الزوجة ادعت لأجنبي أنها مسيحية واكتشف لاحقًا أنها مسلمة

بطلان عقد زواج مدني بعد تعرض الزوج للتدليس

| محرر الشؤون المحلية

قالت‭ ‬المحامية‭ ‬فاتن‭ ‬الحداد‭ ‬إن‭ ‬موكلها‭ ‬الأجنبي‭ ‬الجنسية‭ ‬تقدم‭ ‬بدعوى‭ ‬لتطليقه‭ ‬من‭ ‬زوجته‭ ‬الأجنبية‭ ‬من‭ ‬أصول‭ ‬عربية،‭ ‬بعدما‭ ‬اكتشف‭ ‬أنها‭ ‬خدعته‭ ‬وقد‭ ‬تعرض‭ ‬للتدليس‭ ‬من‭ ‬قبلها،‭ ‬إذ‭ ‬قرّرت‭ ‬في‭ ‬عقد‭ ‬الزوج‭ ‬أن‭ ‬ديانتها‭ ‬مسيحية‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬اكتشف‭ ‬أنها‭ ‬مسلمة،‭ ‬مطالبًا‭ ‬إيقاع‭ ‬الطلاق‭ ‬بينهما‭ ‬للتدليس‭.‬

وبالفعل‭ ‬استجابت‭ ‬المحكمة‭ ‬الكبرى‭ ‬المدنية‭ ‬الأولى‭ ‬إلى‭ ‬طلبه‭ ‬بإبطال‭ ‬عقد‭ ‬الزواج‭ ‬المدني‭ ‬الذي‭ ‬يربطهما،‭ ‬وألزمت‭ ‬الزوجة‭ ‬المدعى‭ ‬عليها‭ ‬بمصروفات‭ ‬الدعوى‭ ‬وaمقابل‭ ‬أتعاب‭ ‬المحاماة؛‭ ‬والتي‭ ‬بررت‭ ‬حكمها‭ ‬ببطلان‭ ‬عقد‭ ‬الزواج‭ ‬بمخالفته‭ ‬النظام‭ ‬العام‭ ‬لمملكة‭ ‬البحرين‭ ‬ومخالفته‭ ‬للشريعة‭ ‬الإسلامية‭ ‬التي‭ ‬حرمت‭ ‬زواج‭ ‬المسلمة‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬المسلم‭.‬

وأشارت‭ ‬الحداد‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬وقائع‭ ‬الدعوى‭ ‬تتمثل‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬موكلها‭ ‬المدعي‭ ‬كان‭ ‬قد‭ ‬تزوج‭ ‬من‭ ‬المدعى‭ ‬عليها،‭ ‬بموجب‭ ‬عقد‭ ‬مدني‭ ‬محرر‭ ‬بإدارة‭ ‬التوثيق‭ ‬في‭ ‬وزارة‭ ‬العدل‭ ‬والشؤون‭ ‬الإسلامية‭ ‬والأوقاف،‭ ‬وقد‭ ‬أقرت‭ ‬المدعى‭ ‬عليها‭ ‬أنها‭ ‬مسيحية‭ ‬الديانة،‭ ‬كما‭ ‬أقرت‭ ‬في‭ ‬عقد‭ ‬الزواج‭ ‬بأهليتها‭ ‬للتصرف،‭ ‬وبأنها‭ ‬مسيحية‭ ‬من‭ ‬مواليد‭ ‬أبريل‭ ‬1980‭ ‬ولم‭ ‬تتزوج‭ ‬من‭ ‬قبل،‭ ‬فيما‭ ‬أقر‭ ‬موكلها‭ ‬أنه‭ ‬هو‭ ‬الآخر‭ ‬مسيحي‭ ‬الديانة‭ ‬ومن‭ ‬مواليد‭ ‬يوليو‭ ‬1963‭ ‬وبأنه‭ ‬سبق‭ ‬له‭ ‬الزواج‭ ‬وحاليًّا‭ ‬مطلق،‭ ‬مشيرة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬موكلها‭ ‬اكتشف‭ ‬بعد‭ ‬إبرام‭ ‬عقد‭ ‬الزواج‭ ‬أن‭ ‬زوجته‭ ‬مسلمة‭ ‬وليست‭ ‬مسيحية‭ ‬كما‭ ‬ادعت‭.‬

