الدين العام الخارجي يبلغ نحو 51 مليار دولار

بعد الإطاحة بالبشير... كيف ينظر العالم لديون السودان؟

| لندن - رويترز

في‭ ‬العالم‭ ‬الضبابي‭ ‬لتداول‭ ‬الديون‭ ‬المتعثرة‭ ‬أثارت‭ ‬الإطاحة‭ ‬بالرئيس‭ ‬عمر‭ ‬البشير‭ ‬الذي‭ ‬حكم‭ ‬السودان‭ ‬30‭ ‬عاما‭ ‬اهتماما‭ ‬جديدا‭ ‬بين‭ ‬المتعاملين‭ ‬والحائزين‭ ‬لديون‭ ‬السودان‭ ‬التي‭ ‬تخلف‭ ‬عن‭ ‬سدادها‭ ‬منذ‭ ‬وقت‭ ‬طويل‭. ‬وديون‭ ‬السودان،‭ ‬المجمدة‭ ‬في‭ ‬معظم‭ ‬4‭ ‬عقود،‭ ‬هي‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬سوق‭ ‬غامضة‭ ‬لميراث‭ ‬ديون‭ ‬دول‭ ‬معزولة‭ ‬عن‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي،‭ ‬مثل‭ ‬ديون‭ ‬كوبا‭ ‬التي‭ ‬ترجع‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬قبل‭ ‬فيدل‭ ‬كاسترو‭ ‬أو‭ ‬القروض‭ ‬التي‭ ‬أصدرتها‭ ‬كوريا‭ ‬الشمالية‭.‬

وفضلا‭ ‬عن‭ ‬تخلفه‭ ‬عن‭ ‬سداد‭ ‬مدفوعات‭ ‬الديون‭ ‬منذ‭ ‬أوائل‭ ‬الثمانينات،‭ ‬خضع‭ ‬السودان‭ ‬أيضا‭ ‬لعقوبات‭ ‬أميركية‭ ‬مرتبطة‭ ‬بالصراع‭ ‬في‭ ‬دارفور‭ ‬لحوالي‭ ‬عقدين‭ ‬حتى‭ ‬2017‭.‬

وقال‭ ‬أحد‭ ‬حائزي‭ ‬الديون‭ ‬التي‭ ‬تخلف‭ ‬السودان‭ ‬عن‭ ‬سدادها،‭ ‬متحدثا‭ ‬شريطة‭ ‬عدم‭ ‬الكشف‭ ‬عن‭ ‬هويته‭ ‬“هذه‭ ‬لحظة‭ ‬حاسمة‭ ‬للبلاد‭. ‬نحتاج‭ ‬الآن‭ ‬إلى‭ ‬معرفة‭ ‬ما‭ ‬سيحدث‭ ‬بعد‭ ‬ذلك،‭ ‬أي‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬الحكومة‭ ‬أو‭ ‬أي‭ ‬زعيم‭ ‬سيأتي،‭ ‬وكيف‭ ‬سيتطور‭ ‬الوضع”‭.‬

وأضاف‭ ‬“هناك‭ ‬إمكان‭ ‬لتغيير‭ ‬حقيقي،‭ ‬لكن‭ ‬التغيير‭ ‬ليس‭ ‬دائما‭ ‬للأفضل‭ ‬وقد‭ ‬يستغرق‭ ‬الأمر‭ ‬وقتا‭ ‬طويلا‭ ‬جدا‭ ‬حتى‭ ‬تتحسن‭ ‬الأمور”‭.‬

وتتركز‭ ‬معظم‭ ‬التعاملات‭ ‬في‭ ‬ديون‭ ‬السودان‭ ‬التي‭ ‬تخلف‭ ‬عن‭ ‬سدادها‭ ‬حول‭ ‬قرض‭ ‬مضمون‭ ‬من‭ ‬الدولة‭ ‬صدر‭ ‬في‭ ‬1981‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬اتفاقية‭ ‬لإعادة‭ ‬هيكلة‭ ‬دين‭ ‬قيمته‭ ‬الأصلية‭ ‬1‭.‬64‭ ‬مليار‭ ‬فرنك‭ ‬سويسري‭ (‬1.64‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭). ‬وبعد‭ ‬فترة‭ ‬قصيرة،‭ ‬تخلفت‭ ‬الحكومة‭ ‬السودانية‭ ‬مجددا‭ ‬عن‭ ‬سداد‭ ‬التزاماتها‭ ‬بشأن‭ ‬القرض‭.‬

ويقدر‭ ‬محللون‭ ‬الآن‭ ‬المبلغ‭ ‬المستحق،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬حوالي‭ ‬4‭ ‬عقود‭ ‬من‭ ‬الفوائد‭ ‬غير‭ ‬المدفوعة،‭ ‬بنحو‭ ‬8‭ ‬مليارات‭ ‬فرنك‭ ‬سويسري‭ (‬7.99‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭)‬‭.‬

