القصص تتناول التشرذم في مرحلة ما بعد “الربيع العربي”

“النافذة” تمثل الأردن بمهرجان المسرح العربي

| أسامة الماجد من القاهرة

تشارك‭ ‬المسرحية‭ ‬الأردنية‭ ‬“النافذة”،‭ ‬من‭ ‬تأليف‭ ‬مجيد‭ ‬حميد‭ ‬وإخراج‭ ‬مجد‭ ‬القصص،‭ ‬في‭ ‬فعاليات‭ ‬مهرجان‭ ‬المسرح‭ ‬العربي‭ ‬في‭ ‬دورته‭ ‬الحادية‭ ‬عشرة،‭ ‬والذي‭ ‬تنظمه‭ ‬الهيئة‭ ‬العربة‭ ‬للمسرح‭ ‬بالتعاون‭ ‬مع‭ ‬وزارة‭ ‬الثقافة‭ ‬المصرية‭ ‬في‭ ‬العروض‭ ‬المتنافسة‭ ‬على‭ ‬جائزة‭ ‬الشيخ‭ ‬سلطان‭ ‬القاسمي‭ ‬لأفضل‭ ‬عمل‭ ‬مسرحي‭ ‬عربي‭ ‬للعام‭ ‬2018‭. ‬وقبل‭ ‬العرض‭ ‬أقيم‭ ‬مؤتمر‭ ‬صحافي‭ ‬في‭ ‬مقر‭ ‬إقامة‭ ‬الوفود‭ ‬بفندق‭ ‬جراند‭ ‬نايل‭ ‬تحدثت‭ ‬فيه‭ ‬المخرجة‭ ‬القصص‭ ‬مستعرضة‭ ‬نقاطا‭ ‬كثيرة‭ ‬عن‭ ‬مسرحيتها،‭ ‬إذ‭ ‬أكدت‭ ‬أن‭ ‬النص‭ ‬الذي‭ ‬تشارك‭ ‬فيه‭ ‬للكاتب‭ ‬مجيد‭ ‬حميد‭ ‬فاز‭ ‬في‭ ‬دورة‭ ‬سابقة‭ ‬لمهرجان‭ ‬الهيئة‭ ‬العربية‭ ‬للمسرح‭ ‬بجائزة‭ ‬أفضل‭ ‬نص،‭ ‬وأنها‭ ‬التقت‭ ‬مع‭ ‬الكاتب‭ ‬في‭ ‬المهرجان‭ ‬الذي‭ ‬أقيم‭ ‬بتونس‭ ‬وطلبته‭ ‬منه،‭ ‬ونال‭ ‬النص‭ ‬إعجابها‭ ‬جدا‭ ‬لدرجة‭ ‬أنها‭ ‬قرأته‭ ‬3‭ ‬مرات،‭ ‬وكان‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مرة‭ ‬يفجر‭ ‬داخلها‭ ‬أسئلة‭ ‬مختلفة،‭ ‬لذا‭ ‬قررت‭ ‬أن‭ ‬تقدمه‭.‬

وأضافت‭ ‬القصص‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬يستفزها‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬نص‭ ‬تقدمه‭ ‬هو‭ ‬اهتمامه‭ ‬ومناقشته‭ ‬لقضايا‭ ‬مهمة‭ ‬من‭ ‬وجهة‭ ‬نظرها،‭ ‬وتأتي‭ ‬على‭ ‬رأسها‭ ‬قضيتا‭ ‬الحرية‭ ‬والمرأة،‭ ‬ولكن‭ ‬عندما‭ ‬تتحول‭ ‬المرأة‭ ‬إلى‭ ‬وطن‭ ‬وإلى‭ ‬حرية،‭ ‬لا‭ ‬يعنيها‭ ‬تناول‭ ‬قضيتها‭ ‬من‭ ‬منظور‭ ‬نسوي‭ ‬ذكوري‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬شابه‭ ‬ذلك،‭ ‬مشددة‭ ‬على‭ ‬ضرورة‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬النظر‭ ‬إلى‭ ‬كل‭ ‬القضايا‭ ‬من‭ ‬منظور‭ ‬أشمل‭.‬

