النائب هاشم: هناك من يحاول إخفاء النسبة الحقيقية للبطالة

خريجات الإعلام بين مطرقة “التعطل” وسندان “الإهمال”

| سعيد محمد من المقشع

تحدثت‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬خريجات‭ ‬الإعلام‭ ‬والعلاقات‭ ‬العامة‭ ‬عن‭ ‬حجم‭ ‬المعاناة‭ ‬التي‭ ‬يواجهنها‭ ‬في‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬وظيفة‭ ‬مناسبة‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬تخصصن‭ ‬فيه،‭ ‬علاوةً‭ ‬على‭ ‬شكواهن‭ ‬من‭ ‬إهمال‭ ‬ملفهن‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬وزارة‭ ‬العمل‭ ‬والتنمية‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬وديوان‭ ‬الخدمة‭ ‬المدنية‭. ‬وبين‭ ‬مطرقة‭ ‬“التعطل”‭ ‬وسندان‭ ‬“الإهمال”‭ ‬والمعاناة‭ ‬المؤلمة،‭ ‬تحدثت‭ ‬المجموعة‭ ‬من‭ ‬الخريجات‭ ‬في‭ ‬اللقاء‭ ‬الذي‭ ‬نظمه‭ ‬مكتب‭ ‬النائب‭ ‬فلاح‭ ‬هاشم‭ ‬مساء‭ ‬يوم‭ ‬الإثنين‭ ‬الماضي‭ ‬لتروي‭ ‬كل‭ ‬واحدة‭ ‬منهن‭ ‬قصة‭ ‬معاناتها‭ ‬بالتفصيل،‭ ‬وقالت‭ ‬إحدى‭ ‬الخريجات‭: ‬“تم‭ ‬ترشيحي‭ ‬لمتجر‭ ‬مبيدات‭ ‬حشرية‭ ‬وترشيح‭ ‬آخر‭ ‬لمصنع‭ ‬مواد‭ ‬غذائية،‭ ‬فالعمل‭ ‬ليس‭ ‬عيبًا،‭ ‬لكننا‭ ‬نطمح‭ ‬للعمل‭ ‬في‭ ‬التخصص‭ ‬الذي‭ ‬درسناه،‭ ‬وسؤالي‭ ‬هو‭: ‬أليس‭ ‬هناك‭ ‬وظيفة‭ ‬مناسبة‭ ‬لتخصصي‭ ‬في‭ ‬الإعلام‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬العلاقات‭ ‬العامة؟”‭. ‬فيما‭ ‬عرضت‭ ‬خريجة‭ ‬أخرى‭ ‬خبراتها‭ ‬حيث‭ ‬لها‭ ‬مساهمات‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تقديم‭ ‬الدورات‭ ‬والاستشارات‭ ‬الإعلامية،‭ ‬وشاركت‭ ‬في‭ ‬ملتقيات‭ ‬داخل‭ ‬وخارج‭ ‬البحرين‭ ‬ولها‭ ‬أبحاث‭ ‬ودراسات‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬تخصصها‭ ‬الإعلامي،‭ ‬وتساءلت‭: ‬هل‭ ‬جامعة‭ ‬البحرين‭ ‬تؤهل‭ ‬الخريجين‭ ‬بشكل‭ ‬سليم‭ ‬لكي‭ ‬يحصلوا‭ ‬على‭ ‬وظائف‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬القطاع؟‭ ‬ثم‭ ‬في‭ ‬الوزارات،‭ ‬هل‭ ‬من‭ ‬يعمل‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الإعلام‭ ‬والعلاقات‭ ‬العامة‭ ‬هم‭ ‬من‭ ‬المتخصصين؟

