والدي قدوتي في الحياة وتعلمت منه الكثير

أسامة معين .. المكانة الاقتصادية المرموقة من رحم المعاناة

| أمل الحامد | تصوير: رسول الحجيري

كل‭ ‬دولة‭ ‬بالخليج‭ ‬لها‭ ‬مميزاتها‭ ‬ولكنني‭ ‬أكن‭ ‬محبة‭ ‬خاصة‭ ‬للبحرين دخلت‭ ‬معترك‭ ‬البنوك‭ ‬منذ‭ ‬1984‭ ‬ولا‭ ‬زلت‭ ‬فيه تعلمت‭ ‬أن‭ ‬الحرام‭ ‬لا‭ ‬يبقى‭ ‬بل‭ ‬يأخذ‭ ‬معه‭ ‬الحلال رضا‭ ‬الوالدين‭ ‬يقود‭ ‬إلى‭ ‬التوفيق‭ ‬والنجاح المتعة‭ ‬الحقيقية‭ ‬حينما‭ ‬تحقق‭ ‬أحلامك‭ ‬بعرق‭ ‬جبينك لا‭ ‬أنسى‭ ‬دور‭ ‬أحد‭ ‬أساتذتي‭ ‬في‭ ‬تكوين‭ ‬شخصيتي يجب‭ ‬أن‭ ‬يسعى‭ ‬الشباب‭ ‬لاكتساب‭ ‬أرزاقهم

 

 

يؤمن‭ ‬بمقولة‭ ‬“رب‭ ‬ضارة‭ ‬نافعة”‭ ‬وأن‭ ‬الله‭ ‬يكتب‭ ‬دائمًا‭ ‬الأفضل‭. ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أنه‭ ‬عانى‭ ‬لسنوات‭ ‬عدة‭ ‬بعد‭ ‬هجرته‭ ‬من‭ ‬الكويت‭ ‬أثناء‭ ‬الغزو‭ ‬العراقي‭ ‬الجائر،‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬أصبح‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬مواطنًا‭ ‬بحرينيًا‭. ‬لا‭ ‬يهاب‭ ‬ضيفنا‭ ‬رجل‭ ‬الأعمال‭ ‬أسامة‭ ‬محمد‭ ‬معين،‭ ‬الصعوبات‭ ‬والمعوقات‭ ‬كما‭ ‬أسلفنا،‭ ‬فالعوائق‭ ‬الجمة‭ ‬التي‭ ‬واجهته‭ ‬في‭ ‬حياته‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬له‭ ‬دخل‭ ‬فيها،‭ ‬ومنها‭ ‬احتلال‭ ‬البلد‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يقيم‭ ‬فيه؛‭ ‬ليتمكن‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬الخروج‭ ‬من‭ ‬نوائب‭ ‬الدهر‭ ‬هذه،‭ ‬صلبًا‭ ‬وواقفًا‭ ‬على‭ ‬قدميه‭ ‬بفضل‭ ‬من‭ ‬الله‭. ‬

ويرى‭ ‬معين‭ ‬ضرورة‭ ‬أن‭ ‬يسعى‭ ‬الشباب‭ ‬وراء‭ ‬رزقه‭ ‬وتعليمه‭ ‬دون‭ ‬انتظار‭ ‬المساعدة‭ ‬المادية‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬شخص،‭ ‬وأن‭ ‬يكون‭ ‬هذا‭ ‬السعي‭ ‬دون‭ ‬ارتكاب‭ ‬ما‭ ‬يخالف‭ ‬أوامر‭ ‬الله؛‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬يشكل‭ ‬حاجزًا‭ ‬عن‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬يبتغيه‭ ‬الإنسان‭.‬

ويعتبر‭ ‬والده‭ ‬المرحوم‭ ‬قدوته‭ ‬التي‭ ‬يحتذي‭ ‬بها‭ ‬في‭ ‬أمور‭ ‬حياته،‭ ‬إذ‭ ‬تعلم‭ ‬منه‭ ‬الكثير،‭ ‬ولا‭ ‬يزال‭ ‬يطبق‭ ‬ما‭ ‬تعلمه‭ ‬في‭ ‬حياته‭.‬

