بوتفليقة يوجّه “رسالة وداع” للشعب.. ويطلب “الصفح”

الدستوري الجزائري يثبت “الشغور الرئاسي”

| الجزائر ـ وكالات

أعلن‭ ‬المجلس‭ ‬الدستوري‭ ‬الجزائري،‭ ‬أمس‭ ‬الأربعاء،‭ ‬ثبوت‭ ‬حالة‭ ‬الشغور‭ ‬النهائي‭ ‬لمنصب‭ ‬الرئاسة،‭ ‬وذلك‭ ‬بعد‭ ‬استقالة‭ ‬عبد‭ ‬العزيز‭ ‬بوتفليقة‭ ‬من‭ ‬منصبه‭.‬

وكان‭ ‬بوتفليقة‭ ‬قد‭ ‬أبلغ،‭ ‬مساء‭ ‬الثلاثاء،‭ ‬المجلس‭ ‬الدستوري‭ ‬باستقالته،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬أمضى‭ ‬نحو‭ ‬عشرين‭ ‬عامًا‭ ‬في‭ ‬الحكم‭.‬

وتأتي‭ ‬استقالته،‭ ‬بعد‭ ‬احتجاجات‭ ‬عارمة‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬أنحاء‭ ‬البلاد،‭ ‬شارك‭ ‬فيها‭ ‬مئات‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬الجزائريين،‭ ‬ودعوة‭ ‬الجيش‭ ‬إلى‭ ‬“التطبيق‭ ‬الفوري‭ ‬للحل‭ ‬الدستوري”‭ ‬الذي‭ ‬يتيح‭ ‬عزل‭ ‬الرئيس‭ ‬بوتفليقة‭.‬

‭ ‬وكان‭ ‬يشير‭ ‬رئيس‭ ‬أركان‭ ‬الجيش‭ ‬الجزائري،‭ ‬أحمد‭ ‬قايد‭ ‬صالح‭ ‬إلى‭ ‬المخرج‭ ‬الدستوري‭ ‬الذي‭ ‬اقترحه‭ ‬الأسبوع‭ ‬الماضي،‭ ‬ويتمثل‭ ‬في‭ ‬تطبيق‭ ‬المادة‭ ‬102‭ ‬من‭ ‬الدستور‭ ‬التي‭ ‬تؤدي‭ ‬إلى‭ ‬إعلان‭ ‬عجز‭ ‬رئيس‭ ‬الجمهورية‭ ‬عن‭ ‬ممارسة‭ ‬مهامه‭ ‬بسبب‭ ‬المرض‭.‬

ووجّه‭ ‬الرئيس‭ ‬الجزائري‭ ‬المستقيل،‭ ‬أمس‭ ‬الأربعاء،‭ ‬رسالة‭ ‬إلى‭ ‬الشعب،‭ ‬ذكرهم‭ ‬فيها‭ ‬بإنجازاته‭ ‬خلال‭ ‬فترة‭ ‬حكمه‭ ‬التي‭ ‬امتدت‭ ‬لـ20‭ ‬عامًا،‭ ‬داعيًا‭ ‬إياهم‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه،‭ ‬إلى‭ ‬“الـمسامحة‭ ‬والـمعذرة‭ ‬والصفح‭ ‬عن‭ ‬كل‭ ‬تقصير”‭ ‬ارتكبه‭ ‬في‭ ‬حقهم‭.‬

‭ ‬وقال‭ ‬بوتفليقة‭ ‬في‭ ‬الرسالة‭: ‬“وأنا‭ ‬أغادر‭ ‬سدة‭ ‬الـمسؤولية،‭ ‬وجب‭ ‬علي‭ ‬ألا‭ ‬أنهي‭ ‬مساري‭ ‬الرئاسي‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬أوافيكم‭ ‬بكتابي‭ ‬الأخير‭ ‬هذا،‭ ‬وغايتي‭ ‬منه‭ ‬ألا‭ ‬أبرح‭ ‬الـمشهد‭ ‬السياسي‭ ‬الوطني‭ ‬على‭ ‬تناء‭ ‬بيننا‭ ‬يحرمني‭ ‬من‭ ‬التماس‭ ‬الصفح‭ ‬ممن‭ ‬قَصرت‭ ‬في‭ ‬حقهم‭ ‬من‭ ‬أبناء‭ ‬وطني‭ ‬وبناته،‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬لا‭ ‬أدري،‭ ‬رغم‭ ‬بالغ‭ ‬حرصي‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬أكون‭ ‬خادمًا‭ ‬لكل‭ ‬الجزائريين‭ ‬والجزائريات‭ ‬بلا‭ ‬تمييز‭ ‬أو‭ ‬استثناء”‭.‬

