الراحل ترك بصماته البيضاء في تاريخ البحرين

وفاة الوجيه علي راشد الأمين مؤسس أول سوبرماركت

| أمل الحامد

انتقل‭ ‬إلى‭ ‬رحمة‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬الوجيه‭ ‬ورجل‭ ‬الأعمال‭ ‬علي‭ ‬راشد‭ ‬الأمين،‭ ‬أحد‭ ‬أعمدة‭ ‬الاقتصاد‭ ‬والتجارة‭ ‬في‭ ‬البحرين‭.  ‬والأمين‭ ‬رئيس‭ ‬وعضو‭ ‬سابق‭ ‬لعشرات‭ ‬الشركات‭ ‬المساهمة‭ ‬وعضو‭ ‬سابق‭ ‬بمجلس‭ ‬إدارة‭ ‬غرفة‭ ‬تجارة‭ ‬وصناعة‭ ‬البحرين‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬البحرين‭ ‬الخيرية،‭ ‬ومؤسس‭ ‬عشرات‭ ‬الشركات‭ ‬المساهمة‭ ‬والخاصة‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬المدارس‭ ‬الوطنية‭ ‬والجمعيات‭ ‬الخيرية‭ ‬والنوادي‭ ‬الرياضية‭. ‬وهو‭ ‬مالك‭ ‬أول‭ ‬سوبر‭ ‬ماركت‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬في‭ ‬شارع‭ ‬التجار‭ ‬بالمنامة،‭ ‬بنظام‭ ‬أوربي‭ ‬وكان‭ ‬السوبر‭ ‬ماركات‭ ‬الوحيد‭ ‬الذي‭ ‬يستورد‭ ‬من‭ ‬أوروبا‭ ‬وأميركا‭ ‬البضائع‭ ‬النادرة‭ ‬إلى‭ ‬سوق‭ ‬البحرين‭. ‬كانت‭ ‬له‭ ‬بصماته‭ ‬البيضاء‭ ‬الواضحة‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬البحرين‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬الاجتماعي‭ ‬والخيري‭.‬

والراحل‭ ‬الأمين‭ ‬من‭ ‬مواليد‭ ‬فريج‭ ‬المحميد‭ ‬بالمحرق‭ ‬ودرس‭ ‬في‭ ‬الهداية‭ ‬الخليفية‭ ‬وتخرج‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1949‭ ‬وشدّ‭ ‬رحاله‭ ‬إلى‭ ‬الخبر‭ ‬ليعمل‭ ‬كمدير‭ ‬لمخازن‭ ‬شركة‭ ‬التميمي،‭ ‬حيث‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬الأوائل‭ ‬الذين‭ ‬عملوا‭ ‬في‭ ‬الشقيقة‭ ‬الكبرى‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية،‭ ‬وترك‭ ‬بصماته‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬عمله‭ ‬في‭ ‬الشركة‭ ‬لمدة‭ ‬ثلاث‭ ‬سنوات‭.‬

‭ ‬بدأ‭ ‬العمل‭ ‬بسوبر‭ ‬ماركت‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬البقيق‭ ‬بالمملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬في‭ ‬فترة‭ ‬الخمسينات،‭ ‬ولفتت‭ ‬انتباهه‭ ‬حركة‭ ‬البيع‭ ‬والشراء‭ ‬النشطة‭ ‬خصوصًا‭ ‬مع‭ ‬الجاليات‭ ‬الأجنبية،‭ ‬لحظتها‭ ‬رسخت‭ ‬في‭ ‬مخيلته‭ ‬فكرة‭ ‬أن‭ ‬يعمل‭ ‬بتجارة‭ ‬الأغذية،‭ ‬بعدها‭ ‬انتقل‭ ‬من‭ ‬بقيق‭ ‬إلى‭ ‬منطقة‭ ‬تسمى‭ ‬طريف‭ ‬على‭ ‬حدود‭ ‬الأردن،‭ ‬وفي‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت‭ ‬تعرض‭ ‬لمحاولة‭ ‬قتل؛‭ ‬إذ‭ ‬كان‭ ‬يعمل‭ ‬وكيلاً‭ ‬لرجل‭ ‬الأعمال‭ ‬علي‭ ‬التميمي‭ (‬رحمه‭ ‬الله‭) ‬والذي‭ ‬كان‭ ‬يعمل‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬المقاولات‭.‬

