عبد المنعم: العرض يطرح المقابلات ما بين الماضي والحاضر

“الطوق والأسورة” تمثل مصر في مهرجان المسرح العربي

| أسامة الماجد من القاهرة

تواصلت‭ ‬فعاليات‭ ‬مهرجان‭ ‬المسرح‭ ‬العربي‭ ‬الدورة‭ ‬الحادية‭ ‬عشرة،‭ ‬والذي‭ ‬تقيمه‭ ‬الهيئة‭ ‬العربية‭ ‬للمسرح‭ ‬بالتعاون‭ ‬مع‭ ‬وزارة‭ ‬الثقافة‭ ‬المصرية‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬من‭ ‬10‭ - ‬16‭ ‬يناير‭ ‬الجاري‭ ‬بـ‭ ‬5‭ ‬مسارح‭ ‬هي‭ ‬السلام،‭ ‬الهناجر،‭ ‬الجمهورية،‭ ‬البالون،‭ ‬الجمهورية،‭ ‬القومي،‭ ‬وكالعادة‭ ‬قبل‭ ‬كل‭ ‬عرض‭ ‬يتحدث‭ ‬المخرجون‭ ‬والفنانون‭ ‬عن‭ ‬عروضهم‭ ‬لتسليط‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬جوانب‭ ‬كثيرة‭ ‬من‭ ‬الحالات‭ ‬الإبداعية‭. ‬

وأول‭ ‬المتحدثين‭ ‬كان‭ ‬فريق‭ ‬مسرحية‭ ‬الطوق‭ ‬والأسورة،‭ ‬إذ‭ ‬قال‭ ‬الكاتب‭ ‬المصري‭ ‬يسري‭ ‬حسان‭ ‬في‭ ‬ندوة‭ ‬للصحافيين‭ ‬إن‭ ‬عرض‭ ‬“الطوق‭ ‬والأسورة”‭ ‬من‭ ‬العروض‭ ‬المهمة‭ ‬التي‭ ‬أعيد‭ ‬إنتاجها‭ ‬أخيرا‭ ‬في‭ ‬مصر‭ ‬بعد‭ ‬ما‭ ‬يقرب‭ ‬من‭ ‬22‭ ‬عاما،‭ ‬فهو‭ ‬لاحق‭ ‬للفيلم‭ ‬السينمائي‭ ‬الذي‭ ‬قدم‭ ‬عن‭ ‬رواية‭ ‬للأديب‭ ‬يحيى‭ ‬الطاهر‭ ‬عبدالله،‭ ‬تلك‭ ‬الرواية‭ ‬التي‭ ‬لاقت‭ ‬رواجا‭ ‬كبير‭ ‬لدى‭ ‬الفنانين‭ ‬والمثقفين‭ ‬الذين‭ ‬سعوا‭ ‬لمسرحتها‭ ‬وتقديمها‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬مسارح‭ ‬مصر‭.‬

وأضاف‭ ‬أن‭ ‬ناصر‭ ‬عبدالمنعم‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬المخرجين‭ ‬المصريين،‭ ‬إذ‭ ‬لمع‭ ‬اسمه‭ ‬منذ‭ ‬سبعينات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭ ‬وحتى‭ ‬الآن،‭ ‬فما‭ ‬الذي‭ ‬يدفع‭ ‬مخرجا‭ ‬متميزا‭ ‬لإعادة‭ ‬تجربة‭ ‬تم‭ ‬إنتاجها‭ ‬قبل‭ ‬كل‭ ‬تلك‭ ‬الفترة؟

وردًا‭ ‬على‭ ‬التساؤل‭ ‬أجاب‭ ‬ناصر‭ ‬عبدالمنعم‭ ‬بأن‭ ‬هناك‭ ‬شقين‭ ‬للإجابة‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬السؤال‭ ‬يؤكدان‭ ‬استحالة‭ ‬إنتاج‭ ‬العرض‭ ‬كما‭ ‬كان‭ ‬في‭ ‬الماضي،‭ ‬أولهما‭ ‬شق‭ ‬إجرائي‭ ‬مرتبط‭ ‬بإعادة‭ ‬إنتاج‭ ‬العرض‭ ‬من‭ ‬جديد؛‭ ‬ليشارك‭ ‬في‭ ‬المهرجان‭ ‬التجريبي‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬الاحتفال‭ ‬باليوبيل‭ ‬الفضي‭ ‬له،‭ ‬والشق‭ ‬الآخر‭ ‬أن‭ ‬الممثلين‭ ‬اختلفوا،‭ ‬فمنهم‭ ‬من‭ ‬اعتزل‭ ‬ومنهم‭ ‬من‭ ‬كبر‭ ‬في‭ ‬السن‭ ‬وأصبح‭ ‬في‭ ‬مراكز‭ ‬مرموقة‭ ‬ومنهم‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬نشاطه‭ ‬المسرحي‭ ‬تماما‭.‬

وأضاف‭ ‬أن‭ ‬موضوع‭ ‬الريبرتوار‭ ‬أو‭ ‬إعادة‭ ‬إنتاج‭ ‬عروض‭ ‬تم‭ ‬إنتاجها‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬ولاقت‭ ‬رواجا‭ ‬مسرحيًا‭ ‬كبيرًا‭ ‬من‭ ‬الأشياء‭ ‬المهمة،‭ ‬ولدي‭ ‬تجربتين‭ ‬أرى‭ ‬أن‭ ‬إعادة‭ ‬إنتاجهما‭ ‬من‭ ‬جديد‭ ‬تناسب‭ ‬ظروف‭ ‬هذا‭ ‬العصر‭ ‬أيضا‭ ‬وهما‭ ‬الطوق‭ ‬والأسورة،‭ ‬رجل‭ ‬القلعة؛‭ ‬لارتباطهما‭ ‬الشديد‭ ‬زمنيا‭ ‬بالظروف‭ ‬التاريخي‭ ‬والسياسي‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الراهن‭.‬

