ميثاق العمل الوطني كفل الحريات الشخصية

احتفلت‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬بمناسبة‭ ‬عزيزة‭ ‬على‭ ‬الوطن‭ ‬والمواطنين‭ ‬نعتز‭ ‬ونفخر‭ ‬بها‭ ‬جميعًا،‭ ‬هي‭ ‬ذكرى‭ ‬إصدار‭ ‬ميثاق‭ ‬العمل‭ ‬الوطني‭ ‬الذي‭ ‬أقره‭ ‬شعب‭ ‬البحرين‭ ‬بالإجماع‭ ‬في‭ ‬14‭ ‬فبراير‭ ‬عام‭ ‬2001‭. ‬ولا‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬الميثاق‭ ‬يعتبر‭ ‬نقلة‭ ‬نوعية‭ ‬كبيرة‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬الوطني،‭ ‬وخطوة‭ ‬متقدمة‭ ‬ومتميزة‭ ‬في‭ ‬مسيرة‭ ‬الإصلاح‭ ‬السياسي‭ ‬التي‭ ‬يقودها‭ ‬حضرة‭ ‬صاحب‭ ‬الجلالة‭ ‬عاهل‭ ‬البلاد‭ ‬المفدى،‭ ‬ترسيخًا‭ ‬للمؤسسات‭ ‬الدستورية‭ ‬في‭ ‬الدولة‭ ‬بما‭ ‬يلبي‭ ‬التطلعات‭ ‬والآمال‭ ‬نحو‭ ‬مزيد‭ ‬من‭ ‬التطور‭ ‬والتقدم‭ ‬الحضاري‭.‬

واستنادًا‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬تضمنه‭ ‬ميثاق‭ ‬العمل‭ ‬الوطني‭ ‬من‭ ‬مبادئ‭ ‬وأحكام‭ ‬فقد‭ ‬صدر‭ ‬الدستور‭ ‬المعدل‭ ‬لمملكة‭ ‬البحرين‭ ‬في‭ ‬فبراير‭ ‬2002م،‭ ‬والذي‭ ‬كان‭ ‬بمثابة‭ ‬الانطلاقة‭ ‬الكبرى‭ ‬لدولة‭ ‬المؤسسات‭ ‬الدستورية،‭ ‬نلقي‭ ‬الضوء‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬العمود‭ ‬على‭ ‬بعض‭ ‬ما‭ ‬تضمنه‭ ‬الميثاق‭ ‬من‭ ‬مبادئ‭ ‬وأحكام‭.‬

1‭ - ‬أهداف‭ ‬الحكم‭ ‬وأساسه

أكد‭ ‬الميثاق‭ ‬أن‭ ‬هدف‭ ‬الحكم‭ ‬صيانة‭ ‬البلاد،‭ ‬ورفع‭ ‬شأن‭ ‬الدولة،‭ ‬والحفاظ‭ ‬على‭ ‬الوحدة‭ ‬الوطنية‭ ‬وتحقيق‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة‭ ‬الشاملة‭ ‬في‭ ‬المجالات‭ ‬السياسية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬والثقافية‭ ‬وغيرها‭.‬

فالعدل‭ ‬أساس‭ ‬الحكم‭ ‬والمساواة‭ ‬وسيادة‭ ‬القانون‭ ‬والحرية‭ ‬والأمن‭ ‬والطمأنينة‭ ‬والعلم‭ ‬والتضامن‭ ‬الاجتماعي‭ ‬وتكافؤ‭ ‬الفرص‭ ‬بين‭ ‬المواطنين‭ ‬هي‭ ‬دعامات‭ ‬للمجتمع‭ ‬تكفلها‭ ‬الدولة‭.‬

