جبال المخلفات تشوه وجه الحقول والساحل في جنوسان

“جنة الإنسان” تعاني من الإهمال البلدي

| سعيد محمد من جنوسان

تحويل‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الساحات‭ ‬والمزارع‭ ‬إلى‭ ‬قسائم‭ ‬ومشاريع‭ ‬سكنية‭ ‬استثمارية الأنقاض‭ ‬المتراكمة‭ ‬حولت‭ ‬أجزاء‭ ‬من‭ ‬القرية‭ ‬إلى‭ ‬مراكز‭ ‬تجميع‭ ‬لمخلفات‭ ‬البناء

 

تتكدس‭ ‬أطنان‭ ‬من‭ ‬مخلفات‭ ‬البناء‭ ‬وأكوام‭ ‬القمامة‭ ‬وجبال‭ ‬من‭ ‬الصخور‭ ‬وبقايا‭ ‬البناء‭ ‬في‭ ‬مواقع‭ ‬عدة‭ ‬بقرية‭ ‬جنوسان،‭ ‬ما‭ ‬دفع‭ ‬الأهالي‭ ‬لرفع‭ ‬شكواهم‭ ‬إلى‭ ‬المسؤولين‭ ‬ببلدية‭ ‬المنطقة‭ ‬الشمالية‭ ‬والمجلس‭ ‬البلدي‭ ‬للعمل‭ ‬على‭ ‬تغيير‭ ‬هذا‭ ‬الوضع‭ ‬الذي‭ ‬شوه‭ ‬وجه‭ ‬الحقول‭ ‬والساحل،‭ ‬لإنقاذ‭ ‬ما‭ ‬تبقى‭ ‬منها‭ ‬بعد‭ ‬تحول‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المزارع‭ ‬وواجهة‭ ‬الساحل‭ ‬إلى‭ ‬مشاريع‭ ‬استثمارية‭ ‬سكنية‭.‬

وفي‭ ‬جولة‭ ‬مصورة‭ ‬لـ‭ ‬“البلاد”‭ ‬مع‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬شباب‭ ‬القرية،‭ ‬يتضح‭ ‬سوء‭ ‬الوضع؛‭ ‬بسبب‭ ‬كميات‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬المخلفات‭ ‬تنتشر‭ ‬هنا‭ ‬وهناك‭.‬

يقول‭ ‬المواطن‭ ‬علي‭ ‬الجنوساني‭ ‬إن‭ ‬القرية‭ ‬كانت‭ ‬وفق‭ ‬مسماها‭ ‬التاريخ‭ ‬“جنوسان‭ ‬أي‭ ‬جنة‭ ‬الإنسان”‭ ‬لجمال‭ ‬بساتينها‭ ‬وسواحلها‭ ‬ونخيلها،‭ ‬إلا‭ ‬أننا‭ ‬لا‭ ‬ننكر‭ ‬حتمية‭ ‬التغير‭ ‬الذي‭ ‬سيطرأ‭ ‬على‭ ‬القرية‭ ‬دون‭ ‬شك،‭ ‬وكم‭ ‬كنا‭ ‬نتمنى‭ ‬أن‭ ‬تبقى‭ ‬مساحة‭ ‬محمية‭ ‬من‭ ‬المزارع،‭ ‬ولكن‭ ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬القرار‭ ‬في‭ ‬يد‭ ‬الملاك،‭ ‬إذ‭ ‬تم‭ ‬تحويل‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الساحات‭ ‬والمزارع‭ ‬إلى‭ ‬قسائم‭ ‬ومشاريع‭ ‬سكنية‭ ‬استثمارية،‭ ‬ولا‭ ‬اعتراض‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬لكن‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تتشوه‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المواقع‭ ‬في‭ ‬القرية،‭ ‬لاسيما‭ ‬الطرق‭ ‬المؤدية‭ ‬إلى‭ ‬الساحل‭ ‬حيث‭ ‬يقضي‭ ‬الأهالي‭ ‬بعض‭ ‬الوقت‭ ‬في‭ ‬الفترات‭ ‬المسائية‭ ‬للتريض‭ ‬أو‭ ‬المشي‭ ‬إلى‭ ‬الساحل،‭ ‬فيما‭ ‬تتكدس‭ ‬هذه‭ ‬الأكوام‭ ‬بمنظر‭ ‬بشع‭ ‬للغاية‭.‬

