‭ ‬القانون‭ ‬أن‭ ‬المسؤولية‭ ‬الجنائية‭ ‬لرئيس‭ ‬التحرير‭ ‬أو‭ ‬المحرر‭ ‬المسؤول‭ ‬عن‭ ‬القسم‭ ‬الذي‭ ‬حصل‭ ‬فيه‭ ‬النشر،‭ ‬وليس‭ ‬لرئيس‭ ‬مجلس‭ ‬إدارة‭ ‬الصحيفة،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬تكون‭ ‬معه‭ ‬الدعوى‭ ‬قد‭ ‬أقيمت‭ ‬على‭ ‬غير‭ ‬ذي‭ ‬صفة‭.‬

وأضافت‭ ‬أن‭ ‬النيابة‭ ‬العامة‭ ‬لم‭ ‬تقدم‭ ‬ثمة‭ ‬مذكرة‭ ‬بأسباب‭ ‬استئنافها،‭ ‬وكان‭ ‬من‭ ‬المقرر‭ ‬أن‭ ‬استئناف‭ ‬النيابة‭ ‬يترتب‭ ‬عليه‭ ‬نقل‭ ‬موضوع‭ ‬الدعوى‭ ‬برمته‭ ‬إلى‭ ‬المحكمة‭ ‬الاستئنافية،‭ ‬واتصال‭ ‬هذه‭ ‬المحكمة‭ ‬يخولها‭ ‬النظر‭ ‬فيه‭ ‬من‭ ‬جميع‭ ‬نواحيه‭ ‬والحكم‭ ‬فيه،‭ ‬طبقا‭ ‬لما‭ ‬تراه‭ ‬في‭ ‬حدود‭ ‬القانون،‭ ‬غير‭ ‬مقيدة‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬بأي‭ ‬قيد‭ ‬تضعه‭ ‬النيابة‭ ‬العامة‭ ‬في‭ ‬تقرير‭ ‬الاستئناف‭ ‬أو‭ ‬بطلب‭ ‬تبديه‭ ‬في‭ ‬جلسة‭ ‬المرافعة‭.‬

وتابعت،‭ ‬أنه‭ ‬ولما‭ ‬خلت‭ ‬الأوراق‭ ‬من‭ ‬ثمة‭ ‬دليل‭ ‬يقيني‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬المستأنف‭ ‬ضده‭ ‬بصفته‭ ‬رئيس‭ ‬مجلس‭ ‬إدارة‭ ‬الصحيفة‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬له‭ ‬ثمة‭ ‬دور‭ ‬أو‭ ‬فاعل‭ ‬للجرائم‭ ‬المرتكبة‭ ‬بواسطة‭ ‬صحيفته‭ ‬وموضوع‭ ‬الاستئناف‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬قصور‭ ‬التحقيقات‭ ‬للوصول‭ ‬إلى‭ ‬محرر‭ ‬المقال‭ ‬أو‭ ‬رئيس‭ ‬التحرير‭.‬

فضلا‭ ‬عن‭ ‬أن‭ ‬الدليل‭ ‬الوحيد‭ ‬المتوافر‭ ‬بالأوراق‭ ‬مجرد‭ ‬أقوال‭ ‬مرسلة‭ ‬وتكهنات‭ ‬لا‭ ‬ترقى‭ ‬لمرتبة‭ ‬الدليل‭ ‬اليقيني‭ ‬ولم‭ ‬تتأيد‭ ‬بثمة‭ ‬دليل‭ ‬آخر‭ ‬ويكون‭ ‬الحكم‭ ‬المستأنف‭ ‬في‭ ‬قضائه‭ ‬قد‭ ‬أصاب‭ ‬صحيح‭ ‬القانون‭ ‬ويكون‭ ‬في‭ ‬محله‭ ‬للأسباب‭ ‬التي‭ ‬بني‭ ‬عليها،‭ ‬والتي‭ ‬أخذت‭ ‬بها‭ ‬المحكمة‭ ‬أسبابا‭ ‬لحكمها،‭ ‬وانتهت‭ ‬إلى‭ ‬القضاء‭ ‬برفض‭ ‬استئناف‭ ‬النيابة‭ ‬العامة‭ ‬وبتأييد‭ ‬الحكم‭ ‬المستأنف‭.‬

