غزو الإلحاد...

“ولَقد‭ ‬صَرَّفْنَا‭ ‬لِلنَّاسِ‭ ‬فِي‭ ‬هَذَا‭ ‬الْقُرْآنِ‭ ‬مِن‭ ‬كُلِّ‭ ‬مَثَلٍ‭ ‬فَأَبَى‭ ‬أَكْثَرُ‭ ‬النَّاسِ‭ ‬إِلاَّ‭ ‬كُفُورًا”‭ (‬الإسراء‭: ‬89‭). ‬هكذا‭ ‬خاطب‭ ‬القران‭ ‬الكريم‭ ‬الجاحدين‭ ‬بالله‭ ‬عز‭ ‬وجل‭ ‬ومن‭ ‬يرفضون‭ ‬اتباع‭ ‬دينه،‭ ‬فهل‭ ‬سأل‭ ‬الملحد‭ ‬نفسه‭ ‬كيف‭ ‬لا‭ ‬أؤمن‭ ‬بالله‭ ‬وأنا‭ ‬موجود‭ ‬على‭ ‬كوكبه؟‭ ‬هل‭ ‬فعلا‭ ‬يعتقد‭ ‬أنها‭ ‬مجرد‭ ‬صدفة‭ ‬قادته‭ ‬إلى‭ ‬هذه‭ ‬الحياة؟‭ ‬هل‭ ‬يعتقد‭ ‬أن‭ ‬روحه‭ ‬الباقية‭ ‬بعد‭ ‬رحيله‭ ‬ماهي‭ ‬إلا‭ ‬صدفة؟‭ ‬هل‭ ‬هو‭ ‬أعمى‭ ‬لا‭ ‬يبصر‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬الحدود‭!‬

الإيمان‭ ‬بالله‭ ‬فطرة‭ ‬تجدها‭ ‬في‭ ‬قرارة‭ ‬نفس‭ ‬كل‭ ‬أبناء‭ ‬ادم،‭ ‬لكن‭ ‬اتباع‭ ‬مشوهات‭ ‬الإسلام‭ ‬وموجات‭ ‬الإلحاد‭ ‬النشطة‭ ‬المقبلة‭ ‬من‭ ‬البلاد‭ ‬البعيدة‭ ‬أثرت‭ ‬كثيرا‭ ‬على‭ ‬ضعاف‭ ‬الإيمان‭ ‬أو‭ ‬المفكرين‭ ‬كما‭ ‬ديكارت،‭ ‬إذ‭ ‬قال‭ ‬“أنا‭ ‬أفكر‭ ‬إذن‭ ‬أنا‭ ‬موجود”‭. ‬حسنا‭ ‬لا‭ ‬نختلف‭ ‬أنك‭ ‬موجود،‭ ‬لكن‭ ‬من‭ ‬أوجدك؟‭ ‬فمثلًا‭ ‬البعض‭ ‬يبرر‭ ‬إلحاده‭ ‬ونفوره‭ ‬من‭ ‬الدين‭ ‬بسبب‭ ‬المتطرفين‭ ‬والإرهاب‭ ‬ضد‭ ‬الأديان‭ ‬الأخرى،‭ ‬متناسيا‭ ‬أن‭ ‬الإسلام‭ ‬أيضا‭ ‬ضد‭ ‬التطرف‭ ‬والإرهاب‭ ‬وأن‭ ‬تلك‭ ‬المجموعة‭ ‬لا‭ ‬تتبع‭ ‬الإسلام‭ ‬الصحيح‭ ‬وأنها‭ ‬فقط‭ ‬تمارس‭ ‬الوحشية‭ ‬تحت‭ ‬اسم‭ ‬الإسلام‭ ‬البريء‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الاستغلال،‭ ‬والبعض‭ ‬الآخر‭ ‬يبرر‭ ‬إلحاده‭ ‬بأنه‭ ‬غير‭ ‬مقتنع‭ ‬بالأديان‭ ‬أو‭ ‬بوجود‭ ‬إله‭ ‬خلق‭ ‬كل‭ ‬تلك‭ ‬المعجزات‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬وجود‭ ‬دلائل‭ ‬مقنعة‭ ‬للغاية،‭ ‬والبعض‭ ‬الآخر‭ ‬برر‭ ‬إلحاده‭ ‬بأن‭ ‬المجتمع‭ ‬الإسلامي‭ ‬يرهبنا‭ ‬من‭ ‬الله‭ ‬ومن‭ ‬عذابه‭ ‬في‭ ‬القبر،‭ ‬قائلين‭: ‬لماذا‭ ‬لم‭ ‬يحدثونا‭ ‬قط‭ ‬عن‭ ‬نعيم‭ ‬القبر؟‭ ‬لماذا‭ ‬الصورة‭ ‬المتكونة‭ ‬في‭ ‬أذهاننا‭ ‬هي‭ ‬عن‭ ‬عذاب‭ ‬الله‭ ‬فقط؟

لا‭ ‬أنكر‭ ‬أن‭ ‬انتشار‭ ‬الإنترنت‭ ‬وظهور‭ ‬مواقع‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬ساعد‭ ‬كثيرا‭ ‬هذه‭ ‬الفئة‭ ‬على‭ ‬الانتشار‭ ‬ومحاولة‭ ‬أغواء‭ ‬الآخرين‭ ‬عبر‭ ‬نشر‭ ‬آرائهم‭ ‬وسخريتهم‭ ‬من‭ ‬الأديان،‭ ‬إذ‭ ‬كان‭ ‬هذا‭ ‬الموضوع‭ ‬قديما‭ ‬من‭ ‬المحرمات‭ ‬في‭ ‬التحدث‭ ‬عنه‭ ‬أما‭ ‬الآن‭ ‬أرى‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المتفاخرين‭ ‬في‭ ‬إلحادهم‭. ‬وإنني‭ ‬مؤمنة‭ ‬بأن‭ ‬ربنا‭ ‬لم‭ ‬يخلقنا‭ ‬ليعذبنا،‭ ‬قال‭ ‬لنا‭ ‬عز‭ ‬وجل‭ ‬ما‭ ‬يريده‭ ‬منا‭ ‬وما‭ ‬لا‭ ‬يريده،‭ ‬ونحن‭ ‬نعرف‭ ‬ماذا‭ ‬يرضيه‭ ‬وماذا‭ ‬يغضبه،‭ ‬نحن‭ ‬من‭ ‬يختار‭ ‬الطريق،‭ ‬ونحن‭ ‬من‭ ‬نساهم‭ ‬في‭ ‬تحديد‭ ‬طريق‭ ‬غيرنا‭ ‬بالكلمة‭ ‬الطيبة‭ ‬عن‭ ‬ديننا‭ ‬الحق،‭ ‬فإسلامنا‭ ‬عِبادة،‭ ‬وقانون،‭ ‬ونِظام،‭ ‬ومَذهب،‭ ‬وعمل،‭ ‬الحمد‭ ‬لله‭ ‬على‭ ‬نِعمته‭.‬

 

سوار‭ ‬الهنداوي

طالبة‭ ‬إعلام‭ ‬بجامعة‭ ‬البحرين