“وطني البحرين” تنظم ندوة عن “مثلث” الانتماء والولاء والهوية

الصيادي: الانتماء يسمو فوق الجميع

| إبراهيم النهام - تصوير- رسول الحجيري

استضافت‭ ‬جمعية‭ ‬“وطني‭ ‬البحرين”‭ ‬أخيرا،‭ ‬الخبير‭ ‬والمحاضر‭ ‬المعتمد‭ ‬في‭ ‬الأرشيف‭ ‬الوطني‭ ‬الإماراتي‭ ‬عبداللطيف‭ ‬الصيادي،‭ ‬والإعلامية‭ ‬البحرينية‭ ‬سناء‭ ‬السعد،‭ ‬بندوة‭ ‬حوارية‭ ‬موسعة،‭ ‬عنوانها‭ ‬“الانتماء‭ ‬والولاء‭ ‬والهوية‭.. ‬قيم‭ ‬وطنية‭ ‬عليا”،‭ ‬بقاعة‭ ‬النهام‭ ‬بمركز‭ ‬البسيتين‭ ‬الشبابي‭.‬

ورحبت‭ ‬عريفة‭ ‬الأمسية‭ ‬الصحفية‭ ‬منى‭ ‬المطوع‭ ‬بالحضور‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تسلم‭ ‬طرف‭ ‬الحديث‭ ‬للصيادي،‭ ‬والذي‭ ‬قال‭ ‬“لكل‭ ‬وطن‭ ‬وشعب‭ ‬مثلث،‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬لأي‭ ‬أمه‭ ‬أن‭ ‬ترتقي‭ ‬إلا‭ ‬بثبات‭ ‬أضلاع‭ ‬هذا‭ ‬المثلث،‭ ‬وبتجذرها‭ ‬في‭ ‬أعماق‭ ‬الأرض،‭ ‬هذه‭ ‬الأضلاع‭ ‬هي‭ ‬الولاء،‭ ‬والانتماء،‭ ‬والهوية،‭ ‬والكثير‭ ‬من‭ ‬المجتمعات‭ ‬لا‭ ‬تعي‭ ‬المعنى‭ ‬الاصطلاحي‭ ‬واللفظي‭ ‬لهذه‭ ‬المسميات،‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬هناك‭ ‬خلطا‭ ‬بينهما،‭ ‬خصوصاً‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق،‭ ‬بالانتماء،‭ ‬والولاء،‭ ‬والهوية”‭.‬

ويتساءل‭ ‬“أيهما‭ ‬أهم؟‭ ‬وأيهما‭ ‬يمثل‭ ‬قاعدة‭ ‬المثلث؟”‭.‬

ويواصل‭ ‬الصيادي”‭ ‬قاعدة‭ ‬المثلث‭ ‬هي‭ ‬الانتماء،‭ ‬وليس‭ ‬الولاء‭ ‬أو‭ ‬الهوية،‭ ‬ومع‭ ‬أن‭ ‬الإعلام‭ ‬في‭ ‬أغلب‭ ‬البلدان‭ ‬يركز‭ ‬أساسا‭ ‬على‭ ‬الهوية،‭ ‬والسبب‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬الانتماء‭ ‬هو‭ ‬الأساس؛‭ ‬لأن‭ ‬به‭ ‬تتحقق‭ ‬المواطنة‭ ‬بشتى‭ ‬تدرجاتها،‭ ‬فلا‭ ‬يمكن‭ ‬لأي‭ ‬أن‭ ‬يقول‭ ‬مثالا‭ (‬أنا‭ ‬بحريني‭) ‬إلا‭ ‬بوجود‭ ‬الأوراق‭ ‬والمستندات‭ ‬الرسمية‭ ‬المؤكدة‭ ‬لذلك،‭ ‬والانتماء‭ ‬لا‭ ‬يتوج‭ ‬إلا‭ ‬بالولاء”‭.‬

