أحدهما قرّر تعرضه لإكراه مادي من أصحاب الشركة

براءة آسيويين من اختلاس 36 ألف دينار لعدم وجود دليل

| عباس إبراهيم

قال‭ ‬المحامي‭ ‬غالب‭ ‬الشريطي‭ ‬إن‭ ‬المحكمة‭ ‬الصغرى‭ ‬الجنائية‭ ‬الأولى‭ ‬قضت‭ ‬ببراءة‭ ‬متهمين‭ ‬آسيويين‭ ‬مما‭ ‬نسب‭ ‬إليهما‭ ‬من‭ ‬اتهام‭ ‬بسرقة‭ ‬عدد‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬الهواتف‭ ‬النقالة‭ ‬من‭ ‬المحل‭ ‬الذي‭ ‬يعمل‭ ‬فيه‭ ‬أحدهما،‭ ‬والتي‭ ‬تصل‭ ‬قيمتها‭ ‬إلى‭ ‬36‭ ‬ألف‭ ‬دينار‭ ‬حسبما‭ ‬يدعي‭ ‬مالكي‭ ‬الشركة‭ ‬المجني‭ ‬عليها،‭ ‬وذلك‭ ‬لتضارب‭ ‬أقوال‭ ‬أحدهما‭ ‬حول‭ ‬قيمة‭ ‬تلك‭ ‬الهواتف‭ ‬وعدم‭ ‬تقديم‭ ‬أي‭ ‬دليل‭ ‬يثبت‭ ‬اتهامهما،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬أن‭ ‬المتهم‭ ‬الأول‭ ‬قرر‭ ‬للمحكمة‭ ‬بأنه‭ ‬اعترف‭ ‬أمام‭ ‬الشرطة‭ ‬بسبب‭ ‬تعرضه‭ ‬للضرب‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬صاحبي‭ ‬الشركة‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يعد‭ ‬إكراهًا‭ ‬ماديًّا‭ ‬بحقه‭.‬

وكانت‭ ‬النيابة‭ ‬العامة‭ ‬قد‭ ‬أحالت‭ ‬المتهمين‭ ‬للمحاكمة‭ ‬على‭ ‬اعتبار‭ ‬أنهما‭ ‬في‭ ‬غضون‭ ‬العام‭ ‬2017،‭ ‬ارتكبا‭ ‬الآتي‭:‬

أولاً‭: ‬المتهم‭ ‬الأول‭: ‬اختلس‭ ‬المنقولات‭ ‬المبينة‭ ‬الوصف‭ ‬والقيمة‭ ‬بالأوراق‭ ‬والمملوكة‭ ‬للشركة‭ ‬المجني‭ ‬عليها‭ ‬والتي‭ ‬وجدت‭ ‬في‭ ‬حيازته‭ ‬بسبب‭ ‬عمله‭.‬

ثانيًا‭: ‬المتهم‭ ‬الثاني‭: ‬اشترك‭ ‬بطريقي‭ ‬الاتفاق‭ ‬والمساعدة‭ ‬مع‭ ‬المتهم‭ ‬الأول‭ ‬في‭ ‬اختلاس‭ ‬المنقولات‭ ‬المبينة‭ ‬الوصف‭ ‬والقيمة‭ ‬بالأوراق‭ ‬والمملوكة‭ ‬للشركة‭ ‬المجني‭ ‬عليها‭ ‬والتي‭ ‬وجدت‭ ‬في‭ ‬حيازة‭ ‬المتهم‭ ‬الأول‭ ‬بسبب‭ ‬عمله‭.‬

وقال‭ ‬المبلغ‭ ‬بشأن‭ ‬الواقعة‭ ‬إنه‭ ‬أحد‭ ‬الشريكين‭ ‬في‭ ‬الشركة‭ ‬المجني‭ ‬عليها،‭ ‬وإن‭ ‬لدى‭ ‬الشركة‭ ‬عدد‭ ‬6‭ ‬فروع،‭ ‬إلا‭ ‬أنهم‭ ‬في‭ ‬الآونة‭ ‬الأخيرة‭ ‬تبين‭ ‬لهم‭ ‬وجود‭ ‬خسائر‭ ‬في‭ ‬الفرع‭ ‬الكائن‭ ‬بمنطقة‭ ‬الجفير،‭ ‬وبعد‭ ‬التدقيق‭ ‬تبيّن‭ ‬له‭ ‬وشريكه‭ ‬أن‭ ‬الموظف‭ ‬الذي‭ ‬يعمل‭ ‬في‭ ‬الفرع‭ -‬المتهم‭ ‬الأول‭- ‬يقوم‭ ‬باختلاس‭ ‬الهواتف‭ ‬النقالة‭ ‬والإكسسوارات‭ ‬من‭ ‬المحل،‭ ‬وتقدر‭ ‬قيمتها‭ ‬الإجمالية‭ ‬بمبلغ‭ ‬36‭ ‬ألف‭ ‬دينار‭.‬

