تستعيد جهود سنوات الإعداد لمعرض الهداية

بثينة فخرو: أردت تكريم الوالد كتلميذ بالهداية

قال‭ ‬الكاتب‭ ‬العربي‭ ‬الشهير‭ ‬الجاحظ‭ (‬776-868‭) ‬إن‭ ‬المعاني‭ ‬مطروحة‭ ‬في‭ ‬الطريق‭ ‬وإنما‭ ‬الشأن‭ ‬في‭ ‬الاختيار‭ ‬والتصوير‭. ‬وكذلك‭ ‬الحال‭ ‬في‭ ‬معارضي‭ ‬الأربعة‭: ‬الأختام‭ ‬الدلمونية،‭ ‬وعبدالله‭ ‬الزايد،‭ ‬والكورار‭ ‬وآخرها‭ ‬الهداية‭ ‬الخليفية‭: ‬الاحتفاء‭ ‬بالمؤسسة‭ ‬والمؤسسين‭. ‬كلها‭ ‬مواضيع‭ ‬قريبة‭ ‬من‭ ‬اهتمامات‭ ‬البحرينيين‭ ‬ومادتها‭ ‬متاحة‭ ‬للجميع‭. ‬ودوري‭ ‬كمبدع‭ ‬هو‭ ‬البحث‭ ‬والاكتشاف‭ ‬ودعوة‭ ‬الجمهور‭ ‬للتشارك‭ ‬وتبادل‭ ‬الاهتمام‭ ‬ولفت‭ ‬نظره‭ ‬للمهم‭ ‬والجميل‭ ‬والرائع‭ ‬في‭ ‬حياتنا‭. ‬

وهذا‭ ‬ما‭ ‬تم‭ ‬في‭ ‬معرضي‭ ‬الأخير‭. ‬ولكن‭ ‬يتوجب‭ ‬علي‭ ‬القول‭ ‬ان‭ ‬حجم‭ ‬الجمهور‭ ‬الذي‭ ‬حضر‭ ‬حفل‭ ‬الافتتاح‭ ‬أذهلني‭! ‬وخاصة‭ ‬حين‭ ‬عبر‭ ‬عن‭ ‬رغبته‭ ‬في‭ ‬المشاركة،‭ ‬وبشكل‭ ‬فاق‭ ‬توقعاتي‭. ‬أحسست‭ ‬ليلة‭ ‬الافتتاح‭ ‬أن‭ ‬الحاضرين‭ ‬يعتبرون‭ ‬المعرض‭ ‬معرضهم‭ ‬والاحتفال‭ ‬احتفالهم‭ ‬لتكريم‭ ‬المؤسسين‭. ‬وقد‭ ‬اقتنت‭ ‬بعض‭ ‬العائلات‭ ‬اللوحات‭ ‬تكريما‭ ‬للمُكرمين‭ ‬من‭ ‬الأقارب‭. ‬

ولكن‭ ‬من‭ ‬باب‭ ‬التسلسل‭ ‬التاريخي،‭ ‬وواقع‭ ‬التوصل‭ ‬لموضوع‭ ‬الهداية‭ ‬والطريق‭ ‬الذي‭ ‬أوصلني‭ ‬لها،‭ ‬تجدر‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬والدي‭ ‬قد‭ ‬توفي‭ ‬عام‭ ‬2001،‭ ‬وبعد‭ ‬رحيله‭ ‬أرسل‭ ‬أحد‭ ‬معارفه‭ ‬الكويتيين‭. ‬صورة‭ ‬له‭ ‬وهو‭ ‬جالس‭ ‬مع‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬طلبة‭ ‬الهداية‭ ‬على‭ ‬كرسي‭ ‬المدرسة‭ ‬داخل‭ ‬الصف‭. ‬أعجبت‭ ‬بالصورة‭ ‬واحتفظت‭ ‬بنسخة‭ ‬مكبرة‭ ‬منها‭. ‬وترافق‭ ‬عملي‭ ‬هذا‭ ‬مع‭ ‬استغراقي‭ ‬حينها‭ ‬في‭ ‬تفكير‭ ‬وتجارب‭ ‬للإتيان‭ ‬بوسيلة‭ ‬لتكريم‭ ‬الوالد‭. ‬وفكرت‭ ‬العائلة،‭ ‬بعدها‭ ‬ببناء‭ ‬مجلس‭ ‬يحمل‭ ‬اسمه‭ ‬افتتح‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬2008‭ ‬تكريماً‭ ‬له‭ ‬ولدوره‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬التجارية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬في‭ ‬البحرين‭.‬

