المخرج العراقي جواد الأسدي: أراهن على الممثل الفدائي

استمرار فعاليات مهرجان المسرح العربي بالقاهرة

| أسامة الماجد من القاهرة

لا‭ ‬يمكن‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬المسرح‭ ‬العراقي‭ ‬دون‭ ‬الإشارة‭ ‬والحديث‭ ‬عن‭ ‬الفنان‭ ‬والمخرج‭ ‬الكبير‭ ‬جواد‭ ‬الأسدي،‭ ‬الذي‭ ‬يعود‭ ‬إلى‭ ‬المسرح‭ ‬والستارة‭ ‬بعد‭ ‬عشرين‭ ‬سنة‭ ‬وذلك‭ ‬للمشاركة‭ ‬في‭ ‬مهرجان‭ ‬المسرح‭ ‬العربي‭ ‬في‭ ‬دورته‭ ‬الحادية‭ ‬عشرة‭ ‬والمقام‭ ‬في‭ ‬القاهرة‭ ‬بتنظيم‭ ‬من‭ ‬الهيئة‭ ‬العربية‭ ‬للمسرح‭ ‬ووزارة‭ ‬الثقافة‭ ‬المصرية‭ ‬تأليفا‭ ‬وإخراجا‭ ‬وهي‭ ‬عن‭ ‬قصة‭ ‬العنبر‭ ‬رقم‭ ‬6‭ ‬لانطون‭ ‬تشيخوف‭.‬

الأسدي‭ ‬تحدث‭ ‬بصورة‭ ‬مفصلة‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬العمل‭ ‬في‭ ‬مؤتمر‭ ‬صحفي‭ ‬حيث‭ ‬أوضح‭ ‬أن‭ ‬النقطة‭ ‬الأهم‭ ‬التي‭ ‬شغلته‭ ‬وشكلت‭ ‬رهانه‭ ‬الأول‭ ‬عند‭ ‬صناعة‭ ‬العرض‭ ‬هي‭ ‬الإجابة‭ ‬عن‭ ‬سؤال‭ ‬الكيف‭: ‬كيف‭ ‬يستطيع‭ ‬أن‭ ‬يحول‭ ‬نص‭ ‬تشيكوف‭ ‬السردي،‭ ‬وروحه‭ ‬إلى‭ ‬الروح‭ ‬العراقية؟،‭ ‬ومشهد‭ ‬الواقع‭ ‬العراقي‭ ‬الراهن‭ ‬بمشكلاته‭ ‬وتعقيداته؟،‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يتورط‭ ‬في‭ ‬الخطابية،‭ ‬والنبرة‭ ‬العالية؟،‭ ‬وكيف‭ ‬يعبر‭ ‬عن‭ ‬روح‭ ‬العراق،‭ ‬ولا‭ ‬يبتعد‭ ‬عن‭ ‬الحياة‭ ‬اليومية‭ ‬وما‭ ‬يجري‭ ‬في‭ ‬الشارع‭ ‬العراقي‭ ‬وداخل‭ ‬الإنساني‭ ‬العراقي‭ ‬الآن،‭ ‬مؤكدا‭ ‬أن‭ ‬ذلك‭ ‬هو‭ ‬الرهان‭ ‬الذي‭ ‬قام‭ ‬عليه‭ ‬العرض‭.‬

فيما‭ ‬قال‭ ‬صميم‭ ‬إبراهيم‭ ‬أحد‭ ‬صناع‭ ‬العرض‭ ‬أن‭ ‬العمل‭ ‬مع‭ ‬المخرج‭ ‬الكبير‭ ‬جواد‭ ‬الأسدي‭ ‬يعد‭ ‬تجربة‭ ‬فريدة‭ ‬من‭ ‬جميع‭ ‬نواحيها،‭ ‬مشيرا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬تغيرا‭ ‬حدث‭ ‬في‭ ‬ظروف‭ ‬تقديم‭ ‬العرض‭ ‬بين‭ ‬بغداد‭ ‬والقاهرة،‭ ‬وهو‭ ‬أن‭ ‬المخرج‭ ‬عند‭ ‬تصميمه‭ ‬لسينوغرافيا‭ ‬العرض‭ ‬العراق‭ ‬راعى‭ ‬أن‭ ‬يتداخل‭ ‬في‭ ‬فضاء‭ ‬العرض،‭ ‬فضاء‭ ‬الجمهور،‭ ‬أي‭ ‬أن‭ ‬يشملهما‭ ‬فضاء‭ ‬مشترك،‭ ‬ليقول‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬ذلك‭ ‬إن‭ ‬الجميع‭ ‬نحن‭ ‬وأنتم‭ ‬يجمعنا‭ ‬هم‭ ‬مشترك،‭ ‬فيما‭ ‬سيقدم‭ ‬العرض‭ ‬في‭ ‬المهرجان‭ ‬داخل‭ ‬العلبة‭ ‬الإيطالية،‭ ‬وأشارإلى‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الفرق‭ ‬السينوغرافي‭ ‬له‭ ‬ميزة،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬له‭ ‬عيب،‭ ‬فالميزة‭ ‬هو‭ ‬أنه‭ ‬يتيح‭ ‬استعراض‭ ‬الجمهور‭ ‬لجمالية‭ ‬السينوغرافيا‭ ‬من‭ ‬الخارج،‭ ‬أما‭ ‬العيب‭ ‬فهو‭ ‬يلغي‭ ‬العلاقة‭ ‬الحميمية‭ ‬بين‭ ‬العرض‭ ‬والجمهور‭.‬

