عيب الفنانين الشباب الغرور والنرجسية... والأكاديميون “يزعلون”

نغموش لـ “البلاد”: أصبح الجميع يفتي في التراث

| أسامة الماجد

يرى‭ ‬الفنان‭ ‬الإماراتي‭ ‬القدير‭ ‬جابر‭ ‬نغموش‭ ‬أن‭ ‬الدراما‭ ‬الخليجية‭ ‬تشبه‭ ‬دقات‭ ‬قلب‭ ‬الإنسان،‭ ‬فتارة‭ ‬تصعد‭ ‬وتارة‭ ‬أخرى‭ ‬تنزل،‭ ‬وأن‭ ‬الشللية‭ ‬والأنانية‭ ‬تضر‭ ‬بالدراما‭ ‬والساحة‭ ‬الفنية‭ ‬عموما،‭ ‬وأكد‭ ‬نعموش‭ ‬أن‭ ‬كتاب‭ ‬الدراما‭ ‬في‭ ‬الخليج‭ ‬لا‭ ‬يريدون‭ ‬التعب‭ ‬وإنما‭ ‬يبحثون‭ ‬عن‭ ‬تقديم‭ ‬العمل‭ ‬السريع‭ ‬الذي‭ ‬ينجز‭ ‬في‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬شهر‭. ‬

كما‭ ‬عتب‭ ‬نغموش‭ ‬على‭ ‬من‭ ‬يكتب‭ ‬الأعمال‭ ‬التراثية،‭ ‬وقال‭ ‬انهم‭ ‬يكتبون‭ ‬وهم‭ ‬لا‭ ‬يعرفون‭ ‬اي‭ ‬شيء‭ ‬عن‭ ‬التراث‭.‬

“البلاد”‭ ‬التقت‭ ‬بالفنان‭ ‬نغموش‭ ‬بمناسبة‭ ‬زيارته‭ ‬للبحرين‭ ‬للمشاركة‭ ‬في‭ ‬أحد‭ ‬الأعمال‭ ‬الدرامية‭.‬

بعد‭ ‬تجربتك‭ ‬الثرية‭.. ‬كيف‭ ‬تقيم‭ ‬الدراما‭ ‬الخليجية؟

الدراما‭ ‬الخليجية‭ ‬تسير‭ ‬ولله‭ ‬الحمد‭ ‬بشكل‭ ‬صحيح‭ ‬ولكن‭ ‬لا‭ ‬نستطيع‭ ‬ان‭ ‬نعطيها‭ ‬نسبة‭ ‬100‭%‬،‭ ‬فالمسألة‭ ‬هنا‭ ‬تشبه‭ ‬دقات‭ ‬قلب‭ ‬الإنسان،‭ ‬صعودا‭ ‬وهبوطا،‭ ‬ومن‭ ‬الأمور‭ ‬المهمة‭ ‬التي‭ ‬أود‭ ‬ذكرها‭ ‬هي‭ ‬ضرورة‭ ‬الابتعاد‭ ‬عن‭ ‬الأنانية‭ ‬والشللية‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تخدم‭ ‬احد‭ ‬بل‭ ‬العكس،‭ ‬تضر‭ ‬بالدراما‭ ‬وبالفن‭ ‬عموما،‭ ‬اذ‭ ‬ينبغي‭ ‬على‭ ‬الجميع‭ ‬التعاون‭ ‬والاستماع‭ ‬إلي‭ ‬بعضنا‭ ‬البعض‭ ‬بروح‭ ‬أخوية‭ ‬وتقبل‭ ‬النقد‭ ‬من‭ ‬الصغير‭ ‬والكبير‭ ‬والابتعاد‭ ‬عن‭ ‬الحساسيات،‭ ‬لان‭ ‬الملاحظ‭ ‬في‭ ‬ساحتنا‭ ‬الخليجية‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬“‭ ‬يزعل”‭ ‬ولا‭ ‬يتقبل‭ ‬النقد‭ ‬خاصة‭ ‬الأخوة‭ ‬الأكاديميين‭.‬

لماذا‭ ‬برأيك‭ ‬ابتعدت‭ ‬الدراما‭ ‬الخليجية‭ ‬عن‭ ‬تقديم‭ ‬أعمال‭ ‬تتحدث‭ ‬شخصيات‭ ‬شهيرة‭ ‬في‭ ‬دولنا،‭ ‬سواء‭ ‬كانت‭ ‬شخصيات‭ ‬سياسية‭ ‬او‭ ‬أدبية‭ ‬او‭ ‬اجتماعية‭ ‬وغيرها‭. ‬لقد‭ ‬انحصرت‭ ‬أعمالنا‭ ‬في‭ ‬قصص‭ ‬مكررة‭ ‬رغم‭ ‬ان‭ ‬في‭ ‬خليجنا‭ ‬شخصيات‭ ‬عظيمة‭ ‬تستحق‭ ‬ان‭ ‬تعمل‭ ‬لها‭ ‬مسلسلات‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬مسلسل‭ ‬طه‭ ‬حسين؟‭ ‬

