الثقافة الأمنية

“دور مكتب القضايا الأسرية بمراكز الشرطة في مواجهة الظواهر الاجتماعية السلبية”

تبرز‭ ‬في‭ ‬مراكز‭ ‬الشرطة‭ ‬التابعة‭ ‬لمديرات‭ ‬محافظات‭ ‬المملكة‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المكاتب‭ ‬والأقسام‭ ‬التي‭ ‬تضطلع‭ ‬بمهام‭ ‬حيوية‭ ‬ومهمة‭ ‬تسهم‭ ‬في‭ ‬استتباب‭ ‬الأمن‭ ‬وتقوية‭ ‬التماسك‭ ‬المجتمعي‭ ‬لأبناء‭ ‬مملكتنا‭ ‬الغالية،‭ ‬فهي‭ ‬تعمل‭ ‬على‭ ‬مواجهة‭ ‬القضايا‭ ‬والمشاكل‭ ‬والظواهر‭ ‬الاجتماعية‭ ‬السلبية،‭ ‬وإيجاد‭ ‬الحلول‭ ‬المناسبة‭ ‬لها‭.‬

وفي‭ ‬هذا‭ ‬الصدد،‭ ‬تلعب‭ ‬مكتب‭ ‬القضايا‭ ‬الأسرية‭ ‬بمديريات‭ ‬الشرطة‭ ‬الدور‭ ‬الكبير‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الأمني‭ ‬والاجتماعي‭ ‬والإنساني‭ ‬والتربوي؛‭ ‬لإيجاد‭ ‬الحلول‭ ‬للمشاكل،‭ ‬والقضايا‭ ‬الأسرية،‭ ‬والعلاقات‭ ‬الأخرى‭ ‬كالجيرة‭ ‬والأصدقاء‭ ‬وعلاقات‭ ‬العمل،‭ ‬فقد‭ ‬يقع‭ ‬سوء‭ ‬فهم‭ ‬أو‭ ‬شجار‭ ‬بين‭ ‬هذه‭ ‬العلاقات‭ ‬وتصل‭ ‬إلى‭ ‬مركز‭ ‬الشرطة،‭ ‬ويأتي‭ ‬هنا‭ ‬دور‭ ‬مكتب‭ ‬القضايا‭ ‬الأسرية‭ ‬في‭ ‬إصلاح‭ ‬ذات‭ ‬البين‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬شرطة‭ ‬وضباط‭ ‬تم‭ ‬تأهيلهم‭ ‬للقيام‭ ‬بهذا‭ ‬الواجب‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬فهم‭ ‬يتحدثون‭ ‬بصوت‭ ‬الحكمة‭ ‬والعقل؛‭ ‬سعيا‭ ‬منهم‭ ‬لإيجاد‭ ‬الحلول‭ ‬المناسبة،‭ ‬وذلك‭ ‬نظرا‭ ‬لخصوصية‭ ‬هذه‭ ‬العلاقات‭ ‬العائلية‭ ‬والجيرة،‭ ‬فالترابط‭ ‬الأسري‭ ‬والاجتماعي‭ ‬هو‭ ‬أحد‭ ‬ركائز‭ ‬ومقومات‭ ‬بناء‭ ‬المجتمعات‭ ‬وازدهارها‭.‬

وعندما‭ ‬يستقبل‭ ‬مكتب‭ ‬القضايا‭ ‬الأسرية‭ ‬بالمديريات‭ ‬الأمنية‭ ‬البلاغات،‭ ‬والقضايا‭ ‬المتمثلة‭ ‬في‭ ‬الشجارات،‭ ‬والعنف‭ ‬الأسري،‭ ‬والتغييب،‭ ‬والخلافات‭ ‬الزوجية،‭ ‬ومشاكل‭ ‬إهمال‭ ‬التحصيل‭ ‬الدراسي،‭ ‬تقوم‭ ‬هذه‭ ‬المكاتب‭ ‬بدورها‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬اتباع‭ ‬إجراءات‭ ‬تتمثل‭ ‬في‭ ‬استلام‭ ‬القضايا‭ ‬الأسرية،‭ ‬واستدعاء‭ ‬أطراف‭ ‬النزاع‭ ‬والحديث‭ ‬معهم‭ ‬بودية‭ ‬وبأسلوب‭ ‬راق‭ ‬يتضمن‭ ‬تهدئة‭ ‬النفوس‭ ‬والاستدلال‭ ‬بالآيات‭ ‬القرآنية‭ ‬والأحاديث‭ ‬النبوية،‭ ‬فالإسلام‭ ‬حرص‭ ‬على‭ ‬أخوة‭ ‬المسلمين‭ ‬وتآلف‭ ‬قلوبهم،‭ ‬ونهى‭ ‬عن‭ ‬البغضاء‭ ‬وأمر‭ ‬بالسعي‭ ‬وإصلاح‭ ‬ذات‭ ‬البين‭ ‬بين‭ ‬المتخاصمين،‭ ‬قال‭ ‬تعالى‭ ‬“إِنَّمَا‭ ‬الْمُؤْمِنُونَ‭ ‬إِخْوَةٌ‭ ‬فَأَصْلِحُوا‭ ‬بَيْنَ‭ ‬أَخَوَيْكُمْ‭ ‬ۚ‭ ‬وَاتَّقُوا‭ ‬اللَّهَ‭ ‬لَعَلَّكُمْ‭ ‬تُرْحَمُونَ”‭. ‬وقال‭ ‬تعالى‭ ‬“وَالصُّلْحُ‭ ‬خَيْرٌ”‭. ‬وقال‭ ‬تعالى‭ ‬“فَاتَّقُوا‭ ‬اللَّهَ‭ ‬وَأَصْلِحُوا‭ ‬ذَاتَ‭ ‬بَيْنِكُمْ‭ ‬ۖ‭ ‬وَأَطِيعُوا‭ ‬اللَّهَ‭ ‬وَرَسُولَهُ‭ ‬إِن‭ ‬كُنتُم‭ ‬مُّؤْمِنِينَ”‭. ‬

