وجه البحرين المضيء... سمو الشيخ محمد بن مبارك

قضايا‭ ‬الحكم‭ ‬والسياسة‭ ... ‬تهيمن‭ ‬بصورة‭ ‬مباشرة‭ ‬على‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬أبعاد‭ ‬ومفاصل‭ ‬الحياة‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬ويشير‭ ‬مفهوم‭ ‬الحكم‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬المعاصرة‭ ‬إلى‭ ‬تطبيق‭ ‬المسؤولين‭ ‬في‭ ‬نطاق‭ ‬الدولة‭ ‬للسياسات‭ ‬والقرارات‭ ‬المتصلة‭ ‬بسيادة‭ ‬الدولة‭ ‬على‭ ‬المستويين‭ ‬الداخلي‭ ‬والخارجي‭. ‬وفي‭ ‬رأينا‭ ‬المتواضع‭ ‬أن‭ ‬سمو‭ ‬الشيخ‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬مبارك‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬نائب‭ ‬رئيس‭ ‬مجلس‭ ‬الوزراء،‭ ‬يمتلك‭ ‬الإحاطة‭ ‬بالعلم‭ ‬الإدراكي،‭ ‬القائم‭ ‬على‭ ‬ارتباط‭ ‬الأفكار‭ ‬بعضها‭ ‬ببعض،‭ ‬نظرًا‭ ‬لما‭ ‬يمتلكه‭ ‬من‭ ‬إرث‭ ‬ثقافي،‭ ‬ينصرف‭ ‬بصورة‭ ‬آلية‭ ‬إلى‭ ‬تحليل‭ ‬المعطيات‭ ‬السياسية،‭ ‬وبالخصوص‭ ‬“السياسة‭ ‬الخارجية”‭ ‬وما‭ ‬تكتنفه‭ ‬من‭ ‬مناورات،‭ ‬تبعًا‭ ‬لمصلحة‭ ‬الدول‭ ‬التابعة‭ ‬لها‭.‬

وحين‭ ‬كان‭ ‬الشيخ‭ ‬محمد‭ ‬وزيرًا‭ ‬للخارجية،‭ ‬حافظ‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬المبدأ،‭ ‬حيث‭ ‬ساعده‭ ‬على‭ ‬فهم‭ ‬متطلبات‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬وأبعادها،‭ ‬ومتطلبات‭ ‬التوازن‭ ‬بين‭ ‬التيارات‭ ‬السياسية‭ ‬“المتضاربة‭ ‬أحيانًا”‭.‬

وما‭ ‬الالتفاتة‭ ‬السامية‭ ‬التي‭ ‬حظي‭ ‬بها‭ ‬وجه‭ ‬البحرين‭ ‬المضيء‭ ‬“سمو‭ ‬الشيخ‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬مبارك”‭ ‬من‭ ‬لدن‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬حفظه‭ ‬الله،‭ ‬بإطلاق‭ ‬اسمه‭ ‬على‭ ‬أكاديمية‭ ‬الدراسات‭ ‬الدبلوماسية،‭ ‬إلا‭ ‬تكريمًا‭ ‬لكل‭ ‬العاملين‭ (‬سابقًا‭ ‬ولاحقًا‭) ‬بوزارة‭ ‬الخارجية‭.‬

وفي‭ ‬الاحتفال‭ ‬بهذه‭ ‬المناسبة‭ ‬عبّر‭ ‬سمو‭ ‬الشيخ‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬مبارك‭ ‬في‭ ‬خطابه‭ ‬عن‭ ‬تقديره‭ ‬لجلالة‭ ‬الملك،‭ ‬ثم‭ ‬قال‭: ‬“لا‭ ‬يقاس‭ ‬عمر‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬بالسنوات‭ ‬التي‭ ‬قطعتها،‭ ‬وإنما‭ ‬بالإنجازات‭ ‬التي‭ ‬حققتها،‭ ‬في‭ ‬خضم‭ ‬سياقات‭ ‬وأوضاع‭ ‬دولية‭ ‬وإقليمية‭ ‬كانت‭ ‬سريعة‭ ‬التقلب”‭.‬

كما‭ ‬عبّر‭ ‬عن‭ ‬ذلك‭ ‬معالي‭ ‬الشيخ‭ ‬خالد‭ ‬بن‭ ‬أحمد‭ ‬بن‭ ‬محمد‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬في‭ ‬خطابه‭ ‬بهذه‭ ‬المناسبة‭ ‬عن‭ ‬شكره‭ ‬وتقديره‭ ‬لجلالة‭ ‬الملك،‭ ‬ثم‭ ‬قال‭: ‬“إن‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬البحرينية‭ ‬أصبحت‭ ‬نموذجًا‭ ‬للدبلوماسية‭ ‬المتفاعلة‭ ‬النشطة‭ ‬التي‭ ‬تدافع‭ ‬عن‭ ‬مصالح‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬في‭ ‬الخارج،‭ ‬وتسهم‭ ‬في‭ ‬ترسيخ‭ ‬وجهها‭ ‬الحضاري”‭.‬

ومن‭ ‬خلال‭ ‬سيرورة‭ ‬عمل‭ ‬الشيخ‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬مبارك‭ ‬وزيرًا‭ ‬للخارجية،‭ ‬تلازمت‭ ‬لديه‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬مع‭ ‬خطوات‭ ‬الدولة‭ ‬السياسية،‭ ‬وأصبحت‭ ‬مدرسته‭ ‬تطرح‭ ‬المبدأ‭ ‬التالي‭ ‬الذي‭ ‬هو‭ ‬أشبه‭ ‬بالنظرية‭:‬

