دور الشباب في صياغة الدبلوماسية البحرينية

| منى رضي

إنه‭ ‬لمن‭ ‬دواعي‭ ‬سروري‭ ‬أن‭ ‬أتوجّه‭ ‬بخالص‭ ‬الشكر‭ ‬والتقدير‭ ‬لجميع‭ ‬القادة،‭ ‬صناع‭ ‬القرار،‭ ‬الخبراء،‭ ‬والمبدعين‭ ‬ذوي‭ ‬الرؤى‭ ‬القيادية‭ ‬والفكرية‭ ‬والعملية‭ ‬ولكل‭ ‬من‭ ‬ساهم‭ ‬في‭ ‬دعم‭ ‬وتعزيز‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬البحرينية‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬الخمسين‭ ‬عامًا‭ ‬التي‭ ‬مضت‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬لها‭ ‬أكبر‭ ‬الأثر‭ ‬في‭ ‬وضع‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬للدبلوماسية‭ ‬البحرينية‭ ‬التي‭ ‬طالما‭ ‬قامت‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬ترسيخ‭ ‬رسالة‭ ‬وقيم‭ ‬السلم‭ ‬والتسامح‭ ‬والتعايش‭ ‬السلمي‭ ‬والعطاء‭ ‬اللامحدود‭ ‬ورسخت‭ ‬جميع‭ ‬إمكانياتها‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬والإنمائية‭ ‬في‭ ‬سبيل‭ ‬تحقيق‭ ‬هذه‭ ‬الرسالة،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يشكل‭ ‬دافعًا‭ ‬رئيسيًّا‭ ‬بالنسبة‭ ‬للقيادات‭ ‬الشبابية‭ ‬المستقبلية‭ ‬لتبذل‭ ‬جهودها‭ ‬لإبراز‭ ‬دورها‭ ‬وإبداعاتها‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬التنمية‭ ‬والتقدم‭ ‬والازدهار‭ ‬لوطننا‭ ‬الحبيب‭.‬

وبمناسبة‭ ‬الاحتفال‭ ‬باليوبيل‭ ‬الذهبي‭ ‬للدبلوماسية‭ ‬البحرينية،‭ ‬يسعدني‭ ‬أن‭ ‬أتقدم‭ ‬بالتهنئة‭ ‬للشباب‭ ‬البحريني‭ ‬الصاعد‭ ‬في‭ ‬المراكز‭ ‬القيادية‭ ‬ومواقع‭ ‬صنع‭ ‬القرار‭ ‬على‭ ‬الثقة‭ ‬التي‭ ‬منحتها‭ ‬القيادة‭ ‬ليقوم‭ ‬بدوره‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬رؤية‭ ‬الخارجية‭ ‬البحرينية‭ ‬في‭ ‬الريادة‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬السياسية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬بقدرات‭ ‬متميزة‭ ‬وبكل‭ ‬مهنية‭ ‬وكفاءة‭ ‬وبمهارات‭ ‬مبنية‭ ‬على‭ ‬تنفس‭ ‬الإبداع‭ ‬وتحقيق‭ ‬الأفضل‭ ‬وإبراز‭ ‬ما‭ ‬حققته‭ ‬القيادات‭ ‬من‭ ‬تفوق‭ ‬وإبداع‭ ‬ليكونوا‭ ‬قدوة‭ ‬للجيل‭ ‬القادم‭ ‬ودافعًا‭ ‬للتطور‭ ‬والتقدم‭.‬

