قمة “شرم الشيخ” تعيد رسم خريطة العلاقات العربية ــ الأوروبية

العاهل يؤكد أهمية الاستقرار والتعاون الدولي

| المنامة - بنا

تأتي‭ ‬مشاركة‭ ‬عاهل‭ ‬البلاد‭ ‬صاحب‭ ‬الجلالة‭ ‬الملك‭ ‬حمد‭ ‬بن‭ ‬عيسى‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭  ‬في‭ ‬أعمال‭ ‬القمة‭ ‬العربية‭ ‬الأوروبية‭ ‬الأولى،‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬شرم‭ ‬الشيخ‭ ‬بجمهورية‭ ‬مصر‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬من‭ ‬الرابع‭ ‬والعشرين‭ ‬إلى‭ ‬الخامس‭ ‬والعشرين‭ ‬من‭ ‬شهر‭ ‬فبراير‭ ‬الجاري،‭ ‬تحت‭ ‬شعار‭ ‬“الاستثمار‭ ‬في‭ ‬الاستقرار”،‭ ‬تأكيدًا‭ ‬للدور‭ ‬الكبير‭ ‬الذي‭ ‬باتت‭ ‬تلعبه‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬العهد‭ ‬الزاهر‭ ‬لجلالته‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬والعالم‭ ‬والجهود‭ ‬الدؤوبة‭ ‬التي‭ ‬يقوم‭ ‬بها‭ ‬جلالته‭ ‬للتأكيد‭ ‬على‭ ‬أهمية‭ ‬الأمن‭ ‬والاستقرار‭ ‬وعلى‭ ‬أهمية‭ ‬التعاون‭ ‬الدولي‭ ‬لتحقيق‭ ‬ذلك،‭ ‬فقد‭ ‬حرص‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬في‭ ‬جميع‭  ‬لقاءاته‭ ‬الإقليمية‭ ‬والدولية‭ ‬وفي‭ ‬جميع‭ ‬تحركاته‭ ‬وتصريحاته‭ ‬على‭ ‬تأكيد‭ ‬هذه‭ ‬المبادئ‭ ‬والتي‭ ‬تؤمن‭ ‬بها‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬وتضعها‭ ‬دبلوماسيتها‭ ‬ضمن‭ ‬الأسس‭ ‬الراسخة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تحيد‭ ‬عنها‭ ‬في‭ ‬علاقاتها‭ ‬الخارجية‭.‬كما‭ ‬تأتي‭ ‬مشاركة‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬في‭ ‬القمة‭ ‬تلبية‭ ‬لدعوة‭ ‬كريمة‭ ‬تلقاها‭ ‬جلالته‭ ‬من‭ ‬أخيه‭ ‬رئيس‭ ‬جمهورية‭ ‬مصر‭ ‬العربية‭ ‬الشقيقة‭ ‬عبدالفتاح‭ ‬السيسي،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يعبر‭ ‬عن‭ ‬عمق‭ ‬العلاقات‭ ‬القوية‭ ‬التاريخية‭ ‬بين‭ ‬البلدين،‭ ‬والتي‭ ‬تشعبت‭ ‬وتوسعت‭ ‬لتشمل‭ ‬جميع‭ ‬المجالات‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬حرص‭ ‬قيادتي‭ ‬البلدين‭ ‬على‭ ‬تطويرها‭ ‬والدفع‭ ‬بها‭ ‬قدمًا‭ ‬إلى‭ ‬الأمام‭ ‬،‭ ‬ويعطي‭ ‬انعقاد‭ ‬القمة‭ ‬في‭ ‬جمهورية‭ ‬مصر‭ ‬العربية‭ ‬آمالا‭ ‬كبيرة‭ ‬بنجاحها‭ ‬في‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬أهدافها‭ ‬المبتغاة،‭ ‬نظراً‭ ‬للمكانة‭ ‬الكبيرة‭ ‬التي‭ ‬تتمتع‭ ‬بها‭ ‬جمهورية‭ ‬مصر‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬العربي‭ ‬والإقليمي‭ ‬والدولي‭.‬