ويشير‭ ‬بكل‭ ‬وضوح‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬إهمالا‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬الجهات‭ ‬التي‭ ‬تنفذ‭ ‬المشاريع‭ ‬هنا،‭ ‬فالبلدية‭ ‬تقوم‭ ‬بدور‭ ‬نلمسه‭ ‬في‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬نظافة‭ ‬القرية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الشركة‭ ‬المختصة،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬حجم‭ ‬ما‭ ‬يتم‭ ‬التخلص‭ ‬منه‭ ‬من‭ ‬مخلفات‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬حجم‭ ‬عمل‭ ‬عمال‭ ‬النظافة‭ ‬وآلياتها،‭ ‬بل‭ ‬والأكثر‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬بعض‭ ‬الوافدين‭ ‬الذين‭ ‬يأتون‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬متأخر‭ ‬من‭ ‬الليل‭ ‬بشاحنات‭ ‬صغيرة‭ ‬مملوءة‭ ‬بالمخلفات‭ ‬المنزلية‭ ‬والزراعية‭ ‬ويلقون‭ ‬بها‭ ‬في‭ ‬الساحات‭ ‬القريبة،‭ ‬وكأن‭ ‬الواجهة‭ ‬الزراعية‭ ‬أو‭ ‬البحرية‭ ‬للقرية‭ ‬هي‭ ‬مكب‭ ‬نفايات‭.‬

ويتفق‭ ‬معه‭ ‬المواطن‭ ‬حسن‭ ‬إبراهيم،‭ ‬وهو‭ ‬من‭ ‬سكان‭ ‬القرية‭ ‬المهتمين‭ ‬بالزراعة،‭ ‬فيشير‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الأنقاض‭ ‬المتراكمة‭ ‬أدت‭ ‬إلى‭ ‬تحول‭ ‬أجزاء‭ ‬من‭ ‬القرية‭ ‬إلى‭ ‬مراكز‭ ‬تجميع‭ ‬لمخلفات‭ ‬البناء،‭ ‬نعم،‭ ‬تحدثت‭ ‬مع‭ ‬أحد‭ ‬المشرفين‭ ‬على‭ ‬مشروع‭ ‬بالقرية‭ ‬فكان‭ ‬جوابه‭ ‬منطقيًا،‭ ‬وهو‭ ‬أن‭ ‬الأعمال‭ ‬مستمرة‭ ‬وكميات‭ ‬من‭ ‬الصخور‭ ‬الكبيرة‭ ‬ومخلفات‭ ‬البناء‭ ‬الصلبة‭ ‬سيتم‭ ‬استخدامها‭ ‬في‭ ‬العمل،‭ ‬فلها‭ ‬وقتها‭ ‬واستخدامها،‭ ‬لكن‭ ‬ماذا‭ ‬عن‭ ‬الأكوام‭ ‬الكبيرة‭ ‬من‭ ‬المخلفات‭ ‬الزراعية‭ ‬والقمامة،‭ ‬فضلًا‭ ‬عن‭ ‬أن‭ ‬بعض‭ ‬الوافدين‭ ‬يستغلون‭ ‬الأوقات‭ ‬الليلية‭ ‬للتخلص‭ ‬من‭ ‬شحنات‭ ‬القمامة‭ ‬أيضًا‭.‬

ويطالب‭ ‬الأهالي‭ ‬الجهات‭ ‬المنفذة‭ ‬للمشاريع‭ ‬بأن‭ ‬تبادر‭ ‬وتعمل‭ ‬على‭ ‬إزالة‭ ‬المخلفات‭ ‬بالتعاون‭ ‬مع‭ ‬البلدية‭ ‬وشركة‭ ‬النظافة،‭ ‬فيما‭ ‬ذكر‭ ‬ممثل‭ ‬الدائرة‭ ‬الأولى‭ ‬بالمجلس‭ ‬البلدي‭ ‬الشمالي‭ ‬شبر‭ ‬إبراهيم‭ ‬الوداعي‭ ‬أن‭ ‬شكوى‭ ‬أهالي‭ ‬قرية‭ ‬جنوسان‭ ‬تخضع‭ ‬للمتابعة‭ ‬وسيتم‭ ‬التواصل‭ ‬مع‭ ‬الجهاز‭ ‬التنفيذي‭ ‬ببلدية‭ ‬المنطقة‭ ‬الشمالية‭ ‬للتباحث؛‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬إنهاء‭ ‬المشكلة،‭ ‬لاسيما‭ ‬أن‭ ‬الأهالي‭ ‬يقدرون‭ ‬الجهود‭ ‬التي‭ ‬يقوم‭ ‬بها‭ ‬المفتشون‭ ‬وعمال‭ ‬شركة‭ ‬النظافة،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬استمرارية‭ ‬إلقاء‭ ‬المخلفات‭ ‬وبكثافة‭ ‬يتطلب‭ ‬جهدًا‭ ‬قد‭ ‬يفوق‭ ‬الطاقة‭ ‬المتوفرة‭ ‬للعمل،‭ ‬موضحًا‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬ذاته‭ ‬ضرورة‭ ‬تكثيف‭ ‬التفتيش‭ ‬الدوري‭ ‬وإعداد‭ ‬التقارير‭ ‬وتوفير‭ ‬المعلومات‭ ‬أولًا‭ ‬بأول‭ ‬للبت‭ ‬فيها‭ ‬وإنهاء‭ ‬معاناة‭ ‬الأهالي‭.‬