وفي‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬كان‭ ‬الفكر‭ ‬يطوح‭ ‬بعيداً‭ ‬مستكشفاً‭ ‬آفاق‭ ‬التشكيل‭ ‬وطبيعة‭ ‬العمل‭ ‬الفني‭ ‬الذي‭ ‬أود‭ ‬أن‭ ‬أسجل‭ ‬فيه‭ ‬تاريخ‭ ‬حياة‭ ‬الوالد‭ ‬وما‭ ‬قدمه‭ ‬من‭ ‬أعمال‭ ‬وما‭ ‬ناله‭ ‬من‭ ‬تكريم‭ ‬سابق‭ ‬ليتناسب‭ ‬مع‭ ‬افتتاح‭ ‬مجلس‭ ‬سيحمل‭ ‬اسمه‭. ‬

وهكذا‭ ‬بدأت‭ ‬تجاربي‭ ‬الأولى‭ ‬حول‭ ‬كيفية‭ ‬مقاربة‭ ‬الموضوع،‭ ‬وتجسيده‭ ‬في‭ ‬أعمال‭ ‬تعبيرية‭ ‬جديدة‭. ‬كان‭ ‬متوقعاً‭ ‬أن‭ ‬تُعلق‭ ‬صورة‭ ‬فوتوغرافية‭ ‬تراثيه‭ ‬قديمة‭ ‬في‭ ‬صدر‭ ‬المجلس،‭ ‬فهذا‭ ‬تقليد‭ ‬تتبعه‭ ‬المجالس‭ ‬العديدة‭ ‬في‭ ‬البحرين‭. ‬ولكني‭ ‬فكرت‭ ‬بالإتيان‭ ‬بأعمال‭ ‬تكون‭ ‬ميدانا‭ ‬للنظر‭: ‬تظهر‭ ‬فيها‭ ‬جماليات‭ ‬التكوين،‭ ‬وتستجيب‭ ‬لإغواء‭ ‬اللون‭ ‬دون‭ ‬تردد‭. ‬رغبت‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬تبقى‭ ‬صور‭ ‬الأشخاص،‭ ‬إن‭ ‬تضمنتها‭ ‬أية‭ ‬أعمال‭ ‬فنية،‭ ‬منطلقات‭ ‬للتخيل‭. ‬وأنجزت‭ ‬أربعة‭ ‬أعمال‭ ‬فنية‭ ‬تشكل‭ ‬ملحمة‭ ‬لسيرة‭ ‬حياة‭ ‬الوالد‭ ‬وانجازاته،‭ ‬وتستبدل‭ ‬صور‭ ‬البورتريه‭ ‬المعهودة‭ ‬بجداريات‭ ‬تسرد‭ ‬حياته‭ ‬بصرياً‭. ‬