اتفق‭ ‬معك‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬كلمة‭ ‬ولكن‭ ‬دعني‭ ‬اطرح‭ ‬عليك‭ ‬سؤال‭ ‬مهم‭ ‬وهو‭... ‬أين‭ ‬هو‭ ‬الكاتب‭ ‬المتمرس‭ ‬وصاحب‭ ‬الخبرة‭ ‬والخلفية‭ ‬الذي‭ ‬سيتصدى‭ ‬لمثل‭ ‬هذه‭ ‬الأعمال‭ ‬التي‭ ‬تتطلب‭ ‬نفسا‭ ‬مغايرا‭ ‬عن‭ ‬كتابة‭ ‬الأعمال‭ ‬المألوفة؟‭  ‬نعم‭.. ‬هناك‭ ‬شعراء‭ ‬وكتاب‭ ‬وأدباء‭ ‬وسياسيون‭ ‬وحتى‭ ‬من‭ ‬الرعيل‭ ‬الأول‭ ‬وهو‭ ‬رعيل‭ ‬الغوص،‭ ‬أولئك‭ ‬الرجال‭ ‬الكبار‭ ‬الذين‭ ‬سطروا‭ ‬أسمائهم‭ ‬في‭ ‬ذاكرة‭ ‬خليجنا‭ ‬العربي‭ ‬بطوله‭ ‬وعرضه‭. ‬ولكن‭ ‬هذا‭ ‬العمل‭ ‬في‭ ‬حاجة‭ ‬الى‭ ‬كاتب‭ ‬يبحث‭ ‬وينغمس‭ ‬في‭ ‬الذاكرة‭ ‬والاهم‭ ‬هو‭ ‬التأني‭ ‬في‭ ‬الكتابة،‭ ‬بمعنى‭.. ‬يأخذ‭ ‬وقته‭ ‬ولا‭ ‬يلتزم‭ ‬بوقت‭ ‬معين‭ ‬للتسليم،‭ ‬كون‭ ‬المشروع‭ ‬الذي‭ ‬بين‭ ‬يديه‭ ‬يحتاج‭ ‬الى‭ ‬نفس‭ ‬طويل‭ ‬وتفاصيل‭ ‬كثيرة‭ ‬تختلف‭ ‬اختلافا‭ ‬كليا‭ ‬عن‭ ‬بقية‭ ‬الأعمال‭ ‬التي‭ ‬تكتب‭ ‬في‭ ‬ظرف‭ ‬شهر‭ ‬واحد‭ ‬وربما‭ ‬اقل‭. ‬عندما‭ ‬نريد‭ ‬تقديم‭ ‬عمل‭ ‬عن‭ ‬شخصية‭ ‬معروفة‭ ‬يجب‭ ‬ان‭ ‬يكون‭ ‬العمل‭ ‬ذو‭ ‬قيمة‭ ‬ويجذب‭ ‬المشاهدين‭ ‬وتتكامل‭ ‬فيه‭ ‬عناصر‭ ‬النجاح‭ ‬أيضا‭ ‬وأقولها‭ ‬بكل‭ ‬صراحة،‭ ‬كتاب‭ ‬الدراما‭ ‬اليوم‭ ‬لا‭ ‬يريدون‭ ‬التعب،‭ ‬وإنما‭ ‬يريدون‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬على‭ ‬السريع‭. ‬