عزلة‭ ‬عن‭ ‬الأسواق

ورفعت‭ ‬الحكومة‭ ‬الأميركية‭ ‬معظم‭ ‬عقوباتها‭ ‬عن‭ ‬السودان‭ ‬في‭ ‬فبراير‭ ‬2017،‭ ‬لكنها‭ ‬أبقت‭ ‬البلاد‭ ‬في‭ ‬قائمتها‭ ‬للدول‭ ‬الراعية‭ ‬للإرهاب‭.‬

وهذا‭ ‬يبقي‭ ‬الاقتصاد‭ ‬مخنوقا‭ ‬ويجعل‭ ‬من‭ ‬شبه‭ ‬المستحيل‭ ‬للشركات‭ ‬أن‭ ‬تعمل‭ ‬في‭ ‬صفقات‭ ‬دولارية،‭ ‬ويقطع‭ ‬أي‭ ‬سبيل‭ ‬للوصول‭ ‬إلى‭ ‬أسواق‭ ‬رأس‭ ‬المال‭ ‬الدولية‭ ‬والكثير‭ ‬من‭ ‬مصادر‭ ‬التمويل‭ ‬الأخرى‭ ‬للحكومة‭.‬

وباستثناء‭ ‬الصومال،‭ ‬فإن‭ ‬السودان‭ ‬هو‭ ‬الآن‭ ‬البلد‭ ‬الوحيد‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬الذي‭ ‬عليه‭ ‬متأخرات‭ ‬لصندوق‭ ‬النقد‭ ‬الدولي،‭ ‬تشكل‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬80‭ % ‬من‭ ‬إجمالي‭ ‬المتأخرات‭ ‬المستحقة‭ ‬لتلك‭ ‬المؤسسة‭ ‬المالية‭ ‬الدولية‭.‬

وقال‭ ‬رئيس‭ ‬أبحاث‭ ‬الديون‭ ‬السيادية‭ ‬والدخل‭ ‬الثابت‭ ‬في‭ ‬مؤسسة‭ ‬إكسوتكس‭ ‬ستوارت‭ ‬كالفيرهاوس،‭ ‬مشيرا‭ ‬إلى‭ ‬بيانات‭ ‬لصندوق‭ ‬النقد‭ ‬الدولي‭ ‬ترجع‭ ‬للعام‭ ‬2016،‭ ‬إن‭ ‬“الدين‭ ‬العام‭ ‬الخارجي‭ ‬يبلغ‭ ‬حوالي‭ ‬51‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭... ‬هذا‭ ‬يشكل‭ ‬88‭ % ‬من‭ ‬الناتج‭ ‬المحلي‭ ‬الإجمالي‭. ‬من‭ ‬المرجح‭ ‬أن‭ ‬النسبة‭ ‬أعلى‭ ‬الآن‭ ‬بسبب‭ ‬ضعف‭ ‬العملة‭ ‬المحلية”‭.‬

وقال‭ ‬صندوق‭ ‬النقد‭ ‬إن‭ ‬السودان‭ ‬كان‭ ‬مؤهلا‭ ‬لإعفاء‭ ‬للديون‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬خطة‭ ‬الدول‭ ‬الفقيرة‭ ‬الأكثر‭ ‬مديونية،‭ ‬وهي‭ ‬مبادرة‭ ‬لصندوق‭ ‬النقد‭ ‬والبنك‭ ‬الدولي‭ ‬أطلقت‭ ‬في‭ ‬1996‭ ‬لمساعدة‭ ‬البلدان‭ ‬الفقيرة‭ ‬التي‭ ‬تجد‭ ‬صعوبة‭ ‬في‭ ‬سداد‭ ‬ديونها‭ ‬الخارجية‭ ‬في‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬تخفيف‭ ‬للديون‭.‬

وقال‭ ‬تقرير‭ ‬صندوق‭ ‬النقد‭ ‬“الأوضاع‭ ‬الاقتصادية‭ ‬في‭ ‬السودان‭ ‬شديدة‭ ‬الصعوبة‭ ‬منذ‭ ‬انفصال‭ ‬جنوب‭ ‬السودان‭ ‬في‭ ‬2011‭ ‬وخسارة‭ ‬غالبية‭ ‬إنتاج‭ ‬وصادرات‭ ‬النفط،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬فاقم‭ ‬البيئة‭ ‬الخارجية‭ ‬الصعبة”‭.‬

وفي‭ ‬حال‭ ‬قام‭ ‬بلد‭ ‬بإصلاح‭ ‬عبء‭ ‬ديونه‭ ‬مع‭ ‬المقرضين‭ ‬الثنائيين‭ ‬ومتعددي‭ ‬الأطراف،‭ ‬فإنه‭ ‬يتعين‭ ‬عليه‭ ‬أن‭ ‬يتوصل‭ ‬إلى‭ ‬اتفاقية‭ ‬مع‭ ‬المقرضين‭ ‬من‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص‭.‬