حذر من محاولة “لاستنساخ الربيع العربي بالسودان”

البشير: الإعلام يهوّل المشكلة

| القاهرة ـ وكالات

قال‭ ‬الرئيس‭ ‬السوداني‭ ‬عمر‭ ‬البشير‭ ‬أمس‭ ‬الأحد‭ ‬إن‭ ‬هناك‭ ‬محاولات‭ ‬لاستنساخ‭ ‬“الربيع‭ ‬العربي”‭ ‬في‭ ‬السودان؛‭ ‬تعليقا‭ ‬على‭ ‬الاحتجاجات‭ ‬التي‭ ‬تشهدها‭ ‬بلاده‭ ‬منذ‭ ‬الشهر‭ ‬الماضي‭ ‬ويشبهها‭ ‬البعض‭ ‬بالانتفاضات‭ ‬التي‭ ‬أطاحت‭ ‬بعدة‭ ‬زعماء‭ ‬عرب‭ ‬العام‭ ‬2011‭. ‬ويخرج‭ ‬طلاب‭ ‬ونشطاء‭ ‬وغيرهم‭ ‬في‭ ‬احتجاجات‭ ‬شبه‭ ‬يومية‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬أنحاء‭ ‬السودان‭ ‬منذ‭ ‬19‭ ‬ديسمبر،‭ ‬مطالبين‭ ‬بنهاية‭ ‬للمصاعب‭ ‬الاقتصادية‭ ‬في‭ ‬أطول‭ ‬تحد‭ ‬لحكم‭ ‬البشير‭ ‬المستمر‭ ‬منذ‭ ‬3‭ ‬عقود‭.‬

وقال‭ ‬البشير‭ ‬للصحافيين‭ ‬في‭ ‬كلمة‭ ‬عقب‭ ‬محادثاته‭ ‬مع‭ ‬الرئيس‭ ‬المصري‭ ‬عبدالفتاح‭ ‬السيسي‭ ‬في‭ ‬القاهرة‭ ‬”هناك‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المنظمات‭ ‬التي‭ ‬تعمل‭ ‬على‭ ‬زعزعة‭ ‬الأوضاع‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬المنطقة،‭ ‬وفيما‭ ‬يخص‭ ‬السودان‭.. ‬الإعلام‭ ‬الدولي‭ ‬والإقليمي‭ ‬يحاول‭ ‬التهويل‭ ‬ولا‭ ‬ندعي‭ ‬عدم‭ ‬وجود‭ ‬مشكلة“‭.‬

وأضاف‭ ‬أن‭ ‬”هناك‭ ‬محاولات‭ ‬لاستنساخ‭ ‬قضية‭ ‬الربيع‭ ‬العربي‭ ‬في‭ ‬السودان‭ ‬بنفس‭ ‬الشعارات‭ ‬والبرامج‭ ‬والنداءات‭ ‬واستخدام‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي“‭.‬

وأشاد‭ ‬البشير‭ ‬بزيارة‭ ‬قام‭ ‬بها‭ ‬وفد‭ ‬مصري‭ ‬رفيع‭ ‬المستوى‭ ‬للخرطوم‭ ‬في‭ ‬بداية‭ ‬الأزمة‭ ‬ووصفها‭ ‬بأنها‭ ‬”كانت‭ ‬رسالة‭ ‬للشعب‭ ‬السوداني‭ ‬وآخرين‭... ‬ودعما‭ ‬لاستقرار‭ ‬السودان“‭.‬

وفي‭ ‬كلمة‭ ‬وجهها‭ ‬لجنوده‭ ‬حذر‭ ‬البشير،‭ ‬ضابط‭ ‬المظلات‭ ‬السابق‭ ‬البالغ‭ ‬من‭ ‬العمر‭ ‬75‭ ‬عاما‭ ‬والذي‭ ‬استولى‭ ‬على‭ ‬السلطة‭ ‬في‭ ‬انقلاب‭ ‬أبيض‭ ‬العام‭ ‬1989،‭ ‬من‭ ‬وصفهم‭ ‬بالفئران‭ ‬بأن‭ ‬عليهم‭ ‬العودة‭ ‬لجحورهم‭ ‬وقال‭ ‬إنه‭ ‬لن‭ ‬يتنحى‭ ‬سوى‭ ‬لأحد‭ ‬ضباط‭ ‬الجيش‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬صندوق‭ ‬الانتخاب‭.‬

