وقف إنتاجها بعد خدمة 12 عامًا

إيرباص ايه 380.. سقوط الحلم الأوروبي

| تولوز - رويترز:

كانت‭ ‬الطائرة‭ ‬ايه‭ ‬380‭ ‬معشوقة‭ ‬المسافرين‭ ‬التي‭ ‬يخشاها‭ ‬المحاسبون‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تخرج‭ ‬أكبر‭ ‬طائرة‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬عن‭ ‬المضمار‭ ‬في‭ ‬أعقاب‭ ‬قرار‭ ‬إيرباص‭ ‬بوقف‭ ‬إنتاجها‭ ‬بعد‭ ‬خدمة‭ ‬استمرت‭ ‬12‭ ‬عامًا‭ ‬بسبب‭ ‬ضعف‭ ‬المبيعات‭. ‬وقرار‭ ‬وقف‭ ‬إنتاج‭ ‬الطائرة‭ ‬ايه‭ ‬380‭ ‬العملاقة‭ ‬هو‭ ‬آخر‭ ‬إجراء‭ ‬في‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬أكبر‭ ‬المغامرات‭ ‬الصناعية‭ ‬في‭ ‬أوروبا،‭ ‬ويعكس‭ ‬قلة‭ ‬الطلبيات‭ ‬من‭ ‬رؤساء‭ ‬شركات‭ ‬الطيران‭ ‬غير‭ ‬الراغبين‭ ‬في‭ ‬دعم‭ ‬رؤية‭ ‬إيرباص‭ ‬للطائرات‭ ‬الضخمة‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬الاختناقات‭ ‬بالمطارات‭.‬

وتنمو‭ ‬حركة‭ ‬الطيران‭ ‬بوتيرة‭ ‬تقترب‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬قياسية،‭ ‬لكن‭ ‬هذا‭ ‬خلق‭ ‬طلبًا‭ ‬بشكل‭ ‬أساسي‭ ‬على‭ ‬الطائرات‭ ‬المزدوجة‭ ‬المحركات،‭ ‬وهي‭ ‬طائرات‭ ‬خفيفة‭ ‬بما‭ ‬يكفي‭ ‬للطيران‭ ‬مباشرة‭ ‬إلى‭ ‬أي‭ ‬وجهة‭ ‬يريدها‭ ‬المسافرون،‭ ‬بدلا‭ ‬من‭ ‬الطائرات‭ ‬ذات‭ ‬الأربع‭ ‬محركات‭ ‬التي‭ ‬تضطر‭ ‬المسافرين‭ ‬إلى‭ ‬تبديل‭ ‬الطائرات‭ ‬في‭ ‬المطارات‭ ‬الكبرى‭.‬

وبينما‭ ‬يقول‭ ‬الداعمون‭ ‬الأوفياء،‭ ‬مثل‭ ‬طيران‭ ‬الإمارات‭ ‬العميل‭ ‬الأكبر،‭ ‬إن‭ ‬الطائرة‭ ‬الشهيرة‭ ‬التي‭ ‬تحوي‭ ‬544‭ ‬مقعدًا‭ ‬تحقق‭ ‬ربحًا‭ ‬عندما‭ ‬تكون‭ ‬ممتلئة‭ ‬عن‭ ‬آخرها،‭ ‬فإن‭ ‬كل‭ ‬مقعد‭ ‬شاغر‭ ‬من‭ ‬المحتمل‭ ‬أن‭ ‬ينخر‭ ‬في‭ ‬أموال‭ ‬شركات‭ ‬الطيران‭ ‬نظرًا‭ ‬لأن‭ ‬الطائرة‭ ‬العملاقة‭ ‬تحتاج‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الوقود‭ ‬لتحلق‭ ‬بجناحيها‭ ‬في‭ ‬الفضاء‭ ‬الفسيح‭.‬

وقال‭ ‬مصدر‭ ‬رفيع‭ ‬المستوى‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬الطيران‭ ‬على‭ ‬دراية‭ ‬بالبرنامج‭ ‬”إنها‭ ‬طائرة‭ ‬تُخيف‭ ‬المديرين‭ ‬الماليين‭ ‬لشركات‭ ‬الطيران؛‭ ‬فمخاطر‭ ‬الفشل‭ ‬في‭ ‬بيع‭ ‬تذاكر‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المقاعد‭ ‬مرتفعة‭ ‬للغاية“‭.‬

