من الرابح بتمويل التقاعد الاختياري “فائض التعطل”؟

قال‭ ‬بعضهم‭ ‬إن‭ ‬أموال‭ ‬الشعب‭ ‬سوف‭ ‬تذهب‭ ‬إلى‭ ‬الشعب‭ ‬وقال‭ ‬آخر‭ ‬إننا‭ ‬سوف‭ ‬ندعم‭ ‬ونساعد‭ ‬أهلنا‭ ‬وأحبتنا‭ ‬وإن‭ ‬عذاري‭ ‬لن‭ ‬تسقي‭ ‬البعيد‭ ‬هذه‭ ‬المرة‭. ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬كلام‭ ‬جميل‭ ‬بل‭ ‬ونحث‭ ‬عليه،‭ ‬فالبحرين‭ ‬وشعبها‭ ‬أولى‭ ‬بالأموال‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬تستخدم‭ ‬في‭ ‬أغراض‭ ‬أخرى،‭ ‬وهذا‭ ‬نبصم‭ ‬عليه‭ ‬بالعشرة‭ ‬ولكن‭ ‬أين‭ ‬موضع‭ ‬الخلاف‭ ‬الذي‭ ‬شغل‭ ‬الشارع‭ ‬المحلي‭ ‬في‭ ‬الأيام‭ ‬الأخيرة؟

أحبتي‭ ‬عندما‭ ‬يستقطع‭ ‬من‭ ‬راتبي‭ ‬مبلغ‭ ‬معين‭ (‬من‭ ‬دون‭ ‬إرادتي‭ ‬ودون‭ ‬موافقتي‭) ‬لأجل‭ ‬تمويل‭ ‬مستحقات‭ ‬العاطلين‭ ‬ويكون‭ ‬كل‭ ‬الشعب‭ ‬أمام‭ ‬الأمر‭ ‬الواقع،‭ ‬فلا‭ ‬حول‭ ‬لنا‭ ‬ولا‭ ‬قوة‭ ‬وربما‭ ‬لأجل‭ ‬عين‭ ‬تكرم‭ ‬ألف‭ ‬عين‭. ‬

وبعد‭ ‬مرور‭ ‬سنوات‭ ‬طويلة‭ ‬على‭ ‬المشروع‭ ‬نكتشف‭ ‬أن‭ ‬قضية‭ ‬العاطلين‭ ‬أسوأ‭ ‬من‭ ‬ذي‭ ‬قبل‭ ‬وأيضًا‭ ‬أعدادهم‭ ‬في‭ ‬تزايد‭ ‬غريب‭ (‬المبلغ‭ ‬الذي‭ ‬اقتطع‭ ‬منا‭ ‬كمواطنين‭ ‬لم‭ ‬يحل‭ ‬المشكلة‭)‬،‭ ‬وعلى‭ ‬النقيض‭ ‬تمامًا‭ ‬هناك‭ ‬فائض‭ ‬مالي‭ ‬ضخم‭ ‬بالملايين‭ ‬جراء‭ ‬الأموال‭ ‬المتقطعة‭ ‬من‭ ‬المواطنين،‭ ‬هنا‭ ‬ماذا‭ ‬نشعر‭ ‬به‭ ‬نحن‭ ‬المواطنين‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الظروف‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الصعبة؟

فبدل‭ ‬أن‭ ‬تصرف‭ ‬الأموال‭ ‬في‭ ‬المشروع‭ ‬الذي‭ ‬خصصت‭ ‬لأجله‭ ‬أو‭ ‬يعاد‭ ‬ولو‭ ‬جزء‭ ‬منها‭ ‬لمن‭ ‬اقتطعت‭ ‬منه،‭ ‬يتم‭ ‬توجيهها‭ ‬لمشروع‭ ‬آخر‭ ‬وهو‭ ‬مشروع‭ ‬التقاعد‭ ‬الاختياري،‭ ‬وكأن‭ ‬المواطنين‭ ‬أصبحوا‭ ‬مصدر‭ ‬تمويل‭ ‬الدولة‭ ‬في‭ ‬مشاريعها‭ ‬وليس‭ ‬العكس‭.‬

منذ‭ ‬بدء‭ ‬سريان‭ ‬نظام‭ ‬التأمين‭ ‬ضد‭ ‬التعطل‭ ‬في‭ ‬يونيو‭ ‬2007‭ ‬ولغاية‭ ‬فبراير‭ ‬2012،‭ ‬بلغ‭ ‬الرصيد‭ ‬الفائض‭ ‬في‭ ‬نظام‭ ‬التأمين‭ ‬ضد‭ ‬التعطل‭ ‬228‭.‬3‭ ‬مليون‭ ‬دينار،‭ ‬فيما‭ ‬لم‭ ‬تتجاوز‭ ‬كلفة‭ ‬التعويضات‭ ‬والإعانات‭ ‬التي‭ ‬صرفت‭ ‬للفترة‭ ‬نفسها‭ ‬23‭.‬6‭ ‬مليون‭ ‬دينار‭ ‬فقط‭! ‬ثم‭ ‬ارتفع‭ ‬الفائض‭ ‬مع‭ ‬نهاية‭ ‬العام‭ ‬2014‭ ‬إلى‭ ‬400‭ ‬مليون‭ ‬دينار‭ (‬مقتبس‭ ‬من‭ ‬مقال‭ ‬هاني‭ ‬الفردان‭ ‬2015‭).‬

المحصلة‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬سبق‭ ‬أن‭ ‬الأمر‭ ‬ليس‭ ‬Win Win situation‭ ‬كما‭ ‬قالت‭ ‬إحدى‭ ‬النواب‭ ‬الكرام‭ ‬بل‭ ‬المسالة‭ ‬في‭ ‬نظري‭ ‬أقرب‭ ‬إلى‭ ‬Win lose situation‭ ‬فالمواطنون‭ ‬اقتطعت‭ ‬من‭ ‬حسابهم‭ ‬مبالغ‭ ‬ضخمة‭ ‬جدا‭ ‬والعاطلون‭ ‬أعدادهم‭ ‬في‭ ‬ازدياد،‭ ‬وأيضا‭ ‬تتخلص‭ ‬الدولة‭ ‬منهم‭. ‬وأعباء‭ ‬تمويل‭ ‬التقاعد‭ ‬الحكومي‭ ‬بالاستفادة‭ ‬من‭ ‬أموال‭ ‬التعطل‭. ‬أين‭ ‬الـ‭ ‬WIN‭ ‬في‭ ‬المسالة‭ ‬إذن؟

بالمناسبة،‭ ‬استرجعت‭ ‬وزارة‭ ‬الداخلية‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬2015‭ ‬قيمة‭ ‬المبالغ‭ ‬المستقطعة‭ ‬عن‭ ‬موظفيها‭ ‬منذ‭ ‬إطلاق‭ ‬المشروع‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬2006،‭ ‬وأتمنى‭ ‬أن‭ ‬تحذو‭ ‬بقية‭ ‬الوزارات‭ ‬والمؤسسات‭ ‬بما‭ ‬قامت‭ ‬به‭ ‬وزارة‭ ‬الداخلية؛‭ ‬وذلك‭ ‬للمستجدات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭. ‬

أحمد‭ ‬آل‭ ‬نوح