وأشارت‭ ‬مجد‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬أكثر‭ ‬ما‭ ‬أعجبها‭ ‬في‭ ‬النص‭ ‬هو‭ ‬تجاوزه‭ ‬الهم‭ ‬المحلي،‭ ‬إلى‭ ‬مناقشة‭ ‬والتصدي‭ ‬للهم‭ ‬العربي‭ ‬الأوسع،‭ ‬وقالت‭: ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬أحداث‭ ‬النص‭ ‬تدور‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬فإنها‭ ‬تتشابه‭ ‬وتتسق‭ ‬تماما‭ ‬مع‭ ‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬بلادنا‭ ‬العربية‭.‬

ونوهت‭ ‬القصص‭ ‬إلى‭ ‬أنها‭ ‬تتناول‭ ‬التشرذم‭ ‬العربي‭ ‬في‭ ‬المرحلة‭ ‬التي‭ ‬تلت‭ ‬ما‭ ‬سُمي‭ ‬بالربيع‭ ‬العربي،‭ ‬مشيرة‭ ‬إلى‭ ‬أنها‭ ‬لا‭ ‬تعترف‭ ‬بهذا‭ ‬المسمى‭ ‬الذي‭ ‬أنتج‭ - ‬حسب‭ ‬رأيها‭ - ‬ما‭ ‬هو‭ ‬أسوأ‭ ‬مما‭ ‬كان‭ ‬قبله‭ ‬من‭ ‬سوء،‭ ‬إذ‭ ‬جلب‭ ‬معه‭ ‬آلاما‭ ‬كثيرة‭ ‬وجروحا‭ ‬هائلة‭. ‬وقدمت‭ ‬مجد‭ ‬القصص‭ ‬فكرة‭ ‬عامة‭ ‬عن‭ ‬أحداث‭ ‬العرض،‭ ‬فقالت‭ ‬إنها‭ ‬تدور‭ ‬حول‭ ‬شخص‭ ‬يتم‭ ‬التحقيق‭ ‬معه‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬سبب‭ ‬معروف،‭ ‬وخلال‭ ‬التحقيق‭ ‬يبدأ‭ ‬وعيه‭ ‬في‭ ‬التداعي‭ ‬فيتذكر‭ ‬أمه‭ ‬وأخاه‭ ‬الشهيد،‭ ‬وغير‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬أشياء‭ ‬حميمة‭ ‬بالنسبة‭ ‬له،‭ ‬مشيرة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬المحقق‭ ‬كان‭ ‬يحمل‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الوجوه‭ ‬السلطوية،‭ ‬ويضغط‭ ‬بقوة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬هذه‭ ‬السلطوية‭ ‬على‭ ‬ذاكرة‭ ‬الرجل،‭ ‬ويمثل‭ ‬نوعا‭ ‬من‭ ‬القهر‭ ‬عليه‭.‬