وتابع‭: ‬“عما‭ ‬قريب،‭ ‬سيكون‭ ‬للجزائر‭ ‬رئيس‭ ‬جديد‭ ‬أرجو‭ ‬أن‭ ‬يعينه‭ ‬الله‭ ‬على‭ ‬مواصلة‭ ‬تحقيق‭ ‬آمال‭ ‬وطموحات‭ ‬بناتها‭ ‬وأبنائها‭ ‬الأباة،‭ ‬اعتمادًا‭ ‬على‭ ‬صدق‭ ‬إخلاصهم‭ ‬وأكيد‭ ‬عزمهم‭ ‬على‭ ‬الـمشاركة‭ ‬الجادة‭ ‬الحسية‭ ‬الملموسة،‭ ‬من‭ ‬الآن‭ ‬فصاعدًا،‭ ‬في‭ ‬مواصلة‭ ‬بناء‭ ‬بلادهم‭ ‬بالتشمير‭ ‬على‭ ‬سواعدهم‭ ‬وبسداد‭ ‬أفكارهم‭ ‬ويقظتهم‭ ‬المواطنية”،‭ ‬وفق‭ ‬ما‭ ‬ذكرت‭ ‬وكالة‭ ‬الأنباء‭ ‬الجزائرية‭.‬

“اهتموا‭ ‬بالشباب‭ ‬والنساء”

ودعا‭ ‬بوتفليقة‭ ‬إلى‭ ‬الاهتمام‭ ‬بالشباب‭ ‬والنساء‭ ‬في‭ ‬الجزائر،‭ ‬قائلاً‭: ‬“أجل،‭ ‬رغم‭ ‬الظروف‭ ‬المحتقنة،‭ ‬منذ‭ ‬22‭ ‬فبراير‭ ‬الماضي،‭ ‬أحمد‭ ‬الله‭ ‬على‭ ‬أني‭ ‬ما‭ ‬زلت‭ ‬كلي‭ ‬أمل‭ ‬أن‭ ‬المسيرة‭ ‬الوطنية‭ ‬لن‭ ‬تتوقف،‭ ‬وسيأتي‭ ‬من‭ ‬سيواصل‭ ‬قيادتها‭ ‬نحو‭ ‬آفاق‭ ‬التقدم‭ ‬والازدهار‭ ‬موليا،‭ ‬وهذا‭ ‬رجائي،‭ ‬رعاية‭ ‬خاصة‭ ‬لتمكين‭ ‬فئتي‭ ‬الشباب‭ ‬والنساء‭ ‬من‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬الوظائف‭ ‬السياسية‭ ‬والبرلمانية‭ ‬والإدارية،‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬ثقتي‭ ‬كبيرة‭ ‬في‭ ‬قدرتهما‭ ‬على‭ ‬الـمساهمة‭ ‬في‭ ‬مغالبة‭ ‬ما‭ ‬يواجه‭ ‬الوطن‭ ‬من‭ ‬تحديات‭ ‬وفي‭ ‬بناء‭ ‬مستقبله”‭.‬

واستطرد‭ ‬مشيرًا‭ ‬في‭ ‬رسالته‭: ‬“لما‭ ‬كان‭ ‬لكل‭ ‬أجل‭ ‬كتاب،‭ ‬أخاطبكم‭ ‬مودعًا‭ ‬وليس‭ ‬من‭ ‬السهل‭ ‬علي‭ ‬التعبير‭ ‬عن‭ ‬حقيقة‭ ‬مشاعري‭ ‬نحوكم‭ ‬وصدق‭ ‬إحساسي‭ ‬تجاهكم،‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬في‭ ‬جوانحي‭ ‬مشاعر‭ ‬وأحاسيس‭ ‬لا‭ ‬أستطيع‭ ‬الإفصاح‭ ‬عنها‭ ‬و‭ ‬كلماتي‭ ‬قاصرة‭ ‬عن‭ ‬مكافأة‭ ‬ما‭ ‬لقيته‭ ‬من‭ ‬الغالبية‭ ‬العظمى‭ ‬منكم،‭ ‬من‭ ‬أياد‭ ‬بيضاء‭ ‬ومن‭ ‬دلائل‭ ‬المحبة‭ ‬والتكريم”‭.‬