وبدوره‭ ‬قال‭ ‬الفنان‭ ‬العراقي‭ ‬فلاح‭ ‬إبراهيم‭ ‬أن‭ ‬عرض‭ ‬“تقاسيم‭ ‬على‭ ‬الحياة”‭ ‬يعود‭ ‬بجواد‭ ‬الأسدي‭ ‬إلى‭ ‬المسرح‭ ‬العراقي‭ ‬بعد‭ ‬غياب‭ ‬حوالي‭ ‬20‭ ‬عاما،‭ ‬مشيرا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الأسدي‭ ‬واحد‭ ‬من‭ ‬الأسماء‭ ‬الكبيرة‭ ‬والمهمة‭ ‬في‭ ‬المسرح‭ ‬العراقي،‭ ‬وأن‭ ‬وزارة‭ ‬الثقافة‭ ‬مهتمة‭ ‬بهذه‭ ‬التجربة‭ ‬وتقدم‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬للعرض‭ ‬ليقدم‭ ‬بنجاح‭ ‬كما‭ ‬حدث‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬وبغداد‭.‬

وردا‭ ‬على‭ ‬سؤال‭ ‬للأسدي‭ ‬عن‭ ‬الفروق‭ ‬التي‭ ‬يجدها‭ ‬بين‭ ‬الفرق‭ ‬الكثيرة‭ ‬التي‭ ‬عمل‭ ‬بها‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬عربية‭ ‬مختلفة،‭ ‬وتأثير‭ ‬اختلاف‭ ‬الممثل‭ ‬على‭ ‬تفكيره‭ ‬في‭ ‬صناعة‭ ‬العرض‭.‬

أجاب‭ ‬الأسدي‭ ‬أنه‭ ‬عمل‭ ‬مع‭ ‬فرق‭ ‬عربية‭ ‬متعددة‭ ‬ومختلفة،‭ ‬مشيرا‭ ‬إلى‭ ‬وجود‭ ‬اختلافات‭ ‬الممثلين‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬الثقافة‭ ‬والحساسية‭ ‬والوعي‭ ‬بممكنات‭ ‬الجسد‭ ‬وما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يحققه‭ ‬على‭ ‬الخشبة‭ ‬من‭ ‬مكان‭ ‬إلى‭ ‬آخر‭ ‬وفقا‭ ‬للتربية‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والسياسية‭ ‬التي‭ ‬يتلقاها‭ ‬في‭ ‬مجتمعه،‭ ‬أضاف‭ ‬أن‭ ‬بعض‭ ‬المجتمعات‭ ‬لديها‭ ‬حرية‭ ‬كبيرة‭ ‬فيما‭ ‬يتصل‭ ‬بممكنات‭ ‬الجسد‭ ‬لذلك‭ ‬فهي‭ ‬تعطي‭ ‬مساحات‭ ‬واسعة‭ ‬للاشتغال،‭ ‬وتجعل‭ ‬المخرج‭ ‬يذهب‭ ‬بها‭ ‬بعيدا،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬لا‭ ‬تستطيع‭ ‬أجساد‭ ‬في‭ ‬مجتمعات‭ ‬أخرى‭ ‬أن‭ ‬تتجاوز‭ ‬الحدود‭. ‬وأكد‭ ‬جواد‭ ‬الأسدي‭ ‬أنه‭ ‬يراهن‭ ‬على‭ ‬الممثل‭ ‬الفدائي،‭ ‬وأنه‭ ‬لا‭ ‬يختاره‭ ‬بشكل‭ ‬عشوائي‭ ‬إنما‭ ‬يقوم‭ ‬بالاقتراب‭ ‬من‭ ‬الممثل‭ ‬والحديث‭ ‬معه‭ ‬ومعرفة‭ ‬أفكاره‭ ‬واتساع‭ ‬أفقه‭ ‬ومدى‭ ‬قدرته‭ ‬واستيعابه‭ ‬للمسرح‭ ‬وما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يقدمه‭ ‬من‭ ‬خلاله‭ ‬ن‭ ‬كما‭ ‬يرى‭ ‬كيف‭ ‬يعيش‭ ‬في‭ ‬بيته‭ ‬وكيف‭ ‬يمارس‭ ‬حياته‭ ‬اجتماعيا‭ ‬وغير‭ ‬ذلك‭ ‬حتى‭ ‬يعرفه‭ ‬بدقة‭.‬

