المؤبد لشاب نحر آسيوية بسكين

| عباس إبراهيم

عاقبت‭ ‬المحكمة‭ ‬الكبرى‭ ‬الجنائية‭ ‬الأولى‭ ‬شابًّا‭ ‬“28‭ ‬عامًا”،‭ ‬أدانته‭ ‬بنحر‭ ‬صديقته‭ ‬الآسيوية‭ ‬وقتلها،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬أنه‭ ‬تعمد‭ ‬فقء‭ ‬إحدى‭ ‬عينيها‭ ‬عقب‭ ‬وفاتها‭ ‬مؤكدًا‭ ‬أنه‭ ‬لجأ‭ ‬لذلك‭ ‬عندما‭ ‬لم‭ ‬يتمكن‭ ‬من‭ ‬اقتلاع‭ ‬عينها‭ ‬الأخرى‭ ‬من‭ ‬مكانها،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أنه‭ ‬برّر‭ ‬جريمته‭ ‬بمحاولة‭ ‬استمالته‭ ‬جنسيًّا؛‭ ‬وذلك‭ ‬بالسجن‭ ‬المؤبد‭ ‬عما‭ ‬نسب‭ ‬إليه‭ ‬من‭ ‬اتهامات‭.‬

وأوضحت‭ ‬المحكمة‭ ‬في‭ ‬أسباب‭ ‬حكمها‭ ‬أن‭ ‬المتهم‭ ‬اعترف‭ ‬بتحقيقات‭ ‬النيابة‭ ‬وقام‭ ‬بتمثيل‭ ‬الجريمة،‭ ‬وبررت‭ ‬حكمها‭ ‬بشأن‭ ‬الدفع‭ ‬بانعدام‭ ‬إدراك‭ ‬المتهم‭ ‬لمرضه‭ ‬نفسيًّا،‭ ‬بأن‭ ‬المتهم‭ ‬أجاب‭ ‬على‭ ‬أسئلة‭ ‬تحقيقات‭ ‬النيابة‭ ‬والمحكمة‭ ‬في‭ ‬هدوء‭ ‬واتزان‭ ‬كاملين‭ ‬وكذلك‭ ‬بإعادة‭ ‬تمثيله‭ ‬للواقعة،‭ ‬كما‭ ‬لم‭ ‬يقر‭ ‬أمام‭ ‬النيابة‭ ‬بأنه‭ ‬يعاني‭ ‬من‭ ‬مرض‭ ‬نفسي،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬أن‭ ‬تقرير‭ ‬الطب‭ ‬النفسي‭ ‬أثبت‭ ‬بأن‭ ‬المتهم‭ ‬لا‭ ‬يعاني‭ ‬من‭ ‬أية‭ ‬أمراض‭ ‬نفسية‭ ‬أو‭ ‬عقلية‭ ‬ويتمتع‭ ‬بكامل‭ ‬الشعور‭ ‬والإدراك‭ ‬وقت‭ ‬ارتكابه‭ ‬للجريمة‭.‬

وتتمثل‭ ‬وقائع‭ ‬القضية‭ ‬حسبما‭ ‬جاءت‭ ‬في‭ ‬اعترافات‭ ‬المتهم‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬وبعد‭ ‬مغادرة‭ ‬صديقته‭ ‬الآسيوية‭ ‬للمملكة‭ ‬حاولت‭ ‬صديقتها‭ -‬المجني‭ ‬عليها‭- ‬استمالته‭ ‬واستدراجه‭ ‬إلى‭ ‬إقامة‭ ‬علاقة‭ ‬جنسية‭ ‬لأكثر‭ ‬من‭ ‬مرة‭ ‬فيما‭ ‬بينهما،‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬كان‭ ‬دائمًا‭ ‬يرفض‭ ‬ذلك،‭ ‬لكنها‭ ‬عندما‭ ‬تطلب‭ ‬منه‭ ‬مساعدتها‭ ‬بالأموال‭ ‬كان‭ ‬لا‭ ‬يرفض‭ ‬طلبها‭.‬

