الإمارات تمنح جائزة الأخوة الإنسانية للبابا فرنسيس وشيخ الأزهر

توقيع “وثيقة تاريخية” لمحاربة التطرف

شارك‭ ‬بابا‭ ‬الفاتيكان‭ ‬البابا‭ ‬فرنسيس،‭ ‬في‭ ‬“لقاء‭ ‬الأخوة‭ ‬الإنسانية”‭ ‬بالإمارات‭ ‬مساء‭ ‬الاثنين،‭ ‬وذلك‭ ‬بحضور‭ ‬شيخ‭ ‬الأزهر‭ ‬أحمد‭ ‬الطيب،‭ ‬حيث‭ ‬وقّعا‭ ‬بعد‭ ‬إلقاء‭ ‬كلمتيهما‭ ‬وثيقة‭ ‬“الأخوة‭ ‬الإنسانية”‭.. ‬إعلان‭ ‬أبوظبي‭. ‬وجرى‭ ‬التوقيع‭ ‬على‭ ‬3‭ ‬نسخ‭: ‬واحدة‭ ‬للفاتيكان،‭ ‬وواحدة‭ ‬للأزهر‭ ‬الشريف،‭ ‬وواحدة‭ ‬لدولة‭ ‬الإمارات‭.‬

وبعد‭ ‬التوقيع،‭ ‬صعد‭ ‬الشيخ‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬زايد‭ ‬والشيخ‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬راشد‭ ‬إلى‭ ‬المنصة‭.‬

وشهد‭ ‬“لقاء‭ ‬الأخوة‭ ‬الإنسانية”‭ ‬الإعلان‭ ‬عن‭ ‬الوثيقة‭ ‬المشتركة‭ ‬بين‭ ‬الأزهر‭ ‬والفاتيكان‭ ‬لمحاربة‭ ‬التطرف‭. ‬وتفتح‭ ‬الوثيقة‭ ‬المشتركة‭ ‬باب‭ ‬الحوار‭ ‬بين‭ ‬الأديان‭ ‬من‭ ‬الشرق‭ ‬والغرب‭.‬

وقال‭ ‬شيخ‭ ‬الأزهر‭ ‬في‭ ‬كلمته‭ ‬أمام‭ ‬اللقاء‭ ‬إن‭ ‬“وثيقة‭ ‬الأخوة‭ ‬الإنسانية‭ ‬حدث‭ ‬تاريخي”‭.‬

وذكر‭ ‬أن‭ ‬“هجمات‭ ‬سبتمبر‭ ‬استخدمت‭ ‬لتشويه‭ ‬صورة‭ ‬المسلمين‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬عدد‭ ‬منفذي‭ ‬الهجمات‭ ‬لا‭ ‬يتجاوز‭ ‬أصابع‭ ‬اليد‭ ‬الواحدة”،‭ ‬مشيرا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الإسلام‭ ‬“يواجه‭ ‬حربا‭ ‬منذ‭ ‬عقدين‭ ‬عنوانها‭ ‬الإرهاب”‭.‬

وأكد‭ ‬أن‭ ‬وثيقة‭ ‬الأخوة‭ ‬ولدت‭ ‬في‭ ‬لقاء‭ ‬سابق‭ ‬مع‭ ‬البابا‭ ‬فرنسيس،‭ ‬مشيرا‭ ‬إلى‭ ‬تطابق‭ ‬وجهات‭ ‬النظر‭ ‬بينهما‭. ‬وعلق‭ ‬“همومي‭ ‬تطابقت‭ ‬مع‭ ‬هموم‭ ‬البابا”‭.‬

وشدد‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬“جميع‭ ‬الأديان‭ ‬الإلهية‭ ‬بريئة‭ ‬من‭ ‬الجماعات‭ ‬الإرهابية‭ ‬مهما‭ ‬كان‭ ‬فكرها”،‭ ‬وذهب‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الأنبياء‭ ‬كافة‭ ‬حرّموا‭ ‬القتل‭.‬

وقال‭ ‬إن‭ ‬“إدانة‭ ‬الفكر‭ ‬الديني‭ ‬وراء‭ ‬انتشار‭ ‬موجات‭ ‬الإلحاد”،‭ ‬مشيرا‭ ‬إلى‭ ‬“حالة‭ ‬المأساة‭ ‬التي‭ ‬يحياها‭ ‬الإنسان‭ ‬المعاصر”‭.‬

ونفى‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬الأديان‭ ‬وراء‭ ‬إثارة‭ ‬الحروب،‭ ‬ملقيا‭ ‬بمسؤولية‭ ‬تلك‭ ‬الصراعات‭ ‬على‭ ‬من‭ ‬أثارها‭.‬

وأعلن‭ ‬أن‭ ‬وثيقة‭ ‬الأخوة‭ ‬“تحرم‭ ‬استخدام‭ ‬الدين‭ ‬في‭ ‬بث‭ ‬الكراهية‭ ‬أو‭ ‬ارتكاب‭ ‬جرائم‭ ‬القتل”‭.‬

ودعا‭ ‬شيخ‭ ‬الأزهر،‭ ‬المسلمين‭ ‬إلى‭ ‬احتضان‭ ‬وحماية‭ ‬الطوائف‭ ‬المسيحية‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط”،‭ ‬مضيفا‭ ‬أن‭ ‬“المسيحية‭ ‬احتضنت‭ ‬دين‭ ‬الإسلام‭ ‬عندما‭ ‬كان‭ ‬وليدا‭ ‬حديثا”‭.‬