“أعمال‭ ‬غير‭ ‬معصومة”

ولفت‭ ‬الرئيس‭ ‬المستقيل‭: ‬“مرت‭ ‬أيام‭ ‬وسنوات‭ ‬كانت‭ ‬تارة‭ ‬عجاف‭ ‬وتارة‭ ‬سنوات‭ ‬رغد،‭ ‬سنوات‭ ‬مضت‭ ‬وخلفت‭ ‬ما‭ ‬خلفت‭ ‬مما‭ ‬أرضاكم‭ ‬ومما‭ ‬لم‭ ‬يرضكم‭ ‬من‭ ‬أعمالي‭ ‬غير‭ ‬المعصومة‭ ‬من‭ ‬الخطأ‭ ‬والزلل”‭.‬

وبيّن‭: ‬“أعرب‭ ‬ولما‭ ‬كان‭ ‬دوام‭ ‬الحال‭ ‬من‭ ‬المحال،‭ ‬وهذه‭ ‬هي‭ ‬سنة‭ ‬الحياة،‭ ‬ولن‭ ‬تجد‭ ‬لسنة‭ ‬الله‭ ‬تبديلا‭ ‬ولا‭ ‬لقضائه‭ ‬مردًّا‭ ‬وتحويلاً،‭ ‬أغادر‭ ‬الساحة‭ ‬السياسية‭ ‬وأنا‭ ‬غير‭ ‬حزين‭ ‬ولا‭ ‬خائف‭ ‬على‭ ‬مستقبل‭ ‬بلادنا،‭ ‬بل‭ ‬أنا‭ ‬على‭ ‬ثقة‭ ‬بأنكم‭ ‬ستواصلون‭ ‬مع‭ ‬قيادتكم‭ ‬الجديدة‭ ‬مسيرة‭ ‬الإصلاح‭ ‬والبذل‭ ‬والعطاء‭ ‬على‭ ‬الوجه‭ ‬الذي‭ ‬يجلب‭ ‬لبلادنا‭ ‬الـمزيد‭ ‬من‭ ‬الرفاه‭ ‬والأمن،‭ ‬بفضل‭ ‬ما‭ ‬لمسته‭ ‬لدى‭ ‬شبابنا،‭ ‬قلب‭ ‬أمتنا‭ ‬النابض،‭ ‬من‭ ‬توثب‭ ‬وإقدام‭ ‬وطموح‭ ‬وتفاؤل”‭.‬

 

“طلب‭ ‬السماح”

واختتم‭ ‬بوتفليقة‭ ‬رسالته‭ ‬بـ”طلب‭ ‬السماح”‭ ‬من‭ ‬الشعب،‭ ‬قائلا‭: ‬“أطلب‭ ‬منكم‭ ‬وأنا‭ ‬بشر‭ ‬غير‭ ‬منزه‭ ‬عن‭ ‬الخطأ،‭ ‬الـمسامحة‭ ‬والـمعذرة‭ ‬والصفح‭ ‬عن‭ ‬كل‭ ‬تقصير‭ ‬ارتكبته‭ ‬في‭ ‬حقكم‭ ‬بكلمة‭ ‬أو‭ ‬بفعل”‭. ‬وتابع‭: ‬“أطلب‭ ‬منكم‭ ‬أن‭ ‬تظلوا‭ ‬موَفين‭ ‬الاحتفاء‭ ‬والتبجيل‭ ‬لـمن‭ ‬قضوا‭ ‬نحبهم،‭ ‬ولـمن‭ ‬ينتظرون،‭ ‬من‭ ‬صناع‭ ‬معجزة‭ ‬تحريرينا‭ ‬الوطني،‭ ‬وأن‭ ‬تعتصموا‭ ‬بحبل‭ ‬الله‭ ‬جميعا‭ ‬ولا‭ ‬تفرقوا،‭ ‬وأن‭ ‬تكونوا‭ ‬في‭ ‬مستوى‭ ‬مسؤولية‭ ‬صون‭ ‬أمانة‭ ‬شهدائنا‭ ‬الأبرار”‭.‬