وأشار‭ ‬إلى‭ ‬انه‭ ‬فعل‭ ‬ذلك‭ ‬مع‭ ‬غسان‭ ‬مسعود‭ ‬في‭ ‬دمشق،‭ ‬حيث‭ ‬كان‭ ‬يذهب‭ ‬إلى‭ ‬بيته‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يعمل‭ ‬معه،‭ ‬وقبل‭ ‬أن‭ ‬يكلفه‭ ‬بالدور‭ ‬أصلا،‭ ‬ليعرف‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬عنه‭.‬

وأوضح‭ ‬الأسدي‭ ‬أنه‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الأساس‭ ‬يختار‭ ‬ممثليه،‭ ‬وعليه‭ ‬أيضا‭ ‬اختار‭ ‬صميم‭ ‬للمشاركة‭ ‬في‭ ‬العرض‭ ‬لأنه‭ ‬يعرف‭ ‬مسبقا‭ ‬حساسيته‭ ‬ووعيه‭ ‬بالمسرح‭ ‬ومدى‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يصل‭ ‬إليه،‭ ‬مشيدا‭ ‬بجيل‭ ‬الشباب‭ ‬الجديد‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬من‭ ‬خريجي‭ ‬المعهد‭ ‬العالي‭ ‬للفنون‭ ‬المسرحية،‭ ‬وقال‭ ‬إنه‭ ‬يراهن‭ ‬عليهم‭.‬

 

المؤتمر‭ ‬الفكري

في‭ ‬سياق‭ ‬متصل‭ ‬اقيمت‭ ‬اولى‭ ‬ندوات‭ ‬“‭ ‬المؤتمر‭ ‬الفكري‭ ‬الذي‭ ‬اطلقته‭ ‬العربية‭ ‬للمسرح‭ ‬ضمن‭ ‬فعاليات‭ ‬الدورة‭ ‬11‭ ‬لمهرجان‭ ‬المسرح‭ ‬العربي‭ ‬ويحمل‭ ‬المؤتمر‭ ‬عنوان‭ ‬“نقد‭ ‬التجربة‭.. ‬همزة‭ ‬وصل”،‭ ‬المسرح‭ ‬المصري‭ ‬في‭ ‬نصف‭ ‬قرن‭ ‬من‭ ‬1905‭ ‬إلى‭ ‬1952،‭ ‬الحلقة‭ ‬الأولى‭. ‬

وقدم‭ ‬عمرو‭ ‬دواره‭ ‬عن‭ ‬تاريخ‭ ‬المسرح‭ ‬المصري‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬من‭ ‬1905‭ ‬الى‭ ‬1952‭ ‬ورغم‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬كانت‭ ‬الفترة‭ ‬المقرر‭ ‬تقديمها‭ ‬في‭ ‬الندوة‭ ‬الا‭ ‬ان‭ ‬دواره‭ ‬عاد‭ ‬الى‭ ‬الوراء‭ ‬اكثر‭ ‬ليوثق‭ ‬تواريخ‭ ‬تسبق‭ ‬هذه‭ ‬الفترة‭ ‬بخمسين‭ ‬عاما‭ ‬تقريبا،‭ ‬مؤكدا‭ ‬على‭ ‬ان‭ ‬التاريخ‭ ‬كان‭ ‬يجب‭ ‬ان‭ ‬يبدأ‭ ‬من‭ ‬فرق‭ ‬الهواة‭ ‬التي‭ ‬تشكلت‭ ‬في‭ ‬مصر‭ ‬في‭ ‬سنوات‭ ‬سابقة‭ ‬عن‭ ‬التاريخ‭ ‬المقرر‭ ‬تقديمه‭ ‬في‭ ‬الجلسة،‭ ‬وقسم‭ ‬دواره‭ ‬ورقته‭ ‬البحثية‭ ‬لمجموعة‭ ‬نقاط‭ ‬مهمة‭ ‬ومنها‭ ‬دور‭ ‬الهواة‭ ‬في‭ ‬تأسيس‭ ‬المسرح‭ ‬المصري‭ ‬واهمية‭ ‬مسرح‭ ‬الصالات‭ ‬وسلط‭ ‬الضوء‭ ‬ايضا‭ ‬على‭ ‬مسرحيين‭ ‬تم‭ ‬اغفالهم‭ ‬رغم‭ ‬اهميتهم‭ ‬الكبيرة‭.‬