2‭ - ‬كفالة‭ ‬الحريات‭ ‬الشخصية‭ ‬والمساواة

أكد‭ ‬الميثاق‭ ‬أن‭ ‬الحريات‭ ‬الشخصية‭ ‬مكفولة،‭ ‬والمساواة‭ ‬بين‭ ‬المواطنين‭ ‬والعدالة‭ ‬وتكافؤ‭ ‬الفرص‭ ‬دعامات‭ ‬أساسية‭ ‬للمجتمع،‭ ‬ويقع‭ ‬على‭ ‬الدولة‭ ‬عبء‭ ‬كفالتها‭ ‬للمواطنين‭ ‬جميعًا،‭ ‬بلا‭ ‬تفرقة‭. ‬ويأتي‭ ‬ذلك‭ ‬ضمن‭ ‬مبدأ‭ ‬أعم‭ ‬وأشمل‭ ‬هو‭ ‬مبدأ‭ ‬المساواة‭ ‬بين‭ ‬الناس‭ ‬في‭ ‬الكرامة‭ ‬الإنسانية‭.‬

كما‭ ‬قرّر‭ ‬الميثاق‭ ‬أيضًا‭:‬

‭- ‬المواطنون‭ ‬متساوون‭ ‬أمام‭ ‬القانون‭ ‬في‭ ‬الحقوق‭ ‬والواجبات،‭ ‬لا‭ ‬تمييز‭ ‬بينهم‭ ‬بسبب‭ ‬الجنس‭ ‬أو‭ ‬الأصل‭ ‬أو‭ ‬اللغة‭ ‬أو‭ ‬الدين‭ ‬أو‭ ‬العقيدة‭.‬

‭- ‬الحرية‭ ‬الشخصية‭ ‬مكفولة‭ ‬وفقًا‭ ‬للقانون،‭ ‬فلا‭ ‬يجوز‭ ‬القبض‭ ‬على‭ ‬إنسان‭ ‬أو‭ ‬توقيفه‭ ‬أو‭ ‬حبسه‭ ‬أو‭ ‬تفتيشه‭ ‬أو‭ ‬تحديد‭ ‬إقامته‭ ‬أو‭ ‬تقييد‭ ‬حريته‭ ‬في‭ ‬الإقامة‭ ‬أو‭ ‬التنقل،‭ ‬إلا‭ ‬وفق‭ ‬القانون‭ ‬وتحت‭ ‬رقابة‭ ‬القضاء‭.‬

‭- ‬لا‭ ‬يجوز‭ ‬بأي‭ ‬حال‭ ‬تعريض‭ ‬أي‭ ‬إنسان‭ ‬لأي‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬أنواع‭ ‬التعذيب‭ ‬المادي‭ ‬أو‭ ‬المعنوي،‭ ‬أو‭ ‬لأي‭ ‬معاملة‭ ‬غير‭ ‬إنسانية‭ ‬أو‭ ‬مهنية‭ ‬أو‭ ‬ماسة‭ ‬بالكرامة‭.‬

ويبطل‭ ‬أي‭ ‬اعتراف‭ ‬أو‭ ‬قول‭ ‬يصدر‭ ‬تحت‭ ‬وطأة‭ ‬التعذيب‭ ‬أو‭ ‬التهديد‭ ‬أو‭ ‬الإغراء‭. ‬وبصفة‭ ‬خاصة‭ ‬يحظر‭ ‬إيذاء‭ ‬المتهم‭ ‬ماديًّا‭ ‬أو‭ ‬معنويًّا‭. ‬ويكفل‭ ‬القانون‭ ‬توقيع‭ ‬العقوبة‭ ‬على‭ ‬من‭ ‬يرتكب‭ ‬جريمة‭ ‬التعذيب‭ ‬أو‭ ‬الإيذاء‭ ‬البدني‭ ‬أو‭ ‬النفسي‭.‬

‭- ‬لا‭ ‬جريمة‭ ‬ولا‭ ‬عقوبة‭ ‬إلا‭ ‬بقانون،‭ ‬ولا‭ ‬عقوبة‭ ‬إلا‭ ‬على‭ ‬الأفعال‭ ‬اللاحقة‭ ‬لنفاذ‭ ‬القانون‭ ‬المنشأ‭ ‬للجريمة‭.‬