وباتت‭ ‬كل‭ ‬أشياء‭ ‬الوالد‭ ‬الصغيرة‭ ‬والكبيرة‭ ‬ذات‭ ‬أهمية‭ ‬للوحة‭ ‬تحكي‭ ‬سيرته‭: ‬صورة‭ ‬الجد‭ ‬يوسف‭ ‬كما‭ ‬مسبحة‭ ‬الوالد،‭ ‬وباب‭ ‬عمارة‭ ‬يوسف‭ ‬فخرو‭ ‬وغرفة‭ ‬العمة‭ ‬شريفة‭ ‬في‭ ‬بيت‭ ‬العائلة‭ ‬القديم‭ ‬في‭ ‬الحالة‭ ‬بالمحرق،‭ ‬وبشت‭ ‬الوالد‭ ‬وخاتم‭ ‬له‭ ‬نقش‭ ‬عليه‭ ‬اسمه‭. ‬ولكن‭ ‬بشكل‭ ‬خاص‭ ‬تضمن‭ ‬العمل‭ ‬وساما‭ ‬ناله‭ ‬الوالد‭ ‬من‭ ‬الملك‭ ‬فيصل‭ (‬1939-1958‭) ‬في‭ ‬العراق‭ ‬وقام‭ ‬بتسليمه‭ ‬إياه‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬العراقي‭ ‬الأسبق‭ ‬نوري‭ ‬السعيد‭ (‬1888-1958‭). ‬وكذلك‭ ‬قصيدة‭ ‬رقيقة‭ ‬كتبتها‭ ‬بالإنكليزية‭ ‬ابنة‭ ‬راجو‭ ‬وهو‭ ‬موظف‭ ‬هندي‭ ‬عمل‭ ‬في‭ ‬مكتب‭ ‬الوالد‭ ‬لسنوات‭ ‬عديدة‭ ‬وغادرنا‭ ‬متقاعدا‭ ‬مؤخرا‭. ‬وكانت‭ ‬الفتاة‭ ‬قد‭ ‬نظمت‭ ‬تلك‭ ‬الأبيات‭ ‬حين‭ ‬غشيها‭ ‬الحزن‭ ‬لرحيل‭ ‬الوالد،‭ ‬ونشرتها‭ ‬جريدة‭ ‬الجلف‭ ‬ديلي‭ ‬نيوز،‭ ‬بعد‭ ‬وفاته‭ ‬مباشرة‭.‬

ومن‭ ‬صدف‭ ‬الأشياء‭ ‬أيضا‭ ‬أن‭ ‬تحمل‭ ‬الجدارية‭ ‬الأولى‭ ‬صورة‭ ‬الوالد،‭ ‬رحمه‭ ‬الله‭ ‬وتغمده‭ ‬بوافر‭ ‬غفرانه،‭ ‬وهو‭ ‬على‭ ‬مقعد‭ ‬الدراسة‭ ‬في‭ ‬الهداية‭! ‬ولقد‭ ‬شجعتني‭ ‬ملاحظات‭ ‬إيجابية‭ ‬لأخوات‭ ‬وإخوة‭ ‬أفاضل‭ ‬عبروا‭ ‬عن‭ ‬اعجابهم‭ ‬بهذه‭ ‬الأعمال‭ ‬الفنية‭ ‬التي‭ ‬علقت‭ ‬على‭ ‬جدران‭ ‬المجلس‭. ‬وهكذا‭ ‬وكما‭ ‬يحدث‭ ‬كثيرا‭ ‬في‭ ‬الحياة‭: ‬قادت‭ ‬أشياء‭ ‬لأشياء‭. ‬وقررت‭ ‬الاستلهام‭ ‬من‭ ‬لوحات‭ ‬المجلس‭ ‬كوسيلة‭ ‬مماثله‭ ‬لتكريم‭ ‬بحرينيين‭ ‬آخرين‭ ‬قدّموا‭ ‬لهذا‭ ‬الوطن‭ ‬إسهامات‭ ‬جلى،‭ ‬وبات‭ ‬لزاما‭ ‬علينا‭ ‬أن‭ ‬نحتفي‭ ‬بذكراهم‭ ‬وننقل‭ ‬إنجازاتهم‭ ‬اعترافاً‭ ‬منا‭ ‬بفضلهم،‭ ‬آملين‭ ‬أن‭ ‬تستلهم‭ ‬مبادراتهم‭ ‬أجيال‭ ‬قادمة‭. ‬