وذكرت‭ ‬المحامية‭ ‬أنها‭ ‬دفعت‭ ‬أمام‭ ‬المحكمة‭ ‬بأن‭ ‬عقد‭ ‬الزواج‭ ‬المبرم‭ ‬بين‭ ‬موكلها‭ ‬والمدعى‭ ‬عليها‭ ‬مشوب‭ ‬بعيب‭ ‬التدليس‭ ‬مما‭ ‬يتعيّن‭ ‬إبطاله،‭ ‬وقدمت‭ ‬نسخة‭ ‬من‭ ‬قانون‭ ‬العائلة‭ ‬الخاص‭ ‬ببلد‭ ‬المدعي،‭ ‬والذي‭ ‬تم‭ ‬إقرار‭ ‬عقد‭ ‬الزواج‭ ‬المدني‭ ‬على‭ ‬أساسه،‭ ‬واختصمت‭ ‬كلا‭ ‬من‭ ‬الزوجة‭ ‬وإدارة‭ ‬التوثيق‭ ‬بوزارة‭ ‬العدل،‭ ‬فتقدم‭ ‬وكيل‭ ‬الإدارة‭ ‬بمذكرة‭ ‬دفع‭ ‬فيها‭ ‬بعدم‭ ‬قبول‭ ‬الدعوى‭ ‬لرفعها‭ ‬على‭ ‬غير‭ ‬ذي‭ ‬صفة‭.‬

من‭ ‬جهتها،‭ ‬بينت‭ ‬المحكمة‭ ‬في‭ ‬أسباب‭ ‬حكمها‭ ‬ردًّا‭ ‬على‭ ‬دفع‭ ‬إدارة‭ ‬التوثيق،‭ ‬بأن‭ ‬المادة‭ (‬21‭) ‬من‭ ‬قانون‭ ‬المرافعات‭ ‬المدنية‭ ‬والتجارية‭ ‬تنص‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬تفصل‭ ‬المحكمة‭ ‬الكبرى‭ ‬في‭ ‬مسائل‭ ‬الأحوال‭ ‬الشخصية‭ ‬لغير‭ ‬المسلمين‭ ‬بالكيفية‭ ‬التالية‭: ‬1‭- ‬الحالة‭ ‬المدنية‭ ‬للأشخاص‭ ‬وأهليتهم‭ ‬يسري‭ ‬عليها‭ ‬قانون‭ ‬الدولة‭ ‬التي‭ ‬ينتمون‭ ‬إليها‭ ‬بجنسيتهم،‭ ‬2‭ ‬–‭ ‬يرجع‭ ‬في‭ ‬الشروط‭ ‬الموضوعية‭ ‬لصحة‭ ‬الزواج‭ ‬إلى‭ ‬قانون‭ ‬بلد‭ ‬الزوجين،‭ ‬كما‭ ‬نصت‭ ‬المادة‭ (‬22‭) ‬من‭ ‬ذات‭ ‬القانون‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬“يشترط‭ ‬في‭ ‬القانون‭ ‬الواجب‭ ‬تطبيقه‭ ‬ألا‭ ‬تكون‭ ‬أحكامه‭ ‬مخالفة‭ ‬للنظام‭ ‬أو‭ ‬الآداب‭ ‬في‭ ‬البحرين”‭ ‬ونصت‭ ‬المادة‭ (‬109‭) ‬من‭ ‬القانون‭ ‬المدني‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬“إذا‭ ‬كان‭ ‬محل‭ ‬الالتزام‭ ‬مخالفًا‭ ‬للنظام‭ ‬العام‭ ‬أو‭ ‬الآداب‭ ‬وقع‭ ‬العقد‭ ‬باطلاً”،‭ ‬كما‭ ‬نصت‭ ‬المادة‭ (‬7‭) ‬من‭ ‬القانون‭ ‬رقم‭ ‬19‭ ‬لسنة‭ ‬2017‭ ‬بإصدار‭ ‬قانون‭ ‬الأسرة‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬“يشترط‭ ‬لانعقاد‭ ‬الزواج‭ ‬ألا‭ ‬تكون‭ ‬المرأة‭ ‬محرمة‭ ‬على‭ ‬الرجل‭ ‬تحريمًا‭ ‬مؤبدًا‭ ‬أو‭ ‬تحريمًا‭ ‬مؤقتًا،‭ ‬ونصت‭ ‬المادة‭ ‬14‭/‬ب‭ ‬من‭ ‬ذات‭ ‬القانون‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يحرم‭ ‬مؤقتًا‭ ‬زواج‭ ‬المسلمة‭ ‬بغير‭ ‬المسلم‭.‬