“البلاد”‭ ‬التقت‭ ‬معين،‭ ‬الذي‭ ‬يمتلك‭ ‬خبرة‭ ‬طويلة‭ ‬بالعمل‭ ‬في‭ ‬المؤسسات‭ ‬البنكية‭ ‬والاستثمارية،‭ ‬وفيما‭ ‬يلي‭ ‬نص‭ ‬اللقاء‭:‬

 

 

يافا‭... ‬عروس‭ ‬فلسطين‭ ‬

 

تعود‭ ‬أصولي‭ ‬لأسرة‭ ‬فلسطينية‭ ‬من‭ ‬أشهر‭ ‬مدن‭ ‬العالم‭ ‬وأجملها،‭ ‬ألا‭ ‬وهي‭ ‬يافا‭ (‬عروس‭ ‬فلسطين‭)‬،‭ ‬التي‭ ‬هاجر‭ ‬منها‭ ‬أهلها‭ ‬عند‭ ‬الاحتلال‭ ‬الصهيوني‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬1948‭ ‬وكان‭ ‬من‭ ‬ضمن‭ ‬هؤلاء‭ ‬عائلتي‭. ‬وتعلم‭ ‬والدي‭ (‬رحمه‭ ‬الله‭) ‬في‭ ‬إحدى‭ ‬الجامعات‭ ‬المصرية‭ ‬وتخرج‭ ‬منها‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬1941،‭ ‬وكان‭ ‬يحب‭ ‬العلم‭. ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أنه‭ ‬ينتمي‭ ‬لعائلة‭ ‬غنية‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬آثر‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬مهندسًا،‭ ‬إذ‭ ‬درس‭ ‬في‭ ‬كلية‭ ‬الهندسة،‭ ‬وأصبح‭ ‬مهندسًا‭ ‬بأول‭ ‬إذاعة‭ ‬بالمنطقة‭ ‬العربية‭ ‬هي‭ ‬إذاعة‭ ‬الشرق‭ ‬الأدنى‭ ‬في‭ ‬“يافا”‭. ‬ووالدتي‭ ‬من‭ ‬نفس‭ ‬العائلة،‭ ‬وتزوجا‭ ‬ليرزقا‭ ‬بي‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬1957‭.‬

ترعرعت‭ ‬وكبرت‭ ‬في‭ ‬دولة‭ ‬الكويت،‭ ‬التي‭ ‬أكن‭ ‬لها‭ ‬كل‭ ‬المحبة،‭ ‬فهي‭ ‬البلد‭ ‬الذي‭ ‬نشأت‭ ‬وتربيت‭ ‬وتعلمت‭ ‬فيه‭ ‬حيث‭ ‬عمل‭ ‬والدي‭ ‬مهندسًا‭ ‬بوزارة‭ ‬الصحة‭ ‬الكويتية‭.‬

في‭ ‬بداية‭ ‬تعليمي‭ ‬درست‭ ‬في‭ ‬مدرسة‭ ‬الراهبات،‭ ‬اللاتي‭ ‬كان‭ ‬لهن‭ ‬أثرًا‭ ‬كبيرًا‭ ‬على‭ ‬تربيتي‭ ‬نظرًا‭ ‬لحزمهن،‭ ‬ولذا‭ ‬أثرنّ‭ ‬في‭ ‬حياتي‭ ‬كثيرًا،‭ ‬ثم‭ ‬التحقت‭ ‬بالمدارس‭ ‬الحكومية‭ ‬في‭ ‬الكويت‭ ‬وتخرجت‭ ‬العام‭ ‬1975‭ ‬من‭ ‬مدرسة‭ ‬عبدالله‭ ‬السالم‭ ‬الصباح‭ ‬الثانوية،‭ ‬التي‭ ‬تعتبر‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬المدارس‭ ‬الثانوية‭ ‬بالكويت،‭ ‬وتخرج‭ ‬منها‭ ‬أكثر‭ ‬النابغين‭.‬