إن‭ ‬القمة‭ ‬العربية‭ ‬الأوروبية‭ ‬الأولى‭ ‬تشكل‭ ‬فرصة‭ ‬تاريخية‭ ‬لتحقيق‭ ‬المصالح‭ ‬المتبادلة‭ ‬التي‭ ‬تربط‭ ‬الإقليمين‭ ‬العربي‭ ‬والأوروبي‭ ‬من‭ ‬روابط‭ ‬جغرافية‭ ‬وقواسم‭ ‬مشتركة‭ ‬ومصالح‭ ‬متبادلة،‭ ‬ومن‭ ‬المنتظر‭ ‬أن‭ ‬تعيد‭ ‬القمة‭ ‬رسم‭ ‬خريطة‭ ‬العلاقات‭ ‬العربية‭ ‬ــ‭ ‬الأوروبية‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬المجالات،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬إيمان‭ ‬كلا‭ ‬الطرفين‭ ‬أن‭ ‬التعاون‭ ‬الإقليمي‭ ‬القوي‭ ‬يعد‭ ‬مفتاحاً‭ ‬لمواجهة‭ ‬التحديات‭ ‬الحالية‭ ‬في‭ ‬ضوء‭ ‬التزام‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬جامعة‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬والاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬نحو‭ ‬دعم‭ ‬النظام‭ ‬الدولي‭ ‬ومتعدد‭ ‬الأطراف‭ ‬استناداً‭ ‬إلي‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭.‬

وتكتسب‭ ‬القمة‭ ‬العربية‭ ‬الأوروبية‭ ‬الأولى‭ ‬أهميتها‭ ‬في‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الجوانب‭ ‬أبرزها‭ ‬مستوى‭ ‬المشاركة‭ ‬الرفيع‭ ‬المستوى‭ ‬في‭ ‬أول‭ ‬قمة‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬القادة‭ ‬بين‭ ‬جامعة‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬والاتحاد‭ ‬الأوروبي،‭ ‬حيث‭ ‬تجمع‭ ‬القمة‭ ‬أضخم‭ ‬حضور‭ ‬دبلوماسي‭ ‬من‭ ‬الجانبين‭ ‬العربي‭ ‬والأوروبي‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الرئاسي،‭ ‬والذين‭ ‬سيطرحون‭ ‬علي‭ ‬مائدة‭ ‬النقاش‭ ‬التحديات‭ ‬المشتركة‭ ‬التي‭ ‬تواجه‭ ‬الطرفين،‭ ‬حيث‭ ‬من‭ ‬المتوقع‭ ‬أن‭ ‬يشارك‭ ‬في‭ ‬القمة‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬والرئيس‭ ‬المصري‭ ‬عبدالفتاح‭ ‬السيسي،‭ ‬والرئيس‭ ‬الفلسطيني‭ ‬محمود‭ ‬عباس،‭ ‬ورئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬اللبناني‭ ‬سعد‭ ‬الحريري،‭ ‬ومن‭ ‬الجانب‭ ‬الأوروبي‭ ‬من‭ ‬المتوقع‭ ‬مشاركة‭ ‬المستشارة‭ ‬الألمانية‭ ‬أنجيلا‭ ‬ميركل،‭ ‬ورئيسة‭ ‬وزراء‭ ‬المملكة‭ ‬المتحدة‭ ‬تيريزا‭ ‬ماي،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬الأمين‭ ‬العام‭ ‬لجامعة‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬أحمد‭ ‬أبوالغيط،‭ ‬ورئيسي‭ ‬المجلس‭ ‬الاوروبي‭ ‬دونالد‭ ‬توسك‭ ‬والمفوضية‭ ‬الأوروبية‭ ‬جان‭ ‬كلود‭ ‬جونكر،‭ ‬والممثلة‭ ‬الأعلى‭ ‬للسياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬والأمنية‭ ‬نائب‭ ‬رئيس‭ ‬المفوضية‭ ‬الأوروبية‭ ‬فيديريكا‭ ‬موغيريني‭.‬

يذكر‭ ‬أن‭ ‬القمة‭ ‬تضم‭ ‬رؤساء‭ ‬دول‭ ‬وحكومات‭ ‬50‭ ‬دولة‭ ‬عربية‭ ‬وأوروبية،‭ (‬22‭ ‬دولة‭ ‬عربية‭ + ‬28‭ ‬دولة‭ ‬أوروبية‭). ‬وقد‭ ‬أكد‭ ‬مساعد‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬المصري‭ ‬للشؤون‭ ‬الأوروبية،‭ ‬السفير‭ ‬عمرو‭ ‬رمضان،‭ ‬مشاركة‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬40‭ ‬رئيس‭ ‬سلطة‭ ‬تنفيذية‭ ‬في‭ ‬القمة،‭ ‬وأن‭ ‬التمثيل‭ ‬الأوروبي‭ ‬سيكون‭ ‬على‭ ‬أعلى‭ ‬مستوى،‭ ‬ويضم‭ ‬رؤساء‭ ‬جمهوريات‭ ‬ووزراء‭ ‬في‭ ‬أنظمة‭ ‬برلمانية‭ ‬لعشرين‭ ‬دولة‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬الأعضاء‭ ‬بالاتحاد‭ ‬الأوروبي‭.‬