وقصة‭ ‬محاولة‭ ‬قتله‭ ‬هي‭ ‬أنه‭ ‬عندما‭ ‬بلغه‭ ‬أن‭ ‬أحد‭ ‬الموظفين‭ ‬لا‭ ‬يقوم‭ ‬بواجباته‭ ‬بل‭ ‬يستخدم‭ ‬المخازن‭ ‬مكانًا‭ ‬للنوم،‭ ‬وكانت‭ ‬الشكوى‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الموظف‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬رئيس‭ ‬المخازن،‭ ‬ونظرًا‭ ‬لعدم‭ ‬درايته‭ ‬بكل‭ ‬الظروف‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الفترة‭ ‬قرر‭ ‬الاستغناء‭ ‬عنه،‭ ‬ولحظتها‭ ‬قرر‭ ‬أفراد‭ ‬من‭ ‬قبيلته‭ ‬قتله‭.‬

وإثر‭ ‬ذلك،‭ ‬جاء‭ ‬أشخاص‭ ‬لتحذير‭ ‬الأمين،‭ ‬فلجأ‭ ‬إلى‭ ‬منزله‭ ‬حتى‭ ‬صباح‭ ‬اليوم‭ ‬الثاني،‭ ‬وحمل‭ ‬بعض‭ ‬ممتلكاته‭ ‬وقرر‭ ‬المغادرة‭ ‬سريعًا‭ ‬وسافر‭ ‬إلى‭ ‬الخبر،‭ ‬وهناك‭ ‬استقبله‭ ‬رجل‭ ‬الأعمال‭ ‬علي‭ ‬التميمي‭ ‬وطلب‭ ‬منه‭ ‬العمل‭ ‬معه‭ ‬في‭ ‬مكتبه،‭ ‬وبعد‭ ‬فترة‭ ‬جاء‭ ‬التاجر‭ ‬عبدالله‭ ‬بن‭ ‬أحمد‭ ‬الساعي‭ ‬وكان‭ ‬أستاذه‭ ‬في‭ ‬التجارة‭ ‬وأبلغه‭ ‬أنه‭ ‬ينوي‭ ‬فتح‭ ‬محل‭ ‬تجاري‭ ‬في‭ ‬الخبر‭ ‬وطلب‭ ‬منه‭ ‬مشاركته‭ ‬في‭ ‬المشروع‭ ‬ودفع‭ ‬له‭ ‬مبلغ‭ ‬“عشرة‭ ‬آلاف‭ ‬ربية”،‭ ‬وأول‭ ‬يوم‭ ‬فتح‭ ‬فيه‭ ‬المتجر‭ ‬شهدت‭ ‬أرامكو‭ ‬إضرابًا‭ ‬للعمال،‭ ‬وكان‭ ‬الاعتماد‭ ‬في‭ ‬نجاح‭ ‬المشروع‭ ‬على‭ ‬موظفي‭ ‬وعمال‭ ‬أرامكو،‭ ‬وللأسف‭ ‬لم‭ ‬يشهد‭ ‬المحل‭ ‬أي‭ ‬إقبال‭ ‬للشراء‭.. ‬كان‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬1964‭ ‬ولم‭ ‬ينجح‭ ‬المشروع‭. ‬ولهذا‭ ‬قرر‭ ‬السفر‭ ‬للبحرين‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬1969،‭ ‬وبدأ‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬التجاري‭ ‬فيها‭.‬

