رجل الأعمال والسياسي جاسم مراد في ذمة الله

| المحرر الاقتصادي

نعت‭ ‬البحرين‭ ‬أمس‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والسياسي‭ ‬جاسم‭ ‬مراد،‭ ‬الذي‭ ‬لبى‭ ‬نداء‭ ‬ربه‭ ‬عن‭ ‬عمر‭ ‬يناهز‭ ‬الـ‭ ‬88‭ ‬عاما،‭ ‬قضاه‭ ‬في‭ ‬خدمة‭ ‬وطنه،‭ ‬ومؤمنا‭ ‬بعروبته‭ ‬وقانعا‭ ‬بأنه‭ ‬وطن‭ ‬الجميع‭.‬

تنقّل‭ ‬المرحوم‭ ‬بين‭ ‬البحرين‭ ‬والهند‭ ‬وباكستان‭ ‬طالبا‭ ‬وموظفا‭ ‬وتاجرا،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬أنهى‭ ‬دراسته‭ ‬الأولية‭ ‬بالكتاتيب،‭ ‬كما‭ ‬أبناء‭ ‬جيله،‭ ‬ثم‭ ‬الهداية‭ ‬الخليفية‭ ‬وشرقية‭ ‬المنامة‭.‬

وأكد‭ ‬مراد‭ ‬في‭ ‬لقاءات‭ ‬صحافية‭ ‬نشرت‭ ‬خلال‭ ‬مسيرته‭ ‬أنه‭ ‬تعلم‭ ‬من‭ ‬السفر‭ ‬الكثير،‭ ‬إذ‭ ‬اكتسب‭ ‬التعليم‭ ‬وتعرف‭ ‬على‭ ‬ثقافات‭ ‬ومعتقدات‭ ‬الشعوب،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬تشربه‭ ‬قيم‭ ‬العدالة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬التي‭ ‬بقي‭ ‬مدافعًا‭ ‬عنها‭ ‬طوال‭ ‬حياته،‭ ‬كما‭ ‬تعلم‭ ‬كيف‭ ‬يتقبل‭ ‬الآخر،‭ ‬وأن‭ ‬يعيش‭ ‬مع‭ ‬الناس‭ ‬مهما‭ ‬تعددت‭ ‬طوائفهم‭ ‬وأديانهم‭.‬

ومن‭ ‬المعلوم‭ ‬أن‭ ‬مراد‭ ‬ولد‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬بوماهر‭ ‬بالمحرق‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬1930‭ ‬لعائلة‭ ‬تجارية،‭ ‬حيث‭ ‬كان‭ ‬جده‭ ‬ووالده‭ ‬تجار‭ ‬لؤلؤ،‭ ‬في‭ ‬زمن‭ ‬كان‭ ‬يعتمد‭ ‬فيه‭ ‬الناس‭ ‬بالبحرين‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الصنعة،‭ ‬وهو‭ ‬أمر‭ ‬فتح‭ ‬له‭ ‬المجال‭ ‬والإمكان‭ ‬للذهاب‭ ‬إلى‭ ‬الهند‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬محط‭ ‬أنظار‭ ‬العالم‭ ‬آنذاك‭.‬

عمل‭ ‬الفقيد‭ ‬لمدة‭ ‬4‭ ‬سنوات‭ ‬في‭ ‬باكستان‭ ‬بقطاع‭ ‬الصرافة‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يعود‭ ‬إلى‭ ‬البحرين‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تشهد‭ ‬تطورا‭ ‬اجتماعيا‭ ‬واقتصاديا‭ ‬كبيرا‭ ‬بعد‭ ‬انتعاش‭ ‬النفط‭ ‬وتوجه‭ ‬الأجيال‭ ‬إلى‭ ‬ترك‭ ‬مهنة‭ ‬الغوص‭ ‬والعمل‭ ‬في‭ ‬البحر‭ ‬نحو‭ ‬القطاعات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الجديدة‭ ‬خصوصا‭ ‬النفط‭.‬