وعلى‭ ‬الجانب‭ ‬الأوروبي،‭ ‬أكدت‭ ‬الممثلة‭ ‬العليا‭ ‬للاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬للشؤون‭ ‬الخارجية‭ ‬والسياسية‭ ‬والأمنية‭ ‬فيديريكا‭ ‬موغيريني‭ ‬“توافق”‭ ‬الجانبين‭ ‬بشأن‭ ‬95‭ % ‬من‭ ‬مجمل‭ ‬القضايا‭ ‬المطروحة‭ ‬للنقاش‭.‬

كما‭ ‬أشارت‭ ‬موغيريني‭ ‬في‭ ‬المؤتمر‭ ‬الصحافي‭ ‬الى‭ ‬“تطابق”‭ ‬موقفي‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬والجامعة‭ ‬العربية‭ ‬حول‭ ‬ابرز‭ ‬الأزمات‭ ‬الإقليمية‭ ‬الراهنة‭ ‬منوهة‭ ‬بتطابق‭ ‬موقفي‭ ‬الجانبين‭ ‬عن‭ ‬إيجاد‭ ‬حل‭ ‬سياسي‭ ‬للازمة‭ ‬في‭ ‬سوريا‭ ‬وتمسكهما‭ ‬بحل‭ ‬الدولتين‭ ‬في‭ ‬عملية‭ ‬السلام‭ ‬بالشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬القدس‭ ‬عاصمة‭ ‬مشتركة‭ ‬بين‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬والإسرائيليين‭. ‬

وتكتسب‭ ‬القمة‭ ‬أهميتها‭ ‬أيضا‭ ‬من‭ ‬عنوانها‭ ‬وموضوعاتها،‭ ‬فالقمة‭ ‬تأتي‭ ‬تحت‭ ‬شعار‭ ‬“الاستثمار‭ ‬في‭ ‬الاستقرار”‭ ‬وهو‭ ‬مفهوم‭ ‬مهم‭ ‬جدًا‭ ‬لطالما‭ ‬أكدت‭ ‬عليه‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬فلا‭ ‬أمن‭ ‬ولا‭ ‬تنمية‭ ‬دون‭ ‬استقرار‭.‬

كما‭ ‬أن‭ ‬التهديدات‭ ‬المتنامية‭ ‬والتحديات‭ ‬المشتركة‭ ‬للإرهاب‭ ‬عابر‭ ‬الحدود،‭ ‬تتطلب‭ ‬التوصل‭ ‬إلى‭ ‬موقف‭ ‬موحد‭ ‬بشأنها،‭ ‬وذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التعاون‭ ‬المشترك‭ ‬لدعم‭ ‬جهود‭ ‬التحالف‭ ‬العالمي‭ ‬ضد‭ ‬الإرهاب،‭ ‬والذي‭ ‬بات‭ ‬يتخذ‭ ‬أشكالا‭ ‬عديدة‭ ‬وبات‭ ‬يهدد‭ ‬العالم‭ ‬كله‭ ‬مما‭ ‬يستدعي‭ ‬التشاور‭ ‬بين‭ ‬دول‭ ‬الجوار‭ ‬العربي‭ ‬الأوروبي‭ ‬لمحاربته‭ ‬ووقف‭ ‬الدعم‭ ‬المقدم‭ ‬له‭ ‬سواء‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬أو‭ ‬منظمات‭ ‬إرهابية‭.‬

إن‭ ‬جدول‭ ‬أعمال‭ ‬قمة‭ ‬شرم‭ ‬الشيخ،‭ ‬قمة‭ ‬السلام‭ ‬التي‭ ‬تعقد‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬السلام،‭ ‬والنتائج‭ ‬المتوقعة‭ ‬لها‭ ‬تدفع‭ ‬بالأمل‭ ‬في‭ ‬تعزيز‭ ‬أصر‭ ‬الروابط‭ ‬بين‭ ‬الجانبين‭ ‬العربي‭ ‬والاوروبي‭ ‬وصوغ‭ ‬توافقات‭ ‬ورؤى‭ ‬مشتركة‭ ‬حول‭ ‬القضايا‭ ‬التي‭ ‬تهم‭ ‬الجانبين،‭ ‬وهو‭ ‬الأمر‭ ‬المهم‭ ‬وضمانة‭ ‬حقيقية‭ ‬لتوطيد‭ ‬التعاون‭ ‬الدولي‭ ‬السلام‭ ‬والاستقرار‭ ‬في‭ ‬العالم‭.‬