ويزيد‭ ‬“الولاء‭ ‬ليس‭ ‬مسألة‭ ‬شكلية‭ ‬ترتبط‭ ‬بالأوقات‭ ‬الرسمية،‭ ‬وإنما‭ ‬مسألة‭ ‬قلبية‭ ‬وشعورية،‭ ‬مرتبطة‭ ‬بالحب،‭ ‬وتتجسد‭ ‬بالشعور‭ ‬النفسي،‭ ‬والإحساس،‭ ‬ولابد‭ ‬من‭ ‬انفعالات‭ ‬داخلية‭ ‬تؤسس‭ ‬الحب‭ ‬للوطن،‭ ‬والولاء‭ ‬لا‭ ‬يتحقق‭ ‬بالأقوال‭ ‬فقط،‭ ‬وإنما‭ ‬بالأفعال‭ ‬أيضا،‭ ‬والتي‭ ‬يثبت‭ ‬الفرد‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬انتمائه‭ ‬العميق‭ ‬للوطن،‭ ‬والولاء‭ ‬الصحيح‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬إخراج‭ ‬الهوية،‭ ‬عبر‭ ‬إبراز‭ ‬القيم‭ ‬الوطنية‭ ‬العليا”‭.‬

ويكمل‭ ‬“أما‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالهوية‭ ‬الوطنية،‭ ‬فهي‭ ‬إخراج‭ ‬سلوك‭ ‬يعكس‭ ‬الولاء،‭ ‬فأنا‭ ‬حين‭ ‬أعشق‭ ‬البحرين،‭ ‬فإن‭ ‬ذلك‭ ‬ينعكس‭ ‬عليَّ‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬السلوكيات،‭ ‬والزي‭ ‬الوطني،‭ ‬والمواقف،‭ ‬فالولاء‭ ‬يؤدي‭ ‬لإخراج‭ ‬الهوية،‭ ‬والتي‭ ‬تضفي‭ ‬الخصوصية‭ ‬للمواطن،‭ ‬في‭ ‬علاقته‭ ‬الوجدانية‭ ‬مع‭ ‬الوطن”‭.‬

ويتابع‭ ‬الصيادي‭ ‬“لا‭ ‬يجوز‭ ‬لأي‭ ‬شخصية‭ ‬أن‭ ‬يزايد‭ ‬على‭ ‬آخر‭ ‬في‭ ‬وطنيته،‭ ‬فمن‭ ‬الاستحالة‭ ‬لأن‭ ‬ينظر‭ ‬شخص‭ ‬ما‭ ‬الوطنية‭ ‬ويوزع‭ ‬الولاءات،‭ ‬ويقيس‭ ‬معيار‭ ‬الوطنية‭ ‬عند‭ ‬كل‭ ‬شخص،‭ ‬الأصل‭ ‬بأن‭ ‬الدولة‭ ‬تعامل‭ ‬مواطنيها‭ ‬على‭ ‬أنهم‭ ‬مواطنون،‭ ‬وموالون،‭ ‬ومنتمون،‭ ‬وبالتالي‭ ‬وطالما‭ ‬أن‭ ‬الدولة‭ ‬افترضت‭ ‬هذا‭ ‬بالمواطن،‭ ‬ومعها‭ ‬كل‭ ‬المزايا‭ ‬التي‭ ‬تترتب‭ ‬عليها‭ ‬هذه‭ ‬الفرضية،‭ ‬لا‭ ‬يحق‭ ‬لأي‭ ‬فرد‭ ‬أن‭ ‬يحدد‭ ‬معيار‭ ‬الوطنية‭ ‬عند‭ ‬الآخر،‭ ‬وفق‭ ‬مقاييسه‭ ‬الشخصية”‭.‬