وأضاف‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬اليوم‭ ‬طلبت‭ ‬منه‭ ‬المجني‭ ‬عليها‭ ‬أن‭ ‬يحضر‭ ‬لمسكنها‭ ‬الكائن‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬البسيتين،‭ ‬وتفاجأ‭ ‬عندما‭ ‬التقى‭ ‬بها‭ ‬بمحاولتها‭ ‬معانقته،‭ ‬فما‭ ‬كان‭ ‬منه‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬دفعها‭ ‬بعيدًا‭ ‬عنه،‭ ‬فتمسكت‭ ‬به‭ ‬بشدة‭ ‬حتى‭ ‬تمكن‭ ‬من‭ ‬التوجه‭ ‬للمطبخ‭ ‬وأخذ‭ ‬منه‭ ‬سكين‭ ‬حال‭ ‬كون‭ ‬المجني‭ ‬عليها‭ ‬ممسكة‭ ‬برقبته،‭ ‬فأمسك‭ ‬هو‭ ‬الآخر‭ ‬برقبتها‭ ‬بإحدى‭ ‬يديه‭ ‬وطعنها‭ ‬بالأخرى‭ ‬في‭ ‬خصرها،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬نحرها‭ ‬رقبتها‭ ‬من‭ ‬اليمين‭ ‬إلى‭ ‬اليسرى‭.‬

كما‭ ‬قرّر‭ ‬أنه‭ ‬بعد‭ ‬نحرها‭ ‬ظلّت‭ ‬ترجف‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬سكن‭ ‬جسدها‭ ‬الساقط‭ ‬على‭ ‬الأرض،‭ ‬فتيقن‭ ‬أنها‭ ‬ماتت،‭ ‬عندها‭ ‬حاول‭ ‬اقتلاع‭ ‬عينها‭ ‬اليمنى‭ ‬لكنه‭ ‬لم‭ ‬يتمكن‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬ففقأ‭ ‬عينها‭ ‬اليسرى‭ ‬بواسطة‭ ‬إصبعه‭ ‬السبابة،‭ ‬وغسل‭ ‬السكين‭ ‬المستعملة‭ ‬بالجريمة‭ ‬ورماها‭ ‬أسفل‭ ‬سرير‭ ‬المجني‭ ‬عليها‭ ‬وغادر‭ ‬مسكنها‭.‬

إلا‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬يكتشف‭ ‬أحد‭ ‬طوال‭ ‬4‭ ‬أيام‭ ‬جريمة‭ ‬المتهم،‭ ‬حتى‭ ‬حاولت‭ ‬صديقة‭ ‬للمجني‭ ‬عليها‭ ‬الاتصال‭ ‬بها‭ ‬عدة‭ ‬مرات‭ ‬دون‭ ‬جدوى،‭ ‬فقررت‭ ‬التوجه‭ ‬لمسكنها‭ ‬والسؤال‭ ‬عنها‭ ‬والاطمئنان‭ ‬عليها،‭ ‬وهناك‭ ‬لاحظت‭ ‬أن‭ ‬المكيف‭ ‬يعمل‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬الباب‭ ‬مغلق‭ ‬ولا‭ ‬أحد‭ ‬يرد‭ ‬عليها،‭ ‬فما‭ ‬كان‭ ‬منها‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬اتصلت‭ ‬بشرطة‭ ‬النجدة،‭ ‬والذين‭ ‬تمكنوا‭ ‬من‭ ‬فتح‭ ‬الباب‭ ‬واكتشاف‭ ‬الجريمة‭.‬

وجاء‭ ‬في‭ ‬تقرير‭ ‬الطبيب‭ ‬النفسي‭ ‬الخاص‭ ‬بالمتهم‭ ‬أن‭ ‬الأخير‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬يعاني‭ ‬من‭ ‬أية‭ ‬أعراض‭ ‬أو‭ ‬عاهات‭ ‬عقلية‭ ‬أو‭ ‬نفسية‭ ‬مؤثرة‭ ‬على‭ ‬إدراكه‭ ‬وقت‭ ‬وقوع‭ ‬الحادث،‭ ‬فيما‭ ‬أوضحت‭ ‬اللجنة‭ ‬الطبية‭ ‬أنه‭ ‬كان‭ ‬مدركًا‭ ‬لأفعاله‭ ‬وتصرفاته‭ ‬تماما‭ ‬ولم‭ ‬يكن‭ ‬واقعًا‭ ‬تحت‭ ‬تأثير‭ ‬أي‭ ‬مرض‭ ‬عقلي‭ ‬أو‭ ‬ذهني،‭ ‬وبذلك‭ ‬يعد‭ ‬مسؤولا‭ ‬مسؤولية‭ ‬كاملة‭ ‬عن‭ ‬تصرفاته‭ ‬حيال‭ ‬الواقعة‭.‬