وقال‭ ‬البشير‭ ‬مرتديا‭ ‬الزي‭ ‬العسكري‭ ‬لجنوده‭ ‬في‭ ‬قاعدة‭ ‬عطبرة‭ ‬المدينة‭ ‬الواقعة‭ ‬في‭ ‬شمال‭ ‬السودان‭ ‬التي‭ ‬بدأت‭ ‬فيها‭ ‬الاحتجاجات‭ ‬إن‭ ‬المحتجين‭ ‬طالبوا‭ ‬بأن‭ ‬يتولى‭ ‬الجيش‭ ‬السلطة‭ ‬وإنه‭ ‬لا‭ ‬مانع‭ ‬لديه‭ ‬في‭ ‬ذلك‭.‬

وأضاف‭ ‬أنه‭ ‬عندما‭ ‬يتحرك‭ ‬الجيش‭ ‬فإنه‭ ‬لا‭ ‬يتحرك‭ ‬في‭ ‬فراغ‭ ‬ولا‭ ‬يتحرك‭ ‬بدعم‭ ‬من‭ ‬خونة‭ ‬بل‭ ‬يتحرك‭ ‬دعما‭ ‬للوطن‭.‬

ويواجه‭ ‬الرئيس‭ ‬السوداني‭ ‬تحديا‭ ‬شبه‭ ‬يومي‭ ‬في‭ ‬الداخل‭ ‬في‭ ‬مدن‭ ‬بمختلف‭ ‬أنحاء‭ ‬السودان‭ ‬متمثلا‭ ‬في‭ ‬احتجاجات‭ ‬متصاعدة‭ ‬رغم‭ ‬القبض‭ ‬على‭ ‬أعداد‭ ‬كبيرة‭ ‬وحملة‭ ‬قمع‭ ‬شديدة‭ ‬تشنها‭ ‬قوات‭ ‬الأمن‭ ‬باستخدام‭ ‬الغاز‭ ‬المسيل‭ ‬للدموع‭ ‬والذخيرة‭ ‬الحية‭.‬

وقال‭ ‬المحلل‭ ‬خالد‭ ‬التيجاني‭ ‬”الاحتجاجات‭ ‬الحالية‭ ‬تمثل‭ ‬أكبر‭ ‬وأعمق‭ ‬تحد‭ ‬لحكم‭ ‬البشير؛‭ ‬لأنها‭ ‬تشير‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الأزمة‭ ‬وصلت‭ ‬مستوى‭ ‬جديدا“‭.‬

ومنذ‭ ‬بدأت‭ ‬الاحتجاجات،‭ ‬تشير‭ ‬التقديرات‭ ‬الرسمية‭ ‬إلى‭ ‬سقوط‭ ‬30‭ ‬قتيلا‭ ‬بينهم‭ ‬اثنان‭ ‬من‭ ‬أفراد‭ ‬الأمن‭.‬

وتتهم‭ ‬السلطات‭ ‬السودانية‭ ‬”مندسين“‭ ‬وعملاء‭ ‬للخارج‭ ‬بالوقوف‭ ‬وراء‭ ‬الاضطرابات،‭ ‬وقالت‭ ‬إنها‭ ‬تتخذ‭ ‬خطوات‭ ‬لحل‭ ‬الأزمة‭ ‬الاقتصادية‭.‬

إلى‭ ‬ذلك،‭ ‬أفادت‭ ‬مصادر‭ ‬ميدانية،‭ ‬عن‭ ‬تحرك‭ ‬تظاهرات‭ ‬في‭ ‬الحلفايا‭ ‬شمال‭ ‬الخرطوم،‭ ‬أمس‭ ‬الأحد،‭ ‬واجهتها‭ ‬الشرطة‭ ‬بإطلاق‭ ‬الغاز‭ ‬المسيل‭.‬

