سوالف

عضو بلدي لا يخرج من مكتبه... يخاف من الشمس

| أسامة الماجد

يقولون‭ ‬“الكتاب‭ ‬يبين‭ ‬من‭ ‬عنوانه”،‭ ‬وكذلك‭ ‬الشخص‭ ‬معدوم‭ ‬الضمير‭ ‬سرعان‭ ‬ما‭ ‬ينكشف‭ ‬مع‭ ‬أول‭ ‬موقف،‭ ‬وما‭ ‬أطرحه‭ ‬لا‭ ‬يأتي‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬الأمور‭ ‬العادية،‭ ‬بل‭ ‬يمثل‭ ‬قضية‭ ‬لها‭ ‬دلالاتها‭ ‬وأبعادها‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬المستويات‭ ‬وينبغي‭ ‬التوقف‭ ‬عندها‭ ‬بإمعان‭ ‬والسعي‭ ‬لتحليلها‭ ‬وتوضيحها‭ ‬وهي،‭ ‬أن‭ ‬يقوم‭ ‬عضو‭ ‬المجلس‭ ‬البلدي‭ ‬بإحصاء‭ ‬عدد‭ ‬الساعات‭ ‬التي‭ ‬أضاعها‭ ‬من‭ ‬يومه‭ ‬في‭ ‬النزول‭ ‬إلى‭ ‬الميدان‭ ‬ومتابعة‭ ‬قضايا‭ ‬ومشاكل‭ ‬دائرته،‭ ‬إلى‭ ‬درجة‭ ‬إحصاء‭ ‬اللحظات‭ ‬والثواني‭ ‬وهو‭ ‬يسير‭ ‬في‭ ‬الشارع‭ ‬ويتمنى‭ ‬أن‭ ‬ينتهي‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬ليعود‭ ‬إلى‭ ‬بيته‭ ‬لكي‭ ‬ينام‭ ‬وكأن‭ ‬المواطن‭ ‬لا‭ ‬يعني‭ ‬له‭ ‬شيئا،‭ ‬ولكي‭ ‬أكون‭ ‬أكثر‭ ‬دقة‭ ‬وكمالا‭ ‬هناك‭ ‬أعضاء‭ ‬بلديون‭ ‬ونحن‭ ‬مازلنا‭ ‬“في‭ ‬الحمد”‭ ‬لم‭ ‬يخرجوا‭ ‬إلى‭ ‬الميدان‭ ‬قط،‭ ‬ولم‭ ‬يطلعوا‭ ‬على‭ ‬مشاكل‭ ‬الناس‭ ‬في‭ ‬الدائرة‭ ‬وإذا‭ ‬طلب‭ ‬منهم‭ ‬التعرف‭ ‬عن‭ ‬كثب‭ ‬وبعمق‭ ‬على‭ ‬المشاكل‭ ‬التي‭ ‬تعاني‭ ‬منها‭ ‬الدائرة‭ ‬يأتي‭ ‬الجواب‭ ‬“مر‭ ‬علينا‭ ‬المكتب‭ ‬في‭ ‬المجلس‭... ‬احنا‭ ‬حاضرين”‭.‬

علاقة‭ ‬العضو‭ ‬البلدي‭ ‬مع‭ ‬المواطنين‭ ‬لا‭ ‬تكون‭ ‬عبر‭ ‬المكاتب‭ ‬والغرف‭ ‬المغلقة‭ ‬يا‭ ‬سادة،‭ ‬بل‭ ‬تكون‭ ‬في‭ ‬الشارع‭ ‬والميدان،‭ ‬فالكم‭ ‬الهائل‭ ‬من‭ ‬المهام‭ ‬والمسؤوليات‭ ‬التي‭ ‬يفترض‭ ‬من‭ ‬العضو‭ ‬البلدي‭ ‬تنفيذها‭ ‬منذ‭ ‬استلامه‭ ‬المسؤولية‭ ‬تحتم‭ ‬عليه‭ ‬النزول‭ ‬اليومي‭ ‬إلى‭ ‬الدائرة‭ ‬والتواصل‭ ‬مع‭ ‬المواطنين‭ ‬لتصحيح‭ ‬المسار‭ ‬وتحديد‭ ‬الأولويات‭ ‬وتوجيه‭ ‬العمل‭ ‬البلدي‭ ‬كما‭ ‬ينبغي‭ ‬أن‭ ‬يكون،‭ ‬وكذلك‭ ‬القيام‭ ‬بزيارات‭ ‬شخصية‭ ‬وجعلها‭ ‬عملية‭ ‬مستمرة‭ ‬وليست‭ ‬وقتية،‭ ‬فأنا‭ ‬لأول‭ ‬مرة‭ ‬أسمع‭ ‬أن‭ ‬عضوا‭ ‬في‭ ‬المجالس‭ ‬البلدية‭ ‬يتحدث‭ ‬إلى‭ ‬أبناء‭ ‬دائرته‭ ‬عبر‭ ‬تلفون‭ ‬المكتب‭ ‬أو‭ ‬يطلب‭ ‬منهم‭ ‬الحضور‭ ‬إليه‭ ‬بدل‭ ‬الذهاب‭ ‬إليهم‭ ‬والوقوف‭ ‬إلى‭ ‬جانبهم‭ ‬والاستماع‭ ‬إلى‭ ‬ملاحظاتهم‭ ‬“لايف‭ ‬على‭ ‬الهواء”،‭ ‬أما‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬يخاف‭ ‬على‭ ‬“بشرته‭ ‬أو‭ ‬تخاف‭ ‬على‭ ‬بشرتها”‭ ‬من‭ ‬الشمس‭ ‬فهذا‭ ‬كلام‭ ‬آخر‭.‬

 

في‭ ‬كل‭ ‬الظروف‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬للعضو‭ ‬البلدي‭ ‬أن‭ ‬“يتسمت‭ ‬في‭ ‬مكتبه”‭ ‬ويترك‭ ‬المواطن‭ ‬يلهث‭ ‬وراءه‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬توصيل‭ ‬مشكلة،‭ ‬وللأسف‭ ‬هذا‭ ‬ما‭ ‬حصل‭ ‬في‭ ‬إحدى‭ ‬الدوائر،‭ ‬فبعد‭ ‬أن‭ ‬كان‭ ‬يسمعهم‭ ‬الكلام‭ ‬المعسول‭ ‬منذ‭ ‬فترة‭ ‬قصيرة‭ ‬فقط،‭ ‬سأفعل‭ ‬وسأبني‭ ‬وسأكون‭ ‬صوتكم،‭ ‬نراه‭ ‬اليوم‭ ‬يحرق‭ ‬أحلام‭ ‬الناس‭ ‬ويتعالى‭ ‬عليهم‭.‬