وحث‭ ‬المسيحيين‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬على‭ ‬نبذ‭ ‬مصطلح‭ ‬“الأقلية”‭ ‬لأنهم‭ ‬من‭ ‬“المواطنين‭ ‬الأصلاء”‭.‬

وطالب‭ ‬المسلمين‭ ‬في‭ ‬الغرب‭ ‬بالاندماج‭ ‬في‭ ‬مجتمعاتهم‭ ‬مع‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬هويتهم،‭ ‬ونصحهم‭ ‬باللجوء‭ ‬إلى‭ ‬القضاء‭ ‬لمواجهة‭ ‬ما‭ ‬يتعارض‭ ‬مع‭ ‬أصول‭ ‬دينهم‭.‬

ثم‭ ‬ألقى‭ ‬بابا‭ ‬الفاتيكان‭ ‬كلمته‭ ‬أمام‭ ‬“لقاء‭ ‬الأخوة‭ ‬الإنسانية”،‭ ‬وبدأ‭ ‬بتحية‭ ‬الإسلام‭ ‬“السلام‭ ‬عليكم”،‭ ‬ثم‭ ‬وجه‭ ‬الشكر‭ ‬للجميع‭ ‬على‭ ‬الاستقبال‭ ‬الحار‭.‬

وقال‭: ‬“أتيت‭ ‬إلى‭ ‬هنا‭ ‬متعطشا‭ ‬إلى‭ ‬السلام‭ ‬مع‭ ‬أخوتي”،‭ ‬معتبرا‭ ‬أن‭ ‬“استخدام‭ ‬اسم‭ ‬الله‭ ‬لتبرير‭ ‬الكراهية‭ ‬تدنيسا‭ ‬خطيرا”‭. ‬وأكد‭ ‬البابا‭ ‬أن‭ ‬“النزعة‭ ‬الفردية‭ ‬هي‭ ‬عدوة‭ ‬الأخوة‭ ‬الإنسانية”،‭ ‬موضحا‭ ‬أن‭ ‬“التعدد‭ ‬الديني‭ ‬هو‭ ‬تعبير‭ ‬عن‭ ‬الاختلافات‭ ‬الطبيعية‭ ‬بين‭ ‬البشر”‭.‬

وشدد‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬التحدي‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬“نجعل‭ ‬الأديان‭ ‬قنوات‭ ‬للأخوة‭ ‬وليست‭ ‬حواجز‭ ‬للإقصاء”‭. ‬وذكر‭ ‬البابا‭ ‬أن‭ ‬“الحرية‭ ‬الدينية‭ ‬حق‭ ‬لكل‭ ‬إنسان،‭ ‬وأنها‭ ‬لا‭ ‬تقتصر‭ ‬على‭ ‬ممارسة‭ ‬الشعائر،‭ ‬بل‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬ترى‭ ‬في‭ ‬الآخرين‭ ‬أخوة”‭. ‬وتابع‭ ‬“نحن‭ ‬عائلة‭ ‬بشرية‭ ‬كبيرة‭ ‬تعيش‭ ‬من‭ ‬تناغم‭ ‬التنوع”‭.‬

وأعلن‭ ‬أنه‭ ‬“لا‭ ‬يوجد‭ ‬بديل‭: ‬إما‭ ‬أن‭ ‬نبني‭ ‬المستقبل‭ ‬معا‭.. ‬وإما‭ ‬لا‭ ‬مستقبل”‭.‬

وألمح‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬“معرفة‭ ‬الذات‭ ‬لن‭ ‬تتحقق‭ ‬إلا‭ ‬بمعرفة‭ ‬الآخرين”،‭ ‬داعيا‭ ‬إلى‭ ‬“تجاوز‭ ‬تجارب‭ ‬التسلط‭ ‬والانغلاق‭ ‬حول‭ ‬الذات”‭.‬

وتناول‭ ‬البابا‭ ‬“أهمية‭ ‬قيمة‭ ‬العدالة‭ ‬وارتباطها‭ ‬بإحلال‭ ‬السلام،‭ ‬فالأخير‭ ‬يموت‭ ‬إذا‭ ‬انفصل‭ ‬عن‭ ‬العدالة”،‭ ‬مؤكدا‭ ‬أن‭ ‬“العدالة‭ ‬العرجاء‭ ‬بمثابة‭ ‬ظلم”‭. ‬وحث‭ ‬الأديان‭ ‬على‭ ‬الوقوف‭ ‬بجانب‭ ‬المظلومين‭ ‬والفقراء‭ ‬ومع‭ ‬كل‭ ‬الذي‭ ‬يعانون‭ ‬من‭ ‬المآسي‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬العالم‭. ‬وطالب‭ ‬“بالعمل‭ ‬على‭ ‬منع‭ ‬الحرب‭ ‬وحظر‭ ‬الأسلحة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تنشر‭ ‬إلا‭ ‬الموت‭ ‬والخراب،‭ ‬وذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تشجيع‭ ‬الحوار‭ ‬وليس‭ ‬الاستسلام‭ ‬لسيول‭ ‬الكراهية”‭.‬