سافرت‭ ‬بعدها‭ ‬للدراسة‭ ‬في‭ ‬القاهرة‭ ‬وتخرجت‭ ‬منها‭ ‬في‭ ‬1981،‭ ‬وعملت‭ ‬في‭ ‬الكويت‭ ‬لفترة،‭ ‬ثم‭ ‬توجهت‭ ‬إلى‭ ‬لندن‭ ‬لدراسة‭ ‬البنوك‭ ‬والاستثمارات‭ ‬وحصلت‭ ‬على‭ ‬شهادتي،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬عدت‭ ‬إلى‭ ‬الكويت‭ ‬لبدء‭ ‬حياتي‭ ‬المهنية‭ ‬موظفا‭ ‬في‭ ‬البنوك‭ ‬الاستثمارية،‭ ‬إذ‭ ‬عملت‭ ‬مديرًا‭ ‬لمحفظة‭ ‬استثمارية‭ ‬ومدير‭ ‬استثمارات،‭ ‬ومنذ‭ ‬ذلك‭ ‬الحين‭ ‬ولله‭ ‬الحمد‭ ‬أنا‭ ‬أعمل‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال‭.‬

 

الهجرة‭ ‬من‭ ‬الكويت‭ ‬

 

لا‭ ‬أتذكر‭ ‬هجرة‭ ‬عائلتي‭ ‬من‭ ‬فلسطين؛‭ ‬لأنني‭ ‬كنت‭ ‬صغيرا،‭ ‬لكنني‭ ‬أعرف‭ ‬معنى‭ ‬الهجرة‭ ‬وما‭ ‬هو‭ ‬اللجوء‭ ‬والاحتلال،‭ ‬وتعرضت‭ ‬له‭ ‬وشهدته‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬1990‭ ‬لدى‭ ‬غزو‭ ‬النظام‭ ‬العراقي‭ ‬الكويت،‭ ‬لذا‭ ‬هاجرت‭ ‬منها،‭ ‬وكانت‭ ‬المعاناة‭ ‬الأشد‭ ‬التي‭ ‬أثرت‭ ‬في‭ ‬حياتي‭.‬

وبالنسبة‭ ‬لي‭ ‬كشخص‭ ‬يعرف‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬الاحتلال،‭ ‬لا‭ ‬أستطيع‭ ‬أن‭ ‬أعيش‭ ‬ببلد‭ ‬يخيم‭ ‬عليه‭ ‬الاحتلال،‭ ‬وكان‭ ‬أكثر‭ ‬ما‭ ‬يؤلمني‭ ‬هو‭ ‬رؤية‭ ‬الكويت‭ ‬التي‭ ‬عشت‭ ‬بها‭ ‬طوال‭ ‬عمري‭ ‬محتلة‭. ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬فإن‭ ‬إصابة‭ ‬ابنتي‭ ‬الكبرى‭ ‬“رحاب”‭ ‬بمرض‭ ‬جلدي‭ ‬من‭ ‬التلوث‭ ‬أثناء‭ ‬الاحتلال‭ ‬وكان‭ ‬عمرها‭ ‬أشهرا‭ ‬عدة‭ ‬فقط،‭ ‬جعلتني‭ ‬مضطرًا‭ ‬للخروج‭ ‬من‭ ‬الكويت‭ ‬والسفر‭ ‬إلى‭ ‬الأردن‭ ‬لعلاجها‭. ‬

وبعد‭ ‬انتهاء‭ ‬فترة‭ ‬علاج‭ ‬ابنتي‭ ‬سافرت‭ ‬من‭ ‬الأردن‭ ‬إلى‭ ‬مدينة‭ ‬الإسكندرية‭ ‬في‭ ‬مصر‭ ‬حيث‭ ‬كانت‭ ‬والدتي‭ (‬رحمها‭ ‬الله‭) ‬تقطن‭ ‬فيها‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬ترك‭ ‬أهلي‭ ‬الكويت‭ ‬عقب‭ ‬تقاعد‭ ‬والدي‭ (‬رحمه‭ ‬الله‭) ‬في‭ ‬1985‭ ‬ووفاته‭ ‬في‭ ‬ذات‭ ‬العام؛‭ ‬لتتكفل‭ ‬العائلة‭ ‬والدتي‭ ‬وأختَيّ‭. ‬كانت‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬أصعب‭ ‬الرحلات‭ ‬التي‭ ‬عانيت‭ ‬فيها‭.‬