ومما‭ ‬أصبح‭ ‬مبعث‭ ‬اعتزاز‭ ‬وفخر‭ ‬لي‭ ‬شخصيًّا‭ ‬هي‭ ‬تجربتي‭ ‬المتواضعة‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬الدبلوماسي‭ ‬متعدد‭ ‬الأطراف‭ ‬والثنائي‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬سواء،‭ ‬والتي‭ ‬بدأت‭ ‬منذ‭ ‬انضمامي‭ ‬إلى‭ ‬وزارة‭ ‬الخارجية‭ ‬عام‭ ‬2001‭ ‬كسكرتير‭ ‬ثالث‭ ‬بإدارة‭ ‬المنظمات‭ ‬الدولية،‭ ‬وكان‭ ‬تمثيلي‭ ‬لوزارة‭ ‬الخارجية‭ ‬في‭ ‬الفريق‭ ‬العامل‭ ‬على‭ ‬جائزة‭ ‬الشرف‭ ‬للإنجاز‭ ‬المتميز‭ ‬لبرنامج‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬للمستوطنات‭ ‬البشرية‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الإسكان‭ ‬لعام‭ ‬2006‭ ‬الممنوحة‭ ‬لصاحب‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬الأمير‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الموقر‭ ‬حفظه‭ ‬الله‭ ‬ورعاه،‭ ‬والترتيب‭ ‬للمعارض‭ ‬المقامة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الصدد‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬نيروبي،‭ ‬والقاهرة،‭ ‬وباريس،‭ ‬ولندن،‭ ‬وجنيف،‭ ‬والعاصمة‭ ‬الأميركية‭ ‬واشنطن،‭ ‬ومدينة‭ ‬نيويورك،‭ ‬مبعث‭ ‬فخر‭ ‬واعتزاز،‭ ‬حتى‭ ‬انتقالي‭ ‬للعمل‭ ‬ضمن‭ ‬فريق‭ ‬البعثة‭ ‬الدائمة‭ ‬لمملكة‭ ‬البحرين‭ ‬لدى‭ ‬مكتب‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬بجنيف‭ ‬في‭ ‬أكتوبر‭ ‬2007،‭ ‬حيث‭ ‬قمت‭ ‬خلالها‭ ‬بمهام‭ ‬القائم‭ ‬بأعمال‭ ‬المبعوث‭ ‬الدائم‭ ‬للبعثة‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬2009‭ ‬إلى‭ ‬حين‭ ‬انتهاء‭ ‬مهامي‭ ‬بالبعثة‭ ‬الدائمة‭ ‬وعودتي‭ ‬لديوان‭ ‬عام‭ ‬وزارة‭ ‬الخارجية‭ ‬في‭ ‬يوليو‭ ‬2011،‭ ‬وقد‭ ‬شهدت‭ ‬سنوات‭ ‬عملي‭ ‬بجنيف‭ ‬استعراض‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين،‭ ‬ولأول‭ ‬مرة‭ ‬في‭ ‬تاريخها،‭ ‬لإنجازاتها‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬تعزيز‭ ‬وحماية‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬آلية‭ ‬الاستعراض‭ ‬الدوري‭ ‬الشامل‭ ‬التابعة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬كأول‭ ‬دولة‭ ‬تقوم‭ ‬بهذا‭ ‬الإجراء‭ ‬الدولي‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬العالم،‭ ‬كما‭ ‬مثلت‭ ‬وزارة‭ ‬الخارجية‭ ‬في‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المحافل‭ ‬الدولية‭ ‬التابعة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬أثناء‭ ‬عملي‭ ‬في‭ ‬البعثة‭ ‬الدائمة‭ ‬بجنيف‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬من‭ ‬2007‭ ‬لغاية‭ ‬2011،‭ ‬والتي‭ ‬أضافت‭ ‬الكثير‭ ‬لخبرتي‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬الدبلوماسي‭ ‬متعدد‭ ‬الأطراف،‭ ‬أما‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالعمل‭ ‬الدبلوماسي‭ ‬الثنائي،‭ ‬فقد‭ ‬كنت‭ ‬ضمن‭ ‬الوفد‭ ‬الرسمي‭ ‬للوزارة‭ ‬خلال‭ ‬زيارات‭ ‬الدولة‭ ‬لحضرة‭ ‬صاحب‭ ‬الجلالة‭ ‬الملك‭ ‬حمد‭ ‬بن‭ ‬عيسى‭ ‬آل‭ ‬خليفة،‭ ‬عاهل‭ ‬البلاد‭ ‬المفدى،‭ ‬حفظه‭ ‬الله‭ ‬ورعاه،‭ ‬إلى‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬جمهورية‭ ‬الصين‭ ‬الشعبية‭ ‬عام‭ ‬2013،‭ ‬وجمهورية‭ ‬الهند‭ ‬وجمهورية‭ ‬باكستان‭ ‬الإسلامية‭ ‬عام‭ ‬2014،‭ ‬وماليزيا‭ ‬عام‭ ‬2017،‭ ‬كما‭ ‬ساهمت‭ ‬في‭ ‬الإعداد‭ ‬والتحضير‭ ‬للعديد‭ ‬من‭ ‬الزيارات‭ ‬الرسمية‭ ‬الثنائية‭ ‬واجتماعات‭ ‬اللجان‭ ‬المشتركة‭ ‬والمشاورات‭ ‬الثنائية‭ ‬بين‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬والدول‭ ‬الصديقة،‭ ‬وقد‭ ‬توّجت‭ ‬جهودي‭ ‬في‭ ‬تعزيز‭ ‬العلاقات‭ ‬الثنائية‭ ‬البحرينية‭ ‬الآسيوية‭ ‬والأفريقية‭ ‬بتعييني‭ ‬مديرًا‭ ‬لإدارة‭ ‬الشؤون‭ ‬الأفرو‭ ‬آسيوية‭ ‬بوزارة‭ ‬الخارجية‭ ‬في‭ ‬29‭ ‬أكتوبر‭ ‬2017م‭.‬