وادعى‭ ‬شقيق‭ ‬وشقيقة‭ ‬المتهم‭ -‬شهود‭ ‬النفي‭- ‬أمام‭ ‬المحكمة‭ ‬أن‭ ‬شقيقهم‭ ‬مر‭ ‬بحالة‭ ‬نفسية‭ ‬شديدة‭ ‬عقب‭ ‬وفاة‭ ‬والدهم،‭ ‬خصوصًا‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬كان‭ ‬يحاول‭ ‬إسعافه‭ ‬حين‭ ‬فارق‭ ‬الحياة،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬نفسيته‭ ‬المتردية‭ ‬عقب‭ ‬وفاة‭ ‬صديقه‭ ‬أيضًا‭ ‬بحادث‭ ‬سير‭ ‬بعد‭ ‬بقائه‭ ‬لمدة‭ ‬في‭ ‬غيبوبة‭.‬

كما‭ ‬أضافا‭ ‬أن‭ ‬الأخير‭ ‬اعتكف‭ ‬في‭ ‬غرفته‭ ‬بالمنزل‭ ‬لمدة‭ ‬3‭ ‬أيام‭ ‬دون‭ ‬طعام‭ ‬أو‭ ‬شراب،‭ ‬وكان‭ ‬يكسر‭ ‬الحاجيات‭ ‬بداخلها‭ ‬وهو‭ ‬يصرخ،‭ ‬ويلبس‭ ‬ملابس‭ ‬والدهم‭ ‬المتوفى،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬أنه‭ ‬تسبب‭ ‬بمشاكل‭ ‬للآخرين‭ ‬وتعمد‭ ‬الاصطدام‭ ‬ببعض‭ ‬السيارات،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يثبت‭ ‬تعرضه‭ ‬لحالة‭ ‬نفسية‭ ‬غير‭ ‬طبيعية‭.‬

فيما‭ ‬ذكر‭ ‬شاهد‭ ‬ثالث‭ ‬أنه‭ ‬على‭ ‬معرفة‭ ‬بالمتهم،‭ ‬والذي‭ ‬يبادره‭ ‬بالتحية‭ ‬والسلام‭ ‬عند‭ ‬الالتقاء‭ ‬به،‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬ذات‭ ‬يوم‭ ‬التقى‭ ‬به‭ ‬فرمقه‭ ‬بنظرات‭ ‬غريبة‭ ‬وصدمه‭ ‬ولم‭ ‬يتوقف،‭ ‬كما‭ ‬اصطدم‭ ‬بسيارات‭ ‬الغير‭ ‬ولم‭ ‬يتوقف‭ ‬أيضًا‭.‬

الجدير‭ ‬بالذكر‭ ‬أن‭ ‬وكيل‭ ‬النائب‭ ‬العام‭ ‬بنيابة‭ ‬محافظة‭ ‬المحرق‭ ‬عامر‭ ‬العامر،‭ ‬صرح‭ ‬بأن‭ ‬النيابة‭ ‬العامة‭ ‬أنجزت‭ ‬تحقيقاتها‭ ‬في‭ ‬واقعة‭ ‬قتل‭ ‬عمد‭ ‬وانتهاك‭ ‬حرمة‭ ‬جثة،‭ ‬وأمرت‭ ‬بإحالة‭ ‬المتهم‭ ‬إلى‭ ‬المحكمة‭ ‬الكبرى‭ ‬الأولى‭ ‬الجنائية‭ ‬مع‭ ‬استمرار‭ ‬حبسه‭ (...).‬

وكانت‭ ‬النيابة‭ ‬العامة‭ ‬قد‭ ‬تلقت‭ ‬بلاغًا‭ ‬من‭ ‬الإدارة‭ ‬العامة‭ ‬للمباحث‭ ‬والأدلة‭ ‬الجنائية‭ ‬مضمونه‭ ‬العثور‭ ‬على‭ ‬جثه‭ ‬بأحد‭ ‬الشقق‭ ‬السكنية‭ ‬لامرأة‭ ‬آسيوية‭ ‬الجنسية‭ ‬وبها‭ ‬إصابات‭ ‬تشير‭ ‬إلى‭ ‬وجود‭ ‬شبهه‭ ‬جنائية‭.‬