ويردف‭ ‬“الأصل‭ ‬هو‭ ‬المواطنة‭ ‬حتى‭ ‬يثبت‭ ‬العكس،‭ ‬والدولة‭ ‬لا‭ ‬تقوم‭ ‬بمحاسبة‭ ‬كل‭ ‬مواطن‭ ‬على‭ ‬وطنيته‭ ‬وولائه‭ ‬وتحقق‭ ‬معه‭ ‬حول‭ ‬ذلك،‭ ‬بل‭ ‬تقدم‭ ‬له‭ ‬كل‭ ‬الخدمات‭ ‬المشروعة‭ ‬له،‭ ‬كالتعليم،‭ ‬والصحة،‭ ‬والإسكان،‭ ‬والمنح‭ ‬التعليمية،‭ ‬اسوة‭ ‬بغيرة،‭ ‬دون‭ ‬سؤاله،‭ ‬على‭ ‬افتراض‭ ‬أنه‭ ‬مواطن‭ ‬حقيقي‭ ‬تكرست‭ ‬فيه‭ ‬اضلاع‭ ‬المثلث‭ ‬الثلاثة،‭ ‬ويكفي‭ ‬الوطن‭ ‬من‭ ‬المواطن‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬ملما‭ ‬لمفهوم‭ ‬المواطنة‭ ‬الصالحة”‭.‬

ويقول‭ ‬“البعض‭ ‬يظن‭ ‬أن‭ ‬المواطنة‭ ‬الصالحة‭ ‬هي‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬المواطن‭ ‬طيب‭ ‬ويسمع‭ ‬الكلام،‭ ‬لكنه‭ ‬بواقع‭ ‬الأمر‭ ‬مفهوم‭ ‬دستوري‭ ‬وقانوني‭ ‬بأن‭ ‬يكون‭ ‬المواطن‭ ‬مستعدا‭ ‬لاكتساب‭ ‬الحقوق،‭ ‬وبالمقابل‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬جاهزا‭ ‬لأداء‭ ‬واجباته،‭ ‬فالوطن‭ ‬بمفهومه‭ ‬العام‭ ‬مغنم‭ ‬ومغرم،‭ ‬فكما‭ ‬أنك‭ ‬تغنم‭ ‬منه‭ ‬المزايا‭ ‬الحقوقية‭ ‬والدستورية‭ ‬المختلفة،‭ ‬فعليك‭ ‬بالمقابل‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬جاهز‭ ‬لتقديم‭ ‬الدم‭ ‬لأجل‭ ‬الوطن‭ ‬وقيادته،‭ ‬أنت‭ ‬وأبناؤك،‭ ‬من‭ ‬الدم‭ ‬إلى‭ ‬الوظيفة،‭ ‬ويتحول‭ ‬إلى‭ ‬عمل‭ ‬مؤسسي،‭ ‬والذي‭ ‬هو‭ ‬منبثق‭ ‬أصلا‭ ‬من‭ ‬الوطن”‭.‬

ويقول‭ ‬“لا‭ ‬يمكن‭ ‬للوطن‭ ‬أن‭ ‬يرتقي‭ ‬إلا‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬جميع‭ ‬أبنائه‭ ‬يستقلون‭ ‬راية‭ ‬الوطن،‭ ‬ولا‭ ‬توجد‭ ‬مشكلة‭ ‬بأن‭ ‬يكون‭ ‬لكل‭ ‬مواطن‭ ‬انتماءات‭ ‬فرعية،‭ ‬كالانتماء‭ ‬للقبيلة،‭ ‬أو‭ ‬للمذهب،‭ ‬أو‭ ‬الحزب،‭ ‬بشرط‭ ‬ألا‭ ‬تطغى‭ ‬هذه‭ ‬الانتماءات‭ ‬الفرعية‭ ‬على‭ ‬الانتماء‭ ‬الرئيس‭ ‬للوطن،‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تستظل‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬الانتماءات‭ ‬تحت‭ ‬الانتماء‭ ‬الوطني‭ ‬الأكبر،‭ ‬وعند‭ ‬تصطدم‭ ‬أي‭ ‬مصلحة‭ ‬أو‭ ‬انتماء‭ ‬فرعي‭ ‬مع‭ ‬مصلحة‭ ‬الوطن،‭ ‬فأن‭ ‬الكفة‭ ‬ترجح‭ ‬مباشرة‭ ‬لصالح‭ ‬الانتماء‭ ‬للوطن‭ ‬والذي‭ ‬يسمو‭ ‬ويقفز‭ ‬فوق‭ ‬الجميع”‭.‬

