وماذا يتبقى للمواطن العربي؟

| صلاح سليمان

نشأ‭ ‬جيلنا‭ ‬على‭ ‬شعارات‭ ‬القومية‭ ‬العربية،‭ ‬والوحدة،‭ ‬ومررنا‭ ‬بكل‭ ‬المحاولات‭ ‬الفاشلة‭ ‬لتوحيد‭ ‬الأمة‭ ‬العربية،‭ ‬كنا‭ ‬ننام‭ ‬ونصحوا‭ ‬على‭ ‬شعارات‭ ‬الوحدة‭ ‬والمجد‭ ‬والكفاح،‭ ‬وكانت‭ ‬أقوى‭ ‬إذاعة‭ ‬عربية‭ ‬وقتها‭ ‬إذاعة‭ ‬صوت‭ ‬العرب‭ ‬تختم‭ ‬إرسالها‭ ‬قبل‭ ‬الفجر‭ ‬بشعار‭ ‬أمجاد‭ ‬يا‭ ‬عرب‭ ‬أمجاد‭!‬

فشلت‭ ‬وحدة‭ ‬مصر‭ ‬وسوريا‭ ‬في‭ ‬زمن‭ ‬جمال‭ ‬عبدالناصر،‭ ‬وكل‭ ‬ما‭ ‬تلاها‭ ‬من‭ ‬وحدات،‭ ‬مصر‭ ‬وليبيا‭ ‬وسوريا‭ ‬والسودان،‭ ‬ثم‭ ‬مصر‭ ‬والسودان،‭ ‬وفشل‭ ‬التكامل‭ ‬بين‭ ‬مصر‭ ‬والسودان‭ ‬في‭ ‬عهد‭ ‬السادات‭ ‬ومبارك،‭ ‬ولم‭ ‬نعد‭ ‬نسمع‭ ‬شيئا‭ ‬عن‭ ‬الاتحاد‭ ‬المغربي،‭ ‬باختصار‭ ‬لم‭ ‬يستطع‭ ‬العرب‭ ‬على‭ ‬مر‭ ‬تاريخهم‭ ‬التوحد‭ ‬رغم‭ ‬وحدة‭ ‬اللغة‭ ‬والدين‭ ‬والثقافة‭!‬

أين‭ ‬نحن‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬الآن؟‭ ‬ولماذا‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬الفشل؟‭ ‬وماذا‭ ‬تبقى‭ ‬للمواطن‭ ‬العربي‭ ‬يفتخر‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬عالمه‭ ‬الذي‭ ‬يمتد‭ ‬من‭ ‬المحيط‭ ‬للخليج؟‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬هناك‭ ‬الكثير‭ ‬مما‭ ‬يتمسك‭ ‬به‭ ‬المواطن‭ ‬العربي‭ ‬في‭ ‬وطنه‭ ‬الكبير‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬ضرب‭ ‬تسونامي‭ ‬الحروب‭ ‬والفتن‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية،‭ ‬فالموجات‭ ‬الارتدادية‭ ‬التي‭ ‬تولدت‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬التسونامي‭ ‬سببت‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬اليأس‭ ‬“وصدة‭ ‬النفس”عند‭ ‬المواطنين،‭ ‬تلتها‭ ‬موجات‭ ‬النزوح‭ ‬الجماعي‭ ‬للاجئين‭ ‬التي‭ ‬امتدت‭ ‬إلى‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬خصوصا‭ ‬الدول‭ ‬الأوروبية،‭ ‬وما‭ ‬نتج‭ ‬عنها‭ ‬من‭ ‬تبعات‭ ‬غيرت‭ ‬وجه‭ ‬العالم،‭ ‬وكشفت‭ ‬الكثير‭ ‬عما‭ ‬يضمر‭ ‬داخل‭ ‬النفس‭ ‬البشرية،‭ ‬فبعد‭ ‬مظاهر‭ ‬الترحيب‭ ‬والتسامح‭ ‬والإنسانية‭ ‬التي‭ ‬أظهرها‭ ‬الأوروبيون،‭ ‬تحول‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬إلى‭ ‬عنصريات‭ ‬بغيضة‭ ‬تبطش‭ ‬بكل‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬مختلف‭ ‬عنها‭ ‬أو‭ ‬ضدها‭.‬

بالتأكيد‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬لنزوح‭ ‬البعض‭ ‬من‭ ‬بؤر‭ ‬القتال‭ ‬خيار‭ ‬آخر،‭ ‬وهو‭ ‬خيار‭ ‬ضمنته‭ ‬منظمة‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬ومفوضية‭ ‬اللاجئين‭ ‬للمتضررين‭ ‬من‭ ‬الحروب،‭ ‬وضمنته‭ ‬كل‭ ‬الأعراف‭ ‬الإنسانية‭ ‬والأخلاقية،‭ ‬لكن‭ ‬أوروبا‭ ‬التي‭ ‬رحبت‭ ‬بهم‭ ‬في‭ ‬البداية‭ ‬عادت‭ ‬ورفضت‭ ‬الفكرة،‭ ‬وانقسمت‭ ‬الدول‭ ‬وصعد‭ ‬التيار‭ ‬اليميني‭ ‬المتشدد‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬هذه‭ ‬الظاهرة،‭ ‬وبات‭ ‬اللاجئون‭ ‬العرب‭ ‬في‭ ‬أوروبا‭ ‬غير‭ ‬مرحب‭ ‬بهم،‭ ‬ومهددين‭ ‬بالترحيل‭!‬

نظرة‭ ‬على‭ ‬الوضع‭ ‬الحالي،‭ ‬وما‭ ‬يحدث‭ ‬في‭ ‬الجزائر‭ ‬والسودان‭ ‬وسوريا‭ ‬واليمن‭ ‬وغيرها،‭ ‬نجد‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬فشلا‭ ‬ذريعا‭ ‬في‭ ‬قدرة‭ ‬المنظومة‭ ‬العربية‭ ‬على‭ ‬إيجاد‭ ‬حلول‭ ‬للمشاكل‭ ‬العربية‭ ‬الطارئة،‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬المزمنة،‭ ‬وتحولت‭ ‬الجامعة‭ ‬العربية‭ ‬إلى‭ ‬منظمة‭ ‬ترفيهية‭ ‬تعقد‭ ‬مؤتمرات،‭ ‬وتصرف‭ ‬مرتبات،‭ ‬وتنظم‭ ‬رحلات‭ ‬وتقيم‭ ‬ولائم‭ ‬فاخرة‭ ‬لا‭ ‬لشيء‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬الترفيه‭ ‬عن‭ ‬العاملين‭ ‬فيها،‭ ‬فهذا‭ ‬الفشل‭ ‬من‭ ‬ذاك‭ ‬الفشل‭ ‬فهي‭ ‬لم‭ ‬تستطع‭ ‬منذ‭ ‬تأسيسها‭ ‬القيام‭ ‬بدور‭ ‬واحد‭ ‬في‭ ‬حل‭ ‬أية‭ ‬مشكلة‭ ‬عربية،‭ ‬ولا‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬جسرا‭ ‬للتفاهم‭ ‬في‭ ‬علاقة‭ ‬الإنسان‭ ‬العربي‭ ‬بأنظمته‭ ‬الحاكمة‭. ‬“إيلاف”‭.‬

‭  ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬هناك‭ ‬الكثير‭ ‬مما‭ ‬يتمسك‭ ‬به‭ ‬المواطن‭ ‬العربي‭ ‬في‭ ‬وطنه‭ ‬الكبير‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬ضرب‭ ‬تسونامي‭ ‬الحروب‭ ‬والفتن‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية‭.‬