ولفتت‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬المدعي‭ ‬أقام‭ ‬دعواه‭ ‬بطلب‭ ‬إبطال‭ ‬عقد‭ ‬الزواج‭ ‬المبرم‭ ‬فيما‭ ‬بينه‭ ‬وبين‭ ‬المدعى‭ ‬عليها،‭ ‬تأسيسًا‭ ‬على‭ ‬أنها‭ ‬مسلمة‭ ‬وأقرت‭ ‬له‭ ‬عند‭ ‬إبرام‭ ‬عقد‭ ‬الزواج‭ ‬بأنها‭ ‬مسيحية‭ ‬الديانة،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬يكون‭ ‬العقد‭ ‬مشوبًا‭ ‬بعيب‭ ‬التدليس‭ ‬وباطلا‭ ‬بموجب‭ ‬قانون‭ ‬بلد‭ ‬المدعي‭ ‬لسنة‭ ‬2017‭ ‬“قانون‭ ‬العائلة”‭ ‬أي‭ ‬قانون‭ ‬بلد‭ ‬الزوجين‭.‬

وتابعت،‭ ‬أنه‭ ‬لما‭ ‬كان‭ ‬الثابت‭ ‬من‭ ‬إفادة‭ ‬الزواج‭ ‬الصادرة‭ ‬من‭ ‬القنصلية‭ ‬التي‭ ‬تنتمي‭ ‬لها‭ ‬المدعى‭ ‬عليها‭ ‬والمذيلة‭ ‬بتوقيع‭ ‬المدعى‭ ‬عليها‭ ‬بأنها‭ ‬مسلمة‭ ‬وكانت‭ ‬ديانة‭ ‬المدعي‭ ‬هي‭ ‬المسيحية،‭ ‬وأن‭ ‬الشريعة‭ ‬الإسلامية‭ ‬قد‭ ‬حرمت‭ ‬زواج‭ ‬المسلمة‭ ‬بغير‭ ‬المسلم،‭ ‬وعدم‭ ‬تضمن‭ ‬القانون‭ ‬الأجنبي‭ ‬لأي‭ ‬نص‭ ‬قانوني‭ ‬يبطل‭ ‬زواج‭ ‬المسلمة‭ ‬بغير‭ ‬المسلم،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬لا‭ ‬محل‭ ‬لتطبيقه‭ ‬لمخالفته‭ ‬النظام‭ ‬العام‭ ‬في‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬لاعتبار‭ ‬دين‭ ‬الدولة‭ ‬هو‭ ‬الإسلام‭.‬

وأفادت‭ ‬أنه‭ ‬لما‭ ‬كانت‭ ‬المحكمة‭ ‬استخلصت‭ ‬أن‭ ‬المدعى‭ ‬عليها‭ ‬مسلمة‭ ‬وأن‭ ‬المدعي‭ ‬غير‭ ‬مسلم،‭ ‬وأن‭ ‬الشريعة‭ ‬الإسلامية‭ ‬قد‭ ‬حرمت‭ ‬زواج‭ ‬المسلمة‭ ‬بغير‭ ‬المسلم،‭ ‬وبالتالي‭ ‬يعد‭ ‬عقد‭ ‬الزواج‭ ‬المدني‭ ‬المبروم‭ ‬فيما‭ ‬بين‭ ‬المدعي‭ ‬والمدعى‭ ‬عليها‭ ‬باطلاً‭ ‬لمخالفته‭ ‬النظام‭ ‬العام‭ ‬في‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬وتقضي‭ ‬المحكمة‭ ‬بإبطال‭ ‬عقد‭ ‬الزواج‭ ‬المدني‭ ‬المبرم‭ ‬فيما‭ ‬بين‭ ‬الطرفين‭.‬