براءة متهم من تعاطي مادة “الستوب” رغم اعترافه

| محرر الشؤون المحلية

ذكر‭ ‬المحامي‭ ‬عمير‭ ‬صلاح‭ ‬أن‭ ‬المحكمة‭ ‬الصغرى‭ ‬الجنائية‭ ‬برأت‭ ‬موكله‭ ‬من‭ ‬تهمة‭ ‬تعاطي‭ ‬المواد‭ ‬المؤثرة‭ ‬عقليا‭ ‬“مادة‭ ‬الستوب”‭ ‬رغم‭ ‬ثبوت‭ ‬تعاطيه‭ ‬لها‭ ‬واعترافه‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬التقارير‭ ‬المؤكدة‭ ‬لذلك؛‭ ‬كون‭ ‬أنه‭ ‬قبض‭ ‬عليه‭ ‬وهو‭ ‬بحالة‭ ‬غير‭ ‬طبيعية‭ ‬في‭ ‬حينها‭ ‬نظرا‭ ‬لبطلان‭ ‬إجراءات‭ ‬القبض‭ ‬عليه،‭ ‬والتي‭ ‬تمت‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬إذن‭ ‬من‭ ‬النيابة‭ ‬العامة‭ ‬ولعدم‭ ‬وجوده‭ ‬في‭ ‬إحدى‭ ‬حالات‭ ‬التلبس‭ ‬التي‭ ‬تسمح‭ ‬للشرطة‭ ‬بتوقيفه‭.‬

وكانت‭ ‬النيابة‭ ‬العامة‭ ‬قد‭ ‬أحالت‭ ‬موكله‭ ‬للمحاكمة‭ ‬على‭ ‬اعتبار‭ ‬أنه‭ ‬بتاريخ‭ ‬6‭ ‬يوليو‭ ‬2018،‭ ‬حاز‭ ‬وأحرز‭ ‬بقصد‭ ‬التعاطي‭ ‬المؤثرات‭ ‬العقلية‭ ‬“الكلونازيبام‭ ‬والديازيبام”‭ ‬في‭ ‬غير‭ ‬الأحوال‭ ‬المصرح‭ ‬بها‭ ‬قانونا،‭ ‬حيث‭ ‬تم‭ ‬القبض‭ ‬عليه‭ ‬حسبما‭ ‬جاء‭ ‬بأوراق‭ ‬البلاغ‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬دورية‭ ‬أمنية‭ ‬كانت‭ ‬على‭ ‬الواجب‭ ‬بمنطقة‭ ‬مدينة‭ ‬حمد،‭ ‬والتي‭ ‬قرر‭ ‬أحد‭ ‬أفرادها‭ ‬أنه‭ ‬وأثناء‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬على‭ ‬الواجب‭ ‬رفقة‭ ‬شرطيين‭ ‬بالمنطقة‭ ‬المذكورة‭ ‬اشتبهوا‭ ‬في‭ ‬السيارة‭ ‬التي‭ ‬يستقلها‭ ‬المتهم،‭ ‬فقاموا‭ ‬باستيقافها‭ ‬وطلبوا‭ ‬من‭ ‬الشخصين‭ ‬الذين‭ ‬كانا‭ ‬يستقلانها‭ ‬إبراز‭ ‬بطاقة‭ ‬هوية‭ ‬كل‭ ‬منهما،‭ ‬وعند‭ ‬التحدث‭ ‬معهما‭ ‬تبين‭ ‬أنهما‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬غير‭ ‬طبيعية‭ ‬“مشفطين‭ ‬ستوب”‭ ‬بحسب‭ ‬ما‭ ‬ذكره‭ ‬الشرطي،‭ ‬فتم‭ ‬القبض‭ ‬عليهما‭ ‬وتفتيشهما‭ ‬وأخذ‭ ‬عينة‭ ‬من‭ ‬إدرارهما،‭ ‬والتي‭ ‬ثبت‭ ‬معمليا‭ ‬فيها‭ ‬أنهما‭ ‬متعاطيان‭ ‬للمؤثرات‭ ‬العقلية‭.‬

وأثناء‭ ‬نظر‭ ‬القضية‭ ‬دفع‭ ‬وكيل‭ ‬المتهم‭ ‬بعدم‭ ‬قانونية‭ ‬الإجراءات‭ ‬التي‭ ‬قام‭ ‬بها‭ ‬الشرطي،‭ ‬موضحا‭ ‬أن‭ ‬التوقيف‭ ‬إجراء‭ ‬یقوم‭ ‬به‭ ‬رجل‭ ‬السلطة‭ ‬العامة‭ ‬في‭ ‬سبیل‭ ‬التحري‭ ‬عن‭ ‬الجرائم‭ ‬بكشف‭ ‬مرتكبیھا‭ ‬ویسوغه‭ ‬اشتباه‭ ‬تبرره‭ ‬الظروف،‭ ‬وھو‭ ‬مباح‭ ‬لرجل‭ ‬السلطة‭ ‬العامة‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬وضع‭ ‬الشخص‭ ‬نفسه‭ ‬طواعیة‭ ‬منه‭ ‬واختیارا‭ ‬في‭ ‬موضع‭ ‬الریب‭ ‬والظن،‭ ‬وكان‭ ‬ھذا‭ ‬الوضع‭ ‬ینبئ‭ ‬عن‭ ‬ضرورة‭ ‬تستلزم‭ ‬تدخل‭ ‬المستوقف‭ ‬للتحري‭ ‬عنه‭ ‬والكشف‭ ‬عن‭ ‬حقیقته‭ ‬عملا‭ ‬بالمادة‭ (‬43‭) ‬من‭ ‬قانون‭ ‬الإجراءات‭ ‬الجنائیة‭.‬