وأضاف‭ ‬أنه‭ ‬حينما‭ ‬واجها‭ ‬المتهم‭ ‬المذكور‭ ‬بذلك‭ ‬اعترف‭ ‬لهما‭ ‬بارتكابه‭ ‬للواقعة،‭ ‬وهو‭ ‬ذات‭ ‬ما‭ ‬قرّره‭ ‬الشريك‭ ‬الثاني‭ ‬عند‭ ‬التحقيق‭ ‬معه‭.‬

وأوضح‭ ‬المحامي‭ ‬الشريطي‭ ‬أن‭ ‬المحكمة‭ ‬قالت‭ ‬في‭ ‬أسباب‭ ‬حكمها‭ ‬إنها‭ ‬لما‭ ‬أحاطت‭ ‬بظروف‭ ‬الدعوى‭ ‬وبأدلة‭ ‬الثبوت‭ ‬التي‭ ‬قام‭ ‬عليها‭ ‬الاتهام‭ ‬ووازنت‭ ‬بينهما‭ ‬وبين‭ ‬دليل‭ ‬النفي،‭ ‬فإنها‭ ‬رأت‭ ‬أن‭ ‬دليل‭ ‬الاتهام‭ ‬قاصر‭ ‬عن‭ ‬حد‭ ‬الكفاية‭ ‬لبلوغ‭ ‬ما‭ ‬قصد‭ ‬إليه‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المقام،‭ ‬ولم‭ ‬تطمئن‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬المتهمين‭ ‬قد‭ ‬ارتكبا‭ ‬الواقعة‭ ‬المسندة‭ ‬إليهما،‭ ‬إذ‭ ‬إنها‭ ‬وهي‭ ‬بصدد‭ ‬تقدير‭ ‬أسانيد‭ ‬الاتهام‭ ‬التي‭ ‬قدمتها‭ ‬النيابة‭ ‬العامة‭ ‬تدليلاً‭ ‬على‭ ‬ارتكاب‭ ‬المتهمين‭ ‬للواقعة‭ ‬والمتمثل‭ ‬في‭ ‬الأدلة‭ ‬السالف‭ ‬ذكرها،‭ ‬اتضح‭ ‬أنها‭ ‬لا‭ ‬ترقى‭ ‬إلى‭ ‬اطمئنان‭ ‬المحكمة‭ ‬وثقتها‭ ‬ولا‭ ‬ترقى‭ ‬إلى‭ ‬مرتبة‭ ‬الدليل‭ ‬المعتبر‭ ‬في‭ ‬الإدانة‭ ‬للتهمة‭ ‬المنسوبة‭ ‬إليهما‭.‬

وأفادت‭ ‬بأن‭ ‬شهادة‭ ‬الشريك‭ ‬الأول‭ -‬المبلِّغ‭- ‬وأقواله‭ ‬في‭ ‬محاضر‭ ‬جمع‭ ‬الاستدلالات‭ ‬وكذلك‭ ‬أقوال‭ ‬شريكه‭ ‬قد‭ ‬جاءت‭ ‬كلامًا‭ ‬مرسلاً‭ ‬لم‭ ‬يسنده‭ ‬دليل‭ ‬في‭ ‬الأوراق،‭ ‬وقد‭ ‬خلت‭ ‬الأوراق‭ ‬من‭ ‬ثمة‭ ‬دليل‭ ‬يقيني‭ ‬يفيد‭ ‬بارتكابهما‭ ‬لواقعة‭ ‬اختلاس‭ ‬المنقولات‭ ‬المملوكة‭ ‬للشركة‭ ‬المجني‭ ‬عليها‭ ‬سالفة‭ ‬الذكر،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬أن‭ ‬سالفا‭ ‬الذكر‭ ‬لم‭ ‬يحددا‭ ‬بشكل‭ ‬واضح‭ ‬وصريح‭ ‬مقدار‭ ‬المنقولات‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬اختلاسها‭ ‬وكمياتها‭.‬