وأضافت‭ ‬المصادر‭ ‬أن‭ ‬الشرطة‭ ‬فرقت‭ ‬بالقوة‭ ‬تظاهرة‭ ‬في‭ ‬سوق‭ ‬مدينة‭ ‬“ود‭ ‬مدني”‭ ‬وسط‭ ‬السودان‭.‬

انهيار‭ ‬اقتصادي

يقول‭ ‬منتقدو‭ ‬البشير‭ ‬إنه‭ ‬هو‭ ‬السبب‭ ‬في‭ ‬تهميش‭ ‬السودان‭ ‬والانهيار‭ ‬الاقتصادي‭ ‬الذي‭ ‬دفع‭ ‬معدل‭ ‬التضخم‭ ‬للارتفاع‭ ‬إلى‭ ‬72‭ % ‬بنهاية‭ ‬2018‭ ‬وجعل‭ ‬البلاد‭ ‬تعجز‭ ‬عن‭ ‬سداد‭ ‬قيمة‭ ‬الواردات‭ ‬الغذائية‭.‬

أما‭ ‬أنصاره‭ ‬فيقولون‭ ‬إن‭ ‬وراء‭ ‬الاحتجاجات‭ ‬مؤامرة‭ ‬غربية‭ ‬تهدف‭ ‬لتقويض‭ ‬الحكم‭ ‬الإسلامي‭ ‬في‭ ‬السودان‭.‬

وفي‭ ‬الأشهر‭ ‬التي‭ ‬سبقت‭ ‬بدء‭ ‬الاحتجاجات‭ ‬كان‭ ‬السودانيون‭ ‬يواجهون‭ ‬صعوبات‭ ‬في‭ ‬المواءمة‭ ‬بين‭ ‬دخولهم‭ ‬واحتياجاتهم‭. ‬وحاولت‭ ‬الحكومة‭ ‬تطبيق‭ ‬إصلاحات‭ ‬فخفضت‭ ‬قيمة‭ ‬الجنيه‭ ‬السوداني‭ ‬وخففت‭ ‬قيود‭ ‬الاستيراد‭ ‬لكن‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬لم‭ ‬يحقق‭ ‬نتيجة‭.‬

وكانت‭ ‬الشرارة‭ ‬التي‭ ‬أطلقت‭ ‬الاحتجاجات‭ ‬هي‭ ‬محاولة‭ ‬الحكومة‭ ‬طرح‭ ‬خبز‭ ‬غير‭ ‬مدعوم‭ ‬مما‭ ‬سمح‭ ‬للمخابز‭ ‬ببيع‭ ‬الخبز‭ ‬بأسعار‭ ‬أعلى‭. ‬وجاء‭ ‬ذلك‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬الأزمة‭ ‬المستمرة‭ ‬منذ‭ ‬فترة‭ ‬والتي‭ ‬أدت‭ ‬إلى‭ ‬نقص‭ ‬الوقود‭ ‬والأوراق‭ ‬النقدية‭.‬

وسرعان‭ ‬ما‭ ‬تحولت‭ ‬المظاهرات‭ ‬إلى‭ ‬احتجاجات‭ ‬سياسية‭ ‬استهدفت‭ ‬مقار‭ ‬الحزب‭ ‬الحاكم‭ ‬وطالبت‭ ‬بسقوط‭ ‬البشير‭. ‬وعلى‭ ‬النقيض‭ ‬من‭ ‬موجات‭ ‬الاضطراب‭ ‬السابقة‭ ‬امتدت‭ ‬الاحتجاجات‭ ‬إلى‭ ‬مناطق‭ ‬من‭ ‬البلاد‭ ‬كانت‭ ‬في‭ ‬العادة‭ ‬موالية‭ ‬للبشير‭ ‬وأخفق‭ ‬الرد‭ ‬القاسي‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬في‭ ‬منع‭ ‬انتشار‭ ‬الاحتجاجات‭. ‬وفي‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الأحيان‭ ‬يردد‭ ‬المحتجون‭ ‬هتافات‭ ‬مثل‭ ‬”يسقط‭ ‬بس“‭ ‬و‭ ‬“سقطت‭ ‬سقطت‭ ‬يا‭ ‬كيزان“‭ ‬في‭ ‬إشارة‭ ‬يقصدون‭ ‬بها‭ ‬الإسلاميين‭.‬