لازم‭ ‬أنام‭!‬

وتحدثت‭ ‬خريجة‭ ‬أخرى‭ ‬عن‭ ‬الوظائف‭ ‬الأربع‭ ‬التي‭ ‬يتم‭ ‬عرضها‭ ‬على‭ ‬المتقدم‭ ‬للطلب‭ ‬لدى‭ ‬وزارة‭ ‬العمل،‭ ‬ومنها‭ ‬وظائف‭ ‬في‭ ‬أماكن‭ ‬بعيدة‭ ‬“مثل‭ ‬عسكر”‭ ‬وأوقات‭ ‬عمل‭ ‬طويلة‭ ‬من‭ ‬السابعة‭ ‬صباحًا‭ ‬حتى‭ ‬السادسة‭ ‬مساءً‭ ‬“لازم‭ ‬أنام‭ ‬هناك‭ ‬وأنا‭ ‬من‭ ‬سكان‭ ‬شارع‭ ‬البديع”،‭ ‬وحين‭ ‬أرفض‭ ‬الوظائف‭ ‬الثلاث‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تناسبني‭ ‬قطعًا‭ ‬وأقبل‭ ‬بالوظيفة‭ ‬“التي‭ ‬تناسبني‭ ‬نوعًا‭ ‬ما”،‭ ‬أتفاجأ‭ ‬بأن‭ ‬ملفي‭ ‬تم‭ ‬إغلاقه؛‭ ‬لأنني‭ ‬رفضت‭ ‬“ثلاث‭ ‬وظائف‭ ‬سابقة”،‭ ‬وسؤالي‭ ‬لوزير‭ ‬العمل‭: ‬“هل‭ ‬هو‭ ‬على‭ ‬علم‭ ‬بما‭ ‬يجري‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الشأن؟”‭.‬

 

“البلاد”‭ ‬حاضرة

واستعانت‭ ‬إحدى‭ ‬الخريجات‭ ‬بتقرير‭ ‬نشرته‭ ‬صحيفة‭ ‬“البلاد”‭ ‬في‭ ‬مطلع‭ ‬شهر‭ ‬فبراير‭ ‬2019‭ ‬للزميل‭ ‬علي‭ ‬المحافظة،‭ ‬أشار‭ ‬فيه‭ ‬إلى‭ ‬وجود‭ ‬نحو‭ ‬290‭ ‬إعلاميًا‭ ‬عاطلًا‭ ‬عن‭ ‬العمل‭ ‬مسجلين‭ ‬في‭ ‬كشوف‭ ‬وزارة‭ ‬العمل‭ ‬والتنمية‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬مقابل‭ ‬وجود‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬3400‭ ‬مؤسسة‭ ‬ومنشأة‭ ‬لديها‭ ‬أنشطة‭ ‬إعلامية،‭ ‬وهناك‭ ‬خريجون‭ ‬في‭ ‬تخصص‭ ‬الإعلام‭ ‬من‭ ‬جامعة‭ ‬البحرين،‭ ‬وهي‭ ‬جامعة‭ ‬ترفد‭ ‬البلاد‭ ‬بأفضل‭ ‬مستويات‭ ‬الخريجين،‭ ‬واستعرض‭ ‬التقرير‭ ‬معاناة‭ ‬الخريجين‭ ‬والخريجات‭ ‬الذين‭ ‬نزلوا‭ ‬إلى‭ ‬سوق‭ ‬العمل،‭ ‬حيث‭ ‬الشواغر‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تتناسب‭ ‬مع‭ ‬المؤهل‭ ‬الدراسي‭ ‬للخريجين،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬غيابا‭ ‬تاما‭ ‬للوزارة‭ ‬في‭ ‬الوقوف‭ ‬مع‭ ‬خريجي‭ ‬الإعلام‭ ‬الباحثين‭ ‬عن‭ ‬العمل،‭ ‬فيما‭ ‬من‭ ‬النادر‭ ‬جدًا‭ ‬أن‭ ‬يطرح‭ ‬ديوان‭ ‬الخدمة‭ ‬المدنية‭ ‬شواغر‭ ‬إعلامية،‭ ‬وإذا‭ ‬وجد‭ ‬الشاغر،‭ ‬فإن‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬شروطه‭ ‬هو‭ ‬الخبرة‭ ‬لسنوات‭ ‬طويلة،‭ ‬ويتمنى‭ ‬الخريجيون‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬الاهتمام‭ ‬بهم‭ ‬بشكل‭ ‬جدي‭.‬