وأوضحت‭ ‬أنها‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬رؤيتها‭ ‬الإخراجية‭ ‬استخدمت‭ ‬نوعين‭ ‬من‭ ‬اللغة،‭ ‬الفصحى‭: ‬واستخدمتها‭ ‬مع‭ ‬المحقق‭ ‬إ1‭ ‬تناسب‭ ‬غلظته‭ ‬وسلطويته،‭ ‬والعامية‭ ‬الأردنية‭: ‬واستخدمتها‭ ‬في‭ ‬التعبير‭ ‬عن‭ ‬مشاعر‭ ‬وانفعالات‭ ‬الرجل،‭ ‬موضحة‭ ‬أن‭ ‬العامية‭ ‬لغة‭ ‬شاعرية‭ ‬تناسب‭ ‬أكثر‭ ‬المشاعر‭ ‬والانفعالات‭ ‬والأحلام،‭ ‬وأننا‭ ‬لا‭ ‬نحلم‭ ‬أبدا‭ ‬بالفصحى،‭ ‬إنما‭ ‬نحلم‭ ‬ونحب‭ ‬ونعبر‭ ‬عن‭ ‬مشاعرنا‭ ‬بالعامية‭. ‬ووردا‭ ‬على‭ ‬سؤال‭ ‬عن‭ ‬مدى‭ ‬التزامها‭ ‬بالنص‭ ‬من‭ ‬عدمه‭ ‬أشارت‭ ‬إلى‭ ‬أنها‭ ‬التزمت‭ ‬بالعمود‭ ‬الفقري‭ ‬للنص،‭ ‬ومقولاته‭ ‬الأساس‭ ‬وأسئلته،‭ ‬ولكنها‭ ‬خانته‭ ‬في‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬المواقع،‭ ‬وفقا‭ ‬لرؤيتها‭ ‬الإخراجية‭. ‬وأوضحت‭ ‬أنها‭ ‬حذفت‭ ‬بعض‭ ‬أجزاء‭ ‬النص؛‭ ‬لتتيح‭ ‬للقارئ‭ ‬أن‭ ‬يعمل‭ ‬خياله‭ ‬وعقله‭ ‬ويملأ‭ ‬الفراغات‭ ‬بنفسه؛‭ ‬لأنها‭ ‬تفضل‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬متلقي‭ ‬عروضها‭ ‬إيجابيا‭. ‬وأشارت‭ ‬أيضا‭ ‬إلى‭ ‬أنها‭ ‬خانت‭ ‬النص‭ ‬في‭ ‬إشارته‭ ‬لاستخدام‭ ‬الفيديو‭ ‬بروجيكتور،‭ ‬موضحة‭ ‬أنها‭ ‬استخدمت‭ ‬الفيديو‭ ‬بطريقة‭ ‬مختلفة‭ ‬ولتحقيق‭ ‬رؤية‭ ‬مغايرة‭ ‬تماما،‭ ‬وأضافت‭ ‬أن‭ ‬الفيديو‭ ‬كثيرا‭ ‬ما‭ ‬يستخدم‭ ‬بشكل‭ ‬منفصل‭ ‬عما‭ ‬يقدم‭ ‬على‭ ‬خشبة‭ ‬المسرح،‭ ‬ولكنها‭ ‬استخدمته‭ ‬بشكل‭ ‬ينسجم‭ ‬ويتفاعل‭ ‬مع‭ ‬ما‭ ‬تقدمه‭ ‬من‭ ‬مادة‭ ‬درامية،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يحقق‭ ‬الإضافة‭ ‬والثراء‭ ‬للثيمة‭ ‬المطروحة‭ ‬وللصورة‭. ‬وضربت‭ ‬القصص‭ ‬مثلا‭ ‬باستخدام‭ ‬لعبة‭ ‬الشطرنج،‭ ‬التي‭ ‬أشار‭ ‬إليها‭ ‬المؤلف‭ ‬في‭ ‬نصه،‭ ‬قائلة‭ ‬إنها‭ ‬رسمت‭ ‬قطعا‭ ‬شطرنجية‭ ‬كبيرة‭ ‬على‭ ‬الخشبة،‭ ‬فيما‭ ‬نقلت‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الشاشة‭ ‬صورة‭ ‬للعالم‭ ‬كله‭ ‬وهو‭ ‬يلعب‭ ‬هذه‭ ‬اللعبة،‭ ‬وبينما‭ ‬يتم‭ ‬قتل‭ ‬جندي‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ‬فإن‭ ‬العالم‭ ‬كله‭ ‬يقتل‭ ‬الآلاف‭ ‬على‭ ‬الشاشة،‭ ‬وقد‭ ‬تحول‭ ‬العالم‭ ‬إلى‭ ‬قطع‭ ‬شطرنجية،‭ ‬نُقتل‭ ‬عليها‭ ‬كل‭ ‬يوم‭ ‬من‭ ‬الخارج‭ ‬والداخل‭.‬

يذكر‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬8‭ ‬عروض‭ ‬تنافس‭ ‬على‭ ‬جائزة‭ ‬الشيخ‭ ‬القاسمي‭ ‬لأفضل‭ ‬عمل‭ ‬مسرحي‭ ‬للعام‭ ‬2018‭ ‬وهي‭ ‬“الطوق‭ ‬والأسورة”‭ ‬من‭ ‬مصر،‭ ‬“النافذة”‭ ‬من‭ ‬الأردن،‭ ‬“شابكة”‭ ‬من‭ ‬المغرب،‭ ‬“ذاكرة‭ ‬قصيرة”‭ ‬من‭ ‬تونس،‭ ‬“الرحمة”‭ ‬من‭ ‬الكويت،‭ ‬“نساء‭ ‬بلا‭ ‬ملامح”‭ ‬من‭ ‬الأردن،‭ ‬“المجنون”‭ ‬من‭ ‬الإمارات،‭ ‬و‭ ‬“عبث”‭ ‬من‭ ‬المغرب‭.‬