وأضاف‭ ‬أن‭ ‬مظاهر‭ ‬الارتباك‭ ‬على‭ ‬أي‭ ‬إنسان‭ ‬من‭ ‬الشرطة‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬اعتبارها‭ ‬دلائل‭ ‬كافية‭ ‬على‭ ‬وجود‭ ‬اتهام‭ ‬يبرر‭ ‬القبض‭ ‬والتفتيش،‭ ‬مبينا‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬قام‭ ‬به‭ ‬الشرطي‭ ‬ضابط‭ ‬الواقعة‭ ‬بعد‭ ‬توقيف‭ ‬المتهم‭ ‬واستطلاع‭ ‬أمره‭ ‬هو‭ ‬قبض‭ ‬صريح‭ ‬ليس‭ ‬له‭ ‬ما‭ ‬يبرره‭ ‬ولا‭ ‬سند‭ ‬له‭ ‬من‭ ‬القانون،‭ ‬لاسيما‭ ‬وأن‭ ‬محضر‭ ‬الضبط‭ ‬قد‭ ‬خلا‭ ‬من‭ ‬بيان‭ ‬مسوغات‭ ‬الاشتباه‭ ‬لافتا‭ ‬إلى‭ ‬نص‭ ‬المادة‭ ‬19‭/‬ب‭ ‬من‭ ‬الدستور‭ ‬بشأن‭ ‬الحرية‭ ‬الشخصية‭ ‬بوصفها‭ ‬حقا‭ ‬طبيعيا‭ ‬من‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭.‬

ولفت‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬أوراق‭ ‬الدعوى‭ ‬خلت‭ ‬من‭ ‬وجود‭ ‬ثمة‭ ‬إذن‭ ‬صادر‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬النيابة‭ ‬العامة‭ ‬بالقبض‭ ‬على‭ ‬المتهم‭ ‬أو‭ ‬تفتيشه،‭ ‬كما‭ ‬انتفت‭ ‬أي‭ ‬حال‭ ‬من‭ ‬حالات‭ ‬التلبس‭ ‬بحق‭ ‬موكله،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يكون‭ ‬معه‭ ‬توقيفه‭ ‬والقبض‭ ‬عليه‭ ‬باطلا،‭ ‬ويبطل‭ ‬ما‭ ‬ترتب‭ ‬عليه‭ ‬من‭ ‬تفتيش‭ ‬وأخذ‭ ‬عينة‭ ‬إدرار،‭ ‬تطبيقا‭ ‬لقاعدة‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬بني‭ ‬على‭ ‬باطل،‭ ‬فهو‭ ‬باطل‭.‬

وتابع،‭ ‬أن‭ ‬مادة‭ ‬“الستوب”‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬أساس‭ ‬إجراء‭ ‬القبض‭ ‬على‭ ‬المتهم‭ ‬هي‭ ‬إحدى‭ ‬المواد‭ ‬البخاخة،‭ ‬والتي‭ ‬تستخدم‭ ‬لتصليح‭ ‬المركبات‭ ‬وتصليح‭ ‬مكائن‭ ‬المركبات‭ ‬ويستعملها‭ ‬أصحاب‭ ‬الورش‭ ‬الميكانيكية،‭ ‬وهي‭ ‬مادة‭ ‬غير‭ ‬مضافة‭ ‬بأي‭ ‬جدول‭ ‬من‭ ‬جداول‭ ‬المخدرات‭ ‬أو‭ ‬المؤثرات‭ ‬العقلية‭ ‬ولا‭ ‬يوجد‭ ‬لها‭ ‬تقنين‭ ‬يجرمها‭ ‬ويعاقب‭ ‬عليها،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬فلا‭ ‬يجوز‭ ‬التعويل‭ ‬عليها‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬حال‭ ‬من‭ ‬حالات‭ ‬التلبس‭.‬

كما‭ ‬دفع‭ ‬بعدم‭ ‬معقولية‭ ‬الواقعة،‭ ‬ذلك‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يتصور‭ ‬قيام‭ ‬مأمور‭ ‬الضبط‭ ‬باكتشاف‭ ‬قيام‭ ‬المتهم‭ ‬بشفط‭ ‬أو‭ ‬استنشاق‭ ‬هذه‭ ‬المادة‭ ‬فور‭ ‬استيقافه؛‭ ‬نظرا‭ ‬لترجل‭ ‬المتهم‭ ‬من‭ ‬المركبة‭ ‬فور‭ ‬وقوفها‭ ‬والتوجه‭ ‬إلى‭ ‬منزلهم‭ ‬ولم‭ ‬يكن‭ ‬لدى‭ ‬مأمور‭ ‬الضبط‭ ‬الوقت‭ ‬الكافي‭ ‬لاكتشاف‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭.‬

فلهذه‭ ‬الأسباب‭ ‬قضت‭ ‬المحكمة‭ ‬ببراءة‭ ‬المتهم‭ ‬مما‭ ‬أسند‭ ‬إليه؛‭ ‬وذلك‭ ‬لبطلان‭ ‬إجراءات‭ ‬الضبط‭ ‬والتفتيش‭ ‬وأخذ‭ ‬عينة‭ ‬الإدرار‭ ‬دون‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬إذن‭ ‬من‭ ‬النيابة‭ ‬العامة‭ ‬بذلك،‭ ‬أو‭ ‬توافر‭ ‬سبب‭ ‬الضبط‭ ‬للاشتباه‭.‬