 

استقلت‭!‬

وتحدثت‭ ‬إحدى‭ ‬خريجات‭ ‬اللغة‭ ‬العربية‭ ‬عن‭ ‬تجربتها‭ ‬مع‭ ‬وزارة‭ ‬التربية‭ ‬والتعليم‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬2016‭ ‬لشغر‭ ‬وظيفة‭ ‬معلم،‭ ‬وانتهت‭ ‬من‭ ‬جميع‭ ‬الإجراءات‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬اشترطت‭ ‬عليها‭ ‬الوزارة‭ ‬أن‭ ‬تستقيل‭ ‬من‭ ‬المدرسة‭ ‬الخاصة‭ ‬التي‭ ‬تعمل‭ ‬بها‭ ‬تمهيدًا‭ ‬لشغر‭ ‬الوظيفة،‭ ‬وبعد‭ ‬أن‭ ‬استقالت‭ ‬وقدمت‭ ‬للوزارة‭ ‬قبول‭ ‬الاستقالة،‭ ‬وحين‭ ‬راجعت‭ ‬ديوان‭ ‬الخدمة،‭ ‬تفاجأت‭ ‬بأنها‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬مسجلة‭ ‬أصلًا‭ ‬في‭ ‬كشوف‭ ‬الديوان،‭ ‬وراجعت‭ ‬وزارة‭ ‬التربية‭ ‬والتعليم‭ ‬وقدمت‭ ‬نسخة‭ ‬من‭ ‬رد‭ ‬ديوان‭ ‬الخدمة‭ ‬المدنية،‭ ‬فأنكر‭ ‬الموظف‭ ‬أنهم‭ ‬طلبوا‭ ‬منها‭ ‬تقديم‭ ‬استقالتها‭ ‬مع‭ ‬أنها‭ ‬وقعت‭ ‬على‭ ‬العقد‭ ‬بما‭ ‬يحويه‭ ‬من‭ ‬الراتب‭ ‬والعلاوات‭ ‬وكان‭ ‬المنتظر‭ ‬هو‭ ‬إفادة‭ ‬التوظيف‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬مدرسة،‭ ‬فقد‭ ‬خسرت‭ ‬وظيفتها‭ ‬في‭ ‬المدرسة‭ ‬الخاصة،‭ ‬وخسرت‭ ‬الوظيفة‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تنتظرها‭ ‬في‭ ‬وزارة‭ ‬التربية‭.‬

 

محاولة‭ ‬إخفاء

ومن‭ ‬جهته،‭ ‬أشار‭ ‬النائب‭ ‬فلاح‭ ‬هاشم‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الحديث‭ ‬أساسًا‭ ‬سيكون‭ ‬بالدرجة‭ ‬الأولى‭ ‬لمجموعة‭ ‬من‭ ‬خريجي‭ ‬الإعلام‭ ‬فالمجال‭ ‬لهم،‭ ‬ولكن‭ ‬بالنسبة‭ ‬لنا‭ ‬كنواب‭ ‬فإننا‭ ‬نسعى‭ ‬لأن‭ ‬نعبر‭ ‬عن‭ ‬صوتهم‭ ‬سواء‭ ‬تحت‭ ‬قبة‭ ‬المجلس‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬اللقاءات‭ ‬مع‭ ‬المسؤولين‭ ‬المعنيين،‭ ‬فملف‭ ‬العاطلين‭ ‬بصورة‭ ‬عامة‭ ‬مهم‭ ‬للجميع،‭ ‬وهناك‭ ‬إشكالية‭ ‬بيننا‭ ‬وبين‭ ‬الجهات‭ ‬الرسمية‭ ‬وهي‭ ‬نسبة‭ ‬وعدد‭ ‬العاطلين،‭ ‬فنحن‭ ‬لا‭ ‬نتحدث‭ ‬عن‭ ‬أرقام‭ ‬بل‭ ‬نتحدث‭ ‬عن‭ ‬أسر‭ ‬وشباب‭ ‬هذا‭ ‬البلد‭ ‬الذين‭ ‬بذلوا‭ ‬جهدًا‭ ‬وتعلموا‭ ‬لخدمة‭ ‬وطنهم‭.‬