‭- ‬العقوبة‭ ‬شخصية،‭ ‬والمتهم‭ ‬بريء‭ ‬حتى‭ ‬تثبت‭ ‬إدانته،‭ ‬بموجب‭ ‬محاكمة‭ ‬عادلة‭ ‬تتوافر‭ ‬له‭ ‬فيها‭ ‬كل‭ ‬الضمانات‭ ‬التي‭ ‬تكفل‭ ‬له‭ ‬حق‭ ‬الدفاع‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬مراحل‭ ‬التحقيق‭ ‬والمحاكمة‭ ‬طبقًا‭ ‬للقانون،‭ ‬ويجب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬لكل‭ ‬متهم‭ ‬في‭ ‬جناية‭ ‬محام‭ ‬يتولى‭ ‬الدفاع‭ ‬عنه‭ ‬بموافقته،‭ ‬وحق‭ ‬التقاضي‭ ‬مكفول‭ ‬وفقًا‭ ‬للقانون‭.‬

‭- ‬للمساكن‭ ‬حرمة‭ ‬مصونة،‭ ‬فلا‭ ‬يجوز‭ ‬دخولها‭ ‬أو‭ ‬تفتيشها‭ ‬إلا‭ ‬بإذن‭ ‬أهلها،‭ ‬واستثناء‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬الضرورة‭ ‬القصوى‭ ‬يجوز‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬الأحوال‭ ‬التي‭ ‬يعينها‭ ‬القانون‭ ‬تحت‭ ‬رقابة‭ ‬السلطة‭ ‬القضائية‭.‬

‭- ‬للمراسلات‭ ‬الشخصية‭ ‬حرمتها‭ ‬وسريتها،‭ ‬والمراسلات‭ ‬البريدية‭ ‬والورقية‭ ‬والهاتفية‭ ‬والإلكترونية‭ ‬وغيرها‭ ‬مصونة،‭ ‬ولا‭ ‬يجوز‭ ‬أن‭ ‬تخضع‭ ‬هذه‭ ‬المراسلات‭ ‬للرقابة‭ ‬أو‭ ‬التفتيش‭ ‬إلا‭ ‬في‭ ‬حالات‭ ‬الضرورة‭ ‬التي‭ ‬يقررها‭ ‬القانون‭ ‬تحت‭ ‬رقابة‭ ‬السلطة‭ ‬القضائية‭.‬

‭ ‬3‭ - ‬حرية‭ ‬العقيدة

أكد‭ ‬الميثاق‭ ‬أن‭ ‬الدولة‭ ‬تكفل‭ ‬حرية‭ ‬العقيدة،‭ ‬وتكون‭ ‬حرية‭ ‬الضمير‭ ‬مطلقة‭. ‬وتصون‭ ‬الدولة‭ ‬حرمة‭ ‬دور‭ ‬العبادة‭ ‬وتضمن‭ ‬حرية‭ ‬إقامة‭ ‬الشعائر‭ ‬الدينية‭ ‬وفق‭ ‬العادات‭ ‬السائدة‭ ‬في‭ ‬البلاد‭.‬

4‭ - ‬حرية‭ ‬التعبير‭ ‬والنشر

أكد‭ ‬الميثاق‭ ‬أن‭ ‬لكل‭ ‬مواطن‭ ‬حق‭ ‬التعبير‭ ‬عن‭ ‬رأيه‭ ‬بالقول‭ ‬أو‭ ‬بالكتابة‭ ‬أو‭ ‬بأي‭ ‬طريقة‭ ‬أخرى‭ ‬من‭ ‬طرق‭ ‬التعبير‭ ‬عن‭ ‬الرأي‭ ‬أو‭ ‬الإبداع‭ ‬الشخصي،‭ ‬وبمقتضى‭ ‬هذا‭ ‬المبدأ‭ ‬فإن‭ ‬حرية‭ ‬البحث‭ ‬العلمي‭ ‬وحرية‭ ‬النشر‭ ‬والصحافة‭ ‬والطباعة‭ ‬مكفولة‭ ‬في‭ ‬الحدود‭ ‬التي‭ ‬يبينها‭ ‬القانون‭.‬