كما‭ ‬بين‭ ‬عبدالمنعم‭ ‬أن‭ ‬العرض‭ ‬يقدم‭ ‬المرأة‭ ‬الصعيدية‭ ‬نموذجا‭ ‬للمرأة‭ ‬المقهورة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬السلطة‭ ‬الذكورية،‭ ‬فالموروث‭ ‬الثقافي‭ ‬الشعبي‭ ‬ليس‭ ‬كله‭ ‬إيجابيا‭ ‬إنما‭ ‬يحتوي‭ ‬أيضا‭ ‬على‭ ‬سلبيات‭ ‬لابد‭ ‬من‭ ‬مواجهتها‭ ‬ومناقشتها‭ ‬والتفكير‭ ‬في‭ ‬سبل‭ ‬حلها،‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬يتجسد‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬شخصية‭ ‬حزينة‭ ‬التي‭ ‬تدير‭ ‬حياتها‭ ‬بالحيل‭ ‬والخداع‭ ‬حتى‭ ‬تستطيع‭ ‬العيش‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭.‬

وتابع‭: ‬المسرحية‭ ‬إذن‭ ‬قابلة‭ ‬للتجديد‭ ‬والطرح‭ ‬كل‭ ‬فترة‭ ‬وحتى‭ ‬الآن،‭ ‬فحتى‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الجماليات‭ ‬حين‭ ‬قدمنا‭ ‬العرض‭ ‬لأول‭ ‬مرة‭ ‬في‭ ‬التسعينات‭ ‬كان‭ ‬الشكل‭ ‬الجمالي‭ ‬مختلفا‭ ‬عن‭ ‬السائد‭ ‬ولاقت‭ ‬المسرحية‭ ‬ردود‭ ‬فعل‭ ‬إيجابية‭ ‬جدا‭.‬

وردا‭ ‬على‭ ‬تساؤل‭ ‬لماذا‭ ‬تم‭ ‬اختيار‭ ‬عرض‭ ‬تم‭ ‬إنتاجه‭ ‬منذ‭ ‬فترة‭ ‬ليشارك‭ ‬في‭ ‬مسابقة‭ ‬المهرجان‭ ‬قال‭: ‬الإجابة‭ ‬هنا‭ ‬لدى‭ ‬اللجنة‭ ‬التي‭ ‬تشكلت‭ ‬لاختيار‭ ‬العروض‭ ‬المشاركة‭ ‬فهي‭ ‬من‭ ‬تضع‭ ‬المعايير‭ ‬وتقبل‭ ‬أو‭ ‬ترفض‭ ‬العروض،‭ ‬تقدمنا‭ ‬كغيرنا‭ ‬من‭ ‬الفرق‭ ‬وتم‭ ‬إخطارنا‭ ‬بقبول‭ ‬العرض‭ ‬في‭ ‬المهرجان‭. ‬وأضاف‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬المسرحية‭ ‬تعد‭ ‬تجربة‭ ‬ذاتيه‭ ‬له‭ ‬وإعادة‭ ‬عرضها‭ ‬يضعه‭ ‬في‭ ‬حنين‭ ‬شديد‭ ‬لاجترار‭ ‬ذكريات‭ ‬عديدة‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬زمني‭ ‬إنتاج‭ ‬العرض‭ ‬في‭ ‬الماضي‭ ‬والحاضر،‭ ‬ظل‭ ‬اختلاف‭ ‬شروط‭ ‬التلقي‭ ‬وطبيعة‭ ‬الجمهور،‭ ‬ما‭ ‬أوجب‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬اللحظة‭ ‬الراهنة‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬نفقد‭ ‬التواصل‭ ‬المطلوب‭.‬

وتابع‭: ‬العرض‭ ‬يطرح‭ ‬تلك‭ ‬المقابلات‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬الماضي‭ ‬والحاضر‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬السينوغرافيا،‭ ‬إذ‭ ‬تتجاور‭ ‬المعابد‭ ‬الفرعونية‭ ‬الضخمة‭ ‬بجلالها‭ ‬ورونقها‭ ‬مع‭ ‬بيت‭ ‬شخصية‭ ‬حزينة‭ ‬الفقير‭ ‬فقرا‭ ‬مدقعا‭ ‬في‭ ‬شكل‭ ‬مقابلة‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬ماذا‭ ‬كنا‭ ‬وإلى‭ ‬أين‭ ‬وصلنا،‭ ‬بينما‭ ‬يقبع‭ ‬الجمهور‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬ذلك‭ ‬الزمنين‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬التجسيد‭ ‬للحدث‭ ‬حتى‭ ‬نورطه‭ ‬في‭ ‬مساءلة‭ ‬التفكير‭ ‬في‭ ‬الحالة‭ ‬المزرية‭ ‬التي‭ ‬وصلنا‭ ‬إليها‭. ‬يذكر‭ ‬أن‭ ‬عرض‭ ‬الطوق‭ ‬والأسورة،‭ ‬ينافس‭ ‬على‭ ‬جائزة‭ ‬الشيخ‭ ‬سلطان‭ ‬بن‭ ‬محمد‭ ‬القاسمي‭ ‬لأفضل‭ ‬عمل‭ ‬مسرحي‭ ‬للعام‭ ‬2008‭.‬