 

الوافدون‭ ‬بالقطاعات

ولفت‭ ‬هاشم‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الجهات‭ ‬الرسمية‭ ‬غير‭ ‬دقيقة‭ ‬في‭ ‬نسبها،‭ ‬فهناك‭ ‬دراسات‭ ‬ومؤشرات‭ ‬تؤكد‭ ‬أن‭ ‬نسبة‭ ‬العاطلين‭ ‬أكبر‭ ‬مما‭ ‬هو‭ ‬معلن،‭ ‬واليوم‭ ‬نرى‭ ‬العمالة‭ ‬الوافدة‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬القطاعات،‭ ‬وهناك‭ ‬محاولة‭ ‬لإخفاء‭ ‬نسبة‭ ‬البطالة،‭ ‬مشيرًا‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬2006‭ ‬توصلت‭ ‬دراسة‭ ‬أجرتها‭ ‬مؤسسة‭ ‬“ماكنزي”‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬عدد‭ ‬العاطلين‭ ‬في‭ ‬حدود‭ ‬20‭ ‬ألف‭ ‬عاطل،‭ ‬وتوقعت‭ ‬الدراسة‭ ‬أن‭ ‬يتضاعف‭ ‬عدد‭ ‬العاطلين‭ ‬خلال‭ ‬عشر‭ ‬سنوات،‭ ‬واليوم‭ ‬لم‭ ‬يتغير‭ ‬الوضع‭ ‬ونرى‭ ‬الوافدين‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬القطاعات،‭ ‬فيما‭ ‬أعداد‭ ‬البحرينيين‭ ‬العاطلين‭ ‬تزداد،‭ ‬ونحن‭ ‬نريد‭ ‬أن‭ ‬نضع‭ ‬هذه‭ ‬المشكلة‭ ‬على‭ ‬طاولة‭ ‬البحث‭ ‬ونسلط‭ ‬عليها‭ ‬الضوء‭ ‬لكي‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬المسؤولين،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬أكد‭ ‬عليه‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬الأمير‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬في‭ ‬لقائنا‭ ‬معه،‭ ‬حيث‭ ‬أشار‭ ‬سموه‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬التقارير‭ ‬تصلهم‭ ‬وتعقبها‭ ‬متابعة‭ ‬للوصول‭ ‬إلى‭ ‬تقارير‭ ‬أكثر‭ ‬دقة‭.‬

واختتم‭ ‬اللقاء‭ ‬بالسعي‭ ‬مع‭ ‬الجهات‭ ‬ذات‭ ‬العلاقة‭ ‬ممثلة‭ ‬في‭: ‬وزارة‭ ‬الإعلام،‭ ‬وزارة‭ ‬العمل‭ ‬والتنمية‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬ديوان‭ ‬الخدمة‭ ‬المدنية،‭ ‬تمكين،‭ ‬جمعية‭ ‬الصحفيين‭ ‬البحرينية؛‭ ‬لوضع‭ ‬آلية‭ ‬عمل‭ ‬يمكن‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬استيعاب‭ ‬خريجي‭ ‬الإعلام‭ ‬البحرينيين‭ ‬في‭ ‬شواغر‭ ‬تناسب‭ ‬تخصصاتهم‭.‬