وعلى‭ ‬الفور‭ ‬انتقلت‭ ‬النيابة‭ ‬العامة‭ ‬لمسرح‭ ‬الجريمة‭ ‬وعاينت‭ ‬الجثة،‭ ‬ولاحظت‭ ‬وجود‭ ‬جرح‭ ‬قطعي‭ ‬في‭ ‬العنق‭ ‬وإصابة‭ ‬في‭ ‬العين،‭ ‬وبمعاينة‭ ‬مسرح‭ ‬الجريمة‭ ‬تم‭ ‬ضبط‭ ‬أداة‭ ‬الجريمة‭ ‬وتحريزها،‭ ‬وأمرت‭ ‬بفحصها‭.‬

وأضاف‭ ‬العامر‭ ‬أن‭ ‬النيابة‭ ‬العامة‭ ‬طلبت‭ ‬تحريات‭ ‬الشرطة‭ ‬حول‭ ‬الواقعة،‭ ‬وقد‭ ‬توصلت‭ ‬التحريات‭ ‬المكثفة‭ ‬إلى‭ ‬المتهم،‭ ‬والذي‭ ‬كان‭ ‬يتردد‭ ‬على‭ ‬مكان‭ ‬الواقعة‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬المعاصرة‭ ‬للواقعة،‭ ‬فتم‭ ‬القبض‭ ‬عليه‭.‬

وأقر‭ ‬المتهم‭ ‬بارتكابه‭ ‬الواقعة،‭ ‬وباشرت‭ ‬النيابة‭ ‬استجوابه‭ ‬واعترف‭ ‬بارتكابه‭ ‬الواقعة‭ ‬بعد‭ ‬خلاف‭ ‬معها،‭ ‬فاستل‭ ‬سكينا‭ ‬وقام‭ ‬بنحرها‭ ‬من‭ ‬رقبتها،‭ ‬وبعد‭ ‬مفارقتها‭ ‬الحياة‭ ‬انتهك‭ ‬جثتها‭ ‬بأن‭ ‬فقع‭ ‬عينيها‭ ‬بواسطة‭ ‬أصبعه،‭ ‬وتم‭ ‬الانتقال‭ ‬رفقه‭ ‬المتهم‭ ‬إلى‭ ‬مسرح‭ ‬الجريمة‭ ‬وقام‭ ‬بإعادة‭ ‬تمثيل‭ ‬الجريمة‭.‬

كما‭ ‬استمعت‭ ‬النيابة‭ ‬إلى‭ ‬شهود‭ ‬الإثبات،‭ ‬ووردت‭ ‬إليها‭ ‬التقارير‭ ‬الفنية،‭ ‬والتي‭ ‬تؤكد‭ ‬اقتراف‭ ‬المتهم‭ ‬للجريمة،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬أمرت‭ ‬بإحالته‭ ‬محبوسا‭ ‬للمحكمة‭ ‬المختصة‭.‬

وذكر‭ ‬أحد‭ ‬أشقاء‭ ‬المتهم‭ ‬أثناء‭ ‬التحقيقات‭ ‬أن‭ ‬المتهم‭ ‬ترك‭ ‬عمله‭ ‬منذ‭ ‬حوالي‭ ‬شهر‭ ‬من‭ ‬ارتكابه‭ ‬للواقعة؛‭ ‬وذلك‭ ‬نتيجة‭ ‬للظروف‭ ‬النفسية‭ ‬التي‭ ‬يمر‭ ‬بها‭ ‬عقب‭ ‬وفاة‭ ‬والدهما‭ ‬وهو‭ ‬بأحضانه،‭ ‬كما‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬الأخيرة‭ ‬كان‭ ‬يعاني‭ ‬من‭ ‬مشاكل‭ ‬نفسية‭ ‬ودائمًا‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬يجلس‭ ‬في‭ ‬الغرفة‭ ‬وحيدًا‭ ‬ويكبِّر‭ ‬ويكلم‭ ‬نفسه‭ ‬بصوت‭ ‬عال،‭ ‬مضيفًا‭ ‬أن‭ ‬الحالة‭ ‬النفسية‭ ‬له‭ ‬تدهورت‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬وحاولوا‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مرة‭ ‬معالجته‭ ‬نفسيا،‭ ‬لكنه‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬يستجيب‭ ‬للعلاج‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬دخوله‭ ‬لمصحة‭ ‬نفسية‭.‬