ودعني‭ ‬أقول‭ ‬لك‭ ‬أيضا‭.. ‬أنا‭ ‬لي‭ ‬عتب‭ ‬على‭ ‬من‭ ‬يكتب‭ ‬الأعمال‭ ‬التراثية،‭ ‬فما‭ ‬نشاهده‭ ‬اليوم‭ ‬وهذه‭ ‬حقيقة‭ ‬لا‭ ‬جدال‭ ‬فيها‭ ‬ان‭ ‬الجميع‭ ‬أصبح‭ ‬يفتي‭ ‬في‭ ‬التراث،‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬يكتب‭ ‬في‭ ‬التراث‭ ‬وهو‭ ‬أصلا‭ ‬لا‭ ‬يعرف‭ ‬أي‭ ‬شيء‭ ‬عن‭ ‬التراث‭ ‬ولا‭ ‬يملك‭ ‬تلك‭ ‬الخلفية‭ ‬التي‭ ‬تؤهله‭ ‬بأن‭ ‬يخوض‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الميدان،‭ ‬تجد‭ ‬شبابا‭ ‬لا‭ ‬تتعدى‭ ‬أعمارهم‭ ‬25‭ ‬عاما‭ ‬يكتبون‭ ‬في‭ ‬التراث‭ ‬وهم‭ ‬بعيدون‭ ‬كل‭ ‬البعد‭ ‬عن‭ ‬مفاهيم‭ ‬وأدوات‭ ‬الكتابة‭ ‬للتراث،‭ ‬والأغرب‭ ‬انهم‭ ‬حين‭ ‬يشرعون‭ ‬في‭ ‬الكتابة‭ ‬لا‭ ‬يكلفون‭ ‬أنفسهم‭ ‬عناء‭ ‬السؤال‭ ‬والبحث‭ ‬والاستفادة‭ ‬من‭ ‬المراجع‭ ‬وهذا‭ ‬شيء‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬القبول‭ ‬به‭ ‬أبدا‭. ‬وأتذكر‭ ‬حديثا‭ ‬دار‭ ‬بيني‭ ‬وبين‭ ‬احد‭ ‬الشباب‭ ‬عن‭ ‬الغوص‭ ‬حيث‭ ‬سألته‭: ‬كم‭ ‬شخصا‭ ‬يكون‭ ‬في‭ ‬“المحمل”‭ ‬وقت‭ ‬الغوص؟‭ ‬فقال‭ ‬لي‭ ‬250‭ ‬فردا‭. ‬تخيلوا‭ ‬إجابته‭ ‬وكأنه‭ ‬يتحدث‭ ‬عن‭ ‬سفينة‭ ‬“التايتينك”‭ ‬وليس‭ ‬محملا‭ ‬او‭ ‬سفينة‭ ‬بالكاد‭ ‬تستوعب‭ ‬30‭ ‬شخصا،‭ ‬فهو‭ ‬لا‭ ‬يعرف‭ ‬ان‭ ‬رحلة‭ ‬الغوص‭ ‬تستغرق‭ ‬حوالي‭ ‬ثلاثة‭ ‬أشهر‭ ‬وفيها‭ ‬من‭ ‬الصعوبات‭ ‬المعيشية،‭ ‬فثلاثين‭ ‬فردا‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬ان‭ ‬“يتعايشون”‭ ‬ولكن‭ ‬من‭ ‬المستحيل‭ ‬ان‭ ‬يكون‭ ‬العدد‭ ‬250‭ ‬فردا‭ ‬كما‭ ‬ذكر‭ ‬لي‭.‬

ما‭ ‬رأيك‭ ‬في‭ ‬الشباب‭ ‬الذي‭ ‬اقتحم‭ ‬مجال‭ ‬الكوميديا‭ ‬ويحاول‭ ‬ان‭ ‬يثبت‭ ‬نفسه‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال؟‭ ‬

هناك‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الشباب‭ ‬في‭ ‬الكوميديا،‭ ‬ولكن‭ ‬عيبهم‭ ‬الغرور،‭ ‬فبمجرد‭ ‬ان‭ ‬يظهر‭ ‬في‭ ‬عمل‭ ‬واحد‭ ‬وتكتب‭ ‬عنه‭ ‬الصحافة‭ ‬تبرز‭ ‬عنده‭ ‬علامات‭ ‬الغرور‭ ‬والنرجسية،‭ ‬وأود‭ ‬ان‭ ‬أشير‭ ‬هنا‭ ‬أيضا‭ ‬إلى‭ ‬ان‭ ‬الصحافة‭ ‬سلاح‭ ‬ذو‭ ‬حدين‭ ‬بالنسبة‭ ‬للفنان‭.‬

أين‭ ‬جابر‭ ‬نغموش‭ ‬من‭ ‬المسرح؟‭ ‬

لقد‭ ‬ابتعدت‭ ‬عن‭ ‬المسرح‭ ‬بسبب‭ ‬معاناتي‭ ‬من‭ ‬“الديسك”‭ ‬في‭ ‬الظهر،‭ ‬وكما‭ ‬تعرف‭ ‬المسرح‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬حركة‭ ‬وجهد‭ ‬كبير،‭ ‬ورغم‭ ‬ذلك‭ ‬أشارك‭ ‬في‭ ‬المسرحيات‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تتطلب‭ ‬مني‭ ‬حركة‭ ‬او‭ ‬نشاط‭ ‬مضاعف‭. ‬

ما‭ ‬الأعمال‭ ‬التي‭ ‬تعتز‭ ‬فيها؟

دوري‭ ‬في‭ ‬مسرحية‭ ‬“راعي‭ ‬البوم‭ ‬عبرني”‭ ‬من‭ ‬تأليف‭ ‬إسماعيل‭ ‬عبدالله،‭ ‬وإخراج‭ ‬جمال‭ ‬مطر،‭ ‬وشاركنا‭ ‬فيها‭ ‬في‭ ‬أول‭ ‬مهرجان‭ ‬خليجي‭ ‬في‭ ‬ابوظبي‭ ‬في‭ ‬الثمانينات‭. ‬أما‭ ‬في‭ ‬التلفزيون‭ ‬فدوري‭ ‬في‭ ‬مسلسل‭ ‬“حاير‭ ‬طاير”‭ ‬وهناك‭ ‬أعمال‭ ‬أخرى‭. ‬

كلمة‭ ‬أخيرة‭ ‬لجمهورك‭ ‬في‭ ‬البحرين‭.‬

أتمنى‭ ‬لأهلي‭ ‬وأحبابي‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬كل‭ ‬الخير‭ ‬والمحبة‭ ‬والسعادة‭.‬