وورد‭ ‬في‭ ‬أوراق‭ ‬التحقيق‭ ‬أن‭ ‬المجني‭ ‬عليه‭ ‬كان‭ ‬قد‭ ‬أبلغ‭ ‬ضد‭ ‬الصحيفة‭ ‬بأنها‭ ‬نشرت‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬2016‭ ‬موضوعا‭ ‬تم‭ ‬توجيه‭ ‬الاتهام‭ ‬له‭ ‬فيه‭ ‬بأنه‭ ‬مختلس‭ ‬لمبلغ‭ ‬62‭ ‬ألف‭ ‬دينار‭ ‬وأن‭ ‬لديه‭ ‬سجلا‭ ‬إجراميا‭ ‬ويدير‭ ‬شركة‭ ‬توظيف‭ ‬وهمية،‭ ‬مضيفا‭ ‬أن‭ ‬الموضوع‭ ‬نشر‭ ‬عنه‭ ‬على‭ ‬خلفية‭ ‬استدعائه‭ ‬إلى‭ ‬إدارة‭ ‬الجرائم‭ ‬الاقتصادية‭ ‬للتحقيق‭ ‬معه‭ ‬حول‭ ‬خلافات‭ ‬مع‭ ‬أحد‭ ‬المتعاملين‭ ‬مع‭ ‬شركته،‭ ‬فتم‭ ‬استغلال‭ ‬الموقف‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الصحيفة‭ ‬والتي‭ ‬نشرت‭ ‬تلك‭ ‬الأخبار‭ ‬الكاذبة‭ ‬عنه،‭ ‬موضحا‭ ‬أنه‭ ‬تم‭ ‬نشر‭ ‬اسمه‭ ‬في‭ ‬الجريدة‭ ‬بشكل‭ ‬واضح‭ ‬مما‭ ‬تسبب‭ ‬له‭ ‬في‭ ‬أضرار‭ ‬كبيرة‭.‬

لكن‭ ‬وبالتحقيق‭ ‬مع‭ ‬رئيس‭ ‬مجلس‭ ‬إدارة‭ ‬الصحيفة‭ ‬المشار‭ ‬إليها‭ ‬أنكر‭ ‬ما‭ ‬نسب‭ ‬إليه،‭ ‬مبينا‭ ‬أن‭ ‬المجني‭ ‬عليه‭ ‬تقدم‭ ‬منذ‭ ‬فترة‭ ‬لطلب‭ ‬وضع‭ ‬إعلان‭ ‬في‭ ‬صحيفتهم‭ ‬لأنه‭ ‬يملك‭ ‬شركة‭ ‬للتوظيف،‭ ‬وكان‭ ‬الإعلان‭ ‬عن‭ ‬وظائف‭ ‬خارج‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين،‭ ‬فتم‭ ‬نشر‭ ‬عدد‭ ‬3‭ ‬إعلانات‭ ‬له،‭ ‬لكنه‭ ‬لم‭ ‬يدفع‭ ‬قيمة‭ ‬تلك‭ ‬الإعلانات،‭ ‬وقد‭ ‬تبين‭ ‬لهم‭ ‬فيما‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬الشركة‭ ‬تم‭ ‬إغلاقها‭.‬

لكن‭ ‬أحد‭ ‬الصحفيين‭ ‬العاملين‭ ‬لدى‭ ‬الصحيفة‭ ‬أجرى‭ ‬تحرياته‭ ‬حول‭ ‬تلك‭ ‬الشركة،‭ ‬بعدما‭ ‬علم‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬الأشخاص‭ ‬الذين‭ ‬اتصلوا‭ ‬بالشركة‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬الإعلان‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬الرد‭ ‬عليهم،‭ ‬فنشر‭ ‬موضوعا‭ ‬في‭ ‬الصحيفة‭ ‬متهما‭ ‬فيه‭ ‬صاحب‭ ‬الإعلان‭ ‬بالاحتيال‭ ‬وذكر‭ ‬اسمه‭.‬

ولفت‭ ‬رئيس‭ ‬مجلس‭ ‬الإدارة‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬وبصفته‭ ‬هذه‭ ‬لا‭ ‬يقوم‭ ‬بمراجعة‭ ‬المقالات‭ ‬التي‭ ‬يتم‭ ‬نشرها،‭ ‬بينما‭ ‬يتكفل‭ ‬آخرون‭ ‬بتلك‭ ‬المهمة‭ ‬وأنه‭ ‬غير‭ ‬معني‭ ‬بالمراقبة‭ ‬على‭ ‬عمل‭ ‬الصحيفة‭.‬

فأحالته‭ ‬النيابة‭ ‬العامة‭ ‬للمحاكمة‭ ‬على‭ ‬اعتبار‭ ‬أنه‭ ‬بتاريخ‭ ‬2‭ ‬مارس‭ ‬2016،‭ ‬ارتكب‭ ‬الآتي‭:‬

أولا‭: ‬رمى‭ ‬المجني‭ ‬عليه‭ ‬بما‭ ‬يخدش‭ ‬اعتباره‭ ‬بأن‭ ‬وجه‭ ‬له‭ ‬كتابات‭ ‬مبينة‭ ‬بالأوراق‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يتضمن‭ ‬واقعة‭ ‬إسناد‭ ‬معينة‭ ‬وكان‭ ‬ذلك‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬النشر‭ ‬في‭ ‬الصحيفة‭.‬

ثانيا‭: ‬نشر‭ ‬في‭ ‬الجريدة‭ ‬بما‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬المساس‭ ‬بكرامة‭ ‬المجني‭ ‬عليه‭.‬