الثقافة الأمنية

كلما زادت أفعال الجاني الإجرامية شُددت عليه العقوبة

منح‭ ‬المشرع‭ ‬البحريني‭ ‬للقاضي‭ ‬سلطة‭ ‬تقديرية‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬يحكم‭ ‬على‭ ‬المتهم‭ ‬بعقوبة‭ ‬أشد‭ ‬مما‭ ‬يقرره‭ ‬القانون‭ ‬للجريمة،‭ ‬أو‭ ‬تجاوز‭ ‬الحد‭ ‬الأقصى‭ ‬الذي‭ ‬وضعه‭ ‬القانون‭ ‬كعقوبة‭ ‬لهذه‭ ‬الجريمة،‭ ‬فعندما‭ ‬سن‭ ‬المشرع‭ ‬القوانين‭ ‬وضع‭ ‬في‭ ‬اعتباره‭ ‬أسسا‭ ‬ومعايير‭ ‬ترتكز‭ ‬عليها‭ ‬أحكام‭ ‬القضاء،‭ ‬فالجاني‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬يتوقف‭ ‬عند‭ ‬حد‭ ‬ارتكاب‭ ‬جريمته،‭ ‬بل‭ ‬تمادى‭ ‬في‭ ‬جرمه‭ ‬وانتهز‭ ‬فرصة‭ ‬عجز‭ ‬المجني‭ ‬وعدم‭ ‬تمكنه‭ ‬من‭ ‬المقاومة‭ ‬أو‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬نفسه،‭ ‬فعندئذ‭ ‬يجوز‭ ‬تشديد‭ ‬العقوبة‭ ‬على‭ ‬الجاني؛‭ ‬لأن‭ ‬ذلك‭ ‬يشكل‭ ‬تحقيقا‭ ‬للعدالة‭ ‬وإرضاء‭ ‬لأهل‭ ‬وذوي‭ ‬المجني‭ ‬عليه‭ ‬والمجتمع‭ ‬وتتحقق‭ ‬المصالح‭ ‬المجتمعية‭ ‬والفردية‭.‬

وترجع‭ ‬علة‭ ‬أسباب‭ ‬التشديد‭ ‬في‭ ‬العقوبة‭ ‬في‭ ‬تمكين‭ ‬القاضي‭ ‬من‭ ‬تحقيق‭ ‬ملائمة‭ ‬كاملة‭ ‬بين‭ ‬العقوبة‭ ‬التي‭ ‬ينطق‭ ‬بها‭ ‬والظروف‭ ‬الواقعية‭ ‬للدعوى‭ ‬التي‭ ‬تقتضي‭ ‬مزيدا‭ ‬من‭ ‬التشديد،‭ ‬فكلما‭ ‬زادت‭ ‬نوايا‭ ‬وأفعال‭ ‬الجاني‭ ‬الإجرامية‭ ‬وإهانته‭ ‬المجني‭ ‬عليه‭ ‬شددت‭ ‬العقوبة،‭ ‬حيث‭ ‬تعرض‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الدعاوى‭ ‬ظروفا‭ ‬خاصة‭ ‬تقتضي‭ ‬مزيدا‭ ‬من‭ ‬الشدة،‭ ‬فيصبح‭ ‬هدف‭ ‬التشديد‭ ‬هو‭ ‬تمكين‭ ‬القاضي‭ ‬من‭ ‬تحقيق‭ ‬ذلك‭.‬