وكانت‭ ‬الطائرة‭ ‬العملاقة‭ ‬يشار‭ ‬لها‭ ‬بالبنان‭ ‬في‭ ‬يوم‭ ‬من‭ ‬الأيام‭ ‬باعتبارها‭ ‬النظير‭ ‬الصناعي‭ ‬للعملة‭ ‬الأوروبية‭ ‬الموحدة‭. ‬وتتزامن‭ ‬نهاية‭ ‬الرمز‭ ‬الأوروبي‭ ‬المعروف‭ ‬عالميًّا‭ ‬مع‭ ‬تنامي‭ ‬التوترات‭ ‬السياسية‭ ‬بين‭ ‬بريطانيا‭ ‬وفرنسا‭ ‬وألمانيا‭ ‬وإسبانيا،‭ ‬حيث‭ ‬تُبنى‭ ‬الطائرة‭.‬

وكانت‭ ‬الطائرة‭ ‬الأوروبية‭ ‬العملاقة‭ ‬مثارًا‭ ‬لإعجاب‭ ‬المسافرين‭ ‬بجناحيها‭ ‬الأشبه‭ ‬بجناحي‭ ‬الطائرة‭ ‬بوينغ‭ ‬747،‭ ‬واللذين‭ ‬يغطيان‭ ‬مساحة‭ ‬تتسع‭ ‬لسبعين‭ ‬سيارة‭.‬

وكانت‭ ‬إيرباص‭ ‬تتباهى‭ ‬بأنها‭ ‬ستبيع‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬700‭ ‬و750‭ ‬طائرة‭ ‬من‭ ‬طراز‭ ‬ايه‭ ‬380،‭ ‬التي‭ ‬تتكلف‭ ‬الواحدة‭ ‬منها‭ ‬اليوم‭ ‬446‭ ‬مليون‭ ‬دولار‭ ‬بالسعر‭ ‬المعلن،‭ ‬وستجعل‭ ‬الطائرة‭ ‬747‭ ‬إرثًا‭ ‬من‭ ‬الماضي‭.‬

لكن‭ ‬في‭ ‬واقع‭ ‬الأمر،‭ ‬تجاوزت‭ ‬طلبيات‭ ‬شراء‭ ‬الطائرة‭ ‬ايه‭ ‬380‭ ‬بالكاد‭ ‬عتبة‭ ‬الـ‭ ‬300‭ ‬طائرة‭.‬

 

السقوط‭ ‬من‭ ‬العلياء‭ ‬

‭ ‬كانت‭ ‬بذور‭ ‬سقوط‭ ‬الطائرة‭ ‬ايه‭ ‬380‭ ‬من‭ ‬عليائها‭ ‬موجودة‭ ‬بالفعل‭ ‬في‭ ‬خلفية‭ ‬مشهد‭ ‬حفل‭ ‬التدشين‭ ‬عام‭ ‬2005،‭ ‬وفقًا‭ ‬لما‭ ‬يقوله‭ ‬أشخاص‭ ‬من‭ ‬داخل‭ ‬القطاع‭ ‬على‭ ‬دراية‭ ‬بأموره‭. ‬فعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬الحديث‭ ‬العلني‭ ‬عن‭ ‬الوحدة،‭ ‬كانت‭ ‬المهمة‭ ‬الضخمة‭ ‬على‭ ‬وشك‭ ‬أن‭ ‬تعرّي‭ ‬مواطن‭ ‬الضعف‭ ‬في‭ ‬التعاون‭ ‬الفرنسي‭ ‬الألماني،‭ ‬والتي‭ ‬أطلقت‭ ‬شرارة‭ ‬انهيار‭ ‬صناعي‭. ‬وعندما‭ ‬وصلت‭ ‬الطائرة‭ ‬المتأخرة‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬المطاف‭ ‬إلى‭ ‬السوق‭ ‬عام‭ ‬2007،‭ ‬كانت‭ ‬الأزمة‭ ‬المالية‭ ‬العالمية‭ ‬بدأت‭ ‬تكشر‭ ‬عن‭ ‬أنيابها،‭ ‬ولم‭ ‬تعد‭ ‬هناك‭ ‬حاجة‭ ‬للحجم‭ ‬والترف،‭ ‬وتباطأت‭ ‬المبيعات‭. ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬ذاته،‭ ‬فإن‭ ‬صناع‭ ‬المحركات‭ ‬الذين‭ ‬كانوا‭ ‬قد‭ ‬وعدوا‭ ‬ايرباص‭ ‬بكفاءة‭ ‬لا‭ ‬يعلو‭ ‬عليها‭ ‬غيرها‭ ‬بمحركاتهم‭ ‬العملاقة‭ ‬الجديدة‭ ‬كانوا‭ ‬يطورون‭ ‬تصاميم‭ ‬أكثر‭ ‬كفاءة‭ ‬للأجيال‭ ‬القادمة‭ ‬من‭ ‬الطائرات‭ ‬الثنائية‭ ‬المحركات،‭ ‬التي‭ ‬تنافس‭ ‬ايه‭ ‬380‭. ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬مشاكلها‭ ‬الصناعية‭ ‬الكبيرة،‭ ‬كانت‭ ‬بوينغ‭ ‬تتفوق‭ ‬بطائرتها‭ ‬الأحدث،‭ ‬الطائرة‭ ‬787‭ ‬دريملاينر،‭ ‬والتي‭ ‬صُممت‭ ‬لتتجاوز‭ ‬وجهات‭ ‬تخدمها‭ ‬ايه‭ ‬380‭ ‬ووجهات‭ ‬مفتوحة‭ ‬بين‭ ‬مدن‭ ‬ثانوية‭ ‬في‭ ‬استراتيجية‭ ‬تعرف‭ ‬باسم‭ ‬”نقطة‭ ‬إلى‭ ‬نقطة“‭. ‬وردت‭ ‬إيرباص‭ ‬دافعة‭ ‬بأن‭ ‬السفر‭ ‬بين‭ ‬المدن‭ ‬الكبرى‭ ‬سيهيمن‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬على‭ ‬حركة‭ ‬النقل‭ ‬الجوي‭. ‬لكن‭ ‬النمو‭ ‬الاقتصادي‭ ‬سيسلك‭ ‬بعدها‭ ‬مسارًا‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬إيرباص‭ ‬تتوقعه؛‭ ‬فالمدن‭ ‬الوسيطة‭ ‬تنمو‭ ‬بوتيرة‭ ‬تقارب‭ ‬مثلي‭ ‬وتيرة‭ ‬نمو‭ ‬المدن‭ ‬الكبرى،‭ ‬وفقا‭ ‬لورقة‭ ‬بحثية‭ ‬نشرتها‭ ‬منظمة‭ ‬التعاون‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والتنمية‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2018‭.‬