وتربى‭ ‬المرحوم‭ ‬على‭ ‬نصيحة‭ ‬حملها‭ ‬معه‭ ‬وهي‭ ‬ما‭ ‬قاله‭ ‬والده‭ ‬“إذا‭ ‬طلب‭ ‬منك‭ ‬أحد‭ ‬المساعدة‭ ‬وتستطيع‭ ‬تقديمها‭ ‬فلا‭ ‬ترده”‭. ‬وهذه‭ ‬الوصية‭ ‬الجميلة‭ ‬ارتسمت‭ ‬في‭ ‬عقله‭ ‬وروحه‭. ‬ولهذا‭ ‬حاول‭ ‬أن‭ ‬يقدم‭ ‬ما‭ ‬يمكنه‭ ‬تقديمه‭ ‬لكل‭ ‬من‭ ‬يطلب‭ ‬مساعدته‭.‬

‭ ‬في‭ ‬أحد‭ ‬أيام‭ ‬الصيف‭ ‬من‭ ‬العام‭ ‬1963‭ ‬وبينما‭ ‬كان‭ ‬جالسًا‭ ‬في‭ ‬“الدكان‭ ‬الصغير”‭ ‬بشارع‭ ‬التجار‭ ‬في‭ ‬المنامة‭ (‬أسواق‭ ‬ميدوي‭ ‬حاليًّا‭) ‬دخل‭ ‬عليه‭ ‬شخص‭ ‬من‭ ‬الخليج‭ ‬وكان‭ ‬لحظتها‭ ‬يشعر‭ ‬بالتعب‭ ‬والضيق‭ ‬ويحمل‭ ‬في‭ ‬يده‭ ‬عصا‭ ‬فطلبت‭ ‬المرحوم‭ ‬منه‭ ‬الجلوس،‭ ‬وطلب‭ ‬أن‭ ‬يحضر‭ ‬له‭ ‬“غرشة‭ ‬بيبسي”‭ ‬ليشربها،‭ ‬وأعطاه‭ ‬“روبية”،‭ ‬فجأة‭ ‬شاهده‭ ‬يقف‭ ‬ويتجه‭ ‬ناحية‭ ‬الغرب‭ ‬ويقول‭ ‬“الله‭ ‬يكرمك‭ ‬مثلما‭ ‬أكرمتني”‭. ‬ولحظتها‭ ‬شعر‭ ‬بحجم‭ ‬وعظمة‭ ‬هذا‭ ‬الطلب،‭ ‬رغم‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬يفعل‭ ‬شيئًا‭ ‬كبيرًا،‭ ‬فقط‭ ‬نفذت‭ ‬ما‭ ‬أوصاه‭ ‬به‭ ‬والده‭.‬

‭ ‬وساهم‭ ‬المرحوم‭ ‬في‭ ‬تأسيس‭ ‬مؤسسة‭ ‬خيرية‭ ‬تخدم‭ ‬المحتاجين،‭ ‬وخصص‭ ‬جزءًا‭ ‬من‭ ‬أرباحه‭ ‬لمساعدة‭ ‬الجمعيات‭ ‬الخيرية‭ ‬في‭ ‬بداية‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬المبارك‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬عام،‭ ‬ثم‭ ‬قرّر‭ ‬تحويل‭ ‬هذه‭ ‬المؤسسة‭ ‬إلى‭ ‬جمعية‭ ‬خيرية‭ ‬أكبر‭ ‬مما‭ ‬كانت‭ ‬عليه‭ ‬سابقًا،‭ ‬وهي‭ ‬“جمعية‭ ‬علي‭ ‬راشد‭ ‬الأمين‭ ‬الخيرية”‭ ‬وكان‭ ‬أول‭ ‬المتبرعين‭ ‬للجمعية‭ ‬من‭ ‬أمواله‭ ‬الخاصة،‭ ‬ورصد‭ ‬مبلغ‭ ‬50‭ ‬ألف‭ ‬دينار‭ ‬في‭ ‬حساب‭ ‬الجمعية‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬بعض‭ ‬الأموال‭ ‬التي‭ ‬نحصل‭ ‬عليها‭ ‬من‭ ‬الصناديق‭ ‬المقفلة‭ ‬في‭ ‬محلات‭ ‬“أسواق‭ ‬ميدوي”‭.‬