وهناك‭ ‬ظروف‭ ‬مشدده‭ ‬مادية‭ ‬وشخصية،‭ ‬فالشخصية‭ ‬تفي‭ ‬ازدياد‭ ‬خطورة‭ ‬الإثم‭ ‬أو‭ ‬ازدياد‭ ‬خطورة‭ ‬الشخصية‭ ‬الإجرامية،‭ ‬ومثالها‭ ‬سبق‭ ‬الإصرار‭ ‬والترصد‭ ‬في‭ ‬جريمة‭ ‬القتل‭ ‬كالتعذيب‭ ‬قبل‭ ‬القتل‭ ‬أو‭ ‬التمثيل‭ ‬بالجثة‭ ‬ومثالها‭ ‬كذلك‭ ‬صفات‭ ‬يرى‭ ‬المشرع‭ ‬أنها‭ ‬إذا‭ ‬توافرت‭ ‬للجاني‭ ‬دلت‭ ‬على‭ ‬إساءته‭ ‬استغلال‭ ‬الثقة‭ ‬التي‭ ‬وضعت‭ ‬فيه‭ ‬أو‭ ‬السلطة‭ ‬التي‭ ‬خولت‭ ‬له،‭ ‬كصفة‭ ‬الخادم‭ ‬في‭ ‬الاغتصاب‭ ‬وهتك‭ ‬العرض،‭ ‬أو‭ ‬صفة‭ ‬الموظف‭ ‬العام‭ ‬في‭ ‬ارتكاب‭ ‬الجرائم‭ ‬المتعلقه‭ ‬بالوظيفة‭ ‬كالتربح‭ ‬والاختلاس‭. ‬أما‭ ‬الظروف‭ ‬المادية،‭ ‬فتتعلق‭ ‬بالجانب‭ ‬المادي‭ ‬للجريمة‭ - ‬في‭ ‬أحد‭ ‬عناصره‭ - ‬وتعنى‭ ‬تحققه‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬يزيد‭ ‬في‭ ‬جسامته‭ ‬،‭ ‬سواءً‭ ‬كان‭ ‬اتصالا‭ ‬بالفعل‭ ‬أم‭ ‬بالنتيجه‭ ‬الإجرامية،‭ ‬فإن‭ ‬اتصلت‭ ‬بالفعل،‭ ‬فهي‭ ‬تفترض‭ ‬ارتكابه‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬يجعله‭ ‬أكثر‭ ‬خطورة،‭ ‬وقد‭ ‬ترجع‭ ‬هذه‭ ‬الخطورة‭ ‬في‭ ‬استخدام‭ ‬وسيلة‭ ‬معينة‭ ‬تزيد‭ ‬من‭ ‬جسامته‭ ‬كالإكراه‭ ‬في‭ ‬السرقة‭ ‬وقد‭ ‬ترجع‭ ‬الخطورة‭ ‬إلى‭ ‬مكان‭ ‬معين‭ ‬كإتلاف‭ ‬الأموال‭ ‬العامة‭ (‬مدرسة‭ ‬أو‭ ‬جامعة‭ ‬حكومية‭) ‬أو‭ ‬ارتكابه‭ ‬في‭ ‬زمن‭ ‬معين‭ ‬كالسرقة‭ ‬ليلا،‭ ‬وقد‭ ‬تتصل‭ ‬الظروف‭ ‬المادية‭ ‬بالنتيجة‭ ‬الإجرامية‭ ‬وتفترض‭ ‬جسامة‭ ‬الأذى‭ ‬الذي‭ ‬أحدثه‭ ‬الفعل‭ ‬كالجرائم‭ ‬التي‭ ‬تتصل‭ ‬بها‭ ‬أفعال‭ ‬إرهابية‭.‬

وقد‭ ‬نصت‭ ‬المادة‭ ‬75‭ ‬من‭ ‬قانون‭ ‬العقوبات‭ ‬البحريني‭ ‬في‭ ‬الظروف‭ ‬المشددة‭ ‬العامة،‭ ‬وهي‭ ‬ارتكاب‭ ‬الجريمة‭ ‬لبواعث‭ ‬دنيئة،‭ ‬ارتكاب‭ ‬الجريمة‭ ‬بانتهاز‭ ‬فرصة‭ ‬عجز‭ ‬المجني‭ ‬عليه‭ ‬عن‭ ‬المقاومة‭ ‬وفي‭ ‬ظروف‭ ‬لا‭ ‬تمكن‭ ‬الغير‭ ‬من‭ ‬الدفاع‭ ‬عنه،‭ ‬اتخاذ‭ ‬طرق‭ ‬وحشية‭ ‬لارتكاب‭ ‬الجرية‭ ‬أو‭ ‬التمثيل‭ ‬بالمجني‭ ‬عليه،‭ ‬وقوع‭ ‬الجريمة‭ ‬من‭ ‬موظف‭ ‬عام‭ ‬أثناء‭ ‬أو‭ ‬بسبب‭ ‬أو‭ ‬بمناسبة‭ ‬تأدية‭ ‬وظيفته،‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬يقرر‭ ‬القانون‭ ‬عقابا‭ ‬خاصا‭ ‬اعتبارا‭ ‬لصفته‭.‬