وبيّنت‭ ‬أن‭ ‬شهادة‭ ‬المبلّغ‭ ‬بشأن‭ ‬قيمة‭ ‬تلك‭ ‬المنقولات‭ ‬جاءت‭ ‬متناقضة‭ ‬فيما‭ ‬بينها،‭ ‬حيث‭ ‬أفاد‭ ‬بالتحقيقات‭ ‬أن‭ ‬المنقولات‭ ‬تبلغ‭ ‬قيمتها‭ ‬36‭ ‬ألف‭ ‬دينار،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أنه‭ ‬أمام‭ ‬المحكمة‭ ‬قرّر‭ ‬أن‭ ‬قيمتها‭ ‬20‭ ‬ألف‭ ‬دينار،‭ ‬بما‭ ‬يكون‭ ‬ما‭ ‬أدلى‭ ‬به‭ ‬كلامًا‭ ‬مبهمًا‭ ‬غير‭ ‬واضح،‭ ‬بما‭ ‬لا‭ ‬تطمئن‭ ‬معه‭ ‬المحكمة‭ ‬إلى‭ ‬شهادتيهما‭ ‬وأقوالهما‭ ‬بمحاضر‭ ‬جمع‭ ‬الاستدلالات‭.‬

وقرّرت‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬يدعيه‭ ‬الشريك‭ ‬الثاني‭ ‬من‭ ‬أنه‭ ‬شاهد‭ ‬المتهم‭ ‬الأول‭ ‬وهو‭ ‬يختلس‭ ‬الهواتف‭ ‬عبر‭ ‬كاميرات‭ ‬المراقبة‭ ‬الأمنية‭ ‬المثبتة‭ ‬في‭ ‬الفرع‭ ‬الخاص‭ ‬بشركتهما،‭ ‬فهذه‭ ‬الشهادة‭ ‬كلاما‭ ‬مرسلا‭ ‬لا‭ ‬يسانده‭ ‬دليل‭ ‬في‭ ‬الأوراق،‭ ‬إذ‭ ‬خلا‭ ‬ملف‭ ‬الدعوى‭ ‬من‭ ‬ثمة‭ ‬ما‭ ‬يفيد‭ ‬وجود‭ ‬الفيديو‭ ‬الخاص‭ ‬بالواقعة‭ ‬المسندة‭ ‬إلى‭ ‬المتهم‭ ‬الأول‭.‬

وأضافت‭ ‬أنه‭ ‬بشأن‭ ‬مواجهة‭ ‬المتهم‭ ‬الأول‭ ‬بكونه‭ ‬الوحيد‭ ‬العامل‭ ‬في‭ ‬الفرع‭ ‬وأنه‭ ‬اعترف‭ ‬للشريكين‭ ‬بالواقعة،‭ ‬فإن‭ ‬وجود‭ ‬المتهم‭ ‬وحيدًا‭ ‬في‭ ‬المنشأة‭ ‬لا‭ ‬يعد‭ ‬بحد‭ ‬ذاته‭ ‬دليلاً‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬قام‭ ‬باختلاس‭ ‬الهواتف‭ ‬فعلا،‭ ‬كما‭ ‬خلت‭ ‬الأوراق‭ ‬من‭ ‬ثمة‭ ‬ما‭ ‬يفيد‭ ‬اعتراف‭ ‬المتهم‭ ‬بالواقعة‭ ‬أصلاً‭.‬

وأكدت‭ ‬أن‭ ‬المتهم‭ ‬الأول‭ ‬وعند‭ ‬مواجهته‭ ‬عن‭ ‬سبب‭ ‬اعترافه‭ ‬للشريكين‭ ‬عن‭ ‬ارتكابه‭ ‬للواقعة،‭ ‬فقد‭ ‬قرر‭ ‬بتعرضه‭ ‬للضرب‭ ‬للإدلاء‭ ‬بمثل‭ ‬تلك‭ ‬الأقوال‭ ‬في‭ ‬محاضر‭ ‬الاستدلال،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬تطمئن‭ ‬معه‭ ‬المحكمة‭ ‬إلى‭ ‬أقواله‭ ‬كونها‭ ‬وليدة‭ ‬إكراه‭ ‬مادي‭.‬

 

المادة‭ (‬255‭)‬

لفتت‭ ‬المحكمة‭ ‬إلى‭ ‬أنها‭ ‬لا‭ ‬تطمئن‭ ‬للتقرير‭ ‬المقدم‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الشريكين،‭ ‬كون‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬يثبت‭ ‬فيه‭ ‬كيفية‭ ‬توصلهم‭ ‬للاختلاس‭ ‬المزعوم‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬المتهم‭ ‬الأول،‭ ‬كما‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬يصدر‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬محايدة‭ ‬لتطمئن‭ ‬المحكمة‭ ‬بما‭ ‬ورد‭ ‬فيه،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬تنتهي‭ ‬معه‭ ‬إلى‭ ‬القضاء‭ ‬ببراءتهما‭ ‬مما‭ ‬نسب‭ ‬إليهما‭ ‬من‭ ‬اتهام‭ ‬عملا‭ ‬بنص‭ ‬المادة‭ (‬255‭) ‬من‭ ‬قانون‭ ‬الإجراءات‭ ‬الجنائية‭.‬