كل‭ ‬حياتي‭ ‬كانت‭ ‬هجرة،‭ ‬من‭ ‬الكويت‭ ‬إلى‭ ‬العراق‭ ‬ثم‭ ‬إلى‭ ‬الأردن‭ ‬ثم‭ ‬مصر،‭ ‬وفي‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬هناك‭ ‬تأشيرات‭ ‬سفر،‭ ‬وكنت‭ ‬أحصل‭ ‬على‭ ‬تأشيرات‭ ‬سفر‭ ‬للدخول‭ ‬فقط‭ ‬وليس‭ ‬الإقامة،‭ ‬وبصعوبة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الأشخاص‭ ‬الذين‭ ‬أعرفهم‭ ‬بهذه‭ ‬الدول‭. ‬عانيت‭ ‬كثيرًا‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الرحلة‭ ‬مع‭ ‬عائلتي‭.‬

وخلال‭ ‬وجودي‭ ‬في‭ ‬مصر‭ ‬لمدة‭ ‬4‭ ‬سنوات،‭ ‬أسست‭ ‬شركة‭ ‬استشارية‭ ‬مع‭ ‬اثنين‭ ‬من‭ ‬أصدقائي،‭ ‬ولا‭ ‬تزال‭ ‬قائمة‭ ‬حتى‭ ‬الآن،‭ ‬وأعتز‭ ‬بهؤلاء‭ ‬الأصدقاء‭ ‬إلا‭ ‬أنني‭ ‬كنت‭ ‬أجد‭ ‬مشقة‭ ‬يوميًا‭ ‬للعمل‭ ‬بالشركة‭. ‬صحيح‭ ‬أنني‭ ‬عملت‭ ‬ولكن‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬هذا‭ ‬العمل‭ ‬ما‭ ‬أصبو‭ ‬إليه،‭ ‬فحاولت‭ ‬مرارا‭ ‬الخروج‭ ‬إلى‭ ‬أي‭ ‬مكان،‭ ‬ففشلت‭ ‬لعوامل‭ ‬عديدة،‭ ‬ولكن‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬1994‭ ‬سنحت‭ ‬الفرصة‭ ‬ووصلت‭ ‬إلى‭ ‬البحرين‭ ‬في‭ ‬1996‭.‬

أؤمن‭ ‬بالحكمة‭ ‬“رب‭ ‬ضارة‭ ‬نافعة”،‭ ‬فربنا‭ ‬يكتب‭ ‬لنا‭ ‬الأفضل‭ ‬ويجب‭ ‬أن‭ ‬نشكره‭ ‬ونحمده‭ ‬على‭ ‬السراء‭ ‬والضراء،‭ ‬فأنا‭ ‬بعد‭ ‬خروجي‭ ‬من‭ ‬الكويت‭ ‬عانيت‭ ‬لسنوات‭ ‬عدة‭ ‬وانتهى‭ ‬بي‭ ‬المقام‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬التي‭ ‬بدأت‭ ‬فيها‭ ‬حياتي‭ ‬الجديدة،‭ ‬وخلالها‭ ‬أصبحت‭ ‬أنتمي‭ ‬إلى‭ ‬البحرين‭ ‬حتى‭ ‬قبل‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬المواطنة‭.‬

 