وتزامن‭ ‬ذلك‭ ‬مع‭ ‬تحكّم‭ ‬“المستعمر”‭ ‬بمفاصل‭ ‬الأمور‭ ‬في‭ ‬الشركات‭ ‬الكبرى‭ ‬وتفضيل‭ ‬الأجنبي‭ ‬على‭ ‬ابن‭ ‬البلد،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬ولّد‭ ‬عند‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬البحرينيين،‭ ‬ومنهم‭ ‬مراد‭ ‬شعورا‭ ‬بعدم‭ ‬الرضا‭. ‬توازى‭ ‬ذلك‭ ‬مع‭ ‬الظروف‭ ‬المحيطة‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية،‭ ‬حيث‭ ‬الثورة‭ ‬المصرية‭ ‬وأجواء‭ ‬القومية‭ ‬العربية،‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬اجتمع‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬المرحوم‭ ‬وصنع‭ ‬منه‭ ‬بحرينيا‭ ‬وطنيا‭ ‬عروبيا،‭ ‬فقد‭ ‬كان‭ ‬ناشطا‭ ‬ومشاركا‭ ‬في‭ ‬الحراك‭ ‬الوطني‭ ‬منتصف‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭.‬

وأوضح‭ ‬مراد‭ ‬في‭ ‬لقاء‭ ‬مع‭ ‬“البلاد”‭ ‬نشر‭ ‬في‭ ‬سبتمبر‭ ‬2012،‭ ‬أنه‭ ‬أصبح‭ ‬عضوًا‭ ‬في‭ ‬قائمة‭ ‬المئة‭ ‬شخص‭ ‬على‭ ‬أيام‭ ‬هيئة‭ ‬الاتحاد‭ ‬الوطني‭ ‬العام‭ ‬1954‭ ‬وأنه‭ ‬استطاع‭ ‬أن‭ ‬يصبح‭ ‬عضوا‭ ‬في‭ ‬المجلس‭ ‬التأسيسي‭ ‬الذي‭ ‬درس‭ ‬الدستور‭ ‬ثم‭ ‬أصبح‭ ‬عضوا‭ ‬في‭ ‬أول‭ ‬مجلس‭ ‬وطني‭ ‬منتخب‭ ‬العام‭ ‬1973‭. ‬وأشار‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬بداية‭ ‬حياته‭ ‬العملية‭ ‬عمل‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الصرافة‭ ‬مع‭ ‬خاله،‭ ‬ثم‭ ‬ذهب‭ ‬إلى‭ ‬باكستان‭ ‬وعمل‭ ‬في‭ ‬تجارة‭ ‬الذهب‭ ‬حتى‭ ‬أصبح‭ ‬من‭ ‬كبار‭ ‬التجار‭ ‬هناك‭.‬

وفاز‭ ‬مراد‭ ‬بعضوية‭ ‬المجلس‭ ‬التشريعي‭ ‬عن‭ ‬حالة‭ ‬بوماهر،‭ ‬وبقي‭ ‬حتى‭ ‬العام‭ ‬1975‭ ‬عندما‭ ‬تم‭ ‬حل‭ ‬المجلس؛‭ ‬بسبب‭ ‬الظروف‭ ‬السياسية‭ ‬التي‭ ‬عصفت‭ ‬بالمنطقة‭ ‬والبحرين‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت‭.‬

ويعتبر‭ ‬مراد‭ ‬من‭ ‬الليبراليين‭ ‬المتنورين‭ ‬في‭ ‬البحرين،‭ ‬وطالما‭ ‬طالب‭ ‬بإبعاد‭ ‬الدين‭ ‬عن‭ ‬السياسة،‭ ‬إذ‭ ‬جاء‭ ‬في‭ ‬مرئياته‭ ‬للحوار‭ ‬الوطني‭ ‬في‭ ‬يونيو‭ ‬2011،‭ ‬أن‭ ‬السياسة‭ ‬تفسد‭ ‬الدين‭ ‬وتخلق‭ ‬الفوضى‭ ‬ثم‭ ‬الإرهاب‭ ‬ثم‭ ‬تخلق‭ ‬المذهبية‭ ‬والطائفية‭ ‬البغيضة‭. ‬ودعا‭ ‬إلى‭ ‬منع‭ ‬تشكيل‭ ‬أي‭ ‬حزب‭ ‬إسلامي‭ ‬بهدف‭ ‬إبعاد‭ ‬الدين‭ ‬عن‭ ‬السياسة‭.‬