5‭ - ‬نشاط‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني

من‭ ‬أجل‭ ‬استفادة‭ ‬المجتمع‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬الطاقات‭ ‬والأنشطة‭ ‬المدنية‭ ‬أكد‭ ‬الميثاق‭ ‬أن‭ ‬الدولة‭ ‬تكفل‭ ‬حرية‭ ‬تكوين‭ ‬الجمعيات‭ ‬الأهلية‭ ‬والعلمية‭ ‬والثقافية‭ ‬والمهنية‭ ‬والنقابات‭ ‬على‭ ‬أسس‭ ‬وطنية‭ ‬ولأهداف‭ ‬مشروعة‭ ‬وبوسائل‭ ‬سلمية‭ ‬وفقًا‭ ‬للشروط‭ ‬والأوضاع‭ ‬التي‭ ‬يبينها‭ ‬القانون،‭ ‬ولا‭ ‬يجوز‭ ‬إجبار‭ ‬أحد‭ ‬على‭ ‬الانضمام‭ ‬إلى‭ ‬جمعية‭ ‬أو‭ ‬نقابة‭ ‬أو‭ ‬الاستمرار‭ ‬فيها‭.‬

6‭ - ‬الفصل‭ ‬بين‭ ‬السلطات

تكريسًا‭ ‬للمبدأ‭ ‬الديمقراطي‭ ‬المستقر‭ ‬أكد‭ ‬الميثاق‭ ‬قيام‭ ‬نظام‭ ‬الحكم‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬مبدأ‭ ‬الفصل‭ ‬بين‭ ‬السلطات‭ ‬الثلاث‭: ‬التشريعية‭ ‬والتنفيذية‭ ‬والقضائية،‭ ‬مع‭ ‬التعاون‭ ‬بين‭ ‬هذه‭ ‬السلطات‭ ‬وفق‭ ‬أحكام‭ ‬الدستور‭.‬

7‭ - ‬سيادة‭ ‬القانون‭ ‬واستقلال‭ ‬القضاء

أكد‭ ‬الميثاق‭ ‬أن‭ ‬سيادة‭ ‬القانون‭ ‬أساس‭ ‬الحكم‭ ‬في‭ ‬الدولة،‭ ‬واستقلال‭ ‬القضاء‭ ‬وحصانته‭ ‬ضمانتان‭ ‬أساسيتان‭ ‬لحماية‭ ‬الحقوق‭ ‬والحريات‭. ‬وتعمل‭ ‬الدولة‭ ‬على‭ ‬استكمال‭ ‬الهيئات‭ ‬القضائية‭ ‬المنصوص‭ ‬عليها‭ ‬في‭ ‬الدستور‭ ‬وتعيين‭ ‬الجهة‭ ‬القضائية‭ ‬التي‭ ‬تختص‭ ‬بالمنازعات‭ ‬المتعلقة‭ ‬بدستورية‭ ‬القوانين‭ ‬واللوائح،‭ ‬والنيابة‭ ‬العامة‭.‬

وفي‭ ‬الختام‭ ‬نجد‭ ‬أن‭ ‬الميثاق‭ ‬هو‭ ‬النواة‭ ‬التي‭ ‬قامت‭ ‬عليها‭ ‬أسس‭ ‬الدولة‭ ‬الديمقراطية‭ ‬الحديثة‭ ‬التي‭ ‬وضع‭ ‬ركائزها‭ ‬حضرة‭ ‬صاحب‭ ‬الجلالة‭ ‬عاهل‭ ‬البلاد‭ ‬المفدى‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬مستقبل‭ ‬مشرق‭ ‬لوطننا‭ ‬الغالي‭.‬