أول‭ ‬زيارة‭ ‬للبحرين‭ ‬

زرت‭ ‬البحرين‭ ‬مرتين،‭ ‬إحداهما‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬1987‭ ‬والأخرى‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬1991،‭ ‬وفي‭ ‬الأولى‭ ‬نزلت‭ ‬في‭ ‬فندق‭ ‬الخليج‭ ‬وكنتُ‭ ‬قادمًا‭ ‬من‭ ‬الكويت‭ ‬في‭ ‬رحلة‭ ‬عمل‭ ‬إلى‭ ‬معظم‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬لتقديم‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي،‭ ‬إذ‭ ‬كنت‭ ‬أعمل‭ ‬ببنك‭ ‬فرنسي‭ ‬بريطاني‭ ‬آنذاك،‭ ‬وكان‭ ‬معي‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الأوروبيين‭ ‬لتقديم‭ ‬عملة‭ ‬اليورو‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬العملات‭ ‬إلى‭ ‬البنوك‭ ‬والمؤسسات‭. ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت‭ ‬أحببت‭ ‬البحرين؛‭ ‬لأنها‭ ‬بلد‭ ‬صغير‭ ‬وجميل،‭ ‬وكنتُ‭ ‬قادمًا‭ ‬من‭ ‬الكويت‭ ‬درة‭ ‬الخليج‭ ‬التي‭ ‬تعتبر‭ ‬بلدًا‭ ‬ضخما‭ ‬بأهلها‭ ‬والتطور‭ ‬الكبير‭ ‬فيها،‭ ‬لكن‭ ‬الهدوء‭ ‬الذي‭ ‬تمتاز‭ ‬به‭ ‬البحرين‭ ‬جعلني‭ ‬مرتاحًا،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬زرت‭ ‬دولا‭ ‬خليجية‭ ‬أخرى،‭ ‬كل‭ ‬دولة‭ ‬لها‭ ‬مميزاتها‭ ‬الخاصة،‭ ‬لكن‭ ‬البحرين‭ ‬أكن‭ ‬لها‭ ‬مكانة‭ ‬خاصة‭.‬

وفي‭ ‬العام‭ ‬1991‭ ‬زرت‭ ‬البحرين‭ ‬ثانية‭ ‬وجلست‭ ‬فيها‭ ‬لمدة‭ ‬أسبوعين‭ ‬فقط‭ ‬لم‭ ‬أتمكن‭ ‬زيادة‭ ‬المدة،‭ ‬لكن‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬1996‭ ‬ولله‭ ‬الحمد‭ ‬استطعت‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬عقد‭ ‬مع‭ ‬بنك‭ ‬وبدأت‭ ‬العمل‭ ‬في‭ ‬البحرين‭.‬

عندما‭ ‬وصلت‭ ‬البحرين‭ ‬مع‭ ‬شريكة‭ ‬حياتي‭ ‬التي‭ ‬تزوجتها‭ ‬في‭ ‬1988،‭ ‬كان‭ ‬لدي‭ ‬حينها‭ ‬ابنتان،‭ ‬الكبيرة‭ ‬رحاب‭ ‬والثانية‭ ‬رنا،‭ ‬ثم‭ ‬رزقت‭ ‬الصغرى‭ ‬رزان‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬1998‭ ‬بالبحرين،‭ ‬ونعتبرها‭ ‬البحرينية‭ ‬الأصيلة‭ ‬بيننا‭.‬

 

بداية‭ ‬العمل‭ ‬المصرفي

 

عملت‭ ‬أولا‭ ‬في‭ ‬بنك‭ ‬ثم‭ ‬تركته،‭ ‬ودخلت‭ ‬مع‭ ‬مجموعة‭ ‬في‭ ‬تأسيس‭ ‬أحد‭ ‬أهم‭ ‬البنوك‭ ‬الاستثمارية،‭ ‬ثم‭ ‬أصبحت‭ ‬رئيسًا‭ ‬تنفيذيًا‭ ‬لأحد‭ ‬البنوك‭ ‬الاستثمارية‭ ‬لفترة‭ ‬طويلة،‭ ‬بعدها‭ ‬بدأت‭ ‬العمل‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬تأسيس‭ ‬الشركات‭ ‬الاستثمارية‭ ‬المتخصصة،‭ ‬ومما‭ ‬أفخر‭ ‬به‭ ‬أنني‭ ‬أسست‭ ‬شركة‭ ‬لنقل‭ ‬البتروكيماويات‭ ‬والغاز،‭ ‬وهي‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬استثمار‭ ‬حكومي‭ ‬مع‭ ‬أحد‭ ‬المؤسسات‭ ‬العريقة‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬الاسكندنافية،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬أسست‭ ‬فرعا‭ ‬لبنك‭ ‬خارجي،‭ ‬وغيرها،‭ ‬والحمد‭ ‬لله‭ ‬أنني‭ ‬وفقت‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الأعمال‭ ‬بشكل‭ ‬جيد‭. ‬دخلت‭ ‬معترك‭ ‬البنوك‭ ‬منذ‭ ‬1984‭ ‬ولا‭ ‬أزال‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال‭ ‬حتى‭ ‬اليوم‭.‬