من‭ ‬جهتها،‭ ‬قالت‭ ‬الإعلامية‭ ‬سناء‭ ‬السعد‭ ‬بأن‭ ‬“الوطنية‭ ‬سلسلة‭ ‬متصلة‭ ‬تبدأ‭ ‬بالانتماء،‭ ‬مرورا‭ ‬بالولاء‭ ‬فالهوية،‭ ‬والانتماء‭ ‬للمكان‭ ‬ويعبر‭ ‬بشعوره‭ ‬للمكانة‭ ‬وأهله،‭ ‬تبدأ‭ ‬شخصية‭ ‬المرء‭ ‬نفسها‭ ‬تعبر‭ ‬عن‭ ‬خلجات‭ ‬الوطنية‭ ‬بأسمى‭ ‬تدرجاتها،‭ ‬والانتماء‭ ‬يؤكد‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الممارسات‭ ‬والتصرفات‭ ‬اليومية،‭ ‬كلا‭ ‬وفق‭ ‬قدراتهم‭ ‬ومواهبهم،‭ ‬لكنهم‭ ‬بنهاية‭ ‬المطاف‭ ‬تحت‭ ‬بيرق‭ ‬واحد،‭ ‬هو‭ ‬بيرق‭ ‬الوطن”‭.‬

وتتابع‭ ‬السعد‭ ‬“لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نضع‭ ‬معايير‭ ‬معينه‭ ‬لتحديد‭ ‬الوطنية،‭ ‬بقدر‭ ‬ما‭ ‬تعكس‭ ‬شخصية‭ ‬المرء‭ ‬نفسها‭ ‬كل‭ ‬ذلك،‭ ‬فالوطنية‭ ‬تكون‭ ‬موجوده‭ ‬من‭ ‬ضمن‭ ‬الحياة‭ ‬اليومية،‭ ‬ومن‭ ‬ضمن‭ ‬أهداف‭ ‬المرء،‭ ‬وتطلعاته،‭ ‬ونظرته‭ ‬المستقبلية”‭.‬

وتزيد‭ ‬“الوطن‭ ‬والوطنية‭ ‬والمواطن‭ ‬يجمعهم‭ ‬الحب‭ ‬المطلق،‭ ‬والذي‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬به‭ ‬تشوه‭ ‬أو‭ ‬قيود،‭ ‬فارتباط‭ ‬الشخص‭ ‬بالمكان‭ ‬الذي‭ ‬نشأ‭ ‬فيه،‭ ‬هو‭ ‬وأهله،‭ ‬فإنه‭ ‬يبدأ‭ ‬مباشرة‭ ‬في‭ ‬تعبير‭ ‬وطنيته،‭ ‬بدايته‭ ‬التمسك‭ ‬بتاريخ‭ ‬المكان‭ ‬والأرض،‭ ‬وفي‭ ‬مقابل‭ ‬هذا‭ ‬الحب،‭ ‬هنالك‭ ‬حقوق‭ ‬مكتسبة،‭ ‬ويكون‭ ‬التصبر‭ ‬على‭ ‬ظروف‭ ‬صعبة‭ ‬قد‭ ‬تعصف‭ ‬بالوطن‭ ‬والمواطن،‭ ‬هو‭ ‬محبة‭ ‬البلد،‭ ‬ومحبة‭ ‬ترابها،‭ ‬وكذلك‭ ‬الانتماء‭ ‬للمكان”‭.‬