 

طائرات‭ ‬ثنائية‭ ‬المحرك‭ ‬

ويصب‭ ‬هذا‭ ‬التطور‭ ‬في‭ ‬مصلحة‭ ‬الطائرات‭ ‬الثنائية‭ ‬المحرك‭ ‬مثل‭ ‬بوينغ‭ ‬787‭ ‬و777،‭ ‬أو‭ ‬إيرباص‭ ‬ايه‭ ‬350،‭ ‬التي‭ ‬تفوقت‭ ‬مبيعاتها‭ ‬على‭ ‬ايه‭ ‬380‭ ‬بواقع‭ ‬ثلاثة‭ ‬إلى‭ ‬واحد‭. ‬وفكّر‭ ‬الرئيس‭ ‬التنفيذي‭ ‬لشركة‭ ‬إيرباص‭ ‬توم‭ ‬اندرز،‭ - ‬وكان‭ ‬نادرا‭ ‬ما‭ ‬يُنظر‭ ‬إليه‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬داعم‭ ‬للطائرة‭ ‬ايه‭ ‬380‭ - ‬في‭ ‬وقت‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬إنهاء‭ ‬المشروع‭ ‬قبل‭ ‬عامين،‭ ‬لكنه‭ ‬اقتنع‭ ‬بإعطائه‭ ‬فرصة‭ ‬أخيرة‭. ‬ويحذر‭ ‬بعض‭ ‬الأشخاص‭ ‬من‭ ‬داخل‭ ‬القطاع‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬إيرباص‭ ‬ستخسر‭ ‬رمز‭ ‬فَخَار‭ ‬ذا‭ ‬قيمة‭ ‬وجرأة‭ ‬تجارية‭ ‬عندما‭ ‬يتوقف‭ ‬إنتاج‭ ‬الطائرة‭ ‬في‭ ‬2021‭. ‬والآن،‭ ‬يسعى‭ ‬رؤساء‭ ‬الشركات‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬تطمينات‭ ‬بأن‭ ‬إيرباص‭ ‬ستدعم‭ ‬الطائرة‭ ‬ايه‭ ‬380‭ ‬بقطع‭ ‬الغيار‭ ‬لسنوات‭ ‬قادمة‭. ‬وقد‭ ‬استثمر‭ ‬الكثيرون‭ ‬في‭ ‬الطائرة‭ ‬ايه‭ ‬380‭ ‬بوصفها‭ ‬طائرتهم‭ ‬الرائدة،‭ ‬بينما‭ ‬أنفقت‭ ‬المطارات‭ ‬أيضًا‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المال‭ ‬على‭ ‬منشآت‭ ‬جديدة‭.‬