 

خبرة‭ ‬في‭ ‬عوائق‭ ‬الاستثمار‭ ‬

 

يرى‭ ‬معين‭ ‬أن‭ ‬الوضع‭ ‬الاقتصادي‭ ‬العالمي‭ ‬حاليًا‭ ‬سيئ‭ ‬جدًا،‭ ‬خصوصًا‭ ‬بمنطقتنا‭ ‬العربية،‭ ‬إذ‭ ‬هنالك‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المؤسسات‭ ‬المالية‭ ‬والبنوك‭ ‬لديها‭ ‬عوائق‭ ‬ومشكلات‭ ‬في‭ ‬الاستثمار‭ ‬والأصول،‭ ‬ونظرًا‭ ‬للخبرة‭ ‬التي‭ ‬يمتلكها‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال‭ ‬فإن‭ ‬المؤسسات‭ ‬المالية‭ ‬والبنوك‭ ‬تستفيد‭ ‬من‭ ‬خبرته‭ ‬للتخلص‭ ‬من‭ ‬أصولها‭ ‬غير‭ ‬المفيدة‭ ‬والعمل‭ ‬على‭ ‬إعادة‭ ‬هذه‭ ‬المؤسسات‭ ‬إلى‭ ‬العمل‭ ‬البنكي‭ ‬الذي‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تركز‭ ‬عليه‭ ‬دون‭ ‬هذه‭ ‬الأصول‭ ‬غير‭ ‬المفيدة‭.‬

ويقول‭ ‬إنه‭ ‬عمل‭ ‬مع‭ ‬أحد‭ ‬البنوك‭ ‬لمدة‭ ‬سنتين‭ ‬للتخلص‭ ‬من‭ ‬الأصول‭ ‬السيئة،‭ ‬ولله‭ ‬الحمد‭ ‬ساعدتهم‭ ‬في‭ ‬التخلص‭ ‬من‭ ‬60‭ % ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الأصول‭. ‬كما‭ ‬يعمل‭ ‬حاليا‭ ‬مع‭ ‬بنك‭ ‬آخر؛‭ ‬للتخلص‭ ‬من‭ ‬الأصول‭ ‬غير‭ ‬المفيدة‭.‬

 

حب‭ ‬السفر‭ ‬ورهاب‭ ‬الطائرات‭ ‬

 

يهوى‭ ‬معين‭ ‬السفر‭ ‬كثيرًا،‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬يخاف‭ ‬من‭ ‬الطائرات‭. ‬وزار‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الدول،‭ ‬منها‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬التي‭ ‬تنقل‭ ‬فيها‭ ‬وتعرف‭ ‬على‭ ‬معالمها،‭ ‬كما‭ ‬يكنّ‭ ‬محبة‭ ‬خاصة‭ ‬للسعودية‭ ‬ويحب‭ ‬الوجود‭ ‬فيها‭. ‬ويعشق‭ ‬زيارة‭ ‬الكويت‭ ‬بين‭ ‬الفينة‭ ‬والأخرى‭ ‬للالتقاء‭ ‬بأهله‭ ‬وأصدقائه‭. ‬وكذلك‭ ‬يحب‭ ‬زيارة‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬والتردد‭ ‬عليها‭ ‬كمصر‭ ‬ولبنان‭ ‬والأردن،‭ ‬وأيضًا‭ ‬زار‭ ‬دول‭ ‬شرق‭ ‬آسيا‭ ‬وسنغافورة‭ ‬وماليزيا‭ ‬وغيرها،‭ ‬لكنه‭ ‬يفضل‭ ‬السفر‭ ‬إلى‭ ‬أوروبا،‭ ‬حيث‭ ‬زار‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬الأوروبية‭.‬