وكان‭ ‬من‭ ‬هدي‭ ‬الرسول‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭ ‬السعي‭ ‬في‭ ‬الإصلاح‭ ‬بين‭ ‬الناس،‭ ‬فبالصلح‭ ‬تأتي‭ ‬المودات‭ ‬وتعمر‭ ‬البيوت،‭ ‬وكل‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تحقيق‭ ‬مناخ‭ ‬أسري‭ ‬متكافل‭.‬

ومن‭ ‬ضمن‭ ‬واجبات‭ ‬مكتب‭ ‬القضايا‭ ‬الأسرية‭ ‬هو‭ ‬إجراء‭ ‬عمليات‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬القضايا‭ ‬والظواهر‭ ‬الاجتماعية‭ ‬السلبية‭ ‬المنتشرة‭ ‬في‭ ‬المجتمع،‭ ‬والتي‭ ‬قد‭ ‬تتسبب‭ ‬في‭ ‬وقوع‭ ‬القضايا‭ ‬الأمنية‭ ‬ووضع‭ ‬الحلول‭ ‬الاستباقية‭ ‬والوقائية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬توعية‭ ‬المجتمع‭ ‬بإضرار‭ ‬ومخاطر‭ ‬التفكك‭ ‬الأسري‭ ‬وسوء‭ ‬العلاقات‭ ‬الأسرية‭ ‬والجيرة‭.‬

وقد‭ ‬حققت‭ ‬هذه‭ ‬المكاتب‭ ‬نجاحا‭ ‬مميزا‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬إيجاد‭ ‬الحلول‭ ‬للعديد‭ ‬من‭ ‬المشاكل‭ ‬الأسرية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬الطلاق‭ ‬والتفكك‭ ‬الأسري‭ ‬وعدم‭ ‬وصول‭ ‬هذه‭ ‬الخلافات‭ ‬إلى‭ ‬المحاكم،‭ ‬حيث‭ ‬استطاعت‭ ‬أن‭ ‬تجد‭ ‬الحلول‭ ‬لأغلب‭ ‬القضايا‭ ‬وأن‭ ‬توفق‭ ‬بين‭ ‬أطراف‭ ‬الخلافات،‭ ‬فكم‭ ‬من‭ ‬قضية‭ ‬لم‭ ‬يستطع‭ ‬أطرافها‭ ‬إيجاد‭ ‬الحلول‭ ‬المناسبة‭ ‬لها‭ ‬إلا‭ ‬بفضل‭ ‬منتسبي‭ ‬مكتب‭ ‬القضايا‭ ‬الأسرية‭ ‬بمراكز‭ ‬الشرطة‭.‬

ويتعاون‭ ‬مكتب‭ ‬القضايا‭ ‬الأسرية‭ ‬بالمديريات‭ ‬الأمنية‭ ‬مع‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الجهات‭ ‬المختصة‭ ‬كوزارة‭ ‬الصحة‭ ‬ووزارة‭ ‬التربية‭ ‬والتعليم،‭ ‬ووزارة‭ ‬التنمية‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬ووزارة‭ ‬العمل،‭ ‬ووزارة‭ ‬الإسكان،‭ ‬وعدد‭ ‬من‭ ‬المؤسسات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬الأهلية‭ ‬كدار‭ ‬الأمان‭ ‬للمتعرضات‭ ‬للعنف‭ ‬الأسري،‭ ‬ودار‭ ‬الكرامة‭ ‬للرعاية‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬ومركز‭ ‬بتلكو‭ ‬لرعاية‭ ‬ضحايا‭ ‬العنف‭ ‬الأسري؛‭ ‬وذلك‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تقديم‭ ‬الرعاية‭ ‬الصحية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬سواء‭ ‬للسيدات‭ ‬أو‭ ‬الأطفال‭ ‬الذين‭ ‬قد‭ ‬يتعرضون‭ ‬للعنف‭ ‬الأسري‭ ‬أو‭ ‬الاعتداءات‭.‬