‭ ‬وشغل‭ ‬عدة‭ ‬مناصب‭ ‬منها‭: ‬رئيس‭ ‬مجلس‭ ‬إدارة‭ ‬ترافكو،‭ ‬رئيس‭ ‬مجلس‭ ‬الشركة‭ ‬البحرينية‭ ‬للألبان،‭ ‬رئيس‭ ‬مجلس‭ ‬إدارة‭ ‬فوسكو،‭ ‬عضو‭ ‬مجلس‭ ‬إدارة‭ ‬الشركة‭ ‬الوطنية‭ ‬القابضة،‭ ‬عضو‭ ‬مجلس‭ ‬إدارة‭ ‬بنك‭ ‬كرندليز،‭ ‬رئيس‭ ‬مجلس‭ ‬إدارة‭ ‬البحرين‭ ‬لتعبئة‭ ‬المياه‭ ‬والمشروبات،‭ ‬عضو‭ ‬مجلس‭ ‬إدارة‭ ‬الشركة‭ ‬البحرينية‭ ‬النيوزلندية،‭ ‬عضو‭ ‬مجلس‭ ‬إدارة‭ ‬شركة‭ ‬بانز‭ ‬المحدودة،‭ ‬عضو‭ ‬مجلس‭ ‬إدارة‭ ‬غرفة‭ ‬تجارة‭ ‬وصناعة‭ ‬البحرين،‭ ‬نائب‭ ‬رئيس‭ ‬مجلس‭ ‬إدارة‭ ‬نادي‭ ‬المحرق،‭ ‬عضو‭ ‬مجلس‭ ‬إدارة‭ ‬جمعية‭ ‬البحرين‭ ‬الخيرية،‭ ‬رئيس‭ ‬مجلس‭ ‬إدارة‭ ‬الأمين‭ ‬للأعمال‭ ‬الخيرية،‭ ‬رئيس‭ ‬لجنة‭ ‬الأغذية‭ ‬والزراعة‭ ‬بالغرفة،‭ ‬رئيس‭ ‬لجنة‭ ‬المواصفات‭ ‬والمقاييس‭ ‬بوزارة‭ ‬التجارة‭.‬

‭ ‬كما‭ ‬أسس‭ ‬المرحوم‭ ‬مع‭ ‬عبدالله‭ ‬الساعي‭ ‬المتجر‭ ‬العربي‭ ‬الجديد‭ ‬في‭ ‬الخبر‭ ‬السعودية‭ ‬1956‭. ‬وأسس‭ ‬محلات‭ ‬المعرض‭ ‬سابقًا‭ ‬ميدوي‭ ‬حاليًّا‭ ‬1962‭. ‬وأسس‭ ‬الأمين‭ ‬لتوزيع‭ ‬الأغذية‭ ‬1965‭. ‬كما‭ ‬أسس‭ ‬عديد‭ ‬من‭ ‬الشركات‭ ‬مع‭ ‬أبنائه‭ ‬مثل‭ ‬ميداد‭ ‬جلف،‭ ‬راما‭ ‬كازا‭ ‬التجارية،‭ ‬المعرض‭ ‬للمقاولات‭ ‬والأمين‭ ‬الزراعية،‭ ‬مصانع‭ ‬لولو‭ ‬للأغذية،‭ ‬الأمين‭ ‬الصناعية،‭ ‬شركة‭ ‬الوجبات‭ ‬السريعة،‭ ‬شركة‭ ‬البحرين‭ ‬للصناعات‭ ‬والأمن‭ ‬الغذائي،‭ ‬الأمين‭ ‬للفواكه‭ ‬الطازجة‭.‬

كان‭ ‬متزوجًا‭ ‬من‭ ‬المرحومة‭ ‬فاطمة‭ ‬عبدالرحمن‭ ‬المير‭ ‬ولهم‭ ‬من‭ ‬الأبناء‭ ‬خمسة،‭ ‬لبنى،‭ ‬راشد،‭ ‬ماجد،‭ ‬خالد‭ ‬وزايد‭.‬