ويختم‭ ‬معين‭ ‬بأنه‭ ‬لم‭ ‬يسافر‭ ‬في‭ ‬حياته‭ ‬إلى‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأميركية‭ (...) ‬معلقا‭ ‬“أحب‭ ‬السفر‭ ‬كثيرًا‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬يعتريني‭ ‬رهاب‭ ‬من‭ ‬الطائرات،‭ ‬وهوايتي‭ ‬التعلم‭ ‬ودراسة‭ ‬الطيران،‭ ‬ولدي‭ ‬في‭ ‬منزلي‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الكتب‭ ‬والمجالات‭ ‬عن‭ ‬صناعة‭ ‬الطيران‭ ‬وأنواعها”‭.‬

 

رضا‭ ‬الوالدين‭ ‬كنز

الوالد‭ (‬رحمه‭ ‬الله‭) ‬هو‭ ‬أستاذي‭ ‬الأكبر،‭ ‬وأسير‭ ‬على‭ ‬خطاه،‭ ‬وتعلمت‭ ‬منه‭ ‬الكثير،‭ ‬وتوفي‭ ‬والدي‭ ‬صغيرًا‭ ‬في‭ ‬أواخر‭ ‬الستينات‭ ‬من‭ ‬عمره،‭ ‬إذ‭ ‬رحل‭ ‬في‭ ‬أول‭ ‬شهر‭ ‬عملت‭ ‬فيه‭ ‬بالعام‭ ‬1985‭. ‬كان،‭ ‬له‭ ‬المغفرة‭ ‬والرحمة،‭ ‬مثقفًا‭ ‬جدًا‭ ‬يحب‭ ‬القراءة،‭ ‬وتعلمت‭ ‬منه‭ ‬حب‭ ‬القراءة،‭ ‬كما‭ ‬قدم‭ ‬لي‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬النصائح‭. ‬وكان‭ ‬عادلا‭ ‬جدًا،‭ ‬ولا‭ ‬يخاف‭ ‬قول‭ ‬الحق،‭ ‬ويحاسب‭ ‬من‭ ‬يخطئ،‭ ‬ويحافظ‭ ‬على‭ ‬أصوله‭ ‬وتقاليده،‭ ‬كما‭ ‬يحافظ‭ ‬على‭ ‬تعاليم‭ ‬الدين‭ ‬الإسلامي،‭ ‬ويدعونا‭ ‬للمحافظة‭ ‬عليها‭. ‬وتعلمت‭ ‬منه‭ ‬الأمانة،‭ ‬وعدم‭ ‬أخذ‭ ‬القرش‭ ‬الحرام،‭ ‬وأن‭ ‬الحرام‭ ‬لا‭ ‬يبقى‭ ‬بل‭ ‬يأخذ‭ ‬معه‭ ‬الحلال‭. ‬ووالدتي‭ (‬رحمها‭ ‬الله‭) ‬أيضا‭ ‬تعلمت‭ ‬منها‭ ‬الكثير‭ ‬أيضًا،‭ ‬إذ‭ ‬تعبت‭ ‬كثيرًا‭ ‬في‭ ‬تربيتنا‭ (‬أنا‭ ‬وأختيّ‭) ‬مع‭ ‬والدي،‭ ‬ولله‭ ‬الحمد‭ ‬كان‭ ‬والداي‭ ‬راضيين‭ ‬عني‭ ‬قبل‭ ‬وفاتهما‭. ‬فرضا‭ ‬الوالدين‭ ‬مهم‭ ‬للغاية‭ ‬ولا‭ ‬يفلح‭ ‬أحد‭ ‬في‭ ‬حياته‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬رضاهما‭.‬

 