من‭ ‬المجلس‭ ‬إلى‭ ‬الهداية

وهكذا‭ ‬عثرت‭ ‬على‭ ‬موضوع‭ ‬أربعة‭ ‬عشر‭ ‬وجيها‭ ‬قدموا‭ ‬مالا‭ ‬وجهدا‭ ‬لتأسيس‭ ‬مدرسة‭ ‬الهداية‭ ‬العتيدة‭: ‬أم‭ ‬المدارس‭ ‬ومتكأ‭ ‬التعليم‭ ‬في‭ ‬بلادي‭. ‬واعتقدت‭ ‬أن‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬معلومات‭ ‬عنهم‭ ‬سيكون‭ ‬مهمة‭ ‬ميسورة،‭ ‬ولكن‭ ‬تبين‭ ‬لي‭ ‬العكس‭ ‬من‭ ‬ذلك‭. ‬اتضح‭ ‬أن‭ ‬المعروف‭ ‬عن‭ ‬عديد‭ ‬منهم‭ ‬كان‭ ‬قليلا،‭ ‬والمعروض‭ ‬من‭ ‬حياتهم‭ ‬تلاشى،‭ ‬وما‭ ‬يتأتى‭ ‬ليستخدم‭ ‬في‭ ‬أعمال‭ ‬بصرية‭ ‬عنهم‭ ‬أكثر‭ ‬شحة‭. ‬

ولم‭ ‬يكن‭ ‬ما‭ ‬وُثِّق‭ ‬عن‭ ‬حياتهم‭ ‬يفي‭ ‬بغرضي‭ ‬لإقامة‭ ‬مشروع‭ ‬فني‭ ‬يحقق‭ ‬الطموح‭. ‬كان‭ ‬من‭ ‬الصعب‭ ‬الاطلال‭ ‬على‭ ‬عالمهم‭ ‬الغير‭ ‬مرئي‭ ‬ولا‭ ‬الموثق‭ ‬لبعد‭ ‬الفترة‭ ‬الزمنية‭ ‬وانتفاء‭ ‬وجود‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الوثائق‭ ‬المطلوبة،‭ ‬فصورهم‭ ‬الشخصية‭ ‬المتاحة‭ ‬كانت‭ ‬باللون‭ ‬الأبيض‭ ‬والأسود‭ ‬وأبعد‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬تقدم‭ ‬أي‭ ‬استلهام‭ ‬لعمل‭ ‬فني‭ ‬متميز‭. ‬وكان‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬تحديد‭ ‬نقطة‭ ‬البداية‭. ‬لم‭ ‬أكتف‭ ‬بمقابلة‭ ‬عائلاتهم،‭ ‬وتصفح‭ ‬الصحف‭ ‬والمجلات‭ ‬والجرائد‭ ‬القديمة‭ ‬والكتب‭ ‬المنشورة،‭ ‬بل‭ ‬كان‭ ‬للإنترنت‭ ‬أيضاً‭ ‬دوراً‭ ‬في‭ ‬ذلك‭. ‬وبقي‭ ‬الاصرار‭ ‬على‭ ‬الاستمرار‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬الفني‭ ‬هو‭ ‬المهم‭ ‬في‭ ‬الاستلهام‭ ‬الفني‭. ‬

وحين‭ ‬كنت‭ ‬أنجز‭ ‬كل‭ ‬مرحلة‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الأعمال‭ ‬الفنية،‭ ‬كنت‭ ‬أعيد‭ ‬النظر‭ ‬فيها‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬وأعيد‭ ‬رسمها‭ ‬من‭ ‬جديد،‭ ‬فطالت‭ ‬المدة،‭ ‬وانتابني‭ ‬شعورٌ‭ ‬بأنني‭ ‬لم‭ ‬ولن‭ ‬أصل‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬أريد‭ ‬تحقيقه،‭ ‬وكان‭ ‬من‭ ‬الضروري‭ ‬تحديد‭ ‬خط‭ ‬نهاية‭. ‬وكان‭ ‬لعائلتي‭ ‬الصغيرة‭ ‬الدور‭ ‬الأكبر‭ ‬في‭ ‬ذلك،‭ ‬فلم‭ ‬يكن‭ ‬ليتركني‭ ‬أفرادها‭ ‬أدير‭ ‬وجهي‭ ‬عن‭ ‬نيتي‭ ‬تلك،‭ ‬بل‭ ‬أكدوا‭ ‬وأصروا‭ ‬وألحوا‭ ‬علي‭ ‬للمواصلة‭ ‬حتى‭ ‬رأى‭ ‬هذا‭ ‬العمل‭ ‬الفني‭ ‬النور،‭ ‬تذكارا‭ ‬لرجال‭ ‬الهداية‭ ‬ولإبراز‭ ‬جانب‭ ‬من‭ ‬تاريخ‭ ‬البحرين‭ ‬الحديث‭. ‬