وكما‭ ‬قيل‭ ‬بعزم‭ ‬الشباب‭ ‬تُبنى‭ ‬الأوطان‭ ‬وتخلد‭ ‬الأمم،‭ ‬بات‭ ‬من‭ ‬الأهمية‭ ‬بمكان‭ ‬التأكيد‭ ‬على‭ ‬ضرورة‭ ‬أن‭ ‬تعتمد‭ ‬القيادة‭ ‬على‭ ‬التسلح‭ ‬بالعلم‭ ‬وخلق‭ ‬أجيال‭ ‬مثقفة‭ ‬مسؤولة‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬العطاء‭ ‬وواعية‭ ‬بأدوارها‭ ‬تجاه‭ ‬أوطانها‭ ‬تسعى‭ ‬لتحقيق‭ ‬أمن‭ ‬وتطور‭ ‬الوطن‭ ‬قبل‭ ‬المصلحة‭ ‬الشخصية‭.‬

ومن‭ ‬أجل‭ ‬إظهار‭ ‬القدرات‭ ‬القيادية‭ ‬عالية‭ ‬التأهيل‭ ‬للدبلوماسيين‭ ‬البحرينيين،‭ ‬ينبغي‭ ‬على‭ ‬الدبلوماسي‭ ‬لعب‭ ‬دور‭ ‬في‭ ‬صياغة‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬البحرينية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الإسهام‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬الأهداف‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬لوزارة‭ ‬الخارجية‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬للوصول‭ ‬إلى‭ ‬مركز‭ ‬متميز‭ ‬لمملكة‭ ‬البحرين‭ ‬في‭ ‬الخارج،‭ ‬والمساهمة‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬الاستقرار‭ ‬والسلام‭ ‬والأمن،‭ ‬وتعزيز‭ ‬الاحترام‭ ‬والالتزام‭ ‬بمبادئ‭ ‬الشرعية‭ ‬الدولية،‭ ‬وحفظ‭ ‬حقوق‭ ‬ومصالح‭ ‬حكومة‭ ‬ومواطني‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬والتعاون‭ ‬الفعال‭ ‬مع‭ ‬الدول‭ ‬الأجنبية‭ ‬والمنظمات‭ ‬الدولية‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬العربي‭ ‬والدولي‭ ‬والمساهمة‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬نمو‭ ‬اقتصادي‭ ‬عالي‭.‬

وبمناسبة‭ ‬الاحتفال‭ ‬باليوبيل‭ ‬الذهبي‭ ‬للدبلوماسية‭ ‬البحرينية،‭ ‬نتطلع‭ ‬لجيل‭ ‬من‭ ‬الدبلوماسيين‭ ‬البحرينيين‭ ‬القادرين‭ ‬على‭ ‬مواصلة‭ ‬مسيرة‭ ‬العطاء،‭ ‬يمتلكون‭ ‬الرغبة‭ ‬في‭ ‬اكتساب‭ ‬المهارات‭ ‬وتوظيفها‭ ‬في‭ ‬خدمة‭ ‬المؤسسة‭ ‬وتحقيق‭ ‬أهدافها‭ ‬والمساهمة‭ ‬في‭ ‬تطوير‭ ‬بنية‭ ‬تحتية‭ ‬مؤسسية‭ ‬متميزة،‭ ‬وتطوير‭ ‬الإبداع‭ ‬والابتكار‭ ‬المؤسسي‭ ‬وإدارة‭ ‬المعرفة‭ ‬وتحقيق‭ ‬النجاح‭ ‬وزيادة‭ ‬الكفاءة‭ ‬الإنتاجية‭ ‬وتوظيف‭ ‬التطور‭ ‬التكنولوجي‭ ‬العالمي‭ ‬في‭ ‬خدمة‭ ‬وزارة‭ ‬الخارجية‭ ‬وبناء‭ ‬وتطوير‭ ‬الجيل‭ ‬الثاني‭ ‬من‭ ‬القيادات‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬الشابة‭ ‬المعطاءة‭ ‬التي‭ ‬تؤمن‭ ‬بالصدق‭ ‬والإخلاص‭ ‬والمسؤولية‭ ‬في‭ ‬حب‭ ‬الوطن‭ ‬والمواطن،‭ ‬وعاشت‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬شامخة‭ ‬أبية‭ ‬أمد‭ ‬الدهر‭!‬