ذكريات‭ ‬شراء‭ ‬أول‭ ‬سيارة

يؤمن‭ ‬معين‭ ‬بضرورة‭ ‬عمل‭ ‬الشباب‭ ‬وسعيهم‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬أرزاقهم،‭ ‬وألا‭ ‬ينتظروا‭ ‬من‭ ‬أحد‭ ‬أن‭ ‬يمنحهم‭ ‬شيئًا‭. ‬ويقول‭: ‬أذكر‭ ‬أنني‭ ‬بالمرحلة‭ ‬الثانوية‭ ‬كنت‭ ‬واقفًا‭ ‬في‭ ‬المدرسة‭ ‬أتفرج‭ ‬على‭ ‬مواقف‭ ‬سيارات‭ ‬المدرسين‭ ‬والطلبة،‭ ‬وشعرت‭ ‬بيد‭ ‬على‭ ‬كتفي‭ ‬وكانت‭ ‬يد‭ ‬مدرس‭ ‬التربية‭ ‬الإسلامية،‭ ‬الذي‭ ‬أثر‭ ‬في‭ ‬حياتي‭ (‬رحمه‭ ‬الله‭) ‬وكان‭ ‬من‭ ‬الأساتذة‭ ‬الكبار‭ ‬ثم‭ ‬أصبح‭ ‬دكتورًا‭ ‬وبعد‭ ‬ذلك‭ ‬داعية‭ ‬إسلاميا‭. ‬أثر‭ ‬علي‭ ‬كثيرًا،‭ ‬إذ‭ ‬علمني‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬المراحل‭ ‬الدراسية‭. ‬سألني‭ ‬المدرس‭ ‬وقتها‭: ‬عم‭  ‬تتفرج؟‭ ‬فأجبته‭ ‬أنني‭ ‬أتفرج‭ ‬على‭ ‬السيارات‭ ‬بالمواقف،‭ ‬فأعاد‭ ‬السؤال‭ ‬هل‭ ‬تتفرج‭ ‬على‭ ‬سيارات‭ ‬الطلبة،‭ ‬فأجبته‭ ‬بالإيجاب‭. ‬فأخبرني‭ ‬أن‭ ‬الطلبة‭ ‬الذين‭ ‬يمتلكون‭ ‬السيارات‭ ‬الفارهة‭ ‬عندما‭ ‬يتخرجون‭ ‬ويشترون‭ ‬سيارات‭ ‬جديدة‭ ‬لن‭ ‬يشعروا‭ ‬بذات‭ ‬الفرحة‭ ‬التي‭ ‬يشعرون‭ ‬بها‭ ‬حينما‭ ‬يقتنوها‭ ‬بكدهم‭ ‬وتعبهم‭. ‬وواصل‭ ‬المدرس‭ ‬حديثه‭ ‬بالقول‭ ‬“أنت‭ ‬تذهب‭ ‬مشيًا‭ ‬للمدرسة‭ ‬وتعود،‭ ‬وفي‭ ‬اليوم‭ ‬الذي‭ ‬ستشتري‭ ‬فيه‭ ‬سيارتك‭ ‬الخاصة‭ ‬الأولى‭ ‬ستشعر‭ ‬بمتعة‭ ‬وفرحة‭ ‬لا‭ ‬توصف‭ ‬وستكون‭ ‬بالنسبة‭ ‬لك‭ ‬أجمل‭ ‬وأفخم‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬سيارة‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المواقف”‭. ‬وقتها‭ ‬وافقته‭ ‬على‭ ‬كلامه‭ ‬وصمتُ‭.‬

بعد‭ ‬تخرجي‭ ‬وعودتي‭ ‬إلى‭ ‬الكويت‭ ‬وشرائي‭ ‬أول‭ ‬سيارة‭ ‬بقوة‭ ‬4‭ ‬أحصنة‭ ‬كانت‭ ‬فرحتي‭ ‬ومتعتي‭ ‬لا‭ ‬تضاهيها‭ ‬فرحة،‭ ‬حينئذ‭ ‬تذكرت‭ ‬كلام‭ ‬مدرسي‭. ‬والعبرة‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬القصة‭ ‬أنه‭ ‬عندما‭ ‬تشتري‭ ‬ساعة‭ ‬أو‭ ‬قلما‭ ‬بنقودك‭ ‬وهذه‭ ‬النقود‭ ‬تعبت‭ ‬بتحصيلها‭ ‬فإنها‭ ‬تعتبر‭ ‬أحلى‭ ‬متعة‭. ‬ولا‭ ‬أزال‭ ‬أذكر‭ ‬أول‭ ‬ساعة‭ ‬اشتريتها‭ ‬من‭ ‬أول‭ ‬“بونس”‭ ‬حصلت‭ ‬عليه‭ ‬ولا‭ ‬زلت‭ ‬أحتفظ‭ ‬بها؛‭ ‬لأنني‭ ‬تعبت‭ ‬لشرائها‭.‬