لا‭ ‬بد‭ ‬أن‭ ‬أذكر‭ ‬أن‭ ‬هؤلاء‭ ‬الأربعة‭ ‬عشر‭ ‬مؤسساً‭ ‬كانوا‭ ‬يملؤون‭ ‬البحرين‭ ‬بأصداء‭ ‬تطلعاتهم‭. ‬واتخذوا‭ ‬مبادرات‭ ‬في‭ ‬مواقف‭ ‬متعددة‭ ‬ومنعطفات‭ ‬وطنية‭. ‬ووقف‭ ‬بعضهم‭ ‬في‭ ‬وجه‭ ‬نفوذ‭ ‬بريطاني‭ ‬متعاظم‭ ‬حينها،‭ ‬أتى‭ ‬مستبداً‭ ‬بسفنه‭ ‬وعنيفاً‭ ‬في‭ ‬فعاله‭. ‬وعرّض‭ ‬بعضهم‭ ‬بمواقفه‭ ‬هذه‭ ‬أعماله‭ ‬التجارية‭ ‬للخطر،‭ ‬وتعرّض‭ ‬أفراد‭ ‬منهم‭ ‬للسجن‭ ‬أو‭ ‬للنفي‭. ‬لكنهم‭ ‬تركوا‭ ‬بحضورهم‭ ‬الاجتماعي‭ ‬جلبة‭ ‬وضجيجاً،‭ ‬وملأوا‭ ‬الآفاق‭ ‬والأسواق‭ ‬ومراكز‭ ‬المال‭ ‬والأعمال‭ ‬على‭ ‬سواحل‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭ ‬وبحر‭ ‬العرب‭ ‬والمحيط‭ ‬الهندي‭ ‬بأنشطتهم‭ ‬التجارية‭ ‬ومبادراتهم‭ ‬الذاتية‭. ‬

وبين‭ ‬دوافع‭ ‬كثيرة‭ ‬استحثتني‭ ‬رغبة‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬أنقل‭ ‬صورة‭ ‬وأعمال‭ ‬هؤلاء‭ ‬الأوائل‭ ‬لولديّ‭ ‬محمد‭ ‬وعمر،‭ ‬ولأولادهما‭ ‬من‭ ‬بعد،‭ ‬ولأقول‭ ‬لهما‭ ‬أن‭ ‬جديكما‭ ‬كانا‭ ‬من‭ ‬الرواد،‭ ‬ولأبرز‭ ‬لهما‭ ‬بعض‭ ‬ما‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬ينجلي،‭ ‬وليعرفا‭ ‬أن‭ ‬الجدين‭ ‬أيضاً‭ ‬قد‭ ‬شاركا‭ ‬في‭ ‬صنع‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬التاريخ‭ ‬الرائع‭ ‬للبلد‭. ‬

تدريجياً‭ ‬بدأت‭ ‬تصاميم‭ ‬اللوحات‭ ‬تطفوا‭ ‬على‭ ‬السطح‭. ‬كنت‭ ‬أتخيلهم‭: ‬روحاتهم‭ ‬والجيئات‭ ‬بين‭ ‬سوق‭ ‬القيصرية‭ ‬في‭ ‬المحرق،‭ ‬وسوق‭ ‬المنامة‭. ‬ويبدون‭ ‬لي‭ ‬في‭ ‬أحلام‭ ‬تصور‭ ‬لقاءاتهم‭ ‬في‭ ‬المقاهي‭ ‬في‭ ‬أوقات‭ ‬الترويح،‭ ‬وفي‭ ‬البرايح‭ ‬وعلى‭ ‬دكاك‭ ‬المساجد‭ ‬وفي‭ ‬مجالس‭ ‬الوجهاء‭. ‬

وهكذا‭ ‬ولدت‭ ‬فكرة‭ ‬مدرسة‭ ‬الهداية‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الأماكن‭ ‬واللقاءات،‭ ‬وعبر‭ ‬استعادة‭ ‬تلك‭ ‬اللحظة‭ ‬عثرت‭ ‬على‭ ‬مشروع‭ ‬معرضي‭ ‬الفردي‭ ‬الرابع‭.‬