“جميع‭ ‬المذاهب‭ ‬السياسية‭ ‬في‭ ‬العالم‭ - ‬والتي‭ ‬يصعب‭ ‬حصرها‭ - ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬فلسفات‭ ‬وأيديولوجيات‭ ‬متنافرة‭ - ‬طرديًّا‭ ‬وعكسيًّا‭ - ‬غير‭ ‬أنها‭ ‬مجمعة‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬تنسب‭ ‬لنفسها‭ ‬تمثيل‭ ‬المصالح‭ ‬العليا‭ ‬للشعب‭ - ‬أيًّا‭ ‬كان‭ ‬وضع‭ ‬ذلك‭ ‬الشعب‭ - ‬وتعد‭ ‬الناس‭ ‬بالفردوس‭ ‬الأرضي،‭ ‬والسعادة‭ ‬الشاملة،‭ ‬فمن‭ ‬تلك‭ ‬المذاهب‭ ‬ما‭ ‬يتخذ‭ ‬كافة‭ ‬الوسائل‭ ‬والطرق‭ ‬لتحقيق‭ ‬غاياته،‭ ‬دون‭ ‬الاكتراث‭ ‬بنوعية‭ ‬الوسيلة،‭ ‬فغايته‭ ‬وهدفه‭ ‬تبرران‭ ‬جميع‭ ‬الوسائل،‭ ‬حتى‭ ‬ولو‭ ‬كانت‭ ‬مخالفة‭ ‬للقيم‭ ‬والنواميس،‭ ‬وبعض‭ ‬تلك‭ ‬المذاهب‭ ‬ما‭ ‬يتخذ‭ ‬من‭ ‬المثل‭ ‬العليا‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬وحضارة‭ ‬الإنسان‭ ‬وسائل‭ ‬مشروعة‭ ‬لتحقيق‭ ‬الغايات‭ ‬النبيلة”‭.‬

وحيث‭ ‬إن‭ ‬الالتزام‭ ‬الأخلاقي،‭ ‬هو‭ ‬حالة‭ ‬سامية‭ ‬يمتلكها‭ ‬الرجال‭ ‬الذين‭ ‬ينفردون‭ ‬بصفات‭ ‬عالية‭ ‬التميز،‭ ‬فإن‭ ‬معرفة‭ ‬الشيخ‭ ‬محمد‭ ‬بواجبه‭ ‬تجاه‭ ‬وطنه‭ ‬خير‭ ‬دليل‭ ‬على‭ ‬استماعه‭ ‬لصوت‭ ‬العقل،‭ ‬ودليل‭ ‬على‭ ‬التزامه‭ ‬الأخلاقي‭.‬

ولن‭ ‬أتجاوز‭ ‬نفسي‭ ‬حين‭ ‬أقول‭: ‬إن‭ ‬مهمة‭ ‬الشيخ‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬مبارك‭ ‬في‭ ‬وزارة‭ ‬الخارجية‭ ‬كانت‭ (‬مزدوجة‭) ‬بين‭ ‬إدارة‭ ‬شؤون‭ ‬الدولة‭ ‬الخارجية‭ ‬وصناعة‭ ‬الرجال،‭ ‬فقد‭ ‬كان‭ ‬يتحمل‭ ‬المسؤولية‭ ‬السياسية‭ ‬والمسؤولية‭ ‬الأخلاقية‭ ‬في‭ ‬تسيير‭ ‬سياسة‭ ‬الدولة‭ ‬الخارجية،‭ ‬ثم‭ ‬إنه‭ ‬أبعد‭ ‬نفسه‭ ‬عن‭ ‬المسؤولية‭ ‬الميتافيزيقية‭ ‬التي‭ ‬ترتبط‭ ‬بالسياسات‭ ‬المتناحرة‭ ‬على‭ ‬الساحة‭ ‬الدولية،‭ ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬السياق‭ ‬اتبع‭ ‬أساليب‭ ‬الانسجام‭ ‬مع‭ ‬الدوائر‭ ‬السياسية‭ ‬في‭ ‬معظم‭ ‬دول‭ ‬العالم،‭ ‬حفاظًا‭ ‬على‭ ‬توازن‭ ‬كفة‭ ‬الميزان‭ ‬المرتبطة‭ ‬بمصلحة‭ ‬الوطن‭.‬

أما‭ ‬مسؤوليته‭ ‬عن‭ ‬صناعة‭ ‬الرجال،‭ ‬فلا‭ ‬أخالني‭ ‬أبالغ‭ ‬إذا‭ ‬قلت‭ ‬إن‭ ‬معظم‭ ‬رجالات‭ ‬الدولة‭ ‬تخرجوا‭ ‬من‭ ‬مدرسة‭ ‬الشيخ‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬مبارك‭.‬

وليس‭ ‬غريبًا‭ ‬على‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬تكريمه‭ ‬لرجالات‭ ‬وطننا‭ ‬الحبيب‭ ‬الذين‭ ‬قدموا‭ ‬خدمات‭ ‬جليلة‭ ‬لهذه